الحصاد « المر» مع الانقلابات العسكرية !
(*)
فعلها قادة الجيش المصري وأعادوا مصر الي الوراء ما يقرب من قرن من الزمان .. أعادوها الي عهد الانقلابات العسكرية التي تكاثرت في العقد الخامس والسادس من القرن الماضي وأذاقت شعوب المنطقة الويلات في مصر والعراق وسوريا حسني الزعيم وحافظ الاسد واليمن علي صالح والجزائر هواري بومدين وليبيا القذافي وتونس بن علي.
فقد سطرت تلك الانقلابات أسود الصفحات في تاريخ شعوب المنطقة قهرا وسجنا وتعذيبا وقتلا بالجملة وبدم بارد في السجون، وأسقطت البلاد في هزائم عسكرية وأورثتها الفقر والذل والتبعية فقد الجنرالات الانقلابيون عبر تاريخ المنطقة حاضر شعوبهم ومستقبلها للاستعمار الغربي ومن باطنه الصهاينة. وقد كشفت الصفحات المطوية من ثورات الجنرالات خستهم وخيانتهم وعمالتهم رغم ما غسلت به التهم الاعلامية الشيطانية عقول الناس مبرزة اياهم ابطالا قوميين.
لقد تساقطت تلك الانقلابات العسكرية وهوت بزعمائها الي مزابل التاريخ وانكشف المستور من أفاعيلهم، وعندما انتهى دورهم وخدماتهم الكبيرة لسيدهم تم اسقاطهم بوسائل شتى وطرق متعددة أسقط الشعب اليمني والليبي والتونسي طغاتهم كما أسقط الشعب المصري طاغيته الاكبر في 25 يناير 2011م وسيسقط بإذن الله طغاته الجدد الذين انحازوا لتيار علماني فاجر يدعي الديمقراطية بينما حقيقته تنضح بالإرهاب، ويصمم على اقتلاع الإسلام من مصر تماما وهكذا يتحدث قادة العصابة بكل فجور.
لقد هال الاستعمار الغربي الحديث والكيان الصهيوني واذنابهم هالهم أن تخط مصر أول تجربة في تاريخها بانتخاب أول رئيس مصري مدني منذ عهد مينا حتي عهد مبارك، وأعلن القضاء المصري فوزه على العالم كله بينما كان يحكم مصر المجلس العسكري بقيادة المشير طنطاوي، ولكنهم لم يمهلوه يوما واحدا بعد ان رفض بيع قرار مصر ورهن كرامة بلاده وبدأ يخطو خطوات واسعة نحو مشاريع عملاقة تجعل الشعب المصري سيدا في بلاده وتحل له مشاكله كمشروع محور قناة السويس وتعمير سيناء ومشروع الاكتفاء الذاتي من القمح، ومشاريع التصنيع الوطني الكبري والعدالة الاجتماعية وهي مشاريع لم يجرؤ حاكم في تاريخ مصر علي الاقتراب منها لأنها كانت تمثل خطا أحمر لدي الاستعمار لأنها تحقق الاستقلال الحقيقي للشعب المصري وتضعه علي بداية طريق النهضة.
لقد داس الرئيس المصري المنتخب محمد مرسي علي تلك الخطوط الحمراء وانطلق بقرار وطني جسور لتنفيذ تلك المشروعات العملاقة وهو ما أرعب كل أعداء مصر خاصة الكيان الصهيوني، وأشعل الغضب في قلوب المتربصين بها حتى وإن أبدوا لها حبا وقربا وإخوة .. فكان ذلك الانقلاب الذي رفضه ومازال القطاع الأكبر من الشعب المصري ولعل ميادين مصر وشوارعها تشهد بذلك الآن.
والغريب أن بيان الانقلاب كان مليئا بعبارات عن صون الحريات ومعاملة جميع القوى علي قدم المساواة وغيرها من الشعارات الناعمة إلا أن الواقع على الأرض، يشهد بأن هذا الانقلاب جاء بخطة استئصال للإسلاميين جميعا ومنعهم من أبسط حقوقهم، وما يصدق ذلك تلك حملات الاعتقال لقادة جماعة الاخوان والنائب الفذ محمد العمدة والشيخ حازم صلاح أبو إسماعيل وعمليات الغلق والتشيمع والحرق للقنوات الإسلامية ومقرات الحرية والعدالة وغيرها؛ خير شاهد، كما أن عشرات الشهداء والجرحي الذين يتساقطون كل يوم برصاص الجيش والشرطة والبلطجية مؤشر مهم علي العقلية الدموية للانقلابيين الذين صدعونا بحقوق الانسان طوال الفترة الماضية.
ومن هنا إذا لم يتدارك قادة الجيش المصري الموقف ويسارعوا بإعادة الأمور إلي طبيعتها وإعادة الرئيس الشرعي لموقعه رئيسا للبلاد ثم يتم الاتفاق علي برنامج واحد لإدارة البلاد فإن مصر يمكن أن أن تنزلق – لا قدر الله – إلى ما لا تحمد عقباه وسيكون الضحية في النهاية هو الشعب المصري العظيم.
إن الاعتقالات وكبت الحريات وعمليات القتل في الشوارع لا تخمد أبدا ثورة شعب بل تزيدها اشتعالا، وان الانقلابات العسكرية لم تعمر بلدا يوما بل خربته ولم تحقق خيرا علي لأحد؛ بل جرت على المنطقة الوبال والهزائم والخسران.
(*) كاتب مصري- مدير تحرير مجلة المجتمع الكويتية
Shaban1212@gmail.com
twitter: @shabanpress
ليست هناك تعليقات:
إرسال تعليق