مذبحة الفجر المشهود
فراج اسماعيل
لم أتصور في حياتي أن يحدث ذلك في مصر ولا أن يأتي يوم أبكي من هذا المشهد الدموي في وطني، وقد بكيت مثله مرات في البوسنة والهرسك عندما كنت مكلفًا بالتغطية الإخبارية لمذابح الصرب.
قتل نحو 50 من أبناء الوطن بينهم 6 أطفال و8 نساء، أصغرهم طفل في الشهر السادس، غير مقبول له أي تبرير.
لا يكفي مائة مؤتمر صحفي من عينة المؤتمر المشترك للجيش والداخلية لمعالجة الألم العميق في النفوس والجرح الغائر في القلوب.
بدا كل من المتحدثين غير مستوعب أن فاجعة عظيمة قد حلت على البلاد، وظهر كأنهما يتحدثان عن مواجهة مع قوات معادية. كما أن الصحفيين لم يكونوا مستوعبين أيضًا، فقد سألوا بطريقة الإعلام الشمولي "اكتب أو اسأل ما يملى عليك".
نسوا أنهم باحثون عن الحقيقة وأصحاب رأي لا بد أن يحترموا الرأي الآخر ويدافعوا عنه ولا ينحازوا للسلطة فقاموا بطرد مراسل قناة الجزيرة الزميل عبدالفتاح فايد في سابقة لم يفعلها صحفيون في العالم كله وتتعارض مع مبادئ وآداب مهنة الصحافة، وهو سلوك يستدعي موقفًا حازمًا بتارًا من نقابة الصحفيين وإدانة من كل الإعلاميين والكتاب الشرفاء.
لم نسمع سؤالاً واحدًا عن جوهر المذبحة، ولماذا تم التعامل مع المتظاهرين بكل هذا العنف المفضي إلى الدماء الغزيرة التي أحرجت شيخ الأزهر وجعلته يقرر الاعتكاف في بيته بعد تورطه في رعاية الخارط الانقلابية.
لم نسمع عزاء ولا مواساة.
لم يكن في جعبتيهما دواء نفسي للمصاب الفادح، ولو من باب المجاملة أو الاستهلاك الإعلامي.
لم نسمع إلا وعدًا بعدم اتخاذ إجراءات استثنائية ضد المتظاهرين خلال أحداث تلك المذبحة.شكرًا يا باشا نورت المحكمة.
في الدول التي تحترم شعوبها وآدميتهم نسمع عن استقالات فورية لا مؤتمرات صحفية لم تقل شيئًا ولم تجد ما تبرر به إطلاق الرصاص الحي على المدنيين.
أصاب عبدالمنعم أبو الفتوح عندما طالب باستقالة الرئيس الانتقالي، فهذه أول كارثة فادحة في عهده، وهي كارثة لم تحدث في عهد أي رئيس سابق من عبد الناصر إلى مرسي، لأن المتهم فيها مؤسسات رسمية تملكها الدولة ويمولها الشعب، ومهمتها حمايته لا قتله. لكن هذا لا يكفي.
كان يجب أن يسارع وزير الدفاع ووزير الداخلية بالاستقالة بحكم مسئوليتهما السياسية أو أن يقيلهما رئيس الجمهورية. كيف له ذلك وهو معين من الأول الذي يملك في يده أوراق الحل والعقد.
لم نسمع إلا أسفًا من الرئيس المؤقت، وهو أسف من عينة "البقاء لله جعلها آخر أحزانكم"، ثم تفرغ بعد ذلك للإسراع في إصدار الإعلان الدستوري وتسريب اسم رئيس الحكومة الانتقالية، هو ثالث اسم يتم تسريبه بعد البرادعي وبهاء الدين، وأخيرًا سمير رضوان وزير المالية الأسبق في حكومة شفيق.
كان الهدف أن ينسى الرأي العام المذبحة أو المجزرة، سمها ما شئت، فنحن لم نشهد مثلها إلا في البوسنة والهرسك وسوريا. أما وزيرا الدفاع والداخلية المعنيان المباشران بالأمر فقد تواريا، اختفيا عن الناس تاركين المتحدثين الرسميين والإعلام الشمولي يقومون بما يلزم.لم يلطخ مصر عار في تاريخها مثل هذا العار. لا يمكن محو ذلك الفجر الحزين من ذاكرة المصريين حينما انهال الرصاص ليحصد الأوراح البريئة فتذهب جثامينهم جماعات إلى عدة مستشفيات، ثم تكمل القنوات الفضائية الرسمية والخاصة المهمة بإلقاء المسئولية على الشهداء الأبرار بأنهم المجرمون والقتلة والقناصة والطرف الثالث، وأن من حصدهم حصدًا كان في حال دفاع عن النفس.
ويبقى دعاة الليبرالية والعلمانية الذين علق بعضهم بكلمات عائمة.
توقعت إدانة مباشرة من البرادعي، لكن عالمه التويتري الخاص لم يقل سوى كلام يقبل القسمة على جميع الأرقام. هل هذا هو محمد البرادعي الذي بشرونا بأن رحم عهده سيلد لنا الحرية وحقوق الإنسان والكرامة؟!
farrag.ismail@yahoo.com
أبشر بالنار يا قاتل المصلين
ردحذفقال رسول الله صلى الله عليه وسلم
من صلى الصبحَ في جماعةٍ فهو في ذِمَّةِ اللهِ ، فمن أخفَر ذِمَّةَ اللهِ كبَّه اللهُ في النَّارِ لوجهِه
صحيح الترغيب
فنقول لهؤلاء القتلة الهلكي
إن الذين قتلتموهم في ذمة الله تعالى وأمانه وجواره
فأبشروا بعذاب الجبار وانتقامه
فإن من صلى صلاة الصبح فهو في أمان الله وضمانه ، ولا يجوز لأحد أن يتعرض لِمَن أمَّنَه الله ، ومن تعرض له ، فقد أخفر ذمة الله وأمانه ، أي أبطلها وأزالها ، فيستحق عقاب الله له على إخفار ذمته ، والعدوان على من في جواره .
فيض القدير للمناوي (6/164) .
قتلتموهم تنفيذا لأوامر أسيادكم
الذين سيتبرأون منكم - ورب الكعبة - في الآخرة
ولن يغنوا عنكم من الله شيئا
قال الله تعالى
إِذْ تَبَرَّأَ الَّذِينَ اتُّبِعُواْ مِنَ الَّذِينَ اتَّبَعُواْ وَرَأَوُاْ الْعَذَابَ وَتَقَطَّعَتْ بِهِمُ الأَسْبَابُ
[البقرة : 166]
فما أحسنها من خاتمة
أن يموت الرجل وهو قائم بين يدي الله تعالى يصلي
نسأل الله تعالى أن يرزقنا وإياكم حسن الخاتمة
وصلى الله على نبينا محمد وعلى آله وصحبه أجمعين