بقلم: إسماعيل الإسكندراني / حقوقي وصحفي حر
عدنا بحمد الله من قرى الشيخ زويد التي تعرضت لهجمة الجيش الهمجية .. عدت سليم الجسد كسير النفس كثير الألم.
قد تكون الصورة أبلغ من الكلام أحياناً، لكنك لن تفهم الصورة إلا بحكايتها وقصتها.. الصور موجودة وسأنشرها لكن دعوني أحكي قليلاً.
لا أدري عمّ أحكي! عن المسجد الذي قصف بطائرات الأباتشي المصرية مرتين؟ لن يكون أعظم عند الله حرمة من الكعبة .. والكعبة ليست أعظم حرمة عند الله من دم إنسان واحد.
هل أحكي عن امرأة مسنة قتلت برصاص الجيش الخارق للجدران وهي جالسة في بيتها؟
أم أحكي عن الشيخ الذي نام قليلاً في المسجد بعد الفجر وخرج في الثامنة صباحاً لتستقبله رصاصة في صدره فيقع صريعاً في الحال ولا يصل أهله إلى جثمانه إلا ظهراً حين تفقّدوه؟
هل أحكي عن والد صديقي البدوي عامل المسجد الذي أجبروه على النزول من السيارة والكشف عما تحت جلبابه والزحف، ثم صادروا سيارته "الملاكي" (العادية وليست دفع رباعي)، وبعدها صرفوه وحرقوا السيارة؟
هل أحكي عن عشرات البيوت التي فتشوها، فلم يجدوا فيها شيئاً فأخرجوا أنبوب البوتاجاز ثم أحرقوا الأثاث؟
هل أحكي عن نهب المقتنيات وحلي النساء ومحتويات الثلاجات؟
هل أروي عن توسل صاحب سيارة نصف نقل لم يدفع أقساطها أن يعتقلوه ويتركون السيارة لأولاده يأكلون منها فأحرقوا السيارة أمام عينيه وتركوه؟
هل أحكي عن أشجار زيتون تم تجريفها أم عن أبراج حمام تم تدميرها؟ والله لقد فعلوها دون أي تدخل أدبي أو بلاغي مني!
قتلوا الأغنام وحرقوا العشش ومقاعد الضيافة وأطلقوا وابل ذخيرتهم على كل شيء.
قال لي أحدهم: لقد ذهبوا وتركوا لنا "الإرهابيين" يخرجون ألسنتهم لنا أنهم لم يمسهم سوء!
قال آخر متعجباً من وحشية القوات تحديداً ضد قرية "الظهير" المسالمة الوديعة: لقد حاولت تحليل ما فعلوه في قريتنا، فلم أجد ما يقنعني سوى أنهم أرادوا رفع معنويات الجنود بانتصار وهمي على قرية خالية من أي خطر.
أما الثالث، فزفر ما شهقه من دخان ورفع سيجارته عن فمه قائلاً: والله ما يعمل كده مسلم .. دول كفار.
هل رأيتم يا سادة صناعة التكفير بدل مناهضته؟
بالتأكيد لم تروا ما رأيت من ملابس أطفال منشورة على حبل غسيل ممتد جوار رماد عشة محروقة لا تزال رائحتها تزكم الأنوف رغم مرور ثلاثة أيام
سألتهم وسألهم زملائي ورفاق الرحلة عشرات الأسئلة عن القبض على مطلوبين حقيقيين، وعن السلاح الذي وجدوه بالفعل، وعن ألف شيء وشيء ..
لم تكن ردودهم بالقول أبلغ مما رأته أعيننا وسجلته العدسة.
بالتأكيد، لم يفعل ذلك جيش الاحتلال الصهيوني.. وقطعاً لم يتورط في أي من ذلك جيش أكتوبر العظيم.
إنه يا سادة جيش "كامب ديفيد" يعيث في سيناء فساداً وإفساداً.
ليست هناك تعليقات:
إرسال تعليق