حزب عبد الفتاح ينافس حزب السيسي
وائل قنديل
المعنى الوحيد لمطالبة حاكم مصر العسكري الأحزابَ بتكوين قائمة موحدة لخوض الانتخابات النيابية، أنه لا توجد انتخاباتٌ قادمة، بالمعنى الحقيقي للكلمة.
تنشأ الأحزاب في الدول المحترمة، لكي تتنافس في ما بينها، في إطار سباق سياسي، لكسب ثقة القاعدة الجماهيرية، وصولاً إلى تشكيل الحكومة وإدارة البلاد، وحين يأتي حاكم وصل إلى الحكم بانتخابات معيبة ومضحكة، خلت من أي تنافس يقيم وزناً لإرادة الجماهير، ثم يطلب من الأحزاب أن تنتظم في قائمة واحدة، فإنه، هنا، ينسف فكرة التنافس من جذورها، ويحيل العملية برمتها إلى نوع من المحاصصة، أو اقتسام الغنائم على مائدة الجنرال.
تنشأ الأحزاب في الدول المحترمة، لكي تتنافس في ما بينها، في إطار سباق سياسي، لكسب ثقة القاعدة الجماهيرية، وصولاً إلى تشكيل الحكومة وإدارة البلاد، وحين يأتي حاكم وصل إلى الحكم بانتخابات معيبة ومضحكة، خلت من أي تنافس يقيم وزناً لإرادة الجماهير، ثم يطلب من الأحزاب أن تنتظم في قائمة واحدة، فإنه، هنا، ينسف فكرة التنافس من جذورها، ويحيل العملية برمتها إلى نوع من المحاصصة، أو اقتسام الغنائم على مائدة الجنرال.
والأبعد من ذلك أنه يقضي على مفهوم الحياة الحزبية بشكل كامل، حين تتحول هذه الأحزاب إلى مجرد كيانات تدور في فلك الحاكم وتأتمر بأوامره، وترضى بما يقسمه، بدلاً من أن يكون، لدى كل حزب من هذه التي تسمى أحزاباً، طموحٌ للفوز بثقة الناخبين، يدفعها، فيما بعد، لأن يكون لديها مرشحون ينافسون على رئاسة الدولة في استحقاقات قادمة.
لكن، لا عجب في ما يجري في مصر، الآن، إذا تذكرنا أن المشهد القائم كله تأسس على مشروع انقلاب كامل الأركان، يكره الديمقراطية، ويحتقر فكرة الانتخاب، كآلية وحيدة في الدول الطبيعية للوصول إلى الحكم.
لقد هدم انقلاب السيسي البناء الديمقراطي الذي ولد بعد ثورة يناير 2011، وأطاح مكتسبات سياسية، تجسدت في نتائج استحقاقات انتخابية سليمة ونظيفة، كان آخرها انتخابات الرئاسة في عام 2012، والتي وصلت بالدكتور محمد مرسي إلى الحكم، وتباهى بإدارتها والإشراف عليها المجلسُ العسكري الحاكم، بالضرورة، في ذلك الوقت، معتبرا أنه قدم صنيعاً تاريخياً للمصريين، ينقل بلادهم إلى قائمة الدول الديمقراطية المتحضرة.
ولعل هذه من المرات الشحيحة التي يصدق فيها عبد الفتاح السيسي، حين يقول، بجلاء، إنه لن يدعم حزبا في الانتخابات المقبلة، فالرجل من الأساس يفضل زفة التفويضات المبهرجة على عملية الانتخابات المحترمة، فضلاً عن أنه ينتمي بالكلية إلى حزب لن يخوض الانتخابات، فكيف يدعم حزباً أو أحزاباً أخرى؟
لعلك ما زلت تتذكر أن عبد الفتاح السيسي خاض الانتخابات الرئاسية، كمرشح للقوات المسلحة، في سابقة هي الأولى في التاريخ، حين اجتمع المجلس الأعلى للقوات المسلحة وقت أن كان قائده العام، وأصدر بيانا إلى الجماهير، أعلن فيه موافقته على ترشح "ابنه البار" لانتخابات رئاسة الجمهورية، وكما أذاعت وكالة الأنباء الرسمية المصرية، في ذلك الوقت من يناير/كانون الثاني 2014، فإن "المجلس الأعلى للقوات المسلحة المصرية فوّض المشير عبد الفتاح السيسي الترشح إلى الانتخابات الرئاسية، وأن القرار اتُّخذ بالإجماع في اجتماع لكبار قادة الجيش برئاسة السيسي".
والحاصل أننا أمام سيناريوهين، لا ثالث لهما:
لكن، لا عجب في ما يجري في مصر، الآن، إذا تذكرنا أن المشهد القائم كله تأسس على مشروع انقلاب كامل الأركان، يكره الديمقراطية، ويحتقر فكرة الانتخاب، كآلية وحيدة في الدول الطبيعية للوصول إلى الحكم.
لقد هدم انقلاب السيسي البناء الديمقراطي الذي ولد بعد ثورة يناير 2011، وأطاح مكتسبات سياسية، تجسدت في نتائج استحقاقات انتخابية سليمة ونظيفة، كان آخرها انتخابات الرئاسة في عام 2012، والتي وصلت بالدكتور محمد مرسي إلى الحكم، وتباهى بإدارتها والإشراف عليها المجلسُ العسكري الحاكم، بالضرورة، في ذلك الوقت، معتبرا أنه قدم صنيعاً تاريخياً للمصريين، ينقل بلادهم إلى قائمة الدول الديمقراطية المتحضرة.
ولعل هذه من المرات الشحيحة التي يصدق فيها عبد الفتاح السيسي، حين يقول، بجلاء، إنه لن يدعم حزبا في الانتخابات المقبلة، فالرجل من الأساس يفضل زفة التفويضات المبهرجة على عملية الانتخابات المحترمة، فضلاً عن أنه ينتمي بالكلية إلى حزب لن يخوض الانتخابات، فكيف يدعم حزباً أو أحزاباً أخرى؟
لعلك ما زلت تتذكر أن عبد الفتاح السيسي خاض الانتخابات الرئاسية، كمرشح للقوات المسلحة، في سابقة هي الأولى في التاريخ، حين اجتمع المجلس الأعلى للقوات المسلحة وقت أن كان قائده العام، وأصدر بيانا إلى الجماهير، أعلن فيه موافقته على ترشح "ابنه البار" لانتخابات رئاسة الجمهورية، وكما أذاعت وكالة الأنباء الرسمية المصرية، في ذلك الوقت من يناير/كانون الثاني 2014، فإن "المجلس الأعلى للقوات المسلحة المصرية فوّض المشير عبد الفتاح السيسي الترشح إلى الانتخابات الرئاسية، وأن القرار اتُّخذ بالإجماع في اجتماع لكبار قادة الجيش برئاسة السيسي".
والحاصل أننا أمام سيناريوهين، لا ثالث لهما:
فإما أن تصدع الأحزاب كلها لأمر السيسي، وتدخل في قائمة موحدة. في هذه الحالة، ستحمل اسم "قائمة السيسي"، وبالتالي، تنتفي فكرة التنافس تماماً، ويكون المجلس النيابي القادم بمحاصصة أقرب إلى التعيين، كمنحة من حاكم البلاد.
والسيناريو الآخر أن تبدي بعض الأحزاب ممانعة وتدخل في مقاطعة، وفي هذه الحالة، ستجد نفسها أمام عاصفة من "الشيطنة" والتخوين والاتهامات بالعمالة.
غير أن كلا السيناريوهين يقودان إلى مشهد لا يختلف كثيرا عن مشهد برلمان 2010، ذي اللون الواحد، والذي كان أحد عناصر اشتعال ثورة يناير.
ويدهشك في هذه الملهاة المصرية أن كل الصقور الذين حاربوا مهزلة انتخابات برلمان 2010 يرتدون ملابس المهرجين الآن في انتخابات برلمان السيسي 2015، على الرغم من أن كلا منهما ينتمي إلى "السيرك القومي"، أكثر مما يعبر عن حياة سياسية حقيقية، فالمنافسة تدور بين حزب الزعيم عبد الفتاح وحزب الجنرال السيسي.
غير أن كلا السيناريوهين يقودان إلى مشهد لا يختلف كثيرا عن مشهد برلمان 2010، ذي اللون الواحد، والذي كان أحد عناصر اشتعال ثورة يناير.
ويدهشك في هذه الملهاة المصرية أن كل الصقور الذين حاربوا مهزلة انتخابات برلمان 2010 يرتدون ملابس المهرجين الآن في انتخابات برلمان السيسي 2015، على الرغم من أن كلا منهما ينتمي إلى "السيرك القومي"، أكثر مما يعبر عن حياة سياسية حقيقية، فالمنافسة تدور بين حزب الزعيم عبد الفتاح وحزب الجنرال السيسي.
ليست هناك تعليقات:
إرسال تعليق