الأحد، 13 سبتمبر 2015

اغتيال المرزوقي

اغتيال المرزوقي



سمير الحجاوي


لم يكن ناشطا سياسيا ولا متظاهرا متفانيا.. كان يحب الرياضة وكرة القدم، كان يحب الحياة ويعشق مساعدة الآخرين، إلا أن ذلك لم يشفع له، ولم ينقذه من الموت.
هذا الشاب الثلاثيني، والد الطفلتين، كان على موعد مع موت غير معلن، فالجلادون قادوه إلى حتفه، رغم صحته وجسده الرياضي وحيويته ونشاطه، ولم يستغرق الأمر أكثر من شهر من التعذيب حتى فارق الحياة.
عماد المرزوقي، ابن الـ36 ربيعا، مواطن من سيناء، وهو مواطن لا تعترف به القاهرة كما كل أهل سيناء، لأن حكام القاهرة يعتبرونهم مجموعة من المهربين، وهم أيضاً "خونة" و"إرهابيون وتكفيريون" يجب قتلهم والتخلص منهم، وعماد واحد من هؤلاء "المهربين الخونة الإرهابيين التكفيريين"، رغم أنه يحمل شهادات في اللغات والترجمة ويعمل مدرسا في وزارة التربية، يكفي أن يكون "سيناويا" حتى يكون متهما، مثل كل أبناء سيناء، الذي ترفض القاهرة أن تملكهم أرضهم وأرض أجدادهم، وتتعامل معهم على أنهم "عابرون" في المكان والزمان.
جريمة عماد الكبرى أنه شقيق الناشط السيناوي والإعلامي عيد المرزوقي، ضيف الجزيرة الدائم، والمحلل والخبير بشؤون سيناء، والمعلق الذي لطالما أوجع النظام الانقلابي الجاثم على مصر، والمطلوب على قوائم انتظار الطغمة الحاكمة في مصر، ولأنهم لا يستطيعون الوصول إلى عيد، عمدوا إلى اقتحام منازل والديه وأشقائه وشقيقاته في سيناء أكثر من 10 مرات، رغم أنهم يعلمون علم اليقين أنه غير موجود، لإرهابهم بطريقة دنيئة لا أخلاقية. وما يريدونه هو إسكات شقيقه عيد.
الشهر الماضي اعتقل زبانية السيسي عماد المرزقي ونقلوه بعد ذلك من العريش إلى الإسماعيلية، حيث سجن العزولي الرهيب، أو ما يسمى "جوانتانامو مصر" والسجون العسكرية الأخرى، التي يديرها الجيش، ويعتبر من يدخل إليها مفقودا، ولم يسمح لعائلته بزيارته، إلى أن تلقى شقيقه الأكبر اتصالا هاتفيا من "مستشفى الأميري" بمراجعته، ليجد شقيقه جثة هامدة وعليها آثار تعذيب شديد، مما أدى إلى السقوط مغميا عليه من هول الصدمة لما رأى رغم أنه طبيب.
عماد المرزوقي تمت تصفيته بدم بارد في سجون السيسي الرهيبة، وهي السجون التي اعتقل فيها أكثر من 40 ألف مصري، وقتل فيها حوالي 300 سجين منذ وقوع الانقلاب، مما دعا المنظمات الدولية إلى اعتبار السجون المصرية "مقابر للأحياء".
ليكون الضحية 51 من أبناء سيناء الذين تعرضوا للقتل والتصفية والاغتيال داخل سجون السيسي وتم إلقاء بعضهم في الطرقات بعد قتلهم.
نظام السيسي لا يعرف إلا لغة القتل والإقصاء والدم والإخفاء القسري، فقد خطف حتى الآن 1250 شخصا لم يظهر منهم 228 شخصا حتى الآن، وتم تصفية عدد من الأشخاص في بيوتهم جهارا نهارا.
هذا النظام حول الدولة إلى عصابة، يديرها العسكر والبلطجية والدولة العميقة، خاصة في سيناء التي قتل فيها خلال الأيام الأخيرة 232 شخصا حسب الإعلان الرسمي للجيش، مما يرفع عدد القتلى إلى نحو 2000 تم قتلهم بعيدا عن وسائل الإعلام والكاميرات.
لقد حول نظام السيسي الانقلابي أهالي سيناء إلى مقتلعين من أراضيهم وبيوتهم في رفح أو مشردين في بئر العبد والشيخ زويد والعريش أو مطاردين ومعتقلين في الصحراء، أزهق الأرواح وهدم المنازل وحول أهالي سيناء إلى "طلاب ثأر"، والثأر عند هؤلاء لا يموت مهما طال الزمن، وسحبهم إلى دائرة العنف، حتى في المناطق المسالمة وحولهم إلى "إرهابيين" و"تكفيريين"، لا يراهم إلا قتلى.

ليست هناك تعليقات:

إرسال تعليق