الاثنين، 15 يوليو 2013


الانقلاب المضلل في مصر


جاكسون ديل - “واشنطن بوست”
ترجمة: قسم الترجمة في مركز الشرق العربي
ربما يدّعي المصريون أنّ ثمة شيء مميز في الانقلاب العسكري المدعوم بسلطة الشعب الذي وقع يوم الأربعاء في مصر، ولكن العالم شهد العديد من مثل هذه الانقلابات في الخمسين سنة الماضية.
 من بيونس آيرس إلى بانكوك, توسّلت الحشود للجنرالات كي يسقطوا حكومات منتخبة ديمقراطيا وهللوا عندما استجاب الجنرالات لهم، دون أيّ استثناء, كانت النتائج دائما سيئة؛ عنف, إن لم تتطور الأمور إلى حروب أهلية وانتهاكات هائلة لحقوق الإنسان وعقود من الصراعات السياسية الطويلة.
وبالمناسبة, هؤلاء الذين أقصوا عن السلطة عادوا, عاجلا أو آجلا.
الطابع الإسلامي للحكومة المصرية المخلوعة لا يجب أن يحجب الطريق كما حصل في الأرجنتين وتركيا وتايلند ودول أخرى نامية أدّت فيها الانتخابات بعد عقود من الحكم المطلق إلى جلب نخبة جديدة للسلطة.
الحكام الجدد عادة ما يمثّلون الفقراء والمحرومين وسكان المناطق الريفية, الذين غالبا ما لا يشتركون في القيم الثقافية لطبقات سكان العاصمة المتوسطة والعليا.
ما أن تصل إلى السلطة, فإنّ الحكومات الجديدة تتكون في الغالب من مسؤولين مبتدئين.
 يتصارع هؤلاء المسؤولون مع المؤسسة القديمة في البيروقراطية والقضاء والإعلام، ويقومون بكتابة دستور جديد في محاولة منهم لخدمة مصالحهم الانتخابية، ويدوسون على الحريات المدنية.
وعلاوة على ذلك, فإنّهم عادة ما يسيئون إدارة الاقتصاد من خلال اعتماد تدابير شعبية تلبّي حاجة قواعدهم الانتخابية.
في تلك النواحي, حكومة محمد مرسي مختلفة نوعا ما عن خوان بيرون في الأرجنتين وهوغو تشافيز في فنزويلا أو تاكسين شيناواترا في تايلند؛ تجاوزاتها كانت أقل بكثير من حكومة تشافيز أو سلفادور أليندي في السلفادور, وعلى خلاف شيناواترا أو بيرون فإنّ محمد مرسي لم ينشئ ميليشيات أو فرق موت.
على الرغم من أنّ حكومته فشلت في الوصول إلى حل توافقي مع المعارضين وسعت إلى تثبيت قوتها, فإنّها لم تقم إلاّ بخطوات متواضعة لفرض الأيدلوجية الإسلامية على البلاد ولم تسعَ لتغيير اقتصاد مصر الرأسمالي, الذي كان يغرق ببطء ولكنه لم يصل للانهيار، كما حافظت على العلاقات الخارجية مع الولايات المتحدة و”إسرائيل”.
وبالتالي لم يكن لدى الطبقة العلمانية الوسطى سببا كبيرا للخروج إلى الشوارع الأسبوع الماضي ممّا كان موجودا لدى مؤيدي أليندي في تشيلي والجنرالات في كراكاس أو أصحاب القمصان الصفراء في بانكوك.
وعلى كل حال فإنّ بإمكانهم توقُّع نفس النتائج، والتي يمكن أن تكون أيّ شيء إلاّ الديمقراطية الليبرالية التي يدّعون أنّهم يدعمونها.
المصفقون للانقلابات العسكرية يشتركون في وهمين أساسين؛ وهما أنّ الجنرالات يشاركونهم أجندتهم وأنّ خصومهم المكروهين على الرغم من انتصاراتهم الانتخابية يمكن تجاوزهم سياسيا، ولكن لا تثبت أيّ من هذه الأوهام صحّتها على أرض الواقع.
 القوات المسلحة ليست جيدة في عقد الموائد المستديرة أو تنفيذ برامج ليبرالية؛ إنّهم جيدون فقط في استخدام القوة، حتى لو لم يعذبوا ويقتلوا, فإنّهم يقفون في وجه القادة السياسيين السلميين, ويقفلون وسائل الإعلام التي يعتبرون أنّها مزعجة ويحاولون فرض قواعد سياسية تحمي مصالحهم السياسية والاقتصادية.
وهذا بالضبط ما فعله الجيش المصري بعد إزالة حسني مبارك عام 2011.
يوم الأربعاء بدأ بإغلاق المحطات التلفزيونية وملاحقة قادة الإخوان المسلمين في حين كان من يصفون أنفسهم بالديمقراطيين الليبراليين يحتفلون بثورتهم الشعبية المفترضة.
أسوأ سيناريو بالنسبة لمصر هو أن يتّجه الإسلاميون كما حدث في الجزائر بعد انقلاب عام 1992 للعمل السري والحرب. الاحتمال البعيد ولكن الممكن هو أن يحشد الإخوان المسلمون دعما كافيا للعودة إلى السلطة, كما فعل تشافيز في فنزويلا عام 2002.
الاحتمال الأكبر هو أنّ الإسلاميين في مصر، بما فيهم السلفيون الأكثر تطرفا من الحكومة المخلوعة، سوف يستغلون الوقت ويعيدون تنظيم أنفسهم ويعملون على جني الفوائد من الفوضى القادمة وبالتالي تحقيق النجاح في الانتخابات الجديدة, كما حصل مع أصحاب القمصان الحمراء مع ثاكسين والإسلاميين في تركيا وأنصار بيرون وكما فعل الاشتراكيون في تشيلي.
 إذا غادر البلاد, فإنّ مرسي قد يقلّد ما حصل مع رئيس وزراء باكستان نواز شريف, الذي عاد للتو إلى السلطة بعد 14 عاما من الانقلاب الذي حصل ضده, والجنرال الذي قاد الانتخاب ضده قيد الاعتقال الآن.
النخبة العلمانية في مصر تصرّ على وجوب القيام بأمر ما لوقف احتكار الإخوان المسلمين السلطة والوصول إلى الديمقراطية، ولكن كان هناك طرق ممكنة لوقف تجاوزات حكومة مرسي بعيدا عن الانقلاب، وضمان أنّ الإخوان لن يعودوا خلال الانتخابات القادمة.
لهذا, فإنّ على المعارضة المصرية أن تنظر إلى تركيا, حيث أجبرت الحشود الكبيرة الحكومة الإسلامية بقيادة رجب طيب أردوغان التراجع عن تجاوزاتها الاستبدادية مع الحفاظ على النظام الدستوري.
 أو فنزويلا, حيث تعلّمت المعارضة الديمقراطية من أخطائها, وأعادت تنظيم أمورها وحاربت من خلال الانتخابات برغم الكثير من الصعوبات. وبالكاد خسروا الانتخابات الرئاسية الأخيرة وهم يقفون الآن مستعدين مع فشل الحكومة التشافيزية وانقسامها وانهيارها من تلقاء نفسها.
قد يحدث هذا في مصر، وإلاّ فإنّ الخاسر الأكبر في انقلاب هذا الأسبوع سوف يكون أولئك الذين احتفلوا به.

ترجمة: قسم الترجمة في مركز الشرق العربي


ليست هناك تعليقات:

إرسال تعليق