إنهم يزايدون على الشعب السوري!
ياسر الزعاترة
على أن هذا الرفض لا يدفعنا أبدا إلى المزايدة على الشعب السوري ولا قواه السياسية، بما فيها الإسلامية، ففي مثل هذه المحن، وعندما يقف شعب أعزل أمام طاغية ، لا يمكن لأية قوة سياسية أن تتحدى مشاعر الشعب وتقول إنها ضد إنقاذه من قبل أي أحد، بصرف النظر عن أهدافه الأخرى الكامنة.
حدث ذلك في الكويت على سبيل المثال حينما أجمعت القوى السياسية بمختلف ألوانها الأيديولوجية على الترحيب بالتدخل الأمريكي في مواجهة الغزو العراقي، كما حدث ذلك أيضا فيما خصّ التدخل الغربي في ليبيا، وحيث أجمع الكل على الترحيب بالتدخل في مواجهة جزار يقتل الناس بلا حساب.
في سوريا اليوم يبدو الأمر أقل شأنا بكثير، إذا لا أحد يتحدث عن غزو عسكري، بل عن ضربات تأديبية كما قيل، ما يعني أن دب الصوت ضد الشعب السوري والمعارضة السورية هو محض مزايدة على شعب يُذبح ويتواطأ العالم كله على ذبحه، وليس صحيحا أن العالم يقف ضد النظام، بدليل أن الغربيين هم من كانوا يضغطون دائما لمنع السلاح النوعي عن الثوار، ولو كفّوا عن ذلك وسمحوا لتركيا ولبعض العرب الداعمين أن يقدموا السلاح النوعي لانتهت المعركة منذ عام كامل.
لقد كانت المؤامرة في حقيقتها ضد الشعب السوري، ولو وقف القوم ضد التدخل لأنه بالفعل يأتي خدمة للأجندة الصهيونية، أكان من أجل استهداف الأسلحة التي هي ملك للشعب السوري، أم من أجل تسوية سياسية تمنع دخول البلد في الفوضى وسيطرة الجهاديين عليه، لو فعلوا ذلك لرفعنا لهم القبعات احتراما، لكنهم يفعلون ذلك في سياق دفاع عن نظام مجرم لا أكثر.
هنا نجد من واجبنا تذكير أولئك جميعا بوقوف النظام السوري (الأسد الأب) إلى جانب التحالف الذي شن الحرب على العراق العام 91، في ذات الوقت الذي نذكّرهم فيه بأن ذات النظام قد تدخل العام 76 في لبنان وسيطر على الوضع بموافقة الأمريكان والصهاينة أيضا.
لندع المزايدة البائسة على شعب يُذبح، مع العلم أننا نرى أن من واجب القوى الإسلامية وغير الإسلامية أن تقف ضد التدخل الأجنبي، لكن ذلك شيء، ومزايدة بعض اليساريين والقوميين على الشعب السوري وقواه السياسية شيء آخر.
نعم، نحن نرى أن موقف الرفض هو الواجب، لكن دون الإساءة إلى شعب يواجه طاغية مجرما، ومن ورائه تحالف تفوح منه روائح الطائفية النتنة بألوان شتى، كما تفوح منه رائحة النكاية مع القوى الإسلامية بعد الربيع العربي.
ولعل من المثير للسخرية أن ترى بعض تلك القوى الطائفية في العراق مثلا، والتي جاءت على ظهر الدبابة الأمريكية تزايد على السوريين في رفض التدخل الأمريكي، فيما لن ننسى أننا حين كنا ننتقد القوى العربية السنية التي قبلت بالعملية السياسية في ظل الاحتلال، كان نصر الله يدافع عن نظيرتها الشيعية ويلتمس لها الأعذار.
نكرر، إننا نعلم حقيقة التدخل وأهدافه، ولكن السوريين لهم أمل وطموح في أن يكون ذلك سببا في تخليصهم من الطاغية، ويجب أن نلتمس لهم العذر في ذلك؛ لا أن نشن عليهم الحرب، لكأنهم خونة وعملاء يواجهون نظاما عظيما يحرص على أولويات الأمة، بينما هو على استعداد لأن يبيع كل شيء من أجل بقائه، ورسائل رامي مخلوف وبشار نفسه واضحة على هذا الصعيد.
ليست هناك تعليقات:
إرسال تعليق