الصوفية سهم الشيعة المسموم في قلب الأمة
نص الحوار:
من يتأمل في أفكار الصوفية يجد أنها تتلاقى في أكثر من خط مع الرافضة، ومن ثم كانت المخاوف بل والمحاذير من أن تكون الصوفية قنطرة التشيع في البلاد العربية، ومن أجل إلقاء الضوء على هذه القضية الخطيرة كان لموقع الصوفية هذا الحوار مع فضيلة الدكتور مصطفى حلمي أستاذ ورئيس قسم العقيدة والفلسفة بكلية دار العلوم سابقًا.
س: تبنى مجمع البحوث الإسلامية خلال الفترة الماضية موقفًا مشددًا تجاه اكتشاف حسينية شيعية في مصر، فكيف ترى خطورة الاختراق الشيعي للمجتمع المصري واتخاذ الصوفية قنطرة لهذا الاختراق؟
ج: إن الحمد لله نحمده ونستعينه ونستغفره ونستهديه، ونعوذ بالله من شرور أنفسنا ومن سيئات أعمالنا، من يهده الله فلا مضل له، ومن يضلل فلا هادي له، وأشهد أن لا إله إلا الله، وحده لا شريك له، وأشهد أن محمدًا عبده ورسوله .. أما بعد:
فهذا الموضوع - أخي العزيز - مرتبط بدولة إيران التي تحاول أن يكون لها نفوذ في هذه المنطقة، وهي تعرف جيدًا أهمية مصر ومكانتها في العالم العربي والإسلامي، ولعل هذا ينبه المسؤولين وينبه الشعب وينبه الجماهير وينبه الشباب إلى خطورة نتائج مثل هذه الحسينية لأنها بمثابة بداية.
وهنا أذكر جيدًا الخلافة العثمانية في نهاية عصرها، وكيف كانت الدولة الصفوية دولة شيعية، كانت هي الشوكة في حلق الإمبراطورية الإسلامية التي انفرط عقدها على يد اليهودي كمال أتاتورك، فمن هنا يجب أن نحذر ويجب أن ننبه إلى خطورة مثل هذه الأمور، فمعظم النار من مستصغر الشرر، فهي كبداية لعلها تريد أن تجتذب الجماهير المصرية، وتعرف دور مصر، وفي الوقت نفسه تنتهز الفرصة، صحيح أن الشعب المصري من أهل السنة والجماعة والحمد لله هي العقيدة السائدة في أهل مصر، ولكنهم ينفذون من خلال محبة أهل البيت ويتسللون شيئًا فشيئًا، فالمسألة فيها خطورة ويمكن صدها الآن وإلا ستتسع الدائرة والشعب سيتعرض إلى نتائج خطيرة.
س: هل هذه المعالجة تقتصر فقط على بيانات مجمع البحوث الإسلامية أو أن يخرج بعض العلماء ويحذروا من خطورة التشيع أم يجب أن يكون هناك أمور تثقيفية ودينة ودور قوي وممنهج للمؤسسات في مواجهة هذا التشيع؟
ج) لا بد أن يكون هناك دور ممنهج؛ الدعاة والخطباء في المساجد والمحطات الفضائية الإسلامية تنبه على هذا، فضلًا عن الأزهر ودوره، لأن الأزهر يحتضن عقيدة أهل السنة والجماعة ونحن نعرف أنه عندما أنشئ كان يعتنق عقائد الفواطم وهم من الشيعة بعد قرنين من الزمان, فالأزهر ووزارة الأوقاف والعلماء والدعاة والمحطات الفضائية الإسلامية كل هؤلاء في حاجة لخطة كاملة وتنسيق شامل لبيان خطورة هذه الحسينيات حتى نصدها قبل أن تستفحل كظاهرة.
س: ما تقيمكم لدور هذه المؤسسات حاليًا في صد الهجمة الشيعية؟
ج) على أي حال هذه ظاهرة مطمئنة، كون أن هذه المؤسسات تنبهت منذ الآن قبل أن تستفحل الظاهرة والأزهر مشكورًا تنبه وأصدر بيانًا، فهذا يدل على يقظة الأزهر وعلمائه، فأنا مطمئن من هذه الجهة، ولكن هذا لا يدعو إلى التكاسل، لابد من استمرارية الحملات لتوعية الشعب وتوعية الجماهير إلى خطورة هذه الظاهرة، وأن هناك فرق كبير بين محبة أهل البيت، وبين المخطط المدروس الذي يحاول إعادة التشيع مرة أخرى لمصر.
ولكنه أمر مستبعد لأن ولله الحمد شباب الصحوة الإسلامية على بينه من الأمور، قد ينجح دعاة التشيع بعض الشيء في الطبقات الأمية، ولكن بالنسبة للشباب الواعي شباب الصحوة الإسلامية، طلاب الجامعات، طلاب المدارس، هذه الطبقة يصعب اختراقها بالتشيع لأنهم على وعي كامل بالفرق بين التشيع وعقيدة أهل السنة والجماعة.
س: هناك نوع من الارتباط في الفترة الأخيرة بين مواقف العلمانين ومواقف الصوفية، فالطرق الصوفية تبنت خلال الاستحقاقات الأخيرة في مصر تحديدًا عددًا من المواقف المناوئة للتيار الإسلامي التقليدي، في رأيك لماذا تتبنى دائمًا الطرق الصوفية اتجاهًا معاديًا من قوى الإسلام التقليدية أو الأصيلة في مصر.
ج) نظرة موضوعية للأحداث الأخيرة وأعنى في مصر بالذات، معروف الخصومة والعداء بين الاتجاه الصوفي وبين الاتجاهات السلفية، ومعروف أن الصوفية يشيعون ويسمون السلفيين بالوهابيين فهذه الخصومة موجودة، وهم يعرفون أيضًا أن الاتجاه السلفي يخاصم العلمانية، فنكاية في الاتجاه السلفي يتعاملون مع خصومه، من هنا جاء التعاون بينهم وبين الاتجاه العلماني، رغم أن هناك نقطة لابد أن نضعها في الحسبان أن نظرة الصوفية للإسلام قد تتفق مع العلمانين، باعتبار أن العلمانيين ينفون فكرة ارتباط الدين والدولة، كذلك الصوفي يقول: دع الملك للمالك فهو لا يعني بالأمور السياسية وينشغل بحياته الفردية والإنغلاق في الصومعة إلى آخر هذا الكلام المعروف عن التصوف، ومن هنا جاء الارتباط في رأيي، والله أعلم.
س: ولكن في خلال الفترة الأخيرة تبنت عددًا من الطرق الصوفية مواقف سياسية مخالفة لما ذهب فضيلتكم إليه، وتبنت مواقف سياسية عندية في كل الاستحقاقات السياسية السابقة.
ج: صحيح، الأصوات التي أخذها خصوم التيار الإسلامي أخدوها من الصوفية، كما لا أستبعد إغداق الأموال، وفي الوقت نفسه نكاية في الاتجاه الإسلامي الأصيل، سواء كان سلفي أو إخواني، من هنا هم تبنوا الفكرة العلمانية وتبنوا الفكرة المضادة لحركة الثورية في مصر.
س: دائمًا ما يتم التطرق إلى الصلات الوصيلة التي تربط الاتجاه الصوفي بالقوى العلمانية والليبرالية الغربية، هناك مثلًا دعم مالي كما أكده تقرير راند من عدة سنوات، هناك زيارات متبادلة، هناك تخصيص ندوات لبعض رموز الصوفية، كيف ترى ـ بشيء من التفصيل.
العلاقة بين الغرب والصوفية ولماذا يغدق الغرب الدعم العالم السياسي والمالي على الطرق الصوفية؟
ج: الغرب كما تعرفون خاصة مؤسسة راند ومراكز الأبحاث باختلاف صورها، تراقب العالم الإسلامي ثقافيًّا واقتصاديًّا وسياسيًّا إلى آخر هذه المظاهر ـ تراقبه كما تذهب إلى الطبيب ويضع سماعته على الإنسان حتى يعرف نبضات قلبه، هكذا بدون مبالغة، مراكز البحوث والجامعات في الغرب فضلًا عن المخابلات ترقب خلجات قلب العالم الإسلامي والمستشرقون ومعظمهم من اليهود والنصارى درسوا تارخنا جيدًا، ويعرفون الاتجاهات الكلامية والفلسفية والصوفية وعقيدة أهل السنة والجماعة ولا سيما عقيدة السلف.
وأمامنا تجربة حديثة واضحة تمامًا، وهي تجربة الإمام عبد الحميد بن باديس رحمة الله عليه، هذا الرجل هو بفضل الله أولًا صاحب الثورة الجزائرية التي قدمت أكثر من مليون ونصف شهيد، الغرب يعلم بناء على هذه التجربة وغيرها أن الإسلام الصوفي لا خطورة منه، لأن هذا التيار الصوفي من شأنه أن يغيب الأمة ويجعلها سلبية لأنهم يقولون دع الخلق للخالق، ويكن المريد في يد الشيخ كالميت في يد الغاسل، وينفي تمامًا أو لا يعرف فكرة الجهاد ومقاومة الأعداء ومقاومة المحتلين، إذًا فكل هذه العقائد الباطلة تؤدي إلى تنويم الأمة وعدم يقظتها.
وقد راقب المستشرق الفرنسي مانسنيون حركة الإمام عبد الحميد بن باديس، وكان مندوبًا لمخابرات فرنسا ينقل دراسته للمجتمع الجزائري، والمجتمع الجزائري في ذلك الوقت بدأ يثور على الاستعمار الفرنسي، فأرسل تقريرًا لوزارة الخارجية وقال: لا خوف ولا ضرر من الطرق الصوفية ولكن حذاري من هذا الاتجاه السلفي المتشدد الذي يتبناه الإمام عبد الحميد بن باديس رحمة الله عليه.
نقطة أخرى في هذا النموذج المجسَّد الحقيقي، يتبين أن براعة هذا الإمام كان تأيدًا من الله عز وجل، ولهذا فإن الدكتور محمود قاسم العميد الأسبق لدار العلوم له كتاب في صميم الموضوع، أطلق عليه الإمام عبد الحميد بن باديس الزعيم الروحي لثورة الجزائر، وأثبت هذه التفاصيل الحقيقة بدراسة علمية.
الإمام عبد الحميد في البداية أراد أن يجمع الشعب لأنه كان به انقسامات، لكنه تبين له أن الاتجاه الصوفي يضربه من الظهر، ومن هنا بدأ يعاديه حتى ينقي صفوفه من هؤلاء الخونة ونجح في ذلك، ومن هنا يظهر أن دور الاتجاه الصوفي كان كمخلب للاستعمار الفرنسي، وكيف أن الاتجاهات الغربية حتى الآن تشجع هذه التيارات لأنه ليس له أي خطورة على الاستعمار الغربي.
س: حدثت في العالم الإسلامي خلال القرن الماضي صحوة إسلامية شديدة، وحدثت في السنوات الأخيرة صحوة إسلامية مماثلة، لماذا لا تنجح الصحوتان في اقتلاع الطرق الصوفية من جذورها، وبدت هذه الطرق هي أكثر الطرق للمقاومة.
ج: هذا الموضوع يحتاج إلى بحث كبير، وأشير هنا إلى كتاب "الصراح بين الفكرة الإسلامية والفكرة الغربية" فهو كتاب رائع، وأيضًا كتاب: "ماذا خسر العالم بانحطاط المسلمين" فهذا أخذ شهرة كبيرة، كما ألفت نظر الشباب والمهتمين في الفكر الإسلامي والحياة الإسلامية المعاصرة أن كتاب "الصراع بين الفكرة الإسلامية والفكرة الغربية"، هو يبدأ التاريخ بما فعله المجرم اليهودي جمال أتاتورك سنة 1420 فألغى الخلافة العثمانية، وحول الشعب التركي عنوة إلى التغريب.
وتبين بالدراسة المقارنة أن كل الحركات التي حدثت هي حركات عسكرية، في مصر والمغرب وسوريا ... إلخ، كلها حركات عسكرية ليست ثورية، لا سيما أنه ثبت أن المخابرات الأمريكية كانت وراء حركات الانقلاب.
خلاصة الكلام ما يتصل بموضوعنا أن الغرب حتى في ظل الديمقراطية الشكلية الضعيفة - ونتخذ مصر نموذجًا - لم يستطع أن يصل إلى فكرة التغريب لأنه علم جيدًا أن الانقلابات العسكرية هي أسرع وسيلة لفرض التغريب على هذه الشعوب.
ومع هذا لم يستطيعوا القضاء على المشروع الإسلامي، ولكن أبطئوا حركته، نجحوا في فرض المشروع التغريبي الغربي بالقوة العسكرية إن صح التعبير، وكأن الشعوب حقل تجارب، المركسية تارة والاشتراكية العلمية تارة أخرى، بالنسبة للإقصاء مرة باسم الاشتراكية العملية؛ لأنهم كانوا يعرفون نسور الشعب فسموها الاشتراكية العلمية، وجاء بعد ذلك عصر اسمه عصر الانفتاح، ومن هنا تبين للمسلمين المخلصين أن هذه التجارب تجارب فاشلة، فلا بد من العودة إلى إحياء مشروع النهضة الإسلامي الحقيقي التي جاءت هذه الحركات وعلى رأسها أتاتورك لإجهاضها، ومن هنا رأيت - والله أعلم - أن حركة اليقظة الإسلامية هي عودة إلى الذات لإعادة الحياة للمشروع الإسلامي الذي جاء أتاتورك فأجهضه أو في تعبير شيخنا الجندي (انقطاع حضاري).
أتاتورك هذا اليهودي يريد أن يقلد أوروبا فألغى الشريعة الإسلامية وفرض القوانين الوضعية وألغى الإجازة يوم الجمعة وجعلها يوم الأحد، وعلق علماء المسلمين على المشانق، ومع هذا لم ينجح في القضاء على الإسلام في تركيا بدليل عودة الإسلام في الشعب التركي.
ولكن خلاصة القول الذي أراه أن الصحوة الإسلامية هي عودة إلى الذات، وإلى تبني المشروع الإسلامي مرة أخرى.
س: في ظل هذه الأجواء هناك شيء غريب في جنبات العالم الإسلامي، سيطرت مؤسسات صوفية على منظمات إسلامية من إندونيسيا إلى الجابون، من لهم بهذا النفوذ الغريب ومن جعلهم يقتربون ويديرونها وفق منظورهم؟
ج: ممكن نرجع هذه الظاهرة لسببين - والله أعلم - الظاهرة الأولى أن شعوبنا في أمية حتى شملت الأمية الدينية، أمية دينية تتمثل في عدم فهم الإسلام فهمًا صحيحًا حتى لا يميز بين السنة والبدعة فيظن الإسلام المرتبط بالمصلحة والذي يطلق عليه (إسلام الدروشة) هو الإسلام، هذا سبب.
السبب الثاني: أنا لا أستبعد أن هناك تمويل ونحن نعرف ونكرر أن هناك جهات مشبوهة تابعة للصهيونية والصليبية العالمية من مصلحتها أن هذا التيار يسود، وتحارب التيار السلفي الأصيل بدعوة أنه وهابي ...
ليست هناك تعليقات:
إرسال تعليق