الثلاثاء، 28 يناير 2014

قراءة موجزة لموقف د. العودة من "الجريمة الإعلامية" المرتكبة ضده

قراءة موجزة لموقف د. العودة من "الجريمة الإعلامية" المرتكبة ضده



بقلم: منصور الزغيبي 
كاتب من السعودية

ما حدث في الأيام الماضية من مذيع "برنامج الثامنة" يعبر عن عدة إشكاليات منها أخلاقية وقانونية وإعلامية، وسوف أتناول كل مفردة بشكل مستقل ومختصر..

كان موقف العالم الجليل سلمان العودة جداً ناضج ومتميز ومختلف كالعادة "أمام المسلسل الإعلامي" الخالي من أبسط معاني القيم، فهو وظفه لدرس أخلاقي وحقوقي جميل يستفيد منه الجميع، متجاوزاً حملات التزييف والكذب والتشويه والتلفيق الذي لم يسلم منه على المستوى الشخصي "ومعه مجموعة من الأفاضل المعروفين".

والعلامة العودة أوجز موقفه من خلال تغريدة مختصرة الحروف نصها "أخي داود رأيي منع الذهاب لسوريا أو غيرها وعليك الاعتذار علنا أو الإثبات أو الاستعداد للمحاكمة"، وهي حروف عظيمة المعنى ورسالة تربوية وحقوقية
 وعلق عليها الدكتور المعروف عبدالله الغذامي، أستاذ النقد والأدب سابقا، بقوله: "هي ثلاث خيارات ثقافية وأخلاقية"..

والدكتور العودة من أكثر الأسماء المحلية التي يركز عليها الإعلام المنحاز في عملية صناعة الأكاذيب حولها بحكم تميزها واعتدالها وإشراقها وتأثيرها الإيجابي على جميع مستوى الشرائح في داخل المملكة وخارجها، وهو علم ومكافح كبير وشخصية وطنية يشرف بها الوطن والجميع يشهد بذلك.

وهذا غير عملية إشغال الرأي العام بالصراعات التي تضر بالوطن ولا تبنيه وتفكك اللحمة الاجتماعية من الداخل، وهو عمل خطير يتجاوز كل أنواع الشرور التي تأتي من الخارج ..

وأشير هنا للإشكاليات بشكل مختصر:

الإشكالية الأولى: من المعروف أن الأخلاق والالتزام بها هي أساس الحياة العملية والعلمية، وأبسط إنسان لا يخفى عليه أهمية الصدق والتحري في المعلومات، فكيف بإنسان يعمل في مكان إعلامي يصدر المعلومات بشكل شبه رسمي في قناة واسعة الانتشار، لا أعتقد يفوت عليه، وخاصة أخلاقيات المهنة تقتضي ذلك لما يترتب من أضرار حينما لا يلتزم بقواعد العمل الأخلاقية ..

الإشكالية الثانية: من المعلوم أن ما قام به المذيع يعتبر لدى فقهاء القانون من "الجرائم الإعلامية". وإذا نظرنا للنظام الخاص بوسائل الإعلام السعودي، نجد أنه نص على أن من المسائل المحظور نشرها كل "ما يخالف أحكام الشريعة الإسلامية" (2).
كذلك "لا يجوز نسبة قول أو فعل إلى شخص مع العلم بعدم صدوره منه، ودون تقديم مستند يثبت صدوره منه" الفقرة (17).

لا يجوز النقد غير الموضوعي والبناء الهادف إلى المصلحة العامة، مثل التطرق إلى الموضوعات التي تثير البلبلة بين المواطنين وتؤثر في اللحمة الوطنية ولا تخدم المصلحة العامة، أو تجاوز نقد الفعل المستند إلى وقائع وشواهد صحيحة، إلى نقد الأشخاص والتشهير بهم، والإساءة إلى سمعتهم وكرامتهم، بذكر أسمائهم ... الخ" (24).

نشر ما يخالف السياسة الإعلامية في المملكة العربية السعودية (41)، ونشر ما يخالف السياسة العامة للدولة القائمة على صيانة المصالح العليا للمواطنين خاصة، والعرب والمسلمين عامة (42)*. وسوف أتناول هذه الإشكالية في مقالة مستقلة تنشر تبعاً.

الإشكالية الثالثة: العمل الإعلامي قائم على قيم معتبرة "الدقة والإنصاف والاستقامة والحياد"، وهذه القيم هي من أهم المعايير المعتبرة لدى أهل المهنة.

ورأس أي مصدر للمعلومات الدقة، والدقة والإنصاف هي بمثابة أم القيم الإخبارية، وخلو أي عمل إعلامي من ذلك فهو يسيء للجهة والمؤسسة ومن تشترك معها بشكل مباشر أو غير مباشر، وخاصة أننا في ظل هذا الانفتاح الكوني والتقني أصبح الوصول لمصادر أخرى تقدم المعلومات بشكل دقيق سهل جدا لتعرية كل تزييف للوعي يمارس ضد الناس..

* "المسائل التي يحظر نشرها..." إبراهيم أكبر

ليست هناك تعليقات:

إرسال تعليق