الحرب المذهبية مسؤولية من؟
ياسر الزعاترة
في أحد الفيديوهات المنشورة على موقع «يوتيوب»، يظهر جمع من المقاتلين التابعين للنظام السوري (الشبيحة)، وهم يرددون خلف أحدهم أهزوجة, جوهرها شتم الصحابة (أبي بكر، وعمر وعثمان)، مع مدح إيران وسبِّ قطر، ولا نعرف بالطبع بماذا أكملوا بعد ذلك؟
أما الأهم فيتمثل في أننا لا نتحدث عن فيديو واحد، إذ هناك العشرات، وبعضها لعناصر من حزب الله.
بل إن قادة كبارا في المعسكر الإيراني، قد تورطوا في هذا الخطاب، كما هو حال المالكي الذي وصف المعركة الدائرة في العراق بأنها استمرار للمعركة بين «أنصار الحسين وأنصار يزيد».
لن تعدم في المواقع دون شك الكثير من الفيديوهات المقابلة التي تشير إلى سلوك أو خطاب طائفي لثوار سوريا، أو بعض رموز الحالة السنيّة عموما، بل إن قراءة أكثر دقة في حقيقة ما يجري ستكشف أن حجم الممارسة الطائفية في خطاب المعسكر الإيراني يبدو لافتا مع قليل من الخطاب الطائفي، خلافا للمعسكر السنّي، الذي يكثر فيه الخطاب الطائفي، وتقل فيه الممارسة الطائفية، باستثناء مجموعات صغيرة.
ما ينبغي التذكير به وسط هذه المعمعة، وفي الحالة السورية تحديدا بوصفها السبب الأكبر في تعميق الشرخ الطائفي، هو أن الثورة لم تبدأ طائفية أبدا، وكان هتافها وهي سلمية يتلقى أبناؤها الرصاص في الشوارع لشهور طويلة «واحد واحد واحد.. الشعب السوري واحد»، وكان «التطييف» هو خيار النظام لكسب الأقليات، والأهم من أجل حشد الأقلية العلوية بالكامل من خلفه، لاسيَّما أنها تسيطر عمليا على المؤسستين العسكرية والأمنية.
والسؤال الذي يطرح نفسه هو إلى أين تمضي بنا هذه المعركة العبثية، في ظل حقيقة أن أحد الطرفين لن يفني الآخر؟!
لن تعدم في المواقع دون شك الكثير من الفيديوهات المقابلة التي تشير إلى سلوك أو خطاب طائفي لثوار سوريا، أو بعض رموز الحالة السنيّة عموما، بل إن قراءة أكثر دقة في حقيقة ما يجري ستكشف أن حجم الممارسة الطائفية في خطاب المعسكر الإيراني يبدو لافتا مع قليل من الخطاب الطائفي، خلافا للمعسكر السنّي، الذي يكثر فيه الخطاب الطائفي، وتقل فيه الممارسة الطائفية، باستثناء مجموعات صغيرة.
ما ينبغي التذكير به وسط هذه المعمعة، وفي الحالة السورية تحديدا بوصفها السبب الأكبر في تعميق الشرخ الطائفي، هو أن الثورة لم تبدأ طائفية أبدا، وكان هتافها وهي سلمية يتلقى أبناؤها الرصاص في الشوارع لشهور طويلة «واحد واحد واحد.. الشعب السوري واحد»، وكان «التطييف» هو خيار النظام لكسب الأقليات، والأهم من أجل حشد الأقلية العلوية بالكامل من خلفه، لاسيَّما أنها تسيطر عمليا على المؤسستين العسكرية والأمنية.
والسؤال الذي يطرح نفسه هو إلى أين تمضي بنا هذه المعركة العبثية، في ظل حقيقة أن أحد الطرفين لن يفني الآخر؟!
إذ لا السنّة سيبيدون الشيعة، ولا الشيعة (الأقلية عربيا وإسلاميا) سيفعلون ذلك، كما أن إيران ستبقى جارة كبرى، بصرف النظر عن مستقبل سلوكها السياسي (تصالح مع الغرب، أم مضي في الخطاب القديم، وهو ما يبدو مستبعدا في واقع الحال).
في واحدة من افتتاحياتها المهمة (6/1)، قالت صحيفة «الغارديان» اللندنية إن الشرق الأوسط أصبح «رهينة حرب لا يستطيع أي طرف الانتصار فيها»، معتبرة أن «الصراع الدائر في المنطقة بين السنّة والشيعة؛ من لبنان إلى العراق هو حماقة استراتيجية، مما يزيد الألم على حجم الخسائر البشرية».
وقالت الصحيفة «لو أردنا التعليق على الضحايا الذين سقطوا في تفجيرات بيروت، أو الصراع الدائر في الفلوجة والرمادي أو في الغارات الأخيرة على حلب، لقلنا إن سقوطهم لا يخدم أي هدف منطقي».
ووصفت الصحيفة الأشخاص الذين يرتكبون المجازر على الأرض بأن «عقولهم مشوشة بالخوف والتعصب والعاطفة وحب الانتقام ومبررات كثيرة»، ثم تساءلت «ولكن ماذا عن العواصم البعيدة التي تقف خلف سفك الدماء؟».
ترد الافتتاحية: «نحن هنا لا نعني واشنطن، فبينما تتحمل أميركا الكثير من المسؤولية عن إذكاء الحرب الطائفية باحتلالها العراق... إلا أنها ليست القوة الرئيسية المحرّكة له، بل يعود «الشرف» في ذلك لإيران والسعودية اللتين تصران على خطط غير واقعية لفرض السيطرة على المنطقة، وأقله حرمان الطرف الآخر من السيطرة».
وأضافت «بالنسبة لإيران، فإن عليها أن تعلم أو ينبغي أن تعلم أنه لا يمكن تحويل العالم العربي السنّي إلى ولايات خاضعة لطهران. فهذا ما يتنافى مع الحقائق التاريخية والديمغرافية والولاءات الإثنية والمذهبية»، حتى لو كان «العراق يتناغم حاليا مع المعزوفة الإيرانية، أو كون بشار سيبقى في السلطة بدعم من إيران وحزب الله، أو كون حزب الله لا يزال لاعبا قويا وعنيفا في السياسة اللبنانية».
وترى أن «العراق سيدرك عاجلا أم آجلا أن مصالحه تختلف عن مصالح إيران رغم الرابط الطائفي بين البلدين. وسوريا ستحكمها الأكثرية السنيّة عاجلا أم آجلا، فمن يتخيل سوريا تحكمها الأقلية العلوية بعد 10 سنوات من الآن مثلا؟».
في واحدة من افتتاحياتها المهمة (6/1)، قالت صحيفة «الغارديان» اللندنية إن الشرق الأوسط أصبح «رهينة حرب لا يستطيع أي طرف الانتصار فيها»، معتبرة أن «الصراع الدائر في المنطقة بين السنّة والشيعة؛ من لبنان إلى العراق هو حماقة استراتيجية، مما يزيد الألم على حجم الخسائر البشرية».
وقالت الصحيفة «لو أردنا التعليق على الضحايا الذين سقطوا في تفجيرات بيروت، أو الصراع الدائر في الفلوجة والرمادي أو في الغارات الأخيرة على حلب، لقلنا إن سقوطهم لا يخدم أي هدف منطقي».
ووصفت الصحيفة الأشخاص الذين يرتكبون المجازر على الأرض بأن «عقولهم مشوشة بالخوف والتعصب والعاطفة وحب الانتقام ومبررات كثيرة»، ثم تساءلت «ولكن ماذا عن العواصم البعيدة التي تقف خلف سفك الدماء؟».
ترد الافتتاحية: «نحن هنا لا نعني واشنطن، فبينما تتحمل أميركا الكثير من المسؤولية عن إذكاء الحرب الطائفية باحتلالها العراق... إلا أنها ليست القوة الرئيسية المحرّكة له، بل يعود «الشرف» في ذلك لإيران والسعودية اللتين تصران على خطط غير واقعية لفرض السيطرة على المنطقة، وأقله حرمان الطرف الآخر من السيطرة».
وأضافت «بالنسبة لإيران، فإن عليها أن تعلم أو ينبغي أن تعلم أنه لا يمكن تحويل العالم العربي السنّي إلى ولايات خاضعة لطهران. فهذا ما يتنافى مع الحقائق التاريخية والديمغرافية والولاءات الإثنية والمذهبية»، حتى لو كان «العراق يتناغم حاليا مع المعزوفة الإيرانية، أو كون بشار سيبقى في السلطة بدعم من إيران وحزب الله، أو كون حزب الله لا يزال لاعبا قويا وعنيفا في السياسة اللبنانية».
وترى أن «العراق سيدرك عاجلا أم آجلا أن مصالحه تختلف عن مصالح إيران رغم الرابط الطائفي بين البلدين. وسوريا ستحكمها الأكثرية السنيّة عاجلا أم آجلا، فمن يتخيل سوريا تحكمها الأقلية العلوية بعد 10 سنوات من الآن مثلا؟».
أما «لبنان فإن قبضة حزب الله على الحكومة ستخف عندما تتغير سوريا وربما قبل ذلك».
وتضيف الصحيفة: أما «خطأ الرياض الاستراتيجي فهو انعكاس لخطأ طهران. فالسعودية كبلد صغير في كل شيء عدا المساحات الصحراوية الهائلة والبترول، بعيدة عن المراكز الرئيسية لأهل السنة، فكيف لها أن تتخيل أن بوسعها تسلّم راية الإسلام السنّي لفترة طويلة أو قصيرة؟!». ثم كيف لها أن تتخيل «أن بوسعها تركيع طهران؟».
وتضيف الصحيفة: أما «خطأ الرياض الاستراتيجي فهو انعكاس لخطأ طهران. فالسعودية كبلد صغير في كل شيء عدا المساحات الصحراوية الهائلة والبترول، بعيدة عن المراكز الرئيسية لأهل السنة، فكيف لها أن تتخيل أن بوسعها تسلّم راية الإسلام السنّي لفترة طويلة أو قصيرة؟!». ثم كيف لها أن تتخيل «أن بوسعها تركيع طهران؟».
أما إيران «فستتعلم بمرور الوقت الحدود الطبيعية لتأثيرها في العالم العربي»، حتى لو كانت ماردا بالنسبة للسعودية، مؤكدة أنه «يوجد في كل من الرياض وطهران رجال يملكون من الحكمة ما يكفي لإدراك حماقة ما يقومون به».
يبدو أن منطق الحروب الطائفية والحروب الأهلية سيتحكم هنا، إذ إن تعب الطرفين سيدفعهما إلى الحوار، وقبول كل طرف بحجمه الطبيعي.
يبدو أن منطق الحروب الطائفية والحروب الأهلية سيتحكم هنا، إذ إن تعب الطرفين سيدفعهما إلى الحوار، وقبول كل طرف بحجمه الطبيعي.
لكن ما لم تنتبه إليه افتتاحية الغارديان هو أن حشر ما يجري في إطار صراع إيراني سعودي لا يبدو صائبا، حتى لو كانت السعودية هي من تتصدر المعسكر السنّي حاليا, في ظل غياب مصر بعد الانقلاب، وانشغال أردوغان بصد المؤامرة التي يتعرض لها، ذلك أن دعم إيران لبشار، ورضاها عن سلوك المالكي الطائفي لم يستفز السعودية وحدها (هل تفعل السعودية شيئا في العراق مثلا؟!)، بل يستفز عموم السنّة في المنطقة، وفي مقدمتها الجماهير العادية.
هي حرب عبثية دون شك، لكن مسؤولية إيران عنها تبدو أكبر بكثير، وحتى كلام الغارديان يشير إلى ذلك، بحديثه عن مستقبل العراق وسوريا ولبنان.
لو انتصرت ثورة سوريا، لما تحوّل شعبها إلى عميل للصهاينة (ماذا لو صالحتهم طهران؟!)، ولما عادى إيران، ولو تفاهم المالكي مع السنّة لما تواصل هذا النزيف، ولو مضى الربيع العربي إلى محطاته التالية، لتحققت بالتدريج دولة المواطنة التي لا تحاسب الناس بحسب مذهبهم أو دينهم.
لو عادت إيران إلى رشدها، فسينتهي الجزء الأكبر من المشكلة، لاسيَّما أن الطرف الآخر ما لبث يركز على المعركة معها لأجل صرف النظر عن مطالب الإصلاح السياسي في الداخل, في ظل أولوية هذا الملف المرتبط بالثورات والربيع العربي بالنسبة إليه.
لو عادت إيران إلى رشدها، فسينتهي الجزء الأكبر من المشكلة، لاسيَّما أن الطرف الآخر ما لبث يركز على المعركة معها لأجل صرف النظر عن مطالب الإصلاح السياسي في الداخل, في ظل أولوية هذا الملف المرتبط بالثورات والربيع العربي بالنسبة إليه.
ليست هناك تعليقات:
إرسال تعليق