السبت، 25 يناير 2014

عــاش أنـــــــــــا..!!!

عــاش أنـــــــــــا..!!!
د.محمدعباس


أعترف بالفشل....
لن أستطيع الوفاء لكم بوعدي بالكفاءة التي وعدتكم بها حين تعهدت بأن أدافع عن الانقلاب كما لو كنت فريقا أول في الجيش وأن أتبنى وجهة نظره وأدافع عنها.
مارست ذلك كثيرا في دراستي للفلسفة وومراقبتي لدهاء التاريخ ومارسته أكثر في كتاباتي الروائية والقصصية، وهي أكثر تصويرا للواقع من الواقع نفسه. ودعوني أرفه عنكم بهذه القصة. عام 92 أو 93 من القرن الماضي كنت أكتب في صحيفة الشعب، وجاء تحذير حاد وصارم إلى الصحيفة من صفوت الشريف: هناك ثلاثة يجب وقفهم عن الكتابة وإلا أغلقت الصحيفة وسُلم الحزب إلى أحمد مجاهد(سياسي يساري نصف مشهور آنذاك، وكان قد انشق على المهندس إبراهيم شكري)، هؤلاء الثلاثة المطلوب منعهم من الكتابة هم الأستاذ الدكتور حلمي مراد والأستاذ الدكتور محمد عصفور والدكتور محمد عباس (رحم الله الجميع.. والرحمة للميت والحي). وجرى حوار ومحاولة للتملص فقال لهم صفوت الشريف:
- أليس محمد عباس كاتب روايات وقصص، لماذا لا يتوقف عن كتابة المقالات لينشر أعمالا أدبية.
وبدأت بالفعل أنشر مجموعة من القصص.
في العادة كانت تأتيني مئات الرسائل تعليقا على مقالاتي ) لم يكن هناك إنترنت بعد) 
ولأول مرة بعد كتابة القصص تحولت رسائل الإعجاب إلى برقيات.
بعد شهر فوجئوا بصفوت الشريف يصرخ:
- أوقفوه فورا .. قصصه ألعن من مقالاته.
وكان الاختيار بين نوع من الرقابة الذاتية على نفسي كي أتجنب نقد مبارك بهذا العنف أو التوقف. واخترت التوقف عاما ونصف عام.. وهذه قصة طويلة ليس هذا مجالها ولا مجال عودتي الغريبة المفاجئة للكتابة بعد عام ونصف عام.. لكن كلمة صفوت الشريف ذهبت مثلا:
- قصصه ألعن من مقالاته.
*** 
في هذه القصص والروايات كنت أتقمص الطرف الآخر تماما حتى لو كان الشيطان ذاته وأن أكون مخلصا جدا في التعبير عن وجهة نظره بنفس درجة إخلاصي للطرف الآخر. فلا أتناوله بطريقة كاريكاتيرية كي أسفهه ولا بطريقة ساخرة كي أسخر منه أو أضحك القراء عليه، ولا بأن أدعي عليه شيئا لم يحدث كي أتمكن من الهجوم عليه بصورة أكثر إقناعا، بل أعرض وجهة نظر الشر بطريقة مأساوية جدا يدافع فيها عن نفسه دفاعا جادا تتجلى فيه مأساته الكبرى أنه مقتنع بما يقول اقتناعا لم يترك له أن يسلك سبيلا آخر. أدافع عنه كما لو كنت محاميا له. محامي الشيطان. وأجتهد بكل ما يتسع جهدي وفكري في الدفاع، وفي نفس الوقت فإنني أفعل نفس الشيء حين أدافع عن وجهة النظر الأخرى ضد الشيطان. حيث أهاجمه بضراوة. ولقد كانت أوسمة فخار لي عندما أخبرني الكثيرون بأنهم يصابون بالرعب عندما يقرءون، لأنهم يتعاطفون مع الشيطان حين أتركه يدافع نفسه، لكنهم ينقلبون إلى العكس عندما يقرءون دفاع الخير عن نفسه. قالوا لي أنهم مرعوبون من أن تكون مواقفهم الفكرية في حقب عديدة من حياتهم قد توقفت عند الاقتناع بحجج الشيطان، وأنه لم يتسن لهم تفنيدها بالرأي الآخر، فتوقفوا بفكرهم في صحراوات الشيطان وتيهه.
*** 
هل تفهمون الآن : ويضل الله الظالمين فهما آخر؟..
*** 
كان هذا كله في مخزون الوجدان حين وعدتكم بأنني سأكتب عن الانقلابيين متبنيا وجهة نظرهم كما لو كنت فريقا أول في الجيش.
أعترف..
أنني حين حاولت فشلت..
والله يا ناس فشلت..
*** 
كان للشيطان مبرراته..
اختلف معه كما شئت لكنها مبررات.. كالحقد والغيرة..
ومن وجهة نظره كانت له مكاسبه من انقلابه على الإيمان.. وهي أن يُنظر إلى يوم يبعثون.
*** 
أحاول أن أتبنى وجهة نظر الانقلابيين للدفاع عن مواقفهم فأفشل..
كنت أتمنى أن أنجح في الدفاع عنهم بصورة محترمة، وليس بطريقة إعلامنا البائس التعيس السوقي البذيء المفتقد للمنطق، وأن أدافع عنهم كما لو كانوا يساقون سوقا إلى مصائرهم التي لا تغيرها تصرفاتهم ، كما في الملاحم والأساطير، كما في الإلياذة والأوديسة وأجا ممنون وسيزيف وهاملت وعطيل. كنت أريد أن أناقش مناقشة عميقة تثرى الموقف وتبحث لهم عن وجهات نظر وتواجهها بوجهات نظر أخرى، بل وأن أناقش من خلال ذلك القضاء والقدر والجبر والاختيار واللوح المحفوظ والقضاء المعلق والقضاء النافذ، وكنت أمني نفسي وأدربها خلال ذلك كله على أن ألتزم الصدق في الحالين فلا أدعي على طرف ما ليس فيه.
*** 
فشلت..
فشلت..
فشلت..
*** 
أعترف..
كنت كمن جاء بأحدث الأجهزة للكشف عن العناصر النادرة الباذخة الثمن لكنه بعد الضنى والجهد لم يجد إلا خرابا يبابا، ومخلفات نفايات هائلة
مقابر نفايات بلا حد ليس فيها ما يفيد ولا حتى ما يمكن فحصه.
*** 
أعترف..
ربما تحت وطأة مشاعري الخاصة وفكري وديني أنه في حدود ما أتذكر الآن أسوأ انقلاب في التاريخ، وأنه ينتمي إلي تلك الانقلابات الكبرى التي تظل ملعونة حتى آخر الزمان، انقلاب قابيل على هابيل، والسامري على سيدنا موسى عليه السلام، ويهوذا على نبي الله وعبده ورسوله سيدنا عيسى عليه السلام، وعبد الله بين أبي بن سلول على خاتم المرسلين وسيد البشر سيدنا وحبيبنا ومولانا وشفيعنا محمد بن عبد الله رسول الله صلى الله عليه وسلم، وانقلاب يزيد لعنه الله على سيد شباب أهل الجنة الإمام الحسين رضي الله عنه.
*** 
نعم..
كان الانقلاب غبيا.
وبلا مبرر..
ولقد أساء إلى كل من قام به أو اشترك فيه..
وفقد الجميع سمعته وكرامته وشرفه وصدقه..
لم يكن فيه شيء حقيقي ولا شيء صادق..
كان كله خطة خداع استراتيجية ضخمة لجهاز مخابرات تحول -كما يحدث في أمراض المناعة- كي يوجه جبروته إلى شعبه لا إلى العدو..
وكان يعتمد في الأمر كله على أكاذيب.
ومع الأكاذيب لا ينفع منطق ولا معالجة فلسفية أو درامية أو حتى نقاش.
*** 
كعادتي عندما يعز العزاء في الواقع ألجأ للأدب..
عدت إلى رواية "خريف البطريرك" للكاتب الكولومبي العالمي الأشهر"جابريل جاثيا ماركيز"" وهو يصف جنراله .. ويبدو أن كل الجنرالات في الظلم والظلام سواء..
يصف ماركيز جنراله وصفا مذهلا فأكاد أصرخ:
- كأنه هو.. كأنه هو.. كأنه هو..كأنه هو..


- هاهو ذا الطاغية في عمل هام للكاتب الكولومبي العالمي "جابريل جارثيا ماركيز" وهو رواية "خريف البطريرك" حيث يعزف ماركيز سيمفونية هائلة ضد الدكتاتورية، وفي نهاية كل فصل من الرواية يموت البطريرك لكنه في الفصل التالي يعود إلى الحياة على لسان راو آخر، ويمتد عمره إلى 272 عاما ، في ذات مرة، في لعبة المرايا يرى نفسه 14 جنرالا، في رمز على التعاقب بين متشابهين، ويصف الجنرال نفسه الأمر قائلا: حياة/موت/موت مزيف/ حياة/ موت حقيقي.. وساعتها تسقط الديكتاتورية...:.


- الطاغية أشد خطورة على الدولة والأمة والدين من الأعداء والجواسيس والكفار.
- وفي التاريخ الصيني القديم أن كونفشيوس كان يتجول مع تلاميذه فغذوا السير مسرعين كي يعبروا واديا مليئا بالأفاعي والوحوش قبل قدوم الليل، لكنهم فوجئوا بوجود عش متواضع تقيم فيه امرأة مع طفلها، فسأل كونفشيوس الأم كيف تترك الحضر حيث الأمن وتأتي إلى هذا الوادي المليء بالوحوش. وأجابته الأم:
- ولكن الملك في الحضر طاغية.
والتفت كونفشيوس إلى تلاميذه قائلا
- هذه المرأة على صواب.. فالحاكم الطاغية أشد خطورة من الوحش المفترس.
- *** 
- يصف ماركيز ماذا فعل الجنرال بأمته فيتحدث عن طرائفه ومآسيه، قصص حب وهمية وحقائق دموية، سحر وتعاويذ، مآدب من لحم بشري متبل، وبحر يباع قطعا مرقمة، 
- الرواية مفزعة، يتجاوز فيها حدود الجغرافيا لينطلق في المطلق الذي لا يقيده زمان ولا مكان، يتحدث عن طاغية كلي الوجود، يعلن الحرب على كل منافسيه، من الأطفال إلى الكرسي البابوي في روما وصولا إلى الله:
- أنـــــــا الـــــرّب!!
ثم يصرخ هاتفا
- عاش أنـــــــا
ويموت ضحاياه، أطفال ومعارضون، رجال دين ومتمردون، هنود وهندوسيون، عرب ومضطهدون آخرون، عاش أنا، غير أنه في النهاية يجد نفسه وجها لوجه مع الموت. في مواجهة مع الجانب الآخر من الحياة التي لم يرها إلا من القفا!!
*** 
سنترك تماما مفاهيم الدين وقيوده!
وسنفترض أنه كان من حق الانقلابيين أن يتآمروا وأن يكذبوا كي يصلوا إلى مرادهم..
لكن هنا تقبع نقطة في غاية الأهمية: من وجهة نظر براجماتية بحتة : اكذب على الآخرين كما تشاء واخدعهم كما تشاء.. لكن إياك إياك إياك أن تصدق أنت نفسك أكاذيبك أو أن تقع في أحابيل الخدعة التي نسجتها بنفسك..
وأظن أن هذا هو مقتل الانقلاب..
لقد كذبوا وخدعوا.. وربما يكون نصف الشعب قد صدق تحت قصف الإعلام أكاذيبهم وخُدع بخديعتهم. الشعب الآخر ذو الرب الآخر. 
كارثتهم أنهم اندمجوا في الدور فصدقوا..
صدقوا أن حركة تمرد حركة شعبية وتجاهلوا أنهم هم بأنفسهم من أنشأها
أطلقوا كذبة فشل الدكتور محمد مرسي وكانوا هم الذين صنعوا الفشل وألصقوه به..
صدقوا حكاية إبهار العالم بالـ33 مليون..
ليس عندي مانع من هذا ومن غيره..
فالإنسان يتصرف بمحصلة أخلاقياته ودينه وقيمه
ولقد نجحت أكاذيبهم نجاحا منقطع النظير..وساعدهم على ذلك أن ثقافة نصف الشعب على الأقل تجعله فريسة لأي نصاب.. على أي حال: نجحوا.. وكان يمكن لنجاحهم هذا أن يستمر وأن يستثمر..
لقد وقعوا في الخطأ الرهيب الذي وقع فيه الانقلاب الأب: انقلاب عبد الناصر حين هزمنا هزيمة عسكرية ساحقة عام 1956 لكنهم خدعوا الأمة بأننا انتصرنا فكانت النتيجة المروعة تكرار هزيمة 56 سنة 67 بطريقة أبشع وأوسع وأنكى.
*** 
لقد صدقوا فرية الـ33 مليون، ولقد كتبت لكم قبل ذلك أنهم كانوا مليون وربع مليون، نصفهم من النصارى وربعهم من جنود يلبسون ملابس المواطنين الشرفاء، والربع الأخير من المواطنين الشرفاء أنفسهم لمن هم خارج مصر فإن مصطلح المواطنين الشرفاء يطلق على البلطجية وربما يوجد خمسون أو مائة ألف من المواطنين الذي خدعهم الإعلام.
تولى الإخراج مخرج اشتهر بأفلامه الخليعة والإباحية وعدائه للإسلام. وانطلت الحيلة على بعض الأغبياء والسذج والمريضة قلوبهم.
كان العالم يضحك علينا.. لكنه في مجمله كان يريد أن يصدق هذا الكذب ما دام ضد الإسلام.
*** 
يلخص الكاتب والمفكر العراقي "محمد أحمد الراشد" في كتابه الأخير تحت عنوان "الردة عن الحرية" الأمر في صفاء ذهن وشمول رؤية وقدرة على تجاوز الأكاذيب. يقول "أنه: 
"أبشع انقلاب عسكري في التاريخ المعاصر بمنهجية دموية". وتحت عنوان "أحرار مصر يرسمون معالم الجمال" يبدي الراشد: تفاؤلا كبيرا في أن ما يحدث إنما هو بداية توحد للأمة بأسرها تحت قيادة واعية، ومن ذلك تكون المواجهة الحاسمة مع دولة الكيان الصهيوني وتكون نهايتها بإذن الله تعالى، ويستدل على هذا الأمل الكبير من تلك الحالة الإيمانية الصامدة والواعية في ميادين الاعتصام في مصر، وعنها يقول: "تطور هذا الاعتصام ليكون أبرع اعتصام سياسي شهدته الأمة الإسلامية في تاريخها الحديث والقديم، وأضخمه وأوعاه، والمشهد يمثل كتلة كبرى يندمج فيها الإيمان بالفقه ثم بفحوى السياسة الشرعية ثم بالمعرفيات والأخلاق". وعليه فالمشهد في وصفه لابد أن يخضع للقراءة القدرية، التي يتغلب فيها الشر لحيظات لا تدوم، ويكون ذلك: "انتصار وقتي هو سبحانه قرره لحكمةٍ تخفى علينا، ثم يكون تمكين المؤمنين إذا ثـبـتوا".
*** 
الأستاذ جمال سلطان ( وهو كاتب متميز وذلك يضاعف إدانتي لمواقفه الأخيرة، فقد تلتمس العذر لمتسول يسرق، لكنك لا يمكن أن تلتمس العذر لمليونير يفعل نفس الشئ) كتب مقالا متميزا يتحدث فيه عن الأخطاء العشرة الكبرى للفريق السيسي ومنها تورطه في أربع مذابح مروعة وغير مسبوقة في تاريخ مصر كله خلال أقل من شهر واحد ، مذبحة الحرس الجمهوري ومذبحة المنصة ومذبحة رابعة ومذبحة جامع الفتح وميدان رمسيس ، إضافة لمذبحة خامسة في أكتوبر ، ويقرر أنه لم يشهد تاريخ مصر الحديث كله سفكا لدماء المحتجين في مظاهرات مثلما شهد في ذلك الشهر الكئيب ، والذي حول مجرى الأحداث جذريا وحول الانقسام الوطني إلى خنادق يصعب تجاوزها في المدى المنظور ، وحول مذبحة رابعة إلى رمز تاريخي اخترق بلادا كثيرة ومجتمعات عديدة وأصبح كابوسا يؤرق الجميع بمن فيهم الدولة ومؤسساتها وأجهزتها ودبلوماسيتها
ويواصل جمال سلطان: .
والخطأ الثاني : قرارات غلق القنوات الفضائية الإسلامية.. والخطأ الثالث : ترك العنان للأجهزة الأمنية في تدشين حملة اعتقالات واسعة في صفوف الإسلاميين ، فكانت النتائج عكسية ، لأن حملة الاعتقالات جعلت الاحتجاجات أكثر ضراوة وإصرارا ، الخطأ الرابع : سيطرة المؤسسة العسكرية وأذرعها الأمنية مبكرا جدا على الإعلام ، الخطأ الخامس : طلبه التفويض من الشعب لمواجهة الإرهاب في موقف استعراضي ،جعله المسئول الأول والعاشر لحمامات الدم التي تفجرت الخطأ السادس : إقصاء الإسلاميين من لجنة الخمسين لصياغة الدستور الجديد ، 
الخطأ السابع : سوء التقدير الواضح لعواقب وتبعات الإطاحة بالرئيس محمد مرسي .
الخطأ الأخير الذي يذكره جمال سلطان : هو وضع المؤسسة العسكرية للمرة الأولى في تاريخ مصر الحديث في مواجهة الشعب مباشرة ، وللمرة الأولى في تاريخ العسكرية المصرية يشعر رجالها بالخطر إذا تحركوا بالزى الرسمي بين الناس في الشوارع والمحلات والميادين والمطاعم والمواصلات ، لم يحدث ذلك أبدا من قبل .
*** 
طال المقال على قراء الفيس بوك (أطول مقالاتي كان كتابا: كان 250 صفحة!!) لكنني أعود إلى السؤال الأساسي:
هل كان يمكن للانقلاب أن ينجح؟
والإجابة : نعم!!!!!!!!!!!!!!!!!!!!!!!!!!!
لو كان أقل دموية وسوقية وامتهانا للدين والقانون والكرامة.
لو كان أقل غباء!!!!
*** 
لو أنني كنت منهم – لا قدر الله- لأتيت بشخصية محترمة رئيسا للوزراء.. شخصية مثل أحمد زويل مثلا..
ولأتيت بوزراء أقل صفاقة وجهلا وبذاءة..
يمكنك أن تغضب على جامعة القاهرة مثلا وأن تقبض على نصف أساتذتها، لا مانع، لكن عليك أن تأتي بدلا منهم بأساتذة من عين شمس مثلا، لا أن تعين في كرسي الأستاذ قوادا أو ماسح أحذية أو عاهرة..
في الحالة الأولى يمكن للجامعة أن تستمر.. وفي الحالة الثانية لا يمكن أن تستمر.
*** 
كانت أمام الانقلابيين فرصة ذهبية لنجاح الانقلاب يوم 30-6.
وأظن أنهم لو حددوا شهرا أو شهرين لانتخابات رئاسية لكانوا قد نجحوا ولكان السيسي رئيسا بلا دماء.
هل كان ذلك مطلوبا؟ أن يتم الاستيلاء على الحكم دون دماء؟ أم أن تمزيق المجتمع لتمزيق الدولة بعد ذلك وتقسيمها بذكاء ذكي خائن أو بغباء غبي لا يرى أبعد من أنفه.
أقصد السؤال: هل كان هناك خائن أصر طول الوقت على رفض كل الطرق التي تجنب الوطن الدماء..
بل كان هناك إصرار على سفك المزيد من الدماء..
لم نتنبه لهذا جميعا.. وفي رابعة ظننا أن عدد الشهداء المتوقع عند الاقتحام سيشكل مانعا مطلقا من تنفيذه. ظننا أن في الجانب الآخر بشر لا سفاحين، وفوجئنا بحرصهم على الإبادة، على قتل أكبر عدد ممكن من الناس، وسد منافذ الانصراف أمام من يريد.
وكانت الملحمة..
وكان طوفان الدم الذي لن يستطيع الانقلابيون عبوره أبدا.
لولا رابعة لأمكن للانقلاب أن ينجح!!
سبحانك..
جعلت تدميرهم في تدبيرهم..
وجعلت من دم شهداء رابعة بحرا كالبحر الذي أغرق فرعون لينطبق عليهم ويغرقهم
*** 
كانت أمام الانقلابيين فرصا أخرى كثيرة للنجاح..
لم يكن مناسبا أن تكون العلاقة بينهم وبين الشواذ والعاهرات والمجاهرين بكفرهم وثيقة هكذا حميمة هكذا.
كان يمكنهم توريط حزب النور في كل ما فعلوه. ولو كنت منهم لاخترت أربعين من الخمسين من حزب النور! هل تظنون أن برهامي كان سيكون أقل حرصا على إرضائهم من تاوضروس، ولو على حساب الإسلام، ولو لصالح دستور صليبي بامتياز.
كانوا يستطيعون توريط حزب النور في ذلك، وكان سيفعل جميع ما يؤمر به، وكان العبء أمام الناس سيكون عليه، وكان سيحمل أوزار المخابرات التي دبرت الأمر كله، لكن هناك إصرار لا أفهمه على إذلال حزب النور والتنكيل به كعبد ذليل ليس له إلا السوط، وليس من حقه أبدا قطعة لحم، بل مجرد عظمة بائسة.
لماذا هذا الإصرار على إذلال حزب النور.. الممثل المفترض الوحيد للإسلام.. حيث حظي بـ 2% من لجنة التعساء.
وهل نفهم في هذا الإطار أيضا محاولاتهم اليائسة البائسة لسحق أبنائنا في الأزهر واقتحام جامعته.
*** 
من دهاء السادات أنه حين قام بانقلاب 15 مايو وكان انقلابا أمريكيا بامتياز جاء بمعظم وزرائه من الشيوعيين.
بعد عامين نكل بهم وأتى بمن يشاء..
كان يمكن للانقلابيين أن يفعلوا ذلك وينجحوا.. لكن الله طمس على أبصارهم.
*** 
هناك مئات الطرق كان يمكن للانقلاب أن ينجح بها (ليس من بينها طريقة نظيفة أو شريفة) لكنها كانت كافية لنجاح الانقلاب.
*** 
السؤال الذي لا أستطيع الإجابة عنه:
هل كان ذلك بسبب الغباء وحده؟
أم أن كل ما يحدث جزء من مخطط لم يكتمل بعد.. سواء عرف المنفذون التفاصيل أم لم يعرفوها.
*** 
أريد أن أقول أن حجم الجرائم الذي ارتكب سوف يظل يطارد الانقلابيين إلى يوم القيامة..
وأنه لا مفر من الحساب أبدا..
أتكلم عن حساب الدنيا قبل حساب الآخرة..
إن الحق حق ولو لم يشهد له أحد بذلك، والجريمة جريمة ومرتكبها مجرم منذ ارتكابها وليس منذ اكتشافها أو الحكم فيها.
حتى لوعجزت المحاكم أو تواطأ القضاة فالجريمة جريمة ومرتكبها مجرم.
*** 
لقد أحسست بطعنة في قلبي وجمال سلطان يقول أن العسكريين لا يجرءون على التجول بملابسهم العسكرية ..
الجيش..
هل هذا هو جيش 73..
إلى أي مدى وصلت؟
*** 
لماذا وقع الانقلابيون في هذا المستنقع؟
هل لأن الطاغية محمد علي لم يمت، وسيمتد عمره إلى 272 عاما ، وسوف يسمى بأسماء مختلفة منها عبد الناصر والسادات ومبارك والسيسي لكنه نفس الشخص. هل لأن جنرالا كلي الوجود، يعلن الحرب على كل منافسيه، من الأطفال إلى الكرسي إلى الإسلام إلى الأزهر إلى حماس وصولا إلى الله:
جنرال مجنون يهتف في النهاية:
- أنـــــــا الـــــرّب!!
- ثم يصرخ هاتفا
- عاش أنـــــــا
*** 
عــــــــــــــــــــــــــــــــــاش أنـــــــــــــــــــــــــــــــــا.....!!!!!!!
هذا الهتاف بالذات هو المقصلة التي قطعت عنق الانقلاب:
عــــــــــــــــــــــــــــــــــاش أنـــــــــــــــــــــــــــــــــا.....!!!!!!!
عــــــــــــــــــــــــــــــــــاش أنـــــــــــــــــــــــــــــــــا.....!!!!!!!
عــــــــــــــــــــــــــــــــــاش أنـــــــــــــــــــــــــــــــــا.....!!!!!!!

ليست هناك تعليقات:

إرسال تعليق