السبت، 27 سبتمبر 2014

رؤية الغرب لداعش واستراتيجيته للتعامل معها

رؤية الغرب لداعش واستراتيجيته للتعامل معها



ترجمة: يحيى محمود
تنوعت آراء الصحف ومراكز الدراسات الغربية واختلف تقويمها ورؤيتها لتنظيم الدولة الإسلامية ومدى خطورته على الغرب وتأثيره على الشرق الأوسط ومن ثم كيفية التعاطي معه ومدى ملائمة الاستراتيجيات تجاه التعامل معه.

يقول توماس ل. فريدمان في مقاله (داعشو السيسي) في صحيفة نيويورك تايمز بتاريخ 24/6/2014 أن بيرلوف _ الباحث بالشبكات الاجتماعية بالشرق الأوسط بمؤسسة جامعة تل أبيب لدراسات الأمن القومي _ يجادل بأن السيسي وداعش مجرد وجهان لعملة واحدة إحداهما ترفع "الله" باعتباره الحاكم على كل الحياة السياسية والأخرى ترفع "الدولة القومية".

كلا الوجهين فشل وسوف يستمر في الفشل _وكلاهما يتطلب الإكراه لكي يبقى في السلطة_ ذلك أنهما لا يستطيعان أن يقدما للشباب العرب والمسلمين ما يحتاجونه أكثر من غيره وهو التعليم والحرية والوظائف لتحقيق ذواتهم بالكامل والقدرة على المشاركة باعتبارهم مواطنين متساوين فيما يتعلق بحياتهم السياسية.

ويجادل بيرلوف بأنه سوف يكون علينا انتظار جيل جديد "يضع المجتمع في المركز" هذا الجيل الذي سوف لن يسأل "كيف يمكننا أن نخدم الله أو كيف يمكننا خدمة الدول بل كيف يمكن لهما خدمتنا"

هذه النماذج الحاكمة وهي الإسلاموية المفرطة (ممثلة في داعش) والتي تحركها الحرب ضد المرتدين _وهي الطريقة التي يشبر بها المتشددون المسلمون السنة إلى المسملين الشيعة_ والقومية المفرطة (ممثلة في السيسي) والتي تحركها الحرب ضد الإسلاميين "الإرهابيين" _وهي الطريقة التي تشير بها الدولة المصرية إل الإخوان المسلمين_ لا بد من استنفادها _بحسب بيرلوف_ من أجل إتاحة الطريق لخيار ثالث يبنى على التعددية في المجتمع والدين والفكر.

يحتاج العالم العربي إلى رفض هاتين الأسطورتين التوأمين المتعلقتين بالدولة العسكرية (ممثلة في السيسي) والدولة الإسلامية (ممثلة في داعش) اللتين سوف تجلبان الرخاء والاستقرار والكرامة. ويجادل بيرلوف أنه " ربما يكون هناك فرصة لرؤية هذه المنطقة تتقدم ناحية القرن الواحد والعشرين فقط عندما تعترف أغلبية هذه الشعوب أخيرا بأن هذين النموذجين فاشلين وغير عمليين"

ويقول مروان مواشر _وزير الخارجية الأردني السابق ومؤلف كتاب "الصحوة العربية الثانية والمعركة من أجل التعددية"_ " إن كلا من النموذج العلماني السلطوي _الممثل في الآونة الأخيرة من قبل السيسي_ والنموذج الديني الراديكالي _الممثل حاليا من قبل داعش _ قد فشل وذلك لأن أيا منهما لم يعالج الاحتياجات الحقيقية للشعوب وهي تلك المتعلقة بتحسين نوعية حياتهم سواء من الناحية الاقتصادية والتنموية. كما تحتاج الشعوب للشعور بأنها جزء من عملية صنع القرار. كلا النموذجين إقصائي ويمثل نفسه باعتباره ممتلكا للحقيقة المطلقة والحل لكل مشكلات المجتمع"

وأضاف المعشر قائلا إن الشعوب العربية "ليست غبية فبينما سوف نستمر في رؤية الخطابات الإقصائية ذاتها في معظم العالم العربي في المستقبل المنظور وسوف يؤدي ذلك إلى انتصار الأيديولوجية. أما النتائج فإنها سوف لن تأتي إلا من خلال سياسات إدماجية من شأنها تعطي كل القوى حصة في النظام وبالتالي ينتج الاستقرار والفصل بين السلطات ومن ثم الازدهار في نهاية المطاف. ولهذا لا يمكن أن يربح السيسي ولا داعش. ولسوء الحظ فقد يستغرق الأمر استنفاد جميع الخيارات الأخرى قبل أن تنشأ كتلة حرجة تستبطن هذه الحقيقة الأساسية. وهذا هو التحدي الذي سوف يواجهه الجيل الجديد في العالم العربي حيث تمثل نسبة السكان البالغة أعمارهم أقل من ثلاثين عاما نسبة 70% من السكان. أما الجيل الكبير _سواء كان علمانيا أم إسلاميا_ فيبدو أن لم يتعلم شيئا من فشل فترة ما بعد الاستقلال في تحقيق تنمية مستدامة وخطر السياسات الإقصائية"

وتحت عنوان (صحوة مفاجئة لحقائق إعادة صياغة الشرق الأوسط) كتب ريتشارد هاس في فايننشال تايمز بتاريخ (15/6/2014)أن الولايات المتحدة تحتاج إلى إعادة التفكير في سياستها بناء على الظروف المحلية وليس على التقويمات.
فبعد قرن من جلوس وزيري خارجية بريطانيا وفرنسا لرسم خريطة الشرق الأوسط، فإن المنطقة التي صنعوها تنهار بشكل متسارع. وهناك احتمالية عظيمة لنشوب حروب سياسية دينية داخل وخارج حدودها بين قوى محلية وأجنبية وميليشيات وحكومات على حد سواء.

هناك تفسيرات عديدة لوصولنا لهذه النقطة. إحداها قرار الولايات المتحدة في 2003 بالتخلص من نظام صدام حسين في العراق وما تبعه من سياسات عززت من الهويات الطائفية بدلا من الهويات القومية. كما ساعد هذا على إيجاد منطقة تركت فيها إيران مع قيود قليلة على قدرتها على دعم الفصائل الشيعية في العراق _التي كانت عدوها الأساسي حتى ذلك الوقت_ وأماكن أخرى.

وهنا يأتي دور إدارة (باراك أوباما) لتأخذ نصيبها من المسئولية. فبعد أن ورثت هذه الإدارة عراقا أفضل بفضل الطفرة التي أحدثتها إدارة جورج دبليو بوش، كان ينبغي عليها الدفع بشكل أقوى من أجل ترك قوة أمريكية أو قوة دولية تحل محلها. مثل ذلك الحضور كان ليثبط المنافسة المحلية ويدرب الجيش العراقي. وكان يمكن للرئيس أيضا أن يفعل أكثر مما فعل في سوريا منذ أن قرر أن الرئيس بشار الأسد عليه أن يرحل. ذلك أن عدم التحرك ضد بشار الأسد بشكل مباشر عندما استخدم الأسلحة الكيميائية ولا توفير الدعم العسكري لمعارضيه غير المتطرفين قد ساعد على خلق فراغ ملئه سريعا الجهاديون الراديكاليون مثل الدولة الإسلامية في العراق وبلاد الشام المعروفة بداعش.
ومع ذلك فالعراقيون لا يستثنون من اللوم. فقد حكم رئيس الوزراء (نوري المالكي) بطائفية ضيقة. وعليه فلم يكن من المدهش أن قوات الجيش القومية قد ذابت مع أول مواجهة مع العدو لأن الولاء للحكومة شديد الضعف. فالعراقيون يرون أنفسهم على أساس ديني أو قبلي أو عرقي أكثر مما يرون أنفسهم كمواطني دولة.

إذن ما الذي ينبغي فعله؟ هناك دعوات بمهاجمة (داعش) مباشرة لتوفير دعم للحكومة العراقية. إن مثل هذه التحركات قد تبطيء من سرعة تقدم (داعش) لكنها من غير المحتمل أن تشكل فارقا حاسما أو دائما. ذلك أن أي قدر من المساعدة الخارجية ليس بديلا عن الحكومة التي تتصرف بطريقة تجعل معظم العراقيين مهيأين للقتال من أجلها.

من المحتمل أن تكون المسألة مسألة وقت قبل أن نرى انقسام العراق إلى جنوب تسيطر عليه إيران ومنطقة كردية مستقلة في الشمال ومنطقة بشمال غرب بغداد تنافسها (داعش) وحكومة عراقية مدعومة من إيران. إن تصرفات الحكومة الأمريكية في ذلك السيناريو قد تتضمن بعض المساعدة للحكومة العراقية لو قامت بتوسيع قاعدتها السياسية بشكل مجد. وفي المقابل قد تقوم الولايات المتحدة ببساطة بهجمات ضد الإرهاب بحسب الطلب. وأيضا يجب على الولايات المتحدة أن تتحرك لدعم المنطقة الكردية ومن الممكن أن يتم ربط المساعدة بالتزام الأكراد بعدم توسيعهم لدولتهم _القائمة بحكم الواقع_ خارج حدود العراق لئلا تنضم تركيا وآخرون إلى الملعب. وهذا من شأنه أن يجعل السياسة الإقليمية في موقف حرج ويضع موقف الولايات المتحدة في نفس الجانب مع موقف إيران في العراق _حتى مع معارضتها لتدخل إيران في سوريا ضد نفس القوى. كما أن التحرك عسكريا سوف يقف أمام رغبة أوباما في التهدئة من الرغبة الشعبية الأمريكية لتجنب المزيد من التدخل في الشرق الأوسط.

وهناك رأي قوي قد يقول إن من الأفضل توفير دعم لمعارضي النظام من القوى غير الجهادية في سوريا وهو الأمر الذي من شأنه أن يجعل من المستحيل على (داعش) أن تركز على العراق. فضلا عن ذلك هناك حاجة لتقديم المزيد من المساعدة الاقتصادية للأردن المثقلة بالفعل بالملايين من اللاجئين السوريين.

كما أن هناك رأي يدعو إلى مباحثات بين بعض الدول الأوروبية وتركيا والسعودية والإمارات وكل من إيران وروسيا. وأن الوقت قد حان للدبلوماسية لتعكس أن (داعش) هي التهديد الأكبر للمصالح الغربية (أكبر حتى من نظام الأسد في سوريا).

الشيء الوحيد المؤكد أن الشرق الأوسط القديم يتفكك. والسؤال الآن هو ما الذي سيحل محله.

ويقول روبرت د. كابلان في بحث تحت عنوان (مسرح الإرهاب) له نشرته مؤسسة (ستراتفور) بتاريخ 27/8/2014أنه لم يكن قطع الدولة الإسلامية في العراق وسوريا لرأس الصحافي الأمريكي "جيمس فولي" مجرد عمل مأساوي بشع بل كان إنتاجا سينمائيا في غاية التطور والمهنية تخللته عمدا رموز قوية. فقد كان فولي مرتديا بذلة برتقالية تذكرنا بالسجناء المسلمين الذين تحتجزهم الولايات المتحدة الأمريكية في خليج جوانتانامو. وأدلى فولي باعترافه بقوة كما لو كان قد تدرب عليه قبل الإدلاء به. أما الملثم المتشح بالسواد والذي قام بتنفيذ حكم الإعدام، فقد أدلى ببيان طويل هو الآخر بلكنة بريطانية هادئة كما لو كان قد تدرب عليه هو الآخر. وبدا كما لو أن القتل كان ثانويا مقارنة بالرسالة المقصودة من ورائه.
وقد قامت الدولة الإسلامية بإرسال الرسائل التالية في تصويرها لهذه الدراما الوثائقية بتلك الطريقة الملتوية:

أولا: أننا لا نتقيد بأي قوانين وليست هناك حدود لما نحن على استعداد للقيام به.
ثانيا: أن معاملة الأمريكان السيئة للمساجين المسلمين في خليج جوانتانامو "ثمنها غال" وذلك على حد عبارة وردت في إحدى عمليات القتل الانتقامية تلك. فرغم كل شيء نحن دولة ولدينا مقاتلين من أعدائنا كما باستطاعتكم الرؤية من الفيديوهات كما أن لدينا طريقتنا الخاصة في التعامل معهم.
ثالثا: إن حقيقة أننا لا نعرف حدودا لا تعني أننا نفتقد التعقيد. فبإمكاننا أن نكون بنفس التعقيد الذي أنتم عليه في الغرب. فقط استمعوا إلى اللكنة البريطانية لمن نفذ الإعدام واعلموا أن بإمكاننا أن ننتج فيلما قصيرا جدا بنفس معايير هوليوود.
رابعًا:الدولة الإسلامية تريد توصيل رسالة عالمية استعلائية وهذه الرسالة هي: نريد أن ندمركم جميعا في أمريكا وفي الغرب أنتم وكل الذين لا يقبلون نسختنا من الإسلام في العالم المسلم.
خامسا: سوف ننتصر لأننا لا نلتزم بأية قيود على الإطلاق. وكل ذلك لأننا مطلعين على الحقيقة فكل ما نقوم به هو إرادة الله.
لقد عدنا الآن إلى مسرح عالم القرون الوسطى ذي الجمهور العالمي.
عندما يكون الفاعلون في هذا المسرح مدربين تدريبا جيدا فقد يكون من بين أقوى الأشكال الفنية إثارة للإلهام. ولا شيء يعمل في المسرح أكثر من الرموز التي يتلاعب بها الكاتب المسرحي. إن السكين القصيرة وبذلة جوانتانامو ومنفذ حكم الإعدام المتشح بالسواد ذي اللكنة البريطانية في قلب الشرق الأوسط كل هذه الأشياء مجتمعة تعد رموزا للقوة والتعقيد والانتقام. وكأنهم يقولون: نحن جادون فهل أنتم قادرون على مواجهتنا؟
والحق أنه كلما ساءت الفوضى كلما زاد تطرف الأيديولوجيا التي تنبثق عنها. ولقد انبثق بالفعل شيء من فوضى سوريا والعراق في الوقت الذي ربما تكون فيه ليبيا واليمن _ الغارقان في الفوضى أيضا _ بانتظار نسخهما من الدولة الإسلامية. وتذكر أنه أهم شيء يريد هذا الفيديو توصيله هو حقيقة أن هؤلاء الناس قادرون حرفيا على فعل أي شيء.

كتب نظيف أحمد في مقال له عنوان (النتائج العكسية في العراق: صعود داعش صنعه إدمان شره للنفط) في صحيفة ذا جارديان. نشر بتاريخ 16/6/2014 أن أمريكا والغرب يدفعان ثمن دعمهما للتيارات الجهادية، ويلخص نظيف رؤيته للموقف الأمريكي والغربي من التنظيمات الجهادية وعلى رأسها الدولة الإسلامية في العراق والشام، أن الغرب صنع فرانكنشتاين[1] إسلامي.
يقول نظيف: ربما تظن بعد متابعة العدد الضخم من التقارير الغربية عن الأزمة العراقية أن الدولة الإسلامية في العراق وسوريا (داعش) _كما أطلقت على نفسها_ قد جاءت من لا مكان وأنها أخذت الغرب على حين غرة تماما، ثم هي الآن تجوس في أرجاء الشرق الأوسط مثل بعض أحداث الطقس العشوائية.

لكن الحقيقة أكثر تعقيدًا من ذلك وأقل قبولا كذلك. ويبرر كاتب المقال ذلكبأن الصعود الصاروخي لداعش ليس إلا نتيجة متوقعة للإستراتيجية الجغرافية التي تقودها الولايات المتحدة منذ أمد بعيد في الشرق الأوسط والتي شهدت طغاة[2] وإرهابيين[3]
يُستخدمون كأدوات لتسريع الوصول إلى موارد النفط والغاز الإقليمية.
فمنذ الحرب العالمية الثانية _كما وثق المؤرخ البريطاني "مارك كورتيس" على نطاق واسع في دراسته المبتكرة "الغموض في استعمال السلطة"_ ركزت أهداف الولايات المتحدة والمملكة المتحدة في الشرق الأوسط على البترول.
ويشير نظيف إلى وثيقة بريطانية سرية لعام 1956: "إن المصالح الكبرى للبريطانيين والدول الغربية الأخرى في الخليج الفارسي تتمثل في (أ) تأمين حرية الوصول للبريطانيين والدول الغربية الأخرى إلى الدول الخليجية المنتجة للبترول (ب) ضمان استمرار توافر هذا النفط بشروط مواتية وتأمين فائض عائدات الكويت.
ويرى أن الذي يحدث الآن قريب من السيناريوهات الموصوفة في 2008 من قبل تقرير مؤسسة راند الممولة من الجيش الأمريكي والذي كان موضوعة كيفية كسب "الحرب الطويلة".
"تعتبر المنطقة الجغرافية ذات الاحتياطات المؤكدة من النفط قاعدة قوة لكثير من الشبكات السلفية الجهادية وفي المستقبل المنظور فإن موارد الخليج الفارسي سوف تهيمن على نمو الإنتاج العالمي من النفط وناتجه الإجمالي"
وكانت استراتيجية حماية وصول الولايات المتحدة إلى بترول الخليج - التي ذكرها التقرير - هي فرق تسد _والتي كانت لتتضمن "استغلال الخلافات بين الجماعات السلفية الجهادية المختلفة لتحريضهم ضد بعضهم البعض وتبديد طاقتهم على الصراعات الداخلية" وكانت الولايات المتحدة لتركز على "حشد الأنظمة السنية التقليدية في السعودية ومصر وباكستان كوسيلة لاحتواء القوة والنفوذ الإيرانيين في الشرق الأوسط والخليج الفارسي"

واعترف التقرير أن تلك الاستراتيجية قد تؤدي إلى تقوية الإرهابيين الإسلاميين لكن ذلك قد يكون شيئا جيدا ذلك أنه "قد يؤدي فعلا إلى تقليل تهديد القاعدة للمصالح الأمريكية على المدى القريب" (ولا داعي للقلق حيال المدى البعيد) لأنهم سوف يستهدفون "المصالح الإيرانية في الشرق الأوسط والخليج الفارسي في حين يخفضون من عملياتهم المضادة لأمريكا والغرب"

ويرى نظيف أن النتائج المحتملة لذلك كانت متوقعة. فقد قدم الفريق (مايكل تي فلاين) _مدير وكالة الاستخبارات العسكرية الأمريكية_ في شهر فبراير شهادته أمام الكونجرس وقال فيها بأن داعش "من المحتمل أنها سوف تحاول أخذ أراض في العراق وسوريا لإظهار قوتها في 2014" ، ويقول نظيف إن العراقيين الآن هم من يدفع ثمن الغطرسة الإمبريالية الأمريكية المبنية على سوء التصور. وأن الولايات المتحدة تبحث الآن باستماتة عن تحالف مع عدوها اللدود إيران لدرء خطر داعش _التي يهدد تجوالها الدموي في العراق بتعطيل إنتاج النفط العراقي_ وقد أدى ذلك النزاع بالفعل إلى ارتفاع الأسعار وقد يزيد ذلك الارتفاع لو قامت داعش بتوسيع سيطرتها على المدن المهمة.

ويشير نظيف في مقاله أن أي تدخل للحفاظ على سقف أسعار النفط يعتبر خيارًا مغريًا لحكومتي الولايات المتحدة والمملكة المتحدة إلا أن هذا سوف لن يكون أكثر من معالجة العَرَض فقط لا جذور القضية. وأن الحروب من أجل الحصول على النفط ولخدمة مصالح ذاتية هي ما أوصلت الولايات المتحدة والغرب إلى هذا المصار. وصعود داعش ما هو إلا نتيجة عكسية لنفس النوع من العمليات السرية التي أدمنت الولايات المتحدة والمملكة المتحدة القيام بها لعقود. وأن الإدارة الأمريكية لو أرادت حقا إنهاء (داعش) وأمثالها للأبد لبدأت في تفكيك وحل نفسها من البنية التحتية الجيوبولوتيكية والمالية لهيمنة النفط الذي يحتضن الإرهاب، ويرى نظيف أن أن القنابل التي تسقط على داعش لا تعد بشيء أكثر من كونها طريقًا للتصعيد. وكما قال أينشتين: "إن تعريف الجنون هو أن تفعل نفس الشيء وتتوقع نتائج مختلفة".
من جهة أخرى يرى جورج فريدمان في دراسة له بعنوان (أهمية الدقة: استراتيجية أمريكية لمواجهة الدولة الإسلامية) نشرت بمركزستراتفوربتاريخ 9/9/2014 أنالاستراتيجية القومية الأمريكية تبلورت على مدى عقود وقرون. ومن ثم أصبحت هناك حزمة من المصالح القومية التي استثمر فيها الكثير من القادة الأمريكيين ويعتمد على تلك المصالح ويعول عليها في كثير من القضايا الخارجية. ويرث الرؤساء الأمريكيون تلك الاستراتيجيات القومية ويستطيعون تعديلها إلى حد ما.
ويشير إلى أن الاستراتيجية الأمريكية تسمح للقوى في منطقة الشرق الأوسط أن تتنافس وتوازن بعضها بعضًا. وعندما يفشل ذلك الأمر تتدخل بأقل قدر ممكن من القوة والمخاطرة قدر الإمكان. فالصراع بين إيران والعراق على سبيل المثال قد ذهب بقوتين صاعدتين حتى انتهت الحرب. ثم اجتاحت العراق الكويت وهددت بقلب توازن القوى في المنطقة. وكانت نتيجة ذلك عملية عاصفة الصحراء.
ويقولفريدمان: إن انتفاضة المجتمع السني العراقي كانت حتمية بسبب تهميشها من قبل النظام الشيعي في بغداد برئاسة نوري المالكي. إضافة إلى الفكر الجهادي مزروع بعمق في المجتمع السني منذ وقت طويل.ويرى أن الدولة الإسلامية ضعيفة عسكريا أمام الولايات الأمريكية. ذلك أن استخدام القوة الجوية ضد قوة تقليدية تفتقر لصواريخ مضادة للطائرات يعتبر مناورة مفيدة. فهي تظهر أن الولايات المتحدة الأمريكية تقوم بشيء في الوقت الذي تخاطر فيه مخاطرة بسيطة وذلك بفرض أن الدولة الإسلامية لا تمتلك حقا صواريخ مضادة للطائرات.
لكن على الجهة الأخرى والكلام ما زال لفريدمان فإن محاولات هزيمة الدولة الإسلامية عن طريق التفريق بين مؤيديها والجماعات السنية الأخرى وقتلهم سوف تنهار مع أول خطوة. وينبغي ألا تتوهم الولايات المتحدة أن قصف الدولة الإسلامية سوف يجبرهم على الاستسلام أو تعديل وسائلهم. فهم الآن جزء من نسيج المجتمع السني وهذا المجتمع هو وحده من يستطيع اقتلاعهم من جذورهم. والفكرة الأفضل هنا هي التعرف على السنة المعارضين للدولة الإسلامية وإمدادهم بالأسلحة. إنها نفس استراتيجية توازن القوى التي تتبعها الولايات المتحدة الأمريكية. إن مصلحة الولايات المتحدة الأمريكية ليست في الاستقرار بل في وجود ديناميكية لتوازن القوى يكون كل اللاعبين فيها مشلولين بشكل فعال لئلا يبرز من يهدد الولايات المتحدة الأمريكية.

إن الاستراتيجية الأمريكية - كما يراها فريدمان- هي استراتيجية تقضي بالسماح لتوازن القوى بالظهور وأن تتدخل فقط في حالة الضرورة القصوى مع قوة ساحقة كما كان الأمر في الكويت، وأن تتجنب التدخل إذا لم يكن مقدرًا له النجاح. لكن التطبيق التكتيكي لهذه الاستراتيجية هو ما يمثل مشكلة. وفي هذه الحالة لا يكون التكتيك هو التدخل المباشر للولايات المتحدة _باستثناء إشارة مرضية للانتقام لمقتل الأمريكان لكن الحل يظل في فعل أقل المتاح وإجبار القوى الإقليمية على الدخول في المعركة ثم في الحفاظ على التوازن بين القوى في هذا التحالف. مثل تلك الاستراتيجية الأمريكية ليست تجنبا للمسئولية لكنها استخدام للقوة الأمريكية من أجل فرض حل إقليمي. فأحيانا ما يكون الاستخدام الأمثل للقوة العسكرية الأمريكية هو الدخول في الحرب، وفي أحيان أخرى يكون أفضل استخدام لتلك القوة متمثلا في سحبها.

ويرى فريدمان في الأخير أنه لا يمكن للولايات المتحدة أن تهرب من المسئولية في المنطقة لكن من ضعف الخيال بشكل كبير أن نفترض أن تحمل تلك المسئولية يتحقق بشكل أفضل عن طريق التدخل المباشر. فعادة ما يكون التدخل غير المباشر أكثر كفاءة وفاعلية بكثير.
في البحث الذي اعده كريستوفر بول بمؤسسة راند تحت عنوان
"منهج واسع لمواجهة الدولة الاسلامية "بتاريخ 2/ 9 / 2014 ، :يذكر انه قام في 2013 بإتمام دراسة لإحدى وسبعين حالة من حالات مواجهة التمرد منذ نهاية الحرب العالمية الثانية وحتى عام 2010 م وباستقراء هذه الحالات توصل إلى النتائج الآتية التي يمكن تطبيقها في مواجهة داعش :
أولا : توجيه ضربة استباقية تتيح التفوق على المتمردين بشكل كبير وتجبرهم على القتال في حرب للشوارع فتحبط مخططاتهم وتربكهم قبل المواجهة الفعلية على الأرض وقد حددها الكاتب بالضربات الجوية للطيران الأمريكي على مواقع داعش . فالضربات الجوية سوف تكبح جماح تقدم الدولة الإسلامية في الأجزاء المهمة استراتيجيا من العراق وبالتالي تساعد على دعم الحكومة العراقية وقوات الأمن على الأقل على المدى القصير
ثانيا أن "الممارسات الفعالة في مواجهة التمرد تميل إلى العمل على شكل حزم" بمعنى أن الحكومات التي نجحت في هزيمة التمرد قد طبقت ممارسات فعالة عديدة عبر مجموعة من المفاهيم أهمها : التخفيض الملموس للدعم الخاص بالمتمردين والالتزام والدافع والمرونة والقدرة على التكيف بالنسبة لقوة مكافحة المتمردين .
ثالثا : إن تمرد داعش تكمن خطورته في أن هدفها الرئيس هو العمل على قلب الحكومتين العراقية والسورية وإبدالهما بدولة تطبق الشريعة _ هو ما سوف يتطلب أن يكون هناك دعم من الولايات المتحدة الأمريكية على عدة مستويات وذلك على الرغم من أن قوات الأمن العراقية ينبغي أن تكون في الصدارة.
رابعا : لا بد أن يركز الدعم الأمريكي _ لاستراتيجية عراقية لمكافحة التمرد تهدف إلى هزيمة الدولة الإسلامية _ تقوم على تقليل الدعم الملموس للمتمردين وزيادة الالتزام والتحفيز للجيش وقوات الأمن العراقية وزيادة شرعية الحكومة بين العراقيين السنة.
خامسا : جزءا من استراتيجية مكافحة التمرد ينبغي أن يشمل منع المقاتلين والمواد من التدفق إلى داخل البلاد حول خطوط الرجعة وكسر سلسلة الخدمات اللوجستية التي تسمح للدولة الإسلامية بالحفاظ على قدرتها على التخطيط وتنفيذ الهجمات.
سادسا : حتى مع قيام الدعم الجوي الأمريكي بإرباك الدعم الخارجي الملموس للمتمردين فإن الأمر سيظل صعبا لسببين رئيسيين أولهما أن الحرب الأهلية المستمرة في سوريا توفر للدولة الإسلامية وصولا غير مقيد تقريبا ذهابا وإيابا عبر الحدود العراقية السورية.
وما لم تتوسع القوة الجوية للولايات المتحدة الأمريكية لتشمل تنفيذ هجمات على الأراضي السورية فإن المتمردين سوف يكونون قادرين على تنفيذ هجمات على الأراضي العراقية قبل أن يلوذوا بالفرار إلى سوريا للراحة والتعافي وإعادة التسلح حيث لا تتحكم قوات الأمن العراقية فيما يحدث غرب الحدود العراقية السورية.
سابعا: أن كل النجاحات التاريخية في مكافحة التمرد أظهرت فيها كل من الحكومة وقوات مكافحة التمرد مستويات عالية من الالتزام والتحفيز في حين فاز المتمردون في كل حالة افتقرت فيها الحكومة للالتزام والتحفيز.
ثامنا : إن المرونة والقدرة على التكيف تضمنان قدرة قوات مكافحة التمرد على التكيف مع التغيرات في استراتيجية المتمردين وتكتيكاتهم
تاسعا : بإمكان الإصلاحات التشريعية والجهود المخلصة للتشارك في السلطة أن تجعل الحكومة العراقية الموجودة حاليا بديلا مفضلا لما تقدمه الدولة الإسلامية للسنة العراقيين. وينبغي أن تتضمن هذه الإصلاحات تكوين حكومة وحدة وطنية متماسكة وتقليل النفوذ الإيراني على الموالين لحزب الدعوة والراسخين في بيروقراطية بغداد. أما التهميش المستمر للسياسيين السنة والأكراد فسوف لن يؤدي إلا إلى إطالة أمد ذلك المستنقع.

في مقاله في مجلة ذا أطلانتيك ، كتب الصحفي والباحث جيفري جولد بيرج بتاريخ 19 / 6 / 2014 ، بعنوان خارطة الشرق الأوسط الجديدة يتحدث فيها عن التقرير الذي اعده في 2007 بعنوان بعد العراق قبل أوباما وقبل الربيع العربي وقبل العديد من الأشياء_ لكن حتى في ذلك الوقت كان من الواضح جدا أن عصر استقرار الشرق الأوسط (ذلك الاستقرار النسبي) كان في نهايته.
وعرضت للقصة هكذا"بينما تقترب أمريكا من الذكرى الخامسة لغزوها للعراق، فإن قائمة النتائج غير المقصودة للحرب لا نهاية لها وتضم القائمة احتمالية تحقيق الأكراد لاستقلالهم وأن العراق سوف تقسم إلى ثلاثة أجزاء وقد كان السؤال المحتمل كم دولة ستكون يوما ما بين البحر الأبيض المتوسط ونهر الفرات؟ ثلاث؟ أربع؟ خمس؟ ست؟ ولماذا التوقف عند الضفة الغربية لنهر الفرات؟ لماذا لا نذهب في ذلك الطريق حتى نهر السند؟ فبين البحر الأبيض المتوسط ونهر السند اليوم توجد إسرائيل والأراضي الفلسطينية ولبنان وسوريا والأردن والعراق وإيران وأفغانستان وباكستان. وقد يؤدي عدم الاستقرار طويل المدى إلى تفكك العديد من هذه الدول.
وقام جيفري أيضا بتوقع شيئين:حدوث نزاع إقليمي بين السنة والشيعة
يقول جيفري : "إن النتيجة الأولى والأهم لغزو العراق _والتي تصورها العديد من أولئك الذين تكلمت معهم_ هي إمكانية حدوث نزاع إقليمي بين السنة والشيعة من أجل الهيمنة العقائدية والسياسية على الشرق الأوسط.
 وهذه الحروب قد يخوضها الوكلاء في المملكة العربية السعودية _حاملة اللواء السني_ ضد إيران _أو ربما بين إيران والسعودية نفسيهما_ في ساحات قتال في العراق ولبنان وسوريا وفي الإقليم الشرقي في السعودية ذي الأغلبية الشيعية والذي تقع فيه معظم حقول بترول المملكة.
إقرار حق تقرير المصير للأكراد

ويبلور جيفري رايه حول الأكراد قائلا:"والنتيجة الثانية ما يخص الاكراد فأنني أقف بشدة مع المعسكر القومي الكردي (بشكل غير مباشر بالطبع) فقضية استقلال الأكراد قضية عادلةفي نظري . وتلك طريقة أخرى للقول بأن إنكار حق تقرير المصير للأكراد _أكبر جماعة بلا دولة في العالم_ خلال المائة سنة الأخيرة كانت ظلما بينا.
 وكما أوضحت في ذلك المقال فإن الأكراد العراقيين كانوا بالفعل مستقلين وظيفيا وقد زاد ذلك الأمر كثيرا اليوم.
وسيكون من الجيد جدا لو ظهرت _وسط هذه الفوضى_ دولة كردية مستقلة فعلا تتحرر إلى الأبد من السيطرة العراقية العربية
وينتقد جيفري مسألة الحرص على إبقاء العراق دولة موحدة تجمع عرقيات مختلفة فيقول : " وقد كنت شديد الانتقاد في تلك المقالة للغطرسة الإمبريالية التي بعثت على تقسيم سايكس-بيكو للشرق الأوسط على كل من البريطانيين والفرنسيين. لكنني أضفت إلى النقاش أن ترتيبات سايكس-بيكو كانت _بشكل ما_ تقدمية دون قصد. فقد ربط صانعو الشرق الأوسط الحديث شعوبا من عرقيات واعتقادات مختلفة (أو طوائف مختلفة من نفس الدين) فيما كان يفترض له أن يكون دولا حديثة متعددة الثقافات والاعتقادات. وكان كلامي ذلك إشارة إلى أن الشرق الأوسط لم يكن المكان الذي تنجح فيه مثل هذا النوع من التجارب. (وأنا _بالمناسبة_ أتكلم عنك يا من تنادي بالدولة الواحدة) ولا أعتقد أن المحافظة على وحدة الدولة العراقية مما يستحق إنفاق المال الأمريكي فضلا عن إهدار الأرواح الأمريكية.
 من المهم طبعا الاستثمار في خطط تمنع إنشاء ملاذات آمنة للجهاديين ولا بد أن تكون الولايات المتحدة الأمريكية حذرة بهذا الصدد أكثر مما هي عليه. أما (الوسواس الوستفالي) بأن العراق لا بد أن تكون موحدة لأنها لا بد أن تكون موحدة فلا يبدو حكيما.
تحت عنوان
خمس أساطير حول الدولة الإسلامية
كتب الباحث ويليم مكانتس في معهد بروكينجز بتاريخ 26/8/ 2014 مقالا ركز فيه على ما يحيط بالموضوع من أساطير أو مغالطات يجب تصحيحها ولخصها في خمسة على النحو التالي :
1 ) - الدولة الإسلامية لم تكن أبدا جزءا من القاعدة.
ملخص هذه المقولة يتركز في تكذيب ادعاء من قال بأن داعش مستقلة تماما عن القاعدة ولم تكن أبدا تابعة لها أو فرعا منها ، يقول مكانتس في هذا الصدد :مؤخرا قام "أندرو سوليفان" بتداول فكرة أن الدولة الإسلامية في العراق وسوريا (داعش أو ما يعرف الآن بالدولة الإسلامية) لم تكن أبدا تابعة للقاعدة وذلك استنادا إلى مقال قصير كتبه "إيفان بيركوسكي" بعنوان " نظرة عن كثب إلى داعش في العراق" وادعى فيه المؤلف أن داعش قد تعهدت بالولاء إلى القاعدة لكنها أبقت على استقلالها "طيلة الوقت" وأنها لم تكن أبدا جزءا من القاعدة بشكل مباشرة.
 وبغض النظر عن التناقض الواضح بين تعهد شخص ما بالولاء وتصرف ذلك الشخص بحسب ما يريد فإن هناك مشكلتان في ادعاء المؤلف ذلك. 
أولا أن داعش نفسها قد أكدت أنها لم تتعهد بالولاء أبدا للقاعدة. وثانيا أن تنظيم القاعدة قد كذب ادعاء داعش مؤكدا أنها قد تعهدت بالولاء سرا.
وهذا موضوع معقد سوف يحل في النهاية عندما تظهر الوثائق الخاصة بالقاعدة أو وثائق المخابرات الأمريكية حول التنظيم إلى النور. وفي غضون ذلك فقد قام "آرون زيلين" _ الزميل بمعهد واشنطن لسياسة الشرق الأدنى _ بجمع ما نعرف حول ذلك الموضوع من المصادر المتاحة للجمهور.
 وتأمل ذلك: لماذا يصدر الظواهري أمرا مباشرا لرئيس داعش "أبو بكر البغدادي" ويرفض البغدادي بصوت عال متابعته إذا لم يكن هناك أي رابط تنظيمي بين الجماعتين؟
- 2. يتفق المتخصصون في العلاقات الدولية على أن تسليح المتمردين السوريين فكرة سيئة.
ما يؤكده مكانتس أن مسالة تسليح المتمردين في سوريا ليست سيئة وليست مضادة لمصالح أمريكا والغرب وإنما هى فكرة صائبة ،إذا أمعنا النظر والتفحيص فيقول :
"كتب "مارك لينش" مقالا رصينا _ ردا على ما قالته "هيلاري كلينتون" من أن الولايات المتحدة الأمريكية ينبغي أن تسلح المتمردين السوريين من أجل مواجهة صعود الدولة الإسلامية _ شرح فيه الأسباب التي من أجلها تعتبر هذه السياسة دائما فكرة سيئة.
واستدل مارك بالأدبيات الأكاديمية من أجل تدعيم وجهة نظره والتي قال إنها "غير مشجعة" لكن اقرأ هذه الأدبيات نفسها وسوف تجد أنها لا تؤدي إلى استنتاج سياسي واضح. نريد دليلا على ذلك؟ لقد قمت أنا و"أفشون أوستوفار" _ المحلل لشئون الشرق الأوسط بمعهد سي إن أيه للدراسات الاستراتيجية _ بقراءة نفس تلك الأدبيات في بدايات 2013 وتوصلنا إلى استنتاج سياسي مخالف.
3 ) -  قطر تمول الدولة الإسلامية.
يدفع مكانتس تهمة تدعيم قطر لتنظيم الدولة الاسلامية ولا يؤيد المقولة التي تحمل هذا المعنى بناء على تدعيم قطر للإخوان وغيرها من الاسلاميين فيقول : " التهمة التي ظهرت في الآونة الأخيرة على لسان وزير ألماني (ثم تم تداولها لاحقا) بأن دولة قطر تمول الدولة الإسلامية بشكل مباشر ليس لها أي أساس استنادا إلى المعلومات المتاحة للجمهور.
 ولأن أجهزة الاستخبارات الأمريكية تقول خلاف ذلك، فإن انتقاد قطر لتمويلها الإسلاميين عامة ( وخاصة الإخوان ) ينبغي أن يستثنى منه تمويل الدولة الإسلامية.
4) – تم إعلان الخلافة في يونيو 2014
يؤكد مكانتس أن إعلان دولة الخلافة لم يبدأ في يونيو 2014 بل كان قد إعلن في 2006 م في العراق من قبل تنظيم القاعدة وأن تنصيب البغدادي ما هو إلا امتدادا له فيقول : " ربما يكون إبراهيم _ الذي سمى نفسه خليفة _ قد أعلن عن تأسيس الخلافة بشكل رسمي في شهر يونيو 2014 لكن الجماعة كانت قد ألمحت منذ إنشائها للدولة الإسلامية في العراق في 2006 أن الخلافة قد أنشئت بالفعل. ولكن لخوف الجماعة من أن يكون ادعائها ذلك مثيرا للجدل في الأوساط الجهادية فقد اختارت ذلك الاسم الغامض "الدولة الإسلامية في العراق" لتوصيل نيتها مع الحفاظ على قدرتها على الإنكار
5.
هناك حل سهل وواضح وسريع لمشكلة الدولة الإسلامية.
يوضح مكانتس أن مشكلة تنظيم الدولة الاسلامية تمثل معضلة تحتاج لنقاش وحوار ولا يوجد حل واحد سريع وفعال لها فيقول للمؤيد والمعارض للتدخل في العراق : " . من حقك أن تختلف مع سياسة أوباما في سوريا (وكذا أفعل) ولكن لا تتظاهر بأن البديل واضح أو سوف يعمل بالضرورة بشكل أفضل.

وكتب هوارد جي شاتز في راند بحثا بعنوان (ابحث عن المال من أجل هزيمة الدولة الإسلامية) بتاريخ 10/9/2014 على الرغم من الدعوات الأخيرة لصقور الكونجرس بتنفيذ هجوم واسع عل داعش فإن هناك القليل من الخيارات المفيدة المتاحة أمام الولايات المتحدة.
فليس هناك رغبة سياسية لتنفيذ عملية برية في العراق أما التدخل على نطاق ضيق _ مثل الضربات جوية والمساعدات إنسانية التي أذن بها الرئيس أوباما الأسبوع الماضي _ فربما يكون من شأنه أن يحد من توسع داعش لكنه سوف لن يهزمها وذكر ان العراقيون والأكراد وحدهم هم من بإمكانهم استعادة الأراضي.
 لكن هناك بعض الخيارات المتاحة للمساعدة غير العسكرية التي من شأنها أن تضعف اقتصاد الجماعة _ والمرتبط ارتباطا وثيقا بعنفها _ فبإمكان الولايات المتحدة الامريكية مثلا أن ترسل فرقا من المختصين لمساعدة القوات العراقية والكردية على تطوير الاستخبارات المالية الضرورية لتخطيط عمليات عسكرية ضد عناصر محورية في داعش.
 ومن شأن استهداف صرافي الجماعة وقطاع النفط الخاص بها وأرصدتها النقدية أن يعطل تمويلها ويوفر معلومات إضافية حول أعمالها الداخلية وأضاف ونعتقد أن داعش سوف تظل مقتدرة ماليا في المستقبل المنظور.
وتشير إحدى التقديرات المعتدلة إلى أن الجماعة ربما يكون لديها فائضا يقدر ب 100 إلى 200 مليون دولار هذا العام تستطيع إعادة استثماره في بناء الدولة.
ويري ان داعش لم تعتمد أبدا على سخاء الرعاة الأجانب. بل تحذر وثائق داعش من ذلك الأمر لأن العديد من الجماعات الإرهابية التي تنازلت عن نفوذها للمتبرعين الأجانب دمرت عندما توقف هؤلاء المتبرعون عن إرسال المال وهو الأمر الذي عبر عنه أحد منظري داعش بقوله "جوع كلبك يتبعك"
مضيفا " لن يكون منهج أمريكا ما بعد 11 سبتمبر في منع تمويل الإرهابيين فعالا ضد داعش لأن الجماعة تستخدم المال وسيلة في صنع الدولة. وقد أقام قادتها مؤسسات تدير دولة بوليسية إسلامية تعمل حسب الشريعة.
 وبينما تقوم هذه المؤسسات بخدمات ملموسة قليلة فإنها تثبت السلطة الحاكمة لداعش من خلال تسهيل التجارة وجمع الضرائب والحفاظ على سيطرتها على السكان المحليين. مشيرا الى ان داعش لم تعتمد أبدا على المؤسسات الرسمية الأساسية مثل البنوك. وبدلا من ذلك كانت أميل لإعادة استثمار عائداتها على منظمتها من أجل تعزيز القتال وتعزيز أجندة بناء الدولة الخاصة بها
واكد ان القرار الذي اتخذه الرئيس أوباما الأسبوع الماضي بتنفيذ هجمات جوية وإرسال مساعدات إنسانية سوف يساعد على توفير الوقت اللازم لإعادة تجميع القوات الكردية والعراقية. لكن بغداد تحتاج استراتيجية تصطف فيها جميع المصالح السياسية والاقتصادية لكل العراقيين ضد داعش.
ذلك أن مركز ثقل الجماعة لا يكمن في النظام المالي الدولي لكنه يكمن في الاقتصاديات المحلية لكل من العراق وسوريا. وبصرف النظر عن حدود الإجراءات الإضافية التي سوف تقرر أمريكا اتخاذها في الأسابيع والشهور القادمة فإن هناك ثلاث سياسات عراقية ممكنة قد تساعد على قلب الأوضاع
وذكر انه لو نجحت العراق في استبدال رئيس الوزراء العراقي نوري المالكي _ وهو الأمر الذي يبدو محتملا هذه الأيام _ فإن حكومة الوحدة الجديدة ينبغي أن تجعل السلطة غير مركزية وأن توزع حصة أكبر من الميزانية الوطنية على الأماكن ذات الأغلبية السنية.
كما ينبغي على بغداد أن تبرم صفقات مع القبائل وأصحاب الأعمال المحليين السنة في الأماكن التي لم تتحكم فيها داعش بعد. هؤلاء القادة السنة سوف يتعاونون على التضييق على داعش وإخراجها خارج الأسواق المحلية في مقابل تقديم الدعم والمساعدات الاقتصادية الحكومية المباشرة الأخرى.
اما ثاني تلك السياسات فباستطاعة أمريكا أن تساعد العراقيين والأكراد على تحليل البيانات المالية لداعش والتي حصلت عليها من الغارات والمخبرين ومن ثم استخدام هذه المعلومات لوضع استراتيجية لتخطيط العمليات ضدها.
ثالثها : ينبغي أن تجعل القوات العراقية والكردية من أولوياتها أن تدفع داعش بعيدا عن آبار البترول في شمال العراق وأن تقيد من قدرتها على معالجة النفط في مرافق التكرير في شرق سوريا. وينبغي أيضا أن تقوم الحكومة العراقية بإشراك تركيا والأردن والأكراد العراقيين والسوريين في التخطيط الاستراتيجي المشترك لاحتواء العمليات النفطية التي تقوم بها داعش_ خصوصا وقف داعش من السيطرة على بيجي، أكبر منشأة لإنتاج النفط العراقي _ والتي كانت فرقة صغيرة من القوات الخاصة العراقية عاكفة على حمايتها في الشهرين الأخيرين






[1]فرانكنشتاين (بالإنكليزية: Frankenstein) رواية للمؤلفة البريطانية ماري شيلي صدرت سنة 1818، تدور أحداثها حول طالب ذكي اسمه فيكتور فرانكنشتاينن يقوم بابتكار "كائن ذكي" يفوق طاقة البشر. ووجد أن شكله كان مروعًا لذا تخلى عنه. وهذا أدى في نهاية المطاف إلى موت فرانكنستاين في نهاية الصراع بينه وبين مخلوقه الشاعر بالغيظ، والمقصود أن أمريكا صنعت وحشًا (التنظيمات الجهادية) فقام هذا الوحش بتقويض مصالحها. حسب رؤية الكاتب.
[2]إشارة إلى أنظمة الحكم في الشرق الأوسط، من وجهة نظر الكاتب.
[3]إشارة إلى الجماعات الجهادية، من وجهة نظر الكاتب

ليست هناك تعليقات:

إرسال تعليق