الثلاثاء، 23 سبتمبر 2014

قمة المناخ السياسي الفاسد

قمة المناخ السياسي الفاسد



وائل قنديل


هل هناك أكثر تناقضاً من أن يعتبر الرئيس اليمني، عبد ربه منصور هادي، أن اجتياح الحوثيين صنعاء، وفرض هيمنتهم على المشهد اليمني، نتيجة مؤامرة، بينما لا يمانع في توقيع اتفاق أو صفقة مع أصحاب المؤامرة؟
وهل هناك أكثر كوميديةً من أن تشرف الولايات المتحدة على إتمام خطوات إشعال حريق طائفي، يأكل الأخضر واليابس في الوطن العربي، ثم تستضيف مؤتمراً دولياً في نيويورك، لحماية المناخ العالمي.
ليس أكثر خطراً على البيئة والمناخ من حكام دولٍ، وقفوا يخطبون أمام قمة المناخ في نيويورك، ويذرفون الدموع على حالة البيئة المهددة بالانبعاثات الحرارية المدمرة.
كثيرون ممن تحدثوا، هم في جوهرهم، انبعاث سياسي سيئ، نتيجة عبثٍ بالبيئة السياسية الطبيعية في بلدانهم، ويهددون الحياة أكثر مما تهددها التغيرات المناخية.
كان عبد الفتاح السيسي، مثلاً، يتحدث عن بيئة نظيفة وآمنة، وفي الخلفية سحابات من الدخان الأسود الناتج عن إحراق معارضيه، أحياءً وأمواتاً، في رابعة العدوية، فهل يجرؤ أحد على توجيه سؤال له عن حجم الغازات السامة المنبعثة من عشرات الأطنان من قنابل الغاز المحرمة دولياً، والتي جرى استخدامها في الحرب على المعارضين الرافضين للانقلاب؟
هل يجرؤ السيسي على الإجابة عن سؤالٍ، يتعلق بكمية القنابل السامة المستخدمة ضد المتظاهرين، منذ كان عضواً في المجلس العسكري ومديراً للمخابرات في ذروة التنكيل بثوار يناير؟
في عام 2013، نشرت مجلة "الأهرام العربي" الحكومية، على لسان خبراء، أن ما تم قذفه على رؤوس المتظاهرين في العامين الماضيين تجاوز عشرة ملايين قنبلة مستوردة من دول عدة، هي أميركا وإسرائيل وبريطانيا، وبلغ سعر الواحدة 55 دولاراً، أي ما يوازي راتب موظف حكومي شهراً كاملاً.
أيضاً، فإن تقارير وتقديرات متطابقة أشارت إلى أن سلطة المجلس العسكري، بعد ثورة يناير، أنفقت مليارين ونصف المليار جنيه من أموال الشعب، لشراء قنابل الغاز القاتل وأدوات فض الشغب، حسب تقرير لمنظمة العفو الدولية صدر في نهاية ديسمبر/كانون الأول 2011.
تقرير العفو الدولية قال، أيضاً، إنه، بخلاف الصفقات المشبوهة التي كشفها الإعلام ومنظمات المجتمع المدني حول استخدام قنابل منتهية الصلاحية، وأخرى سامة ومحرمة دوليا، وأخرى لا تستخدم إلا في المعارك الحربية، وآخر هذه الصفقات المشبوهة شراء 140 ألف قنبلة دخان من شركة أميركية إسرائيلية، بما يعادل 17 مليون جنيه مصري.
وحسب تقرير لمنظمة العفو الدولية، تم استيراد نحو 105 أطنان من القنابل المسيلة للدموع شديدة السميّة، والتي راح ضحيتها الكثير من الأرواح في أحداث شارع محمد محمود، ومن قبلها كانت فضيحة القنابل المنتهية الصلاحية التي تم استيرادها من إنجلترا عام 1998، وتم استخدامها في أحداث الثورة وما بعدها.
المفارقات ليست حصراً على السيسي وغيره من المستبدين العرب، بل تشمل أميركا أيضاً، فهل تستطيع الإدارة الأميركية أن تطلعنا على آثار أسلحتها الجرثومية المستخدمة ضد العراقيين والفلسطينيين؟
هل يحدثنا أوباما عن التنسيق مع نظام بشار الأسد، بينما جرائمه في قصف المدنيين بالبراميل المتفجرة ما تزال مستمرة؟
إن العالم لا يعاني من فساد المناخ، بقدر ما يعاني من فساد السياسة الدولية التي تتيح لمرتكبي الجرائم ضد الإنسانية أن يتباكوا على الطيور والأسماك والحيوانات البرية.

ليست هناك تعليقات:

إرسال تعليق