الأحد، 21 سبتمبر 2014

مدرسة «علي جمعة» للجهل والضلال ومص الدماء!

مدرسة «علي جمعة» للجهل والضلال ومص الدماء!
شريف عبدالغني


 رغم القرف الشديد الذي أشعر به، كلما طالعت وجه «علي جمعة»، وكل شيوخ السلطة الذين باعوا دينهم وضمائرهم وإنسانيتهم، ودخلوا مصاف الهمج ومصاصي الدماء، طمعا في مكسب دنيوي بخس، أو خوفا من خبث وخبائث حاكم، إلا أنهم في كل الأحوال أناس خفيفو الظل.
فكونهم واثقين أنهم في صف الباطل وأنهم يدافعون عن أبالسة أولاد شياطين، من هنا تخرج المفارقات عندما يخطبون في الجموع دفاعا عن قزم صغير يحاولون بمختلف سبل الفصاحة اللغوية، والإيماءات الجسدية، وبكل بجاحة توظيف الدين، أن يجعلوا منه بطلا أسطوريا أو نبيا مرسلا أو رسولا مبتعثا!
كل من هم على شاكلة «جمعة»، مثله. فارغون.. مضللون.. ضالون. يتفرعنون على المؤمن الحق، ويتحولون إلى «مداس» في قدم أي مرتزق أو بلطجي بيده سلاح، أو يملك عليهم «مذلة». ولأن «بلاويهم» كتير، فإنهم يسيرون كالنعاج بحسب إشارة تأتيهم من أصغر أصابع أصغر ضابط!
هذا نموذج من أشباه علي جمعة: إنه خطيب مسجد قريتنا. منذ طفولتي، وأثناء تأديتي صلاة الجمعة، كنت أنتظره بفارغ الصبر في دعاء آخر الخطبة، حتى أرفع يدي وأجهر بصوت مرتفع مع باقي المصلين وأؤمّن على دعواته. لم أكن أفهم كثيرا معاني ومغزى ما يردده، لكن كان يعجبني السجع فيها، وصوت الجميع وهم يرددون خلفه بطريقة آلية وبلا أدنى تفكير: «آااااااامين». عندما كبرت قليلا لفت انتباهي أن الخطيب كان يخصص فقرة ثابتة للدعاء على اليهود، يناجي فيها ربه أن يقطع دابرهم ونسلهم. كان الرجل بحكم عمله سنوات طويلة في مدينة العريش بشمال سيناء التي وقعت تحت الاحتلال الإسرائيلي في حرب 1967 حتى تم تحريرها عام 1979 وفق اتفاقية «كامب ديفيد» يروي لنا ما يفعله «اليهود الأنجاس» في سيناء، محذرا شباب الأمة من مكائدهم.
حكى كيف أن هؤلاء «الأنجاس» يأتون بفتيات «شعرهن أصفر وعمركوا ما شفتوه قبل كده عشان يوقعوكوا في الفحشاء والعياذ بالله»، وكان يؤكد أن «الواحدة من دول بعد ما توقعك في الخطيئة، تجيبلك مرض الإيدز.. بينما تكون هي سليمة عفية»!! حكايات الشيخ كانت تجعلني مثلما تجعل الجميع، يلعنون وراءه من أعماق قلوبهم «اليهود أحفاد القردة والخنازير»، لكن هاجسا كان يشغل بالي وسؤالا يلح عليّ ولا أجد من يجيبني عنه:
لماذا يكيل شيخنا ونحن خلفه كل هذا الدعاء على اليهود، ثم يسبق اسم نبيهم موسى بعبارة -عليه الصلاة والسلام- وأليس اليهود أهل كتاب ممن أوصانا القرآن بحسن معاملتهم ما لم يقاتلونا.. ولماذا خلقهم الله هكذا أنجاسا ملاعين بينما هم أتباع نبي؟.
مضت سنوات حتى فهمت بالقراءة ما لم يستطع الشيخ أن يفهمه لنا، لأنه هو نفسه لا يفهمه. عرفت بشكل مبسط الفارق بين اليهود الذين يجب أن نقدرهم كأهل كتاب وأن نعاملهم بالحسنى ما لم يحاربونا أو يطردونا من ديارنا، وبين «الصهاينة» العنصريين الذي يعتبرون اليهود أرقى البشر ويعملون على طرد العرب من أراضيهم، ويرتكبون المذابح بحق الفلسطينيين منذ عقود. 
بمضي العمر، اكتشفت أن الدعاء على اليهود فقرة ثابتة عند كل الخطباء، وفي مختلف المساجد التي دخلتها في مصر وخارجها. ظننت أنه بتقدم وسائل الإعلام وسبل القراءة الواسعة أمام الخطباء الشباب ستجعلهم على مستوى من المعرفة تجعلهم يتفهمون الأمر، وأن يوضحوا للمصلين الفارق بين «اليهودية» الديانة المنزّلة من عند الله وبين «الصهيونية» الحركة العنصرية.
لكن الواضح أنه لا أحد يقرأ وأن الكل يسير على درب هذا الرجل وكبيرهم علي جمعة، في الضحالة الفكرية والمعرفية والإنسانية.ووصل أحدهم إلى مرحلة ودرجة كوميدية غير مسبوقة في الدعاء على اليهود لم يصل إليها صاحبنا صاحب قصة الشعر الأصفر. فحينما يصل إلى ذكرهم تزداد نبرة صوته ارتفاعا، ويتخشب جسده، ويخرج دعاؤه متشنجا: «اللهم قضّ مضاجع اليهود الملاعين.. اللهم زلزل الأرض من تحت أقدامهم.. اللهم أقطع نسلهم.. ورملّ نساءهم.. ويّتم أطفالهم». والكل يردد خلفه بصوت جهوري: «آااااامين». يقولها الحاضرون وبعدها تهدأ نفوسهم لاعتقادهم أنهم أدوا ما عليهم وقاموا بدورهم على أكمل وجه في محاربة العدو الصهيوني، وبذلك يرفعون عن كاهلهم أي تهمة بالتقصير.
ثم الازدواجية الكبرى بأنهم يصدقون كلام نفس الخطيب –الذي هو نفس كلام علي جمعة- بأن «حماس» إرهابية، وأنه من الواجب قتل أهالي غزة المقاومين لنفس الإسرائيليين، الذي يدعو الله أن يقطع نسلهم ويرّمل نساءهم ويّيتم أطفالهم!
المفارقة أن الخطيب وبعد وصلة دعائه على اليهود لا ينسى في كل مرة أن يحث المصلين على التبرع لوحدة غسيل كلوي بالقرية، ويناشدهم الإنفاق حتى يتم إنشاء الوحدة لعلاج آلاف من المرضى بإجراء عمليات غسيل دماء لهم.
لكن لم يخطر بباله ولا مرة واحدة -مثلما لم يخطر ببال المصلين وبينهم جانب كبير من مرضى الفشل الكلوي الذين يؤمّنون على دعائه ويلعنون اليهود- أن مخترع طريقة علاج هذا المرض هو الطبيب والعالم اليهودي ويليام كلوفكيم!
هل من مزيد.. ألا تعلمون أيها اللاعنون الشتامون لليهود أن اليهودي «المنجوس الملعون» باروخ بلومبيرغ هو الذي اكتشف مرض وعلاج الالتهاب الكبدي الوبائي الذي يعاني منه ملايين المصريين، والذين صحوا مؤخرا من وهم العلاج بـ «كفتة الجنرال عبدالعاطي»!
وعلى هذا المنوال هناك المئات من المخترعين اليهود، الذين قدموا للبشرية إنجازات مذهلة، تضيق المساحة هنا بذكرهم.
شيخ قريتنا وصبيه لاعن اليهود، وأشباههم، هم مثل «علي جمعة» الخالق الناطق. منبطحون أمام أي صاحب سلطة، حتى لو كان «شيخ خفر»، بينما يتحولون إلى وحش كاسر في مواجهة شباب مصر الطاهر الغائب خلف الأسوار لرفضهم حياة الذل والانسحاق أسفل «البيادة».بعد سقوط هذه «البيادة» السافلة، أتوقع أن يلحس علي جمعة وصبيانه كلامهم، وأن يجلسوا في حضرة الرئيس الشرعي محمد مرسي، وهم يؤكدون أمامه أنه بطل أسطوري قاوم الطغيان من السجن.
 • shrief.abdelghany@gmail.com @shrief_ghany

ليست هناك تعليقات:

إرسال تعليق