مواطن ومخبر و"محامي"
وائل قنديل
دعك من أن باسم يوسف كان قبل 30 يونيو الفتى المدلل لجماهير الثورة المضادة، وما حملته على ظهرها من انقلاب فيما بعد.. ولا تعبأ كثيرا بالتفتيش في "جوجل" و"يوتيوب" عن آهات الإعجاب وصيحات التشجيع بمن كان "العندليب" صاحب "البرنامج" المتخصص في الهجوم على محمد مرسي.
كل ذلك مفهوم وطبيعي في زمن الانقلاب، وتبعاته، إذ إن "الانقلاب" في اللغة لا يعني سوى عكس الشيء ونقيض الوضع والحالة.. لكن المفزع حقا أن يكون صاحب البلاغ الطائر عبر "تويتر" متهما باسم يوسف بالعيب في الذات السيسية، والتجديف في عقيدة الانقلاب وشريعته، هو المحامي الذي يتصدى للدفاع عن محمد فهمي، صحافي قناة الجزيرة الإنجليزية وينافح عن حقه في ممارسة مهنة الإعلام وحقه في حرية التعبير.
ثلاثة أدوار (مواطن ومخبر ومحامي) إذن يقوم بها شخص واحد في التصدي لما رآه اجتراء من باسم يوسف على صاحب القداسة العسكرية.
النموذج المثالي للمواطن في دولة السيسي، هو ذلك الذي يبلغ به الشطط في عبادة الجنرال أن يبلغ عن كل من ينطق بحرف ضده، أو ينظر إلى صورته على نحو يبتعد عن الإجلال والتوقير، أو لا يصفق وينتفض واقفا إذا سمع اسمه، أو ينطق اسمه غير مصحوب بمفردات الثناء والحمد.
يستوي هنا الأخ والصديق والجار وزميل العمل، فليس بعد الشرك بالجنرال المقدس ذنب، ومن ثم لا غضاضة في أن يتحول الجميع إلى مخبرين ضد الجميع، لا فرق بين من يفعل ذلك طمعا في عطاياه، أو خوفا من عقابه، أو استنزالا للعناته على من يختلف معهم على شيء، أو "استنذالا " من أجل النذالة، على طريقة الفن للفن.
هذا المواطن السيساوي القح، يمكن أن يكون موظفا عاما، أو صحافيا، أو محاميا ضل طريقه إلى الإعلام، ويمكن أن يكون أيضا إماما في مسجد، أو واعظا في كنيسة، أو سائق تاكسي، أو أستاذا في الجامعة، أو تلميذا في مدرسة.. ذلك أن البقاء في مصر صار للأوفى للانقلاب، والصعود، للأحسن بلاء في تسليم أكبر عدد ممكن من "أعداء النظام" أو "أعداء الوطن" كما كان يفهم جندي الأمن المركزي في فيلم "البريء" للممثل الفذ الراحل أحمد زكي.
والغريب أن هذا المواطن لم يعد يعنيه الحفاظ على ذلك الخيط الرفيع بين كونه "إنسانا مصريا" أو "خفيرا" نظاميا كان أم منتسبا أم متطوعا في وقت الفراغ، ما دام معيار الوطنية هو "أن تبلغ أكثر".
يستوي هنا الأخ والصديق والجار وزميل العمل، فليس بعد الشرك بالجنرال المقدس ذنب، ومن ثم لا غضاضة في أن يتحول الجميع إلى مخبرين ضد الجميع، لا فرق بين من يفعل ذلك طمعا في عطاياه، أو خوفا من عقابه، أو استنزالا للعناته على من يختلف معهم على شيء، أو "استنذالا " من أجل النذالة، على طريقة الفن للفن.
هذا المواطن السيساوي القح، يمكن أن يكون موظفا عاما، أو صحافيا، أو محاميا ضل طريقه إلى الإعلام، ويمكن أن يكون أيضا إماما في مسجد، أو واعظا في كنيسة، أو سائق تاكسي، أو أستاذا في الجامعة، أو تلميذا في مدرسة.. ذلك أن البقاء في مصر صار للأوفى للانقلاب، والصعود، للأحسن بلاء في تسليم أكبر عدد ممكن من "أعداء النظام" أو "أعداء الوطن" كما كان يفهم جندي الأمن المركزي في فيلم "البريء" للممثل الفذ الراحل أحمد زكي.
والغريب أن هذا المواطن لم يعد يعنيه الحفاظ على ذلك الخيط الرفيع بين كونه "إنسانا مصريا" أو "خفيرا" نظاميا كان أم منتسبا أم متطوعا في وقت الفراغ، ما دام معيار الوطنية هو "أن تبلغ أكثر".
والحقيقة أن نموذج "الدركي" أو "عسكري الأمن المركزي" في الصحافة المصرية والعربية ليس جديدا، غير أنه يمر بمراحل تمدد وانكماش تبعا للوضع السياسي، ففي عصور الانحطاط يصبح المطلوب لصعود منبر إعلامي رسمي أو شبه رسمي هو مؤهلات الخفير النظامي، حيث يكفي أن يصرف لكل واحد منهم مجموعة من العبارات المحنطة في توابيت الوطنية الزائفة مثل "سمعة مصر" و"باعوا نفسهم للشيطان" و"التطاول على مصر" و"مصر كبيرة ورائدة العرب" لكن الجديد الآن هو "المساس بذات السيسي المقدسة".
ليست هناك تعليقات:
إرسال تعليق