تحالف أعداء داعش
د. عوض السليمان
عندما طالب السوريون، واشنطن والغرب عموماً بالتدخل العسكري لإنقاذهم من الإبادة، رفض البيت الأبيض الأمر مباشرة، بحجة أنه لا تخويل من مجلس الأمن يسمح للولايات المتحدة وحلفائها بالتدخل العسكري في سورية.
ومع أن واشنطن تدخلت عسكرياً في معظم بلاد العالم سراً وعلناً، إلا أنها ادعت العجز أمام الفيتو الروسي عن فعل ما ينقذ أطفال سورية من الذبح الطائفي.
طلبنا أن تقوم المعارضة بتحويل الملف إلى الجمعية العامة للأمم المتحدة للاستفادة من أحد قرارين، الأول "الاتحاد من أجل السلم"، وهو القرار رقم 377، ويقضي أن تقوم الأمم المتحدة، لا مجلس الأمن، باستخدام القوة العسكرية لحماية السلم في بلد ما، عند الخلاف في مجلس الأمن.
والثاني هو مبدأ "مسؤولية الحماية"، الذي تبلور عام 2001، ويجيز التدخل العسكري في البلاد التي قد يتعرض أهلها للإبادة الجماعية، أو التطهير العرقي، في حال رفضت الدولة حماية مواطنيها، أو عجزت عن ذلك. وهو تماماً ما حدث ويحدث في سورية كل يوم.
وقفت الدول الغربية عموماً وخاصة الولايات المتحدة عائقاً أمام ذلك، ولم تفلح المحاولات الحثيثة لثني واشنطن عن موقفها العدواني من الشعب السوري.
لم تفلح المعارضة في إقناع الإدارة الأمريكية بمجرد إنشاء منطقة حظر جوي تمنع قصف طيران الأسد للمدنيين بالبراميل المتفجرة، حيث أسرعت الولايات المتحدة لتعطيل الفكرة والالتفاف عليها، بل وساهمت أخيراً في منع فرنسا من المضي قدماً في مسألة إيجاد ممرات إنسانية آمنة لحماية العزل.
تغاضت واشنطن عن كل الجرائم البربرية التي تعرض لها الشعب السوري، وتغاضت أيضاً عن ظهور الحركات الجهادية. وبينما نشطت في منع تسليح الثوار، غضت الطرف عن وصول أكثر أنواع الأسلحة فتكاً لتلك التنظيمات.
قبل أيام أعلن السيد أوباما أن تنظيم الدولة الإسلامية في العراق والشام خطر على الأمن القومي الأمريكي، وبدأت وسائل الإعلام حملتها لتسويق المعركة.
ستفشل الحرب الجديدة في القضاء على تنظيم الدولة كما فشلت في مواجهة "القاعدة"، فالفكر الداعشي أو القاعدي سريع الحركة والانتقال، ويغذيه تصرفات واشنطن نفسها وإسهامها في اضطهاد السنة في كل أنحاء العالم.
بدأ التحالف سريعاً، فالطائرات الأمريكية تقصف العراق، وتحلق فوق شرق سورية، ولم يأخذ الأمر من الغرب إلا أياماً معدودات لإشعال حربهم التي يريدون.
لا ترى واشنطن أي إرهاب في الرجل الذي قتل نصف مليون سوري وشرد أكثر من عشرة ملايين، بل أغمضت عينيها ليصبح رئيساً جديداً ولسبع سنوات أخرى، بينما أنشأت تحالفاً من أربعين دولة ليخوض معركة ستكون نتيجتها لمصلحة الأسد نفسه.
ملاحظتان مهمتان:
الأولى: أن مجموعة أصدقاء الشعب السوري لا تزال تجتمع منذ ثلاث سنوات، لكنها لم تقدم شيئاً، ولم تنقذ رضيعاً واحداً من الموت، بل لعلها في مرحلة الاحتضار، أما تحالف واشنطن فقد بدأ عملياته بعد اجتماع واحد في جدة.
ولا يدل هذا إلا على رغبة الغرب وأذيالهم بالحفاظ على الأسد ومنع انتصار الثورة السورية من خلال تحالف مماثل يسقط الأسد في ساعتين ليس إلا.
الثانية، أننا على يقين أن الضربات الأمريكية ستخدم الأسد ولن تؤذي قواته ألبتة، إذ لو كانت لدى الغرب رغبة في ذلك لمنع تشكل داعش من الأساس ووجه طائراته إلى شبيحة الأسد.
قلنا سابقاً إن أي ضربات أمريكية محتملة لقوات الأسد، ستستهدف الثوار بالدرجة الأولى وقوات النظام بالثانية، أما الضربات الموجهة لتنظيم الدولة فستستهدف التنظيم بالدرجة الأولى والثوار بالدرجة الثانية، أما الأسد فسيتفرج من بعيد ويثبت نفسه فترة رئاسية جديدة، وكل ذلك بإشراف الغرب وتدبيره.
ليست هناك تعليقات:
إرسال تعليق