الأحد، 21 سبتمبر 2014

"هندرسون" يكتب عن "حج" وزير الخارجية الكويتي إلى بيت المقدس

"هندرسون" يكتب عن "حج" وزير الخارجية الكويتي إلى بيت المقدس


في 14 أيلول/سبتمبر استقل الشيخ صباح الخالد الحمد الصباح النائب الأول لرئيس مجلس الوزراء ووزير الخارجية الكويتي الطائرة من الأردن إلى رام الله لإجراء محادثات مع رئيس السلطة الفلسطينية محمود عباس. وكانت الرحلة جديرة بالملاحظة بحد ذاتها نظراً إلى عداء الكويت المستمر مع الفلسطينيين لوقوفهم إلى جانب الرئيس العراقي السابق صدام حسين عندما غزت العراق بلادهم عام 1990.
ولكن يمكن القول أن العامل الأكثر بروزاً في هذه الزيارة كان يكمن في سفر الشيخ الصباح، الذي هو عضو بارز في الأسرة الحاكمة، في رحلة جانبية إلى القدس للصلاة في البلدة القديمة - وهي أساساً رحلة إلى إسرائيل.

في نظر معظم العالم، لم يقم الوزير الكويتي بزيارة إسرائيل فعلياً بل زار فقط الأراضي المحتلة التي ضمتها إسرائيل إليها بعد حرب عام 1967. وليس لدى الكويت علاقات رسمية مع إسرائيل، ولم تسمح بإنشاء مكتب تجاري إسرائيلي في الإمارة، على عكس ما قامت به سلطنة عُمان وقطر.كما أن المركز الدبلوماسي الإسرائيلي الوحيد في الخليج، الذي لم يُعلن عنه رسمياً ولكن كان قد أُشير إليه بشكل غير مباشر - ومن المؤكد أن ذلك جاء على الأغلب عن غير قصد - في الميزانية الرسمية للعام الماضي، ليس في الكويت.

ومع ذلك، جاءت خطوة الشيخ الصباح في تناقض نادر ولافت للإنتباه، مع المقاطعة العربية - الطويلة الأمد - لزيارة المَعْلَمين الدينيين مسجد عمر (المعروف أيضاً بقبة الصخرة)، والمسجد الأقصى، وكلاهما واقعان في صميم ما يسميه العرب بالحرم القدسي الشريف، فيما يشير إليه اليهود والمسيحيين باسم جبل الهيكل. 
ولا يتجاوز عدد الزيارات المعروفة من قبل مسؤولين عرب بارزين إلى الحرم الشريف/جبل الهيكل منذ عام 1967، عدد أصابع اليد الواحدة وهم: الرئيس المصري أنور السادات في عام 1977، ووزير الخارجية المصري عمرو موسى في عام 1994، ومفتي مصر وأمير أردني في عام 2012.
ومنذ فترة غير بعيدة تعود لأيار/مايو من هذا العام، رفض رئيس المخابرات السعودية الأسبق الأمير تركي الفيصل علناً دعوة لزيارة القدس كونها تحت الاحتلال، على الرغم من أن نظيره الإسرائيلي السابق عاموس يادلين هو من قدّم الدعوة، عندما كان الأخير يناقش علناً مع الأمير القضايا الإقليمية، وبذلك تم نقض عُرف دبلوماسي عربي آخر.

إن الموقف الرسمي الكويتي من القدس مدرج في ما يُسمى بـ «إعلان الكويت» الذي صدر في ختام مؤتمر القمة العربية الذي انعقد في مدينة الكويت في أيار/مايو، وكانت اجتماعاته شائكة نظراً إلى الخلافات حول مصر وسوريا.بيد، تمكنت جميع الدول المشاركة من الاتفاق على "الرفض المطلق والقاطع للاعتراف بإسرائيل كدولة يهودية ولاستمرار الاستيطان وتهويد القدس والاعتداء على مقدساتها الإسلامية والمسيحية وتغيير وضعها الديمغرافي والجغرافي".
وقد أوردت وكالة الأنباء الكويتية الرسمية هذا الأسبوع خبر زيارة الشيخ الصباح دون ذكر كلمة "إسرائيل" أو "تهويد"، وفي المقابل أكدت على دعم الكويت "المستمر والأبدي" للشعب الفلسطيني ونقلت عن الوزير قوله إنه سيقوم بـ "مزيد من الزيارات إلى فلسطين، بما فيها القدس."

ووفقاً لصحيفة "جيروزاليم بوست" الإسرائيلية، تم تنسيق هذه الزيارة مع إسرائيل، ولكن لم توجّه أي دعوة لأي ممثل من الحكومة الإسرائيلية أو بلدية القدس للقاء الشيخ الصباح. 
كما نقلت الصحيفة عن مسؤول إسرائيلي لم تذكر إسمه قوله: "عندما يريد زعيم عربي الصلاة في المسجد الأقصى، سنسهل هذه العملية".

وفي إطار غياب التعليق العام، يمكن فقط التنبؤ بالنوايا الدبلوماسية الكاملة للكويت. ففي ظل الظروف الراهنة، يمكن أن تعكس الزيارة جهود البلاد لتعزيز سمعتها في محاولة الوساطة (على غرار محاولاتها الفاشلة حتى الآن للتوسط في المصالحة بين قطر والمملكة العربية السعودية).
أما من وجهة نظر إسرائيل، فقد تحاول الكويت الانضمام إلى المعسكر السني - الذي يضم السعودية والإمارات العربية المتحدة والأردن - والذي يُعتقد أن لإسرائيل علاقات أمنية معه حتى في غياب علاقات دبلوماسية رسمية مع الرياض وأبو ظبي. 
وعلى أي حال، يبدو أن صعود تنظيم «الدولة الإسلامية في العراق والشام» («داعش») وحدوث تطورات خطيرة أخرى في الشرق الأوسط، أدت إلى اتخاذ قرارات سياسية غير متوقعة. 
وكان رئيس السلطة الفلسطينية محمود عباس قد دعا القادة العرب في الماضي لزيارة الأماكن الدينية الإسلامية المقدسة في القدس، إلا أنه تم التنديد بتلك الخطوة - التي أثارت الجدل - كونها تدعو إلى تطبيع العلاقات مع إسرائيل.
وبالتالي، فإن غياب الإستياء الشعبي على المستويات العليا في العالم العربي الأوسع من بادرة الشيخ الصباح يمثل أهمية كبيرة.



"سايمون هندرسون" هو زميل بيكر ومدير برنامج الخليج وسياسة الطاقة في معهد واشنطن.

ليست هناك تعليقات:

إرسال تعليق