الثلاثاء، 23 سبتمبر 2014

قطعت "ماهينور" قول كل خطيب

قطعت "ماهينور" قول كل خطيب

وائل قنديل


قالت ماهينور ما ينبغي أن يقال من ثائرة مصرية متسقة مع نفسها، وأعلنت الناشطة المصرية اليسارية المعارضة دون مواربة أن الحكم بإخلاء سبيلها مسيس. 

ماهينور المصري، التي قرروا إخلاء سبيلها استباقا لزيارة عبد الفتاح السيسي إلى نيويورك قرأت الرسالة جيدا، واعتبرت أن النظام القمعي في مصر لم يمنحها الحرية – الموقوتة – احتراما لقيمة الحرية، أو إعلاء لمبدأ الديمقراطية وحق الإنسان في التعبير والاحتجاج والمعارضة، وإنما جاءت الخطوة تزلفا من جانب رأس النظام للإدارة الأميركية ، أو كما أوجزت "أرادوها وردة في عروة جاكيت الجنرال قبل أن يشد الرحال إلى الولايات المتحدة. 

لا يدين ماهينور المصري، أو علاء عبد الفتاح أن يكون إطلاق سراحهما بشكل مفاجئ مرتبطا بزيارة جون كيري وزير خارجية أميركا للقاهرة، وارتحال السيسي إلى "مهبط السلطة الانقلابية". كلاهما يستحق الحرية والعدل، تماما كما يستحقها آلاف "علاء عبد الفتاح" ومئات "ماهينور" آخرون يقبعون في زنازين السلطة التي جاءت إلى الحكم مشيا فوق جثة ثورة يناير، وسباحة في دماء آلاف الشهداء والجرحى.

لقد تزودت قافلة الانقلاب المتجهة إلى نيويورك بكميات غير مسبوقة من مستلزمات السفر، أطنان من الكتبة والإعلاميين والفنانين شحنهم رجال أعمال الانقلاب فوق أساطيلهم، وكذلك إجراءات وحركات و تصريحات - شكلية - صالحة للاستخدام في إعلام بلاد العم سام، في محاولة للإيحاء بأن المسافر شاعر رومانتيكي رقيق، أو رسام يحكم بالريشة والفرشاة وليس بالمدرعة والبيادة الثقيلة.

ولعل هذه أول مرة في تاريخ حكام مصر يجري "شحن" كل هذا العدد من القوات المحمولة جوا، من المؤيدين والأنصار والأتباع أو"البتوع" باللهجة العامية المصرية لتأمين زيارة أولى لحاكم صعد إلى كرسي سلطة مصنوع من عظام وجماجم معارضيه، من رافضي انقلابه الدموي.

إن الطوارئ والاستعدادات المشددة داخل سلطة الانقلاب، منذ الإعلان عن السفر إلى نيويورك لحضور قمة المناخ، تكشف عن حالة فزع حقيقية تجتاح هذا المعسكر من تعريض الجنرال لرياح خفيفة، لمناسبة رحلته الأولى في اتجاه الغرب (الديمقراطي) بعد رحلات محدودة النطاق داخل الشرق المشبع برطوبة الاستبداد والعداء للحرية والديمقراطية.

الآلة الأمنية والإعلامية لزعيم الانقلاب اشتغلت على مدار الأيام السابقة على السفر بكامل طاقتها، غير أنها كعادتها لا تعرف الابتكار، فهي تستدعي من أرشيفها الفقير أدوات ومفردات التخويف من الإرهاب، بالطريقة القديمة ذاتها التي تستمطر سحب الإرهاب، كي تحصل على المظلة الأميركية، وتوجد صخبا أمنيا للتغطية على جرائم ارتكبتها هذه السلطة بحق معارضيها، هي الإرهاب بعينه. والأداء ذاته قدمته أذرع النظام الإعلامية، من خلال اعتبار أن كل معارض للسيسي هو بالضرورة إرهابي إخواني عميل مأجور، ومن ثم كل من يهتف ضد هذه الزيارة، أو يصرخ في مواجهة إعلام سلطة العسكر، من العرب والمصريين في أميركا، هو عضو في التنظيم الدولي للإخوان. 

إن نظاما بهذه الخفة، يراه أتباعه مثل طفل غض ينبغي أن يقبع طوال الوقت على أجهزة التنفس الصناعي، أو لا يغادر "حضانة" معقمة، هو نظام غير قابل للاستمرار على قيد الحياة.. ومن حيث أرادت آلة بروبجاندا السلطة أن توحي للعالم بأن لدى مصر "رئيسا مصونا" فإنها قدمت صورة حاكم يرتعد من مواجهة بضع عشرات من الجماهير الرافضة للاعتراف بسلطة الدم. 
والحاصل أن "النظام" سيعود من واشنطن أكثر شراسة وانتقامية.. وسيعود علاء وماهينور إلى العتمة بعد انتهاء الزيارة، لكن المؤكد أيضا أن ثورة مصر ستعود، بسرعة انطلاق السلطة الخائفة إلى حتفه
ا.

ليست هناك تعليقات:

إرسال تعليق