الإسلام "العكاشي" الجميل
وائل قنديل
تدرك السلطة الحالية في مصر أن أهم عوامل هزيمتها في مواجهة ثورة يناير 2011 هو مستوى الوعي لدى طلائع الثوار، بحيث لن تكون على الحقيقة، لو لخصت الموقف كله بعبارة "نور العلم هزم عتمة الهراوة والبيادة".
تتذكر، بالطبع، أن العنصر الحاسم في تلك المواجهة الباسلة كان التفوق في استخدام تكنولوجيا التواصل والحشد، فأمام إجراءات المنع والقمع ومصادرة حرية الانتقال والاتصال، بما في ذلك قطع الخدمة الهاتفية وتعطيل شبكة الإنترنت، نجح أبناء الربيع في ابتكار وسائل أربكت حسابات العقلية الأمنية العقيمة.
كان فلاسفة ربيع الفكر اليوناني، سقراط ثم أفلاطون، وبعدهما أرسطو، يرون أن الفضيلة علم والرذيلة جهل، وكذلك هي العلاقة بين الثورة والانقلاب. الأولى تعتمد على العلم والفهم والاستنارة، والثاني يتغذى على الجهل والبلادة والظلامية.
لذلك، تلجأ سلطات الانقلاب دائما لاستهداف مناطق التفكير والوعي عند الجماهير، فتغرقها في آبار من الجهل والتخلف، وتقصفها ببراميل التغييب المتفجرة على شاشات التلفزة، أو صفحات الجرائد.
ثم تتحول عملية الإقصاء، التي تمارسها هذه السلطات، إلى إخصاء كامل للوعي، وإطفاء تام للعقل الجمعي، كي يقبل، راضياً وسعيداً، بكل ما تسكبه في دماغه من معلومات ملوثة، ومعتقدات وأفكار أكثر تلوثاً، عن الدين والوطن والفن، إلى أن يعتاد القبح، ويألف الانحطاط والابتذال، ويأنف كل ما هو صادق ونقي ومحترم.
وإحدى وسائل صناعة هذه الحالة من التلقي الأليف، الذي يرى في المحاججة والاستفهام والاحتجاج، خروجاً على الدين، وشقاً للصف الوطني، هي تصنيع وترويج نوع من الوجوه الفاسدة في الإرشاد الإعلامي، والتوجيه الديني، ومنحهم المساحات والأدوات اللازمة للعب في الدماغ، وإفراغه من كل ما استقر فيه من قيم وطنية نظيفة، ومفاهيم دينية سليمة.
"العكاشية" هنا لم تعد شخصاً، بل أضحت تياراً عاماً، يحمل قيم السلطة الجديدة، الحاكمة لدولة الانقلاب، ويتجاوز الأمر حشو الشاشات بوجوه وأفكار عكاشية، على اختلاف الأسماء والملامح ومستوى الثقافة والتعليم، إلى اختراع "عكاشات" أخرى في مجال الدعوة والفكر الديني، مع منحها كل أشكال الحماية والحصانة، كي لا يوقفها أحد عن نشاطها المحموم في هدم الأصول وتشويه التراث، وتقديم نموذج لما يمكن اعتباره "الإسلام السيسي"، على أنه صحيح الإسلام.
أحدث هذه الوجوه شخص مفتول العضلات، له بنية ضباط التعذيب، يحتل شاشات قنوات الانقلاب في مصر، يطلقون عليه "إسلام البحيري "ممارساً أحط أنواع "التقيؤ الفكري"، من عينة اتهام أئمة الفقه الإسلامي الأربعة بأنهم مجموعة من الإرهابيين السفلة القتلة، وصولاً إلى أنه لا فرق بين الإسلام، كما سجلته محفوظات ووثائق القرون الثلاثة الأولى، والإرهاب.
يذهب هذا الدعي إلى أسفل من ذلك، حين يقول، بكل ثقة، إن المطلوب، الآن، هو تقطيع أيدي وأرجل ابن تيمية وأئمة المذاهب الأربعة من خلاف، ولأنهم ماتوا، فالواجب، الآن، أن نأتي بكتبهم لتقطيعها، "من خلاف أيضا"، وحرقها.
يحدث هذا في دولةٍ لا يزال فيها رجل يطلقون عليه "إمام الأمة الإسلامية الأكبر"، يشغل منصب شيخ الأزهر، وبها مجمع للبحوث الإسلامية، وجيش هائل من علماء الدين والفقهاء، لا يسمع لهم أحد صوتاً، في ظل آلة قمع وحشية، لا تسمح بالظهور على الناس، إلا لأنكر الأصوات، وأقبحها خطاباً، وتغذي هذا اللون من الهرطقات والمساخر التي تقدم يوميا للجمهور على أنها "الإسلام العصري الجديد".
والحاصل أن مثل هذا الدعي يسلك على هذا النحو، لأنه يعلم جيداً أن أحداً في مصر لن يسكته، بل هناك من يشجع على المضي أبعد من ذلك. لذا، يصح توجيه السؤال للمنظمات والهيئات الإسلامية خارج مصر: ماذا أنتم فاعلون للرد بالكلمة والحجة والبرهان على هذه التخاريف البذيئة؟
غضب الأشقاء في المملكة العربية السعودية على إساءة واحد من جيش "العكاشنة" للرياض ودفاعه عن الإرهاب باسم الطائفة الذي يمارسه الحوثيون باليمن. وفي حدود علمي، أن أئمة المذاهب الأربعة، لا يخصون مصر فقط، وبالتالي، لا يصح السكوت من جانب كل الجهات المعنية، على هذه الوقاحات والسفالات المنبعثة من جنرالات "المفهوم الصهيوني للإسلام"، والتي تؤذي مشاعر كل مسلم غيور على دينه وقيمه، ومحترم لتراثه، حتى وإن كان يحمل رأياً مخالفاً لبعض ما ورد فيه.
ثم تتحول عملية الإقصاء، التي تمارسها هذه السلطات، إلى إخصاء كامل للوعي، وإطفاء تام للعقل الجمعي، كي يقبل، راضياً وسعيداً، بكل ما تسكبه في دماغه من معلومات ملوثة، ومعتقدات وأفكار أكثر تلوثاً، عن الدين والوطن والفن، إلى أن يعتاد القبح، ويألف الانحطاط والابتذال، ويأنف كل ما هو صادق ونقي ومحترم.
وإحدى وسائل صناعة هذه الحالة من التلقي الأليف، الذي يرى في المحاججة والاستفهام والاحتجاج، خروجاً على الدين، وشقاً للصف الوطني، هي تصنيع وترويج نوع من الوجوه الفاسدة في الإرشاد الإعلامي، والتوجيه الديني، ومنحهم المساحات والأدوات اللازمة للعب في الدماغ، وإفراغه من كل ما استقر فيه من قيم وطنية نظيفة، ومفاهيم دينية سليمة.
"العكاشية" هنا لم تعد شخصاً، بل أضحت تياراً عاماً، يحمل قيم السلطة الجديدة، الحاكمة لدولة الانقلاب، ويتجاوز الأمر حشو الشاشات بوجوه وأفكار عكاشية، على اختلاف الأسماء والملامح ومستوى الثقافة والتعليم، إلى اختراع "عكاشات" أخرى في مجال الدعوة والفكر الديني، مع منحها كل أشكال الحماية والحصانة، كي لا يوقفها أحد عن نشاطها المحموم في هدم الأصول وتشويه التراث، وتقديم نموذج لما يمكن اعتباره "الإسلام السيسي"، على أنه صحيح الإسلام.
أحدث هذه الوجوه شخص مفتول العضلات، له بنية ضباط التعذيب، يحتل شاشات قنوات الانقلاب في مصر، يطلقون عليه "إسلام البحيري "ممارساً أحط أنواع "التقيؤ الفكري"، من عينة اتهام أئمة الفقه الإسلامي الأربعة بأنهم مجموعة من الإرهابيين السفلة القتلة، وصولاً إلى أنه لا فرق بين الإسلام، كما سجلته محفوظات ووثائق القرون الثلاثة الأولى، والإرهاب.
يذهب هذا الدعي إلى أسفل من ذلك، حين يقول، بكل ثقة، إن المطلوب، الآن، هو تقطيع أيدي وأرجل ابن تيمية وأئمة المذاهب الأربعة من خلاف، ولأنهم ماتوا، فالواجب، الآن، أن نأتي بكتبهم لتقطيعها، "من خلاف أيضا"، وحرقها.
يحدث هذا في دولةٍ لا يزال فيها رجل يطلقون عليه "إمام الأمة الإسلامية الأكبر"، يشغل منصب شيخ الأزهر، وبها مجمع للبحوث الإسلامية، وجيش هائل من علماء الدين والفقهاء، لا يسمع لهم أحد صوتاً، في ظل آلة قمع وحشية، لا تسمح بالظهور على الناس، إلا لأنكر الأصوات، وأقبحها خطاباً، وتغذي هذا اللون من الهرطقات والمساخر التي تقدم يوميا للجمهور على أنها "الإسلام العصري الجديد".
والحاصل أن مثل هذا الدعي يسلك على هذا النحو، لأنه يعلم جيداً أن أحداً في مصر لن يسكته، بل هناك من يشجع على المضي أبعد من ذلك. لذا، يصح توجيه السؤال للمنظمات والهيئات الإسلامية خارج مصر: ماذا أنتم فاعلون للرد بالكلمة والحجة والبرهان على هذه التخاريف البذيئة؟
غضب الأشقاء في المملكة العربية السعودية على إساءة واحد من جيش "العكاشنة" للرياض ودفاعه عن الإرهاب باسم الطائفة الذي يمارسه الحوثيون باليمن. وفي حدود علمي، أن أئمة المذاهب الأربعة، لا يخصون مصر فقط، وبالتالي، لا يصح السكوت من جانب كل الجهات المعنية، على هذه الوقاحات والسفالات المنبعثة من جنرالات "المفهوم الصهيوني للإسلام"، والتي تؤذي مشاعر كل مسلم غيور على دينه وقيمه، ومحترم لتراثه، حتى وإن كان يحمل رأياً مخالفاً لبعض ما ورد فيه.
ليست هناك تعليقات:
إرسال تعليق