اغتصاب اليمن واغتيال عزة
وائل قنديل
سأقول لكم من هي عزة سليمان أولاً. هي قبل أن تكون ناشطة حقوقية مصرية محترمة، راسخة كالجبال، في وقت تراقصت فيها أقدام، و"تحنجلت" وزلت أقدام أخرى، هي أم، أشجع من كل الرجال، وبمعايير الرجولة الحقة، هي امرأة بمائة رجل ممن تعدون.
عزة، هي الموقف الإنساني ذاته، بلا تغيير في زمن حسني مبارك، ثم المجلس العسكري، ثم محمد مرسي، فعبد الفتاح السيسي، تخوض المعركة نفسها ببسالة، دفاعاً عن إنسانية البشر.
شاء القدر أن تكون عزة سليمان شاهدة على لحظات احتضار الشهيدة شيماء الصباغ، في وسط القاهرة، بعد إطلاق الرصاص عليها، بواسطة الشرطة، كتبت شهادتها على مواقع التواصل الاجتماعي، وذهبت إلى جهات التحقيق، بقدميها، للإدلاء بأقوالها، كي لا يضيع حق مواطنة مصرية هدراً.
وبعد شهرين بالتمام والكمال من شهادة الحق، تجد عزة سليمان نفسها، الآن، متهمة بقتل شيماء الصباغ، على الرغم من التصريح المسخرة الذي أقيل بسببه المتحدث باسم الطب الشرعي، قائلاً إن نحافة جسد شيماء تسببت في مقتلها، لأنها لم تتحمل طلقة الخرطوش!
تكتب عزة عن ملهاة تحويلها من شاهدة إلى متهمة بالقتل "اليوم أعلن أنني حالة انكسار كبيرة، ليس لأنني اتهمت، ولكن لأن الأمل يضيق أكثر فأكثر، والانكسار يتسع".
تضيف "أن النظام مقرر يخوف ويخرس كل الأصوات، حتى لو فكرت تقول الحق عبر شهادة، يتم لوي كل القوانين والأجهزة لترسيخ سلطة النظام، إنهاك أي فرد أو قوى تحاول أن تعبر عن أي استياء من النظام، أو تساعد أو تدعم آخرين يتعرضوا للظلم".
هذه عزة مارس 2015، لم تختلف عن عزة نوفمبر 2012 التي سجلت شهادة لها في مقال لي بعنوان "شرطة مرسي.. شرطة مبارك"، حين فجعت فيما جرى لأولادها الثلاثة على يد بلطجية تحميهم الشرطة، حين حاولوا الدفاع عن سيدتين تتعرضان للتحرش، إذ كتبت عزة التي تدير مركز قضايا المرأة في ذلك الوقت "أولادي وأصحابهم فوجئوا برجل بيتحرش بسيدتين أجانب يكاد يصل إلى اغتصاب إحداهما، فقام مهند وضرب الرجل وأبعده عنها واستدعى الرجل على الفور أكثر من ثمانية بلطجية، مسلحين بسنج ومطاوى وشوم، والنتيجة كسر بأنف أحد أصحاب أولادي واشتباه في ارتجاج بالمخ لابني الأكبر، وحرق باليد لابني الثاني، وكدمات شديدة لهم، وأثناء هذا، لجأ أحدهم للضابط بمحطة المترو، ليستغيث به، فرفض الضابط قائلاً إنه ليس اختصاصه".
جريمة عزة سليمان أنها ضد كل المذابح التي حدثت، وترى أن ما تسمى الحرب على الإرهاب لا تكفي لتجاوز القانون، وتعطيله، وتؤمن بثورة من أجل الكرامة الإنسانية، فمن الطبيعي، أن يأتي قرار تحويلها إلى متهمة، في لحظة إطلاق سلاح حبيب العادلي، وزير داخلية النظام الذي قامت ضده الثورة.
تقف عزة سليمان وحدها، وأقصى ما يمكن أن يفعله المناضلون المتقاعدون، هو الاستنكار، فيما يصاب جلهم بالخرس، من دون أن يستشعر أحدهم خجلاً، وينسحب من ذلك الكيان القاتل، المسمى "مجلس قومي لحقوق الإنسان"، مثلها مثل عدن الآن التي تترك للاغتصاب، ولا رد فعل عربياً، سوى مصمصة الشفاه، والانكفاء على كتابة بيانات الشجب والاستنكار، وتحضير ملابس الحداد على سقوطها، على الرغم من أنهم كانوا يستطيعون إنقاذها، ولم يفعلوا.
انتهك الحوثيون صنعاء، فصمتوا، توغلوا في بقية المناطق اليمنية، فخرسوا، تحركوا صوب عدن، فتظاهروا بالانشغال بالتحضير للحوار مع الغزاة.
قبل سقوط ما تبقى من اليمن في قبضة الحوثيين بأيام، بدا وكأن هناك نظاماً عربياً، قرر أن يستيقظ، تصريحات من القاهرة تقول لن نسمح بالمساس بأمن الخليج، وتصريحات خليجية تنذر بتفعيل آلية التدخل عسكرياً، وحين جاءت لحظة الجد، ابتلع الجميع ألسنتهم، بل إن القاهرة ردت بانفعال أهوج على تصريح لوزير الخارجية اليمني، مفاده بأن مصر ودول الخليج وافقت على التصدي للغزو الحوثي، المدعوم عسكرياً وسياسياً، من إيران، فأعلنت الخارجية المصرية نفيها الأمر كله، والتزم الجميع الصمت.
والحاصل، الآن، أن العرب عموماً، وعرب الخليج خصوصاً، يقفون أمام الحقيقة عارية، تقول إن انقلاب السيسي الذي قطع شوطاً في التنسيق والتعاون مع انقلاب الحوثي، ثم تظاهر بالتراجع، ينتقم الآن، ممن رفضوا ابتزازه لهم، بتشكيل قوة عربية مشتركة، أو فلتحترق الأرض تحت أقدامهم.
مرة أخرى، لا يمكن لليد التي زرعت انقلاباً في مصر، أن تمنع زرعاً مماثلاً له، في اليمن، بأيدٍ إيرانية.
هذه عزة مارس 2015، لم تختلف عن عزة نوفمبر 2012 التي سجلت شهادة لها في مقال لي بعنوان "شرطة مرسي.. شرطة مبارك"، حين فجعت فيما جرى لأولادها الثلاثة على يد بلطجية تحميهم الشرطة، حين حاولوا الدفاع عن سيدتين تتعرضان للتحرش، إذ كتبت عزة التي تدير مركز قضايا المرأة في ذلك الوقت "أولادي وأصحابهم فوجئوا برجل بيتحرش بسيدتين أجانب يكاد يصل إلى اغتصاب إحداهما، فقام مهند وضرب الرجل وأبعده عنها واستدعى الرجل على الفور أكثر من ثمانية بلطجية، مسلحين بسنج ومطاوى وشوم، والنتيجة كسر بأنف أحد أصحاب أولادي واشتباه في ارتجاج بالمخ لابني الأكبر، وحرق باليد لابني الثاني، وكدمات شديدة لهم، وأثناء هذا، لجأ أحدهم للضابط بمحطة المترو، ليستغيث به، فرفض الضابط قائلاً إنه ليس اختصاصه".
جريمة عزة سليمان أنها ضد كل المذابح التي حدثت، وترى أن ما تسمى الحرب على الإرهاب لا تكفي لتجاوز القانون، وتعطيله، وتؤمن بثورة من أجل الكرامة الإنسانية، فمن الطبيعي، أن يأتي قرار تحويلها إلى متهمة، في لحظة إطلاق سلاح حبيب العادلي، وزير داخلية النظام الذي قامت ضده الثورة.
تقف عزة سليمان وحدها، وأقصى ما يمكن أن يفعله المناضلون المتقاعدون، هو الاستنكار، فيما يصاب جلهم بالخرس، من دون أن يستشعر أحدهم خجلاً، وينسحب من ذلك الكيان القاتل، المسمى "مجلس قومي لحقوق الإنسان"، مثلها مثل عدن الآن التي تترك للاغتصاب، ولا رد فعل عربياً، سوى مصمصة الشفاه، والانكفاء على كتابة بيانات الشجب والاستنكار، وتحضير ملابس الحداد على سقوطها، على الرغم من أنهم كانوا يستطيعون إنقاذها، ولم يفعلوا.
انتهك الحوثيون صنعاء، فصمتوا، توغلوا في بقية المناطق اليمنية، فخرسوا، تحركوا صوب عدن، فتظاهروا بالانشغال بالتحضير للحوار مع الغزاة.
قبل سقوط ما تبقى من اليمن في قبضة الحوثيين بأيام، بدا وكأن هناك نظاماً عربياً، قرر أن يستيقظ، تصريحات من القاهرة تقول لن نسمح بالمساس بأمن الخليج، وتصريحات خليجية تنذر بتفعيل آلية التدخل عسكرياً، وحين جاءت لحظة الجد، ابتلع الجميع ألسنتهم، بل إن القاهرة ردت بانفعال أهوج على تصريح لوزير الخارجية اليمني، مفاده بأن مصر ودول الخليج وافقت على التصدي للغزو الحوثي، المدعوم عسكرياً وسياسياً، من إيران، فأعلنت الخارجية المصرية نفيها الأمر كله، والتزم الجميع الصمت.
والحاصل، الآن، أن العرب عموماً، وعرب الخليج خصوصاً، يقفون أمام الحقيقة عارية، تقول إن انقلاب السيسي الذي قطع شوطاً في التنسيق والتعاون مع انقلاب الحوثي، ثم تظاهر بالتراجع، ينتقم الآن، ممن رفضوا ابتزازه لهم، بتشكيل قوة عربية مشتركة، أو فلتحترق الأرض تحت أقدامهم.
مرة أخرى، لا يمكن لليد التي زرعت انقلاباً في مصر، أن تمنع زرعاً مماثلاً له، في اليمن، بأيدٍ إيرانية.
ليست هناك تعليقات:
إرسال تعليق