الاستخبارات الأمريكية وحرب كلينتون على ليبيا
جيفري سكوت شابيرو/ واشنطن تايمز
ترجمة/ شيماء نعمان
مفكرة الإسلام : ربما كانت الحسابات السياسية والاقتصادية هي الدافع الأساسي وراء تدخل حلف شمال الأطلسي "الناتو" في ليبيا عام 2011 لمساندة الثوار على الأرض والإطاحة بنظام "معمر القذافي"؛ إلا أن وثائق سرية وإفادات جديدة كشفت عنها صحف أمريكية تؤكد وجود تحالف استخباراتي وثيق بين أجهزة استخبارات القذافي ووكالة الاستخبارات الأمريكية "سي آي إيه"؛ الأمر الذي يضع علامة استفهام كبرى بالنسبة لموقف وزيرة الخارجية الأمريكية السابقة "هيلاري كلينتون"؛ التي كانت الداعم الأكبر للتدخل العسكري في ليبيا.
وقد نشرت صحيفة "واشنطن تايمز" تقريرًا للمحلل القانوني "جيفري سكوت شابيرو" تحت عنوان "حرب كلينتون على ليبيا أضرت الاستخبارات الأمريكية"
عرض فيه إفادات هامة وسرية أدلى بها مسئول ليبي بارز من نظام القذافي من خلال سلسلة من رسائل البريد الإلكتروني؛ إلى جانب عدة تصريحات لمسئولين بالاستخبارات الأمريكية تعضد بعضها بعضًا.
ونعرض في السطور التالية نص التقرير وجاء فيه:
أكد مساعد بارز للنظام الليبي السابق ومسئولون بالاستخبارات الأمريكية أن الحملة العسكرية التي سعت إليها "هيلاري كلينتون"- وزيرة الخارجية الأمريكية السابقة- عام 2011 للإطاحة بـ "معمر القذافي" من السلطة في ليبيا قد ألحقت ضررًا بالغًا بمجتمع الاستخبارات الأمريكية.
وقالت تلك المصادر: إن الديكتاتور الليبي كان يمد وكالة الاستخبارات الأمريكية بتقارير دورية ساعدت في اعتقال أو قتل قيادات بارزة في تنظيم "القاعدة" وإحباط هجمات "إرهابية" ضد أهداف أمريكية بالخارج.
فعلى سبيل المثال، ساعد النظام الليبي القوات الأمريكية في قتل شخصية هامة في "القاعدة"؛ وهو منظم "الهجوم الفدائي" الذي استهدف قاعدة جوية للولايات المتحدة في أفغانستان عام 2007 أثناء زيارة لنائب الرئيس الأمريكي "ديك تشيني".
ووفقًا لما أفادت به مصادر في الاستخبارات الأمريكية تحدثت إلى "واشنطن تايمز" -بشرط السرية كونهم غير مصرح لهم بالتحدث إلى وسائل الإعلام- فقد ساعد نظام القذافي كذلك في إحباط خطة للهجوم على السفارة الأمريكية في نيجيريا عام 2005.
وقال مسئول استخباري سابق رفيع المستوى كان على مقربة من ترتيبات مشاركة المعلومات التي تمتعت بها الولايات المتحدة مع ليبيا: إن "نظام القذافي كان مصدرًا خصبًا لاستخبارات مكافحة الإرهاب"، وإن "العلاقات كانت على أشدها حتى أن "موسى كوسا"، ( رئيس جهاز الاستخبارات الليبية من 1994 إلى 2009)، قام بزيارة وكالة الاستخبارات الأمريكية أثناء سنوات حكم إدارة "جورج دبليو بوش".
وقد أيد "محمد إسماعيل"؛ وهو مساعد سابق للقذافي إفادات المسئولين الأمريكيين، كما أخبر التايمز أن رئيسه السابق كان قد أجاز مشاركة واسعة للمعلومات الاستخبارية مع الولايات المتحدة أثناء حقبة "الحرب على الإرهاب"؛ وخاصة تلك المتعلقة بتمدد نطاق تنظيم "القاعدة" في شمال إفريقيا.
وقال السيد إسماعيل: إن النظام الليبي كان محوريًّا في عملية استهداف "أبو ليث الليبي"، ثالث أهم قيادات "القاعدة" آنذاك والمشتبه في أنه العقل المدبر لانفجار قاعدة باجرام الجوية في أفغانستان عام 2007، والذي أودى بحياة 23 شخصًا وإصابة 20 في ذلك الحادث، الذي تمكن فيه مفجر فدائي من الوصول إلى البوابة الخارجية للمنشأة الأمريكية، بينما كان نائب الرئيس في زيارة لها.
ووصف إسماعيل الهجوم بأنه "محاولة اغتيال" ضد تشيني؛ وهي النظرية التي دار جدل بشأنها في الدوائر العسكرية الأمريكية. كما قال: إنه عندما لقي الليبي مصرعه عقب ذلك بعدة شهور في باكستان بطائرة بريداتور بدون طيار تابعة لوكالة الاستخبارات الأمريكية؛ كانت الاستخبارات الليبية هي من ساعدت القوات الأمريكية في العثور عليه.
وأخبر إسماعيل التايمز في سلسلة من رسائل البريد الإلكتروني المتبادلة أن "ليبيا كانت أول دولة في العالم تصدر مذكرة توقيف دولية في حق "أسامة بن لادن" في مارس عام 1988".
وأضاف أن "عمليات مشاركة الاستخبارات والمعلومات التي تم تقديمها لوكالات الاستخبارات الأمريكية قادت الولايات المتحدة للإمساك بالليبي، وأن أجهزة الاستخبارات الليبية كانت قد أمدت نظيرتها الأمريكية بمعلومات قيمة عن عناصر "إرهابية" ليبية في العراق ومقاتلين شديدي البأس من مدينة درنة، ليبيا، في العراق".
وكسر السيد إسماعيل حاجز الصمت مع الصحافة الشهر الماضي للمرة الأولى منذ سقوط نظام القذافي؛ عندما تحدث إلى التايمز عن دور كلينتون في دفع تدخل الناتو في ليبيا عام 2011 والذي أطاح بالقذافي من السلطة.
ونقلت صحيفة التايمز أن وزارة الدفاع الأمريكية "البنتاجون" قد عارضت كثيرًا التدخل العسكري، حتى أنها أوفدت مبعوثًا للتفاوض مع ليبيا- متجاوزة كلينتون- في محادثات تم التقاطها في شريط تسجيل.
وذكرت الصحيفة أن الاستخبارات الأمريكية لم تستطع تأييد مبررات كلينتون الأولية للحرب أن ليبيا كانت في خطر أزمة إنسانية وشيكة.
وفي سبتمبر 2011؛ ذكرت صحيفة "نيويورك تايمز" أن وثاثق تم العثور عليها في مكتب مهجور لمسئول استخباري ليبي بارز "قدمت تفاصيل جديدة بشأن العلاقات الوثيقة التي تربط بين وكالة الاستخبارات الامريكية وأجهزة استخبارات (القذافي) الليبية".
كما أفادت أن الولايات المتحدة على ما يبدو أرسلت على الأقل ثماني مرات مشتبهين في قضايا "الإرهاب" لاستجوابهم في ليبيا.
وقال إسماعيل للتايمز: إن رؤساءه السابقين ساعدوا في قيادة وكالة الاستخبارات الأمريكية لـ"إبراهيم سليمان عدنان آدم هارون"- المعروف باسم "سبين غول"- وهو مقاتل مخضرم سابق في "القاعدة" كان قد تم تسليمه إلى نيويورك قادمًا من إيطاليا عام 2013، ومقبوض عليه في ستة اتهامات فيدرالية تتضمن التآمر لقتل أفراد في الجيش الأمريكي والتآمر لتفجير منشآت دبلوماسية.
وأضاف إسماعيل أن أحد تلك المباني كان السفارة الأمريكية في نيجيريا التي استهدفت عام 2005. وأضاف أنه في الوقت الذي كان يحاول فيه القذافي مساعدة الولايات المتحدة في إحباط الهجمات "الإرهابية"، أدى انطلاق العناصر الثورية من عقالها بإزاحة الزعيم الليبي إلى هجوم أسفر عن مقتل السفير "كريستوفر ستيفنز" وثلاثة أمريكيين آخرين في بنغازي في سبتمبر 2012.
وكتب للتايمز: "وهكذا يكون لديك نظام (القذافي) الذي ساعد على وقف هجوم على السفارة الأمريكية، ولديك الثوار الليبيون المدعومون الذين خططوا لهجوم على السفارة الأمريكية. إنه أمر مثير للسخرية".
وقد أعرب إسماعيل أيضًا عن إحباطه من أنه بعد سنوات من مساعدة الاستخبارات الأمريكية على وقف عمليات تنظيم "القاعدة" ضد منشآتها العسكرية وسفاراتها في الخارج، قامت الوكالة الأمريكية بتسليح ثوار على صلة بـ"القاعدة" في بلاده؛ مما أدى إلى موت القذافي وانهيار نظامه.
ولفت إسماعيل في رسالة بريد إلكتروني إلى أنه "يمكنك أن ترى أن "القاعدة" كانت ترتبط بوجه خاص بـ"الجماعة الإسلامية المقاتلة في ليبيا"؛ والتي دعمها (الناتو) في الحرب ضد النظام".
وقد كشف التايمز في فبراير عن قائمة سرية للأسلحة، كان ضباط استخبارات القذافي قد جمعوها؛ وهي تقدم تفصيلًا للسلاح الذي زودت به الدول الأعضاء في حلف شمال الأطلسي (الناتو) القوى الثورية.
وكانت "الجماعة الإسلامية المقاتلة في ليبيا" واحدة من أشد القوى الثورية المعارضة للقذافي والتي تحالفت مع الناتو في عام 2011. وقد اعتمدت لنفسها اسمًا علمانيًّا رنانًا مؤيدًا للديموقراطية قبل فترة قصيرة من التدخل العسكري في مارس؛ حيث أطلقت على نفسها اسم "الحركة الإسلامية الليبية للتغيير".
وقال إسماعيل: إن النظام الليبي السابق ساعد كذلك في حماية الرعايا الغربيين من المخاطر "الإرهابية".
وكتب: "لقد لعبت الاستخبارات الليبية دورًا أساسيًّا في مساعدة الولايات المتحدة في القبض على "عبد الرزاق البارا"، أحد كبار قيادات "القاعدة"، في منطقة الساحل؛ والذي كان مسئولًا عن اختطاف أكثر من 30 سائحًا غربيًّا في الصحراء الكبرى".
كما صرح أن البارا "كان قد ألقي القبض عليه بمساعدة من الليبيين على يد جماعة تشادية متمردة. وقد تدخل الليبيون وقتها في إقناع الجماعة بتسليمه إلى ليبيا، والتي بدورها سلمته إلى الجزائر"، وقال: إن "البارا كان لديه خطط لاستهداف مصالح أمريكية في المنطقة".
وأيد مسئولون استخباريون أمريكيون رفيعو المستوى ادعاءات السيد إسماعيل؛ مؤكدين أن ليبيا كانت معاونًا أساسيًّا في الفترة من عام 2004 حتى عام 2011 مع وكالة الاستخبارات الأمريكية، وأن عملية جمع المعلومات الاستخباراتية في البلاد أصبحت أكثر صعوبة في أجواء الفوضى التي أعقبت الإطاحة بالقذافي.
كما قال مصدر آخر تابع للاستخبارات الأمريكية: "إن فهمي واعتقادي هو أنهم كانوا متعاونين بعد تفكيكهم لبرنامجهم لأسلحة الدمار الشامل. فصاروا مفيدين للغاية بالنسبة لنا؛ نظرًا لوجود العديد من الليبيين المنتمين لـ"القاعدة"، ومن ثم فقد كانت لديهم نافذة فريدة من نوعهاعلى ذلك".
كما صرح أن البارا "كان قد ألقي القبض عليه بمساعدة من الليبيين على يد جماعة تشادية متمردة. وقد تدخل الليبيون وقتها في إقناع الجماعة بتسليمه إلى ليبيا، والتي بدورها سلمته إلى الجزائر"، وقال: إن "البارا كان لديه خطط لاستهداف مصالح أمريكية في المنطقة".
وأيد مسئولون استخباريون أمريكيون رفيعو المستوى ادعاءات السيد إسماعيل؛ مؤكدين أن ليبيا كانت معاونًا أساسيًّا في الفترة من عام 2004 حتى عام 2011 مع وكالة الاستخبارات الأمريكية، وأن عملية جمع المعلومات الاستخباراتية في البلاد أصبحت أكثر صعوبة في أجواء الفوضى التي أعقبت الإطاحة بالقذافي.
كما قال مصدر آخر تابع للاستخبارات الأمريكية: "إن فهمي واعتقادي هو أنهم كانوا متعاونين بعد تفكيكهم لبرنامجهم لأسلحة الدمار الشامل. فصاروا مفيدين للغاية بالنسبة لنا؛ نظرًا لوجود العديد من الليبيين المنتمين لـ"القاعدة"، ومن ثم فقد كانت لديهم نافذة فريدة من نوعهاعلى ذلك".
ليست هناك تعليقات:
إرسال تعليق