ممثل بارع (2/2)
د. سلمان بن فهد العودة
16 مارس 2013
أحد الثرثارين ذكر عبارة لشكسبير ونسبها للإنجيل، فاعترض عليه كارنيجي وأصرّ الرجل، واحتكموا إلى رجل متخصِّص في أدب شكسبير كان في المجلس، فقال: إنها من الإنجيل، ثم همس لكارنيجي: إنها من رواية "هاملت" لشكسبير، ولكن إياك أن تبلغ الزاوية الحرجة في مجادلة أحد، فتجرح كرامته.
صار مبدأ كارنيجي: اكسب الجدل بأن تتجنبه.
وفي السُّنة: "أنا زعيم (ضامن) ببيت في رَبَض الجنة (أدناها) لمن ترك المراء وإن كان محقّاً". (أخرجه أبو داود، وحسّنه الألباني).
وفي جامع الترمذي، وسنن ابن ماجه: "مَن ترك المراء وهو محقٌّ، بنى الله له بيتاً في وسط الجنة". والأول أقوى.
لن تسمح الأنا لأحد بانتقاصها؛ فثمَّة حارس يحرسها من الانتهاك.
عندما ينتقدني أحد أو يلومني، فإن ذلك يُعد نقصاً للنفس، وستحاول "الأنا" أن تصلح الإحساس النفسي بالتبرير والدفاع واللوم.
وسواء كان الآخر على صواب أم لا، فالأنا مهتمة بالحفاظ على النفس أكثر من الحقيقة.
أن يصيح في وجهك شخص يقود سيارته: يا أبله، يا معتوه.. فهذا يعتبر آلية إصلاح غير واعية للأنا عن طريق الغضب.
شاب يقود سيارة ضخمة، تجاهل أسبقية سائق سيارة متواضعة، فلحق به السائق الظريف، وقال وهو يضحك: لماذا هذا؟ هل لأن سيارتي صغيرة؟ هل أنا "ابن الشغالة"؟!
الطرافة لا تعني أن نسمح بلفظة عنصرية تتعلق بالأم أن تمر.
الغضب يسبب تضخماً كبيراً ومؤقتاً للأنا، وكل المتطرفين في اختلالهم الوظيفي يخوضون تجربة العنف الجسدي..
الدور المشهور جدّاً هو دور الضحية المضطهدة التي تبعث على الشفقة والعطف، وتثير اهتمام الآخرين بمشكلاتها وقصتها ورحلة آلامها التي لا تتوقف.
رؤية المرء لنفسه على أنه ضحية بسبب كونه تعرض لانتهاك جسدي أو عاطفي أو نفسي، أو لأنه تربى على التذمر.
أحياناً نمارس التمثيل مع أنفسنا لكي نرتاح!
أن تقوم بما هو مطلوب منك في أي موقف دون أن يصحب ذلك "دور" فهو درس مهم في فن العيش الضروري.
أنت تصبح أكثر قوة إذا قمت بإنجاز العمل لأجل العمل فقط، وليس كوسيلة لتعزيز وحماية وتأكيد هويتك ودورك.
وجدت في المواقع الإلكترونية ملخصات لكتاب "الادّعاء وخداع النفس" تأليف آر دي لانج، ترجمة د. عادل ندى، وهو مؤلف في الفلسفة والفن والسياسة أكثر مما هو في علم النفس، ينطوي على العديد من النماذج والتطبيقات المفيدة.
التخلّي عن التمثيل صعب، ومهم، وأصدق ما يكون الإنسان مع نفسه في تلك اللحظة التي يؤمن فيها الكافر ويعيا فيها الشاعر!
حين يكون وجهاً لوجه أمام رحلة الآخرة.
هل الحياة مسرح؟ و كلنا ممثلون؟ وفي النهاية تسقط الأقنعة؟
{لَقَدْ كُنتَ فِي غَفْلَةٍ مِّنْ هَذَا فَكَشَفْنَا عَنكَ غِطَاءكَ فَبَصَرُكَ الْيَوْمَ حَدِيدٌ} (ق:22).
الناس موتى فإذا ماتوا انتبهوا!
في المضايق والأزمات تظهر الحقيقة كاملة.
بعدما تموت ماذا سيقول الناس عنك؟
وكن رجلًا إن أتوا بعده ... يقولون مرّ، وهذا الأثر!
تظل الـ"أنا" حية حتى بعد موتك!
ليست هناك تعليقات:
إرسال تعليق