عامان من الثبات.. عامان من النفاق
موقع المسلم
"احتفل" السوريون على طريقتهم الثورية الأبية، بالذكرى الثانية لانطلاق ثورتهم الفريدة، والتي دخلت عامها الثالث وهي صلبة العود، وعصية على التطويع، بالرغم من الثمن الباهظ الذي دفعه وما زال يدفعه الشعب السوري بإصرار يثير الإعجاب.
وفي خط مُوَازٍ يواصل العالم تآمره على هذه الثورة التي استفزته بصمودها المذهل، في وجه جيش جرار مدجج بترسانة عسكرية ضخمة، يقوده مجرم ورث الدموية عن أبيه، يصب النار من المدافع والدبابات والطيران والصواريخ فوق رؤوس المدنيين ويدمر البيوت والمساجد ويطارد الأطباء والممرضين الذين يساعدون جرحى عدوانه!!
فها هي أمريكا بعد 100000 قتيل وستة ملايين مشرد تقرر السماح للسوريين في أمريكا بتقديم تبرعات لأهلهم المطحونين في سوريا، وكان وزير خارجيتها الجديد جون كيري قد زار المنطقة ثم غادرها بدعوة المعارضة إلى تأليف حكومة بالتنسيق مع نيرون الشام. وهذا مسلك يتناقض جذرياً مع أكاذيب أوباما عن ضرورة تنحي بشار على مدى سنتين ولو من دون أي فعل لتنفيذ ذلك الوعد الكاذب.
أما المفاجأة الكبرى فهي أن واشنطن تخطط لإرسال طائرات
بلا طيار لقتل المجاهدين الذين تصنفهم إرهابيين!!
فهنا لا تنتظر أمريكا شروطاً تعجيزية ولا تتردد فهي سوف تقاتل إلى جانب بشار علانية بعد قتالهم إلى جانبه بطرق غير مباشرة!!بل إنها لا تذهب إلى مجلس الأمن لترى هل هنالك من يعترض، بالرغم من معرفتها بإجماع الظالمين على تأييدها بلا مناقشة!!
وفي الوقت ذاته يعكف تجار المبادئ في الاتحاد الأوربي على دراسة رفع الحظر عن أسلحة قد تتاح للثوار السوريين و لا ندري ما هي ولعلها لن تتجاوز نكتة واشنطن عن أسلحة غير مميتة!!
إنهم يتلاعبون بمهزلة تسليح الجيش الحر بإطلاق تصريح مقبول نسبياً لو أنه صدر في الشهور الأولى من الثورة، ثم يأتي نقيضه بعد سويعات مشفوعاً بذرائع مضحكة مبكية كادعاء كاثرين آشتون أن تقديم سلاح بسيط للجيش الحر يعرقل التسوية السياسية ويشجع سباق تسلح في سوريا!!!
وكأن الأسلحة المبهمة التي ربما يقرر الأوربيون تقديمها بكميات محدودة بعد مصرع مليون سوري، سوف تطلق سباق تسلح مع عصابة النظام التي تتدفق عليها الأسلحة الثقيلة الفتاكة بلا حساب وبصورة وقحة على رؤوس الأشهاد!!
أليس من الانحطاط أن يهبط زعماء قارة "المدنية" إلى هذا الدرك عندما يزعمون أن بضعة رشاشات سوف تؤخر تسوية سياسية ليس لها وجود إلا في أوهام الأخضر الإبراهيمي الذي اعترف منذ البدء أن مهمته مستحيلة!!
إن معضلة الثورة السورية أنها الثورة التي تداعى ساسة العالم على قصعتها لإجهاضها، فرأسها مطلوب وانتصارها "جريمة" في أعرافهم الظالمة، لأنها تزعزع ثوابت النفاق الأممي، الذي لا يجتمع إلا على كراهية الإسلام والعبودية لليهود!!
ولذلك فإن الشعب السوري يدفع ثمناً باهظاً لم يدفعه شعب في تاريخ بني آدم، وهنا سر ما يتحدث به بعض الواهنين عما يسمونه"استعصاء" في الحالة السورية، متجاهلين تآمر القوى الكبرى المتنافرة على هذه الثورة العجيبة، والتي بدأت مفاجئة لأهلها ولعدوها معاً، كما أنها
مضت مفاجئة في مسارها واستمرارها لثوارها ولأعدائها في الوقت نفسه.
فهي نقطة تحول عجيبة في التاريخ الإنساني إذ نسفت الألاعيب المزمنة وعَرّتْ خبايا النفاق الدولي وأنهت عصر التقية الفاجرة إقليمياً ودولياً:
-أسقطت بالضربة القاضية جملة الأساطير التي يقوم عليها النظام الدولي وأهمها أكذوبة حقوق الإنسان والضمير الأممي وتضافر البشر على منع الإبادة الجماعية و..............
-أنهت أباطيل الشرعية الدولية وسددت رصاصة الرحمة على صنم العالم الحديث: الأمم المتحدة.
-فضحت مدى الحقد على الإسلام إلى الحد الذي يجمع نقائض العالم كله .
-كشفت هشاشة معظم النظم القائمة في بلاد المسلمين وعجزها عن بلوغ ما فعله الشعب السوري الأعزل المحاصَر مع أن لديها طاقات هائلة لكنها معطلة بسبب الوهن .
ليست هناك تعليقات:
إرسال تعليق