السبت، 3 أغسطس 2013

الثورة المصرية وأغلال (كامب ديفيد)

الثورة المصرية وأغلال (كامب ديفيد)


بقلم د حاكم المطيري
المنسق العام لمؤتمر الأمة


كشفت الثورة في مصر منذ تفجرها يوم ٢٥ يناير وما جرى بعده إلى تفجرها ثانية بعد عزل محمد مرسي مدى تحكم اتفاقية (كامب ديفيد) في مجريات الواقع السياسي على نحو يجعل من هذه الاتفاقية معاهدة حماية أمريكية أكثر منها اتفاقية سلام بين مصر وإسرائيل!
لقد أثبتت ثورة ٢٥ يناير ثم ما تلاه من أحداث أن ثقل الموقف الأمريكي الخارجي وتأثيره في الشأن المصري لا يقل في الميزان السياسي - إن لم يتجاوز - عن الثقل الداخلي من حيث التأثير والتحكم في صناعة الأحداث ابتداء من تدخل الجيش لعزل مبارك وانتهاء بتدخله لعزل الرئيس المنتخب محمد مرسي!
حتى بات الحديث عن الموقف الأمريكي وترقبه في كل حدث مصري حديث الساعة لمعرفة أين ستتجه الأمور في مصر!
لقد نجحت أمريكا في حقبة (كامب ديفيد) في صياغة المنطقة العربية وقلبها مصر خلال ثلاثة عقود وفق مصالحها الإستراتيجية واستطاعت في هذه الحقبة أن تعيد السيطرة على الدول العربية من خلال تحييد مصر ثم تقييدها بعد ذلك ثم تغلغل نفوذها إلى كل مؤسساتها العسكرية والأمنية تحت غطاء المساعدات والاتفاقيات لتشكل شبكة علاقات كبيرة عميقة وعريضة مع طبقة واسعة من قيادات الجيش والأمن والاستخبارات والنخب السياسية - كما فعلت بريطانيا الاستعمارية من قبل - باتت هي الرقم الصعب في المعادلة السياسية في كل المنطقة العربية!
وقد بلغ نفوذ أمريكا حد إعادتها صياغة العقيدة العسكرية للجيوش العربية وللجيش المصري لتكون المهمة الرئيسة لهذه الجيوش - التي باتت جزءا تابعا من حلف النيتو - هي ضبط الأمن الداخلي في حال اضطراب الأوضاع!

وقد أدركت أمريكا وحلف النيتو أهمية ذلك بعد حرب غزة ٢٠٠٨ حيث تفجر الشارع العربي من المشرق إلى المغرب ضد الحرب والحصار على غزة!
وقد تتابعت مؤتمرات الحلف لمعالجة مثل هذا الاضطراب حال حدوثه كما في مؤتمر البحرين سنة ٢٠٠٩ وهو ما كانت المباحثات تجري حوله بين قيادات الجيش المصري والإدارة الأمريكية قبيل ثورة ٢٥ يناير تحسبا لمثل هذه الثورات التي سبقت الجميع في تفجرها على نحو غير مسبوق غير إن القيادات السياسية للأنظمة العربية التي تساقطت بالثورة لم تكن تمثل سوى واجهات يمكن الاستغناء عنها بواجهات جديدة ومنتخبة في ظل سيطرة مؤسسات عسكرية تحمي اتفاقية (كامب ديفيد) والتزاماتها وحماية مصالح ونفوذ الراعي الأمريكي لها لتكتشف الأمة من جديد أن ثورتها لا تواجه خطرا داخليا وثورة مضادة بل خطرا خارجيا ما زال يتحكم في شأنها الداخلي من خلال مؤسسات الدولة العميقة التي نجح في بنائها طوال ثلاثة عقود من الاحتلال المباشر أو غير المباشر وهو ما يجعل من مواجهته أمرا حتميا يوما ما إذ لا طريق للحرية إلا من خلاله فلا حرية لشعب بلا وطن حر!


السبت ٢٥ رمضان ١٤٣٤ هج
٣/ ٨/ ٢٠١٣ م

ليست هناك تعليقات:

إرسال تعليق