الثلاثاء، 5 نوفمبر 2013

روائع الرسائل ..روائع رسائل الخلافة العثمانية

روائع الرسائل ..


روائع رسائل الخلافة العثمانية
رسالة آق شمس الدين إلى تلميذه محمد الفاتح
رسالة آق شمس الدين (محمد بن حمزة الدمشقي) إلى تلميذه السلطان محمد الفاتح عندما حلَّتْ بالقوَّات العثمانيَّة بعض الهزيمة حينما كانوا محاصِرِين للقسطنطينية؛ إذ دخل عَوْن مكون من مجموعة من السفن آتية من الفرنج للقسطنطينية، مما رفع الحالة المعنويَّة للبيزنطيين، وهو ما جعل بعض الأمراء وبعض الوزراء العثمانيين في انزعاج شديد؛ ممَّا قد يُسَبِّب في هلاكهم، فاتهموا محمد الفاتح بالجري خلف كلام مربِّيه آق شمس الدين، الذي حثَّه على مهاجمة القسطنطينية، فأرسل له الفاتح مستبينًا من حقيقة الأمر، فأجابه آق شمس الدين في رسالة يقول فيها:
"هو المعزُّ الناصر... إنَّ حادث تلك السفن قد أحدث في القلوب التكسير والملامة، وأحدث في الكُفْرِ الفرح والشماتة، إنَّ القضيَّة الثابتة هي: إنَّ العبد يدبِّر واللهُ يُقَدِّر والحُكْم لله.. ولقد لجأنا إلى الله وتَلَوْنَا القرآن الكريم، وما هي إلاَّ سِنَة من النوم بعدُ إلاَّ وقد حدثت ألطاف الله تعالى، فظهرت من البشارات ما لم يحدث مثلها من قبلُ"[1].
رسالة السلطان محمد الفاتح إلى أخيه الأشرف إينال
رسالة السلطان محمد الفاتح إلى أخيه سلطان مصر الأشرف إينال يُبيِّن فيها فَتْحَ القسطنطينية عام 857هـ، وهي من إنشاء الشيخ أحمد الكوراني:
"... إن من أحسن سُنَنِ أسلافنا -رحمهم الله تعالى- أنهم مجاهدون في سبيل الله، ولا يخافون لومة لائم، ونحن على تلك السُّنَّة قائمون، وعلى تيك الأُمْنِيَة ممتثِّلون قوله تعالى: {قَاتِلُوا الَّذِينَ لاَ يُؤْمِنُونَ بِاللَّهِ وَلاَ بِالْيَوْمِ الآخِرِ وَلاَ يُحَرِّمُونَ مَا حَرَّمَ اللَّهُ وَرَسُولُهُ وَلاَ يَدِينُونَ دِينَ الْحَقِّ مِنَ الَّذِينَ أُوتُوا الْكِتَابَ حَتَّى يُعْطُوا الْجِزْيَةَ عَنْ يَدٍ وَهُمْ صَاغِرُونَ[التوبة: 29]، ومُسْتَمْسِكِين بقوله : "مَنِ اغْبَرَّتْ[2] قَدَمَاهُ فِي سَبِيلِ اللَّهِ حَرَّمَهُ اللَّهُ عَلَى النَّارِ"[3]. فَهَمَمْنَا في هذا العام -عمَّمه الله بالبركة والإنعام- معتصمين بحبل الله ذي الجلال والإكرام، ومستمسكين بفضل الله العلام إلى أداء فرض الغزاء في الإسلام، مؤتمرين بأمره تعالى: {قَاتِلُوا الَّذِينَ يَلُونَكُمْ مِنَ الْكُفَّارِ[التوبة: 123]. وجهَّزْنَا عساكر الغُزَاة والمجاهدين من البَرِّ والبحر لِفَتْحِ مدينة مُلِئَتْ فجورًا وكُفْرًا، التي بقيت وسط الممالك الإسلاميَّة تُبَاهِي بكُفْرِها فخرًا.
فكأنها حَصَف[4] على الخَدِّ الأغرّ *** وكأنها كَلَف[5] على وجه القمر[6]
... هذه المدينة الواقع جانب منها في البحر، وجانب منها في البرِّ، فأَعْدَدْنَا لها كما أمرنا الله بقوله: {وَأَعِدُّوا لَهُمْ مَا اسْتَطَعْتُمْ مِنْ قُوَّةٍ[الأنفال: 60]، كلَّ أُهْبَة يُعْتَدُّ بها، وجميعَ أسلحة يُعتمد عليها من البرق والرعد والمنجنيق والنقب والحجور، وغيرها من جانب البرِّ، والفلك المشحون، و{الْجَوَارِ الْمُنْشَآتُ فِي الْبَحْرِ كَالأَعْلامِ[الرحمن: 24] من جانب البحر، ونزلنا عليها في السادس والعشرين من ربيع الأوَّل من شهور سنة سبع وخمسين وثمانمائة.
فقُلْتُ للنفس جدِّي الآنَ فاجتهدي *** وساعديني فهذا ما تمنَّيْتُ[7]
فكُلَّمَا دُعُوا إلى الحقِّ أصرُّوا واستكبروا وكانوا من الكافرين، فأحطنا بها محاصَرَة، وحارَبْنَاهم وحاربونا، وقاتلْنَاهم وقاتلونا، وجرى بيننا وبينهم القتال أربعة وخمسين يومًا وليلة.
إذاجاء نصرالله والفتح هيِّن * على المرءِ معسور الأمور وصعبها[8]
فمتى طلع الصباح الصادق من يوم الثلاثاء العشرين من جمادى الأولى هَجَمْنَا مثل النجوم رجومًا لجنود الشياطين، سخَّرَهَا الحكمُ الصدِّيقيُّ ببركة العَدْل الفاروقيِّ بالضرب الحيدري لآل عثمان، وقد مَنَّ الله بالفتح قبل أن تظهر الشمس من مشرقها، {سَيُهْزَمُ الْجَمْعُ وَيُوَلُّونَ الدُّبُرَ * بَلِ السَّاعَةُ مَوْعِدُهُمْ وَالسَّاعَةُ أَدْهي وَأَمَرُّ[القمر: 45، 46]، وأوَّل مَنْ قُتل وقُطِعَ رأسه تكفورهم اللعين الكنود، فأُهلكوا كقوم عاد وثمود، فأخذتهم ملائكة العذاب، فأوردهم النار وبئس المآب، فقُتِل مَنْ قُتل وأُسِرَ من به بَقِيَ، وأغاروا على خزاينهم، وأخرجوا كنوزهم ودفائينهم موفورًا، فأتى عليهم حِينٌ مِنَ الدَّهْرِ لَمْ يَكُنْ شَيْئًا مَذْكُورًا، وقُطِعَ دَابِرُ الْقَوْمِ الَّذِينَ ظَلَمُوا وَالْحَمْدُ لِلَّهِ رَبِّ الْعَالَمِينَ، فيومئذ يَفْرَحُ الْمُؤْمِنُونَ بِنَصْرِ اللَّهِ، فلما ظهرنا على هؤلاء الأرجاس[9] الأنجاس[10]، طهَّرْنَا القوس من القسوس، وأخْرَجْنَا منه الصليب والناقوس، وصيَّرْنَا مَعَابِدَ عَبَدَة الأصنام مساجِدَ أهل الإسلام، وتشرَّفَتْ تلك الخُطَّة بشرف السكة والخطبة، فوقع أمر الله وَبَطَلَ مَا كَانُوا يَعْمَلُونَ"[11].
رسالة السلطان سليم الأول يهدد فيها إسماعيل الصفوي
رسالة السلطان سليم الأول يُهَدِّد فيها إسماعيل الصفوي شاه إيران، قُبَيْل مهاجمته للبلاد الإيرانيَّة عام 920هـ؛ وذلك بسبب تجرُّؤ إسماعيل الصفوي على أهل السُّنَّة، وقَتْلِه الآلاف منهم، ثم نَشَرَ مَذْهَبَه في البلاد التابعة للخلافة العثمانيَّة:
"بسم الله الرحمن الرحيم. قال اللهُ المَلِكُ العلاَّم: {إِنَّ الدِّينَ عِنْدَ اللَّهِ الإِسْلامُ[آل عمران: 19]، {وَمَنْ يَبْتَغِ غَيْرَ الإِسْلامِ دِينًا فَلَنْ يُقْبَلَ مِنْهُ وَهُوَ فِي الآَخِرَةِ مِنَ الْخَاسِرِينَ[آل عمران: 85]، {فَمَنْ جَاءَهُ مَوْعِظَةٌ مِنْ رَبِّهِ فَانْتَهي فَلَهُ مَا سَلَفَ وَأَمْرُهُ إلى اللَّهِ وَمَنْ عَادَ فَأُولَئِكَ أَصْحَابُ النَّارِ هُمْ فِيهَا خَالِدُونَ[البقرة: 275]، اللهم اجعلنا من الهادين غير المضلِّين ولا الضالِّين، وصلَّى الله على سيد العالمين محمد المصطفى النبيِّ وصحبه أجمعين"[12].

[1] محمد حرب: العثمانيون في التاريخ والحضارة ص373، نقلاً عن علي محمد الصلابي: الدولة العثمانية ص114.
[2] اغبَرَّ الشيءُ: عَلاه الغُبار. انظر: ابن منظور: اللسان، مادة غبر 5/3.
[3] البخاري: كتاب الجمعة، باب المشي إلى الجمعة (865).
[4] الحَصَفُ: بَثْرٌ صِغار يقِيحُ ولا يَعْظُم. انظر: ابن منظور: اللسان، مادة حصف 9/48.
[5] الكَلَف: نَمَشٌ يعلو الوجه كالسِّمسم، وحُمْرة كَدِرة تعلو الوجه. انظر: ابن منظور: اللسان، مادة كلف 9/307.
[6] البيت من الكامل.
[7] البيت من البسيط.
[8] البيت من الطويل.
[9] الرِّجْسُ: القذر وقد يعبر به عن الحرام والفعل القبيح والعذاب واللعنة والكفر. انظر: ابن منظور: اللسان، مادة رجس 6/94.
[10] النَّجَسُ: القَذِرُ من الناس ومن كل شيء قَذِرْتَه. انظر: ابن منظور: اللسان، مادة نجس 6/226.
[11] سالم الرشيدي: محمد الفاتح ص163-167.

ليست هناك تعليقات:

إرسال تعليق