لقاء مع السيسي
وائل قنديل
عقب نجاح ثورة يناير في مصر كان المجلس العسكري حريصا، بل مهتما للغاية بالجلوس إلى الإعلاميين و النشطاء السياسيين للاستفادة من رؤاهم لما هو قادم، أو هكذا كان يبدو في تلك الأيام.
أذكر أني حضرت لقاء من هذا النوع مع ثلاثة من أعضاء المجلس، من بينهم اللواء عبد الفتاح السيسي مدير المخابرات الحربية في ذلك الوقت، رفقة اثنين من الإعلاميين وواحد من شباب الثورة.
اللقاء الذي امتد لنحو خمس ساعات بأحد الفنادق التابعة للقوات المسلحة، كان في معظمه سردا مستفيضا من مدير المخابرات في كيف أن الجيش يحب ثورة يناير وأنه فخور بها وبشبابها و يعتز بأنه شريك فيها.
اللقاء الذي امتد لنحو خمس ساعات بأحد الفنادق التابعة للقوات المسلحة، كان في معظمه سردا مستفيضا من مدير المخابرات في كيف أن الجيش يحب ثورة يناير وأنه فخور بها وبشبابها و يعتز بأنه شريك فيها.
المفارقة المدهشة أن الفندق الذي شهد قصيدة عسكرية عاطفية في حب ثورة يناير هو ذاته هو الذي شهد عمليات التحضير للخروج في الثورة المضادة ٣٠ يونيو الممهدة للانقلاب، والتي استهدفت إزالة آثار الثورة من الوجود.
استدعى هذه الوقائع إلى الذاكرة ما جرى الإعلان عنه أمس بشأن تولي الهيئة الهندسية للقوات المسلحة إدارة مشروع إنشاء ١٥٠ ألف وحدة سكنية، لتقوم بدور المقاول الرئيسي الذي يوزع حصص الشغل على شركات البناء الخاصة.
ففي ذلك اللقاء الذي تم بعد أسابيع من سقوط مبارك، كان أن قلت إن الجيش المصري العظيم اقترب من التفاصيل اليومية للشارع السياسي و الاقتصادي أكثر مما يجب، وعلى نحو يضع"العسكرية" في فوهة العراك اليومي المحتدم الذي كانت تمور به مصر في تلك الأيام.
استدعى هذه الوقائع إلى الذاكرة ما جرى الإعلان عنه أمس بشأن تولي الهيئة الهندسية للقوات المسلحة إدارة مشروع إنشاء ١٥٠ ألف وحدة سكنية، لتقوم بدور المقاول الرئيسي الذي يوزع حصص الشغل على شركات البناء الخاصة.
ففي ذلك اللقاء الذي تم بعد أسابيع من سقوط مبارك، كان أن قلت إن الجيش المصري العظيم اقترب من التفاصيل اليومية للشارع السياسي و الاقتصادي أكثر مما يجب، وعلى نحو يضع"العسكرية" في فوهة العراك اليومي المحتدم الذي كانت تمور به مصر في تلك الأيام.
وأضفت في حضور قادة المجلس العسكري أنه لم يعد مناسبا ولا لائقا أن يتمسك المجلس العسكرى بمخاطبة الناس طوال الوقت عبر صفحة «فيس بوك» تجعله منخرطا أكثر مما يجب فى حوارات وملاسنات وثرثرات إلكترونية..
فليعد الجيش إلى أعالى الجبهات، وليسترح السيد «أدمن الصفحة» ويصنع شيئا آخر أكثر فائدة له وللناس .
في تلك الأثناء كانت العلاقة قد توترت بين جموع من الثوار و المؤسسة العسكرية، وبدا أن تلك الشراكة في الثورة التي خلناها حقيقية ليست أكثر من وهم على وقع العنف المستخدم في فض مسيرات واعتصمات، ثم كشوف العذرية، وما أسفرت عنه من ردود أفعال غاضبة من الشباب خدشت تلك الصورة الجميلة عن الجيش.
في تلك الأثناء كانت العلاقة قد توترت بين جموع من الثوار و المؤسسة العسكرية، وبدا أن تلك الشراكة في الثورة التي خلناها حقيقية ليست أكثر من وهم على وقع العنف المستخدم في فض مسيرات واعتصمات، ثم كشوف العذرية، وما أسفرت عنه من ردود أفعال غاضبة من الشباب خدشت تلك الصورة الجميلة عن الجيش.
وقد سجلت في ذلك الوقت أن أننا تربينا فى طفولتنا على أن الجيش مكانه قمم الجبال، فاكتسب فى وجداننا تلك المهابة والمكانة العالية، وكنا نتخيل أن «الجيش» مكان بعيد جدا ومرتفع لن نراه إلا بعد أن نكبر ونصير رجالا، لكى ننال شرف الدفاع عن الوطن ضد الأعداء.. غير أن الدنيا تغيرت وصار «الجيش» قريبا ومنخفضا جدا، أكثر مما يجب، ومشتبكا على نحو أعمق بمفردات الواقع اليومى الصغيرة.
وكان الرد حينئذ أن هذا الوضع المرتبك فُرِضٓ على المؤسسة العسكرية نظرا للغياب الأمني، وسمعنا كلاما عاطفيا مؤثرا عن أن الجنود يتوقون للعودة إلى جنديتهم الكاملة فى ثكناتهم، وكانت هناك تصريحات معلنة تؤكد أنه لا يليق بجيش بل من الخطورة عليه أن يبقى فى الشوارع أكثر من ستة أشهر..وقد صدقناهم حينذاك للأسف.
والآن انظر حولك، ستجد الجند منخرطين في أدق تفاصيل السياسة والاقتصاد و الصحة، من تصنيع العلاج الوهمي بالكفتة، إلى مقاولات البناء.
وكان الرد حينئذ أن هذا الوضع المرتبك فُرِضٓ على المؤسسة العسكرية نظرا للغياب الأمني، وسمعنا كلاما عاطفيا مؤثرا عن أن الجنود يتوقون للعودة إلى جنديتهم الكاملة فى ثكناتهم، وكانت هناك تصريحات معلنة تؤكد أنه لا يليق بجيش بل من الخطورة عليه أن يبقى فى الشوارع أكثر من ستة أشهر..وقد صدقناهم حينذاك للأسف.
والآن انظر حولك، ستجد الجند منخرطين في أدق تفاصيل السياسة والاقتصاد و الصحة، من تصنيع العلاج الوهمي بالكفتة، إلى مقاولات البناء.
الآن بعد أن وصل مرشح الجيش لكرسي الرئاسة لن نفاجأ إذا سمعنا شكوى من العسكريين من أن منظمات المجتمع المدني صارت مشتبكة مع تفاصيل الحياة المدنية بأكثر مما يجب!
ليست هناك تعليقات:
إرسال تعليق