الخميس، 5 مارس 2015

معركة تكريت: قيادة إيرانية علنية أمام "تراجع" التأثير الأمريكي


معركة تكريت: قيادة إيرانية علنية أمام "تراجع" التأثير الأمريكي



الترجمة:خدمة العصر

رأت "ديبورا هاينز"
، محررة الشؤون الدفاعية في صحيفة "التايمز"، أن دخول عملية تكريت والانتصار فيها سيكون رمزيا بالنسبة للحكومة العراقية التي تحاول استعادة المناطق التي خرجت عن سيطرتها صيف العام الماضي.

وأشارت إلى علاقة الرئيس العراقي صدام حسين بها وكذا علاقة نائبه عزت إبراهيم الدوري الذي ولد قريبا من المدينة ووضعته الولايات المتحدة على قائمة المطلوبين. ويعتقد أن أتباعه تحالفوا مع تنظيم الدولة الإسلامية في حملتهم للسيطرة على شمال العراق.

وفي مدينة تكريت بنى النظام السابق عددا من القصور الرئاسية، حيث احتلها الأمريكيون وساعدت حمامات السباحة وقاعات السينما للترفيه عن الجنود الأمريكيين الذين اتخذوها ثكنات لهم. ففي الفوضى التي عمت المدينة أثناء الغزو استغلوا الفرصة ونهبوا ما فيها من ثريا وزخارف ذهبية.
وأطلق الأمريكيون على القصور الرئاسية اسم "أيرونهورس كامب"، وبعد ذلك "قاعدة العمليات المتقدمة"، وسلمت القوات الأمريكية المكان لقوات الأمن العراقية عام 2005 واحتلها مقاتلو تنظيم "الدولة الإسلامية" عام 2014.
وتقول الصحيفة إن احتلال تكريت يعتبر خطوة مهمة على طريق تحرير الموصل إلا أن نشر ميليشيات شيعية في قلب المناطق السنية زاد من مخاوف العنف والتطهير الطائفي، مشيرة إلى أن دخول مقاتلي تنظيم الدولة للمدينة العام الماضي ارتبط بمشاعر السخط لدى الطائفة السنية التي استبعدت واضطهدت من قبل الحكومة الطائفية في بغداد.

وهذا ما رآه الكاتب والمحلل "سايمون تيسدال" في صحيفة "الغارديان"، حيث أشار إلى العملية العسكرية الحالية التي أثارت مخاوف من حدوث مذابح واستخدام السكان كدروع بشرية، وهو ما أدى لهروب جماعي للسكان من المدينة والبلدات المستهدفة.

ويقول "تسيدال" إن الحملة تحاول استثمار توقف زخم تنظيم الدولة الذي عانى من ضربات جوية مستمرة منذ شهر أغسطس 2014، ولكن التقدم لمعاقبة تنظيم الدولة يعرض السكان السنة الذين يعيشون في المناطق الواقعة تحت سيطرته لمخاطر، خصوصا وأن المنطقة التي تدور فيها المعارك شهدت اشتباكات ومواجهات شرسة مع الأمريكيين أثناء الاحتلال وعرفت المنطقة الممتدة ما بين بغداد والرمادي وتكريت بـ"المثلث السني".

وأشارت تقييمات معهد دراسة الحرب في واشنطن إلى أن القادرين على الخروج من تكريت بدأوا بالهروب منها شمالا باتجاه مناطق الموصل وكركوك، ولم يبق إلا الفقراء ومن لا يستطيعون السفر.

ويرى محللون غربيون أن الهجوم الذي يلقى دعما وإشرافا إيرانيا قد يؤدي إلى تعزيز سيطرة وتأثير طهران في حكومة وقوات الأمن العراقية في وقت تقترب فيه إيرانمن تحقيق تقدم على الملف النووي وتوقيع اتفاقية مع الولايات المتحدة والقوى الغربية.

ويشير التقرير إلى الدور الذي تلعبه ولعبته إيران بدعم الميليشيات الشيعية العراقية، مثل منظمة بدر العسكرية التي كانت فرعا للمجلس الأعلى للثورة الإسلامية في العراق المتحالف مع إيران.

واتهمت الميليشيات الشيعية بارتكاب مذابح ضد المدنيين السنة في الفترة التي تبعت انسحاب القوات الأمريكية من العراق عام 2011. ففي مذبحة وحشية قامت جماعات مسلحة بقتل 72 سنيا في بلدة البراونة بمحافظة ديالى.


ويشير "تسيدال" إلى أن قوات الحشد الشعبي التي تقود العملية (30.000 مقاتل) صارت تقود المعارك ضد تنظيم الدولة، حيث قام نوري المالكي المتهم من الولايات المتحدة بتعزيز الانقسام الطائفي بالعراق بدمج الميليشيات داخل القوات الأمنية عام 2013، وهو توجه استمر في ظل حكومة العبادي، والتي تعهدت بتحقيق المصالحة الوطنية.

ولكنَ المحللين يرون أن العبادي وإن عبر عن آمال في تحقيق الإجماع السياسي إلا أن جهوده تبخرت، خاصة وأن الميليشيات الشيعية تقاد وتدعم من إيران.

وكتب "إيلي ليك"، المعلق في "بلومبيرغ" أنه "من الصعب الحديث أين ينتهي الجيش العراقي وأين يبدأ الدعم الإيراني للميليشيات الشيعية"، وتحدث هادي العامري لـ"ليك" أن الولايات المتحدة عرضت تقديم الدعم الجوي لقواته، وهو عرض مثير للجدل لو كان صحيحا، كما اعترف العامري بأنه يحظى بدعم إيراني مهم.

وهذا واضح من حضور سليماني نفسه في محافظة صلاح الدين كي يقود ويشرف على العمليات. وحضور سليماني ليس غريبا، فالقادة الأمريكيين يعرفون الدور الذي يقوم به ودعمه للميليشيات العراقية منذ عام 2008.

وأخبر العامري "ليك" أنه عادة ما يلتقي سليماني في بغداد: "يقوم بتقديم المشورة لنا، ويعطينا المعلومات ونحن نحترمه بشكل كبير".

وأضاف العامري: "لا بلد لديه خبرة في التعامل مع الإرهابيين مثل إيران"، كما قدم حزب الله اللبناني دعما لمنظمة بدر خاصة خبرات الحزب في مواجهة إسرائيل وجماعات المعارضة السورية.

ويقول المحلل الأمريكي كينيث بولاك إن "قوات الأمن والجيش العراقية هي في معظمها شيعية" ـ وأضاف أن كل الإنجازات العسكرية الأخيرة تمت بدعم إيراني، ورغم أن الحكومة العراقية لا تريد الاعتراف بهذا الواقع إلا أن الميليشيات الشيعية تمثل عصب الهجمات المضادة على تنظيم الدولة الإسلامية.

وكتب "بولاك" قائلا: "في مثل هذه الظروف، فإن تنفيذ عمليات عسكرية مضادة في قلب المناطق السنية – الأنبار ونينوى وصلاح الدين- قد تكون كارثية. ويشعر السكان السنة بالخوف من التقارير التي تتحدث عن قيام القوات الشيعية بعمليات تطهير عرقي وحشية… وسيتعامل السكان السنة مع القوات العراقية وحتى الكردية كقوات احتلال شيعية وليس كمحررين".

وأشار "تيسدال" إلى مخاوف العبادي خاصة بعد دعوة العامري سكان تكريت إلى الخروج من المدينة حتى يتم الانتقام لسبايكر. ويرى الكاتب أن تحذيرات العبادي ودعوته للعناية بالمدنيين قد لا يكون لها ثقل مع وصول الحرب إلى المثلث السني.

في حين يرى "بورزو داراغي"، مراسل صحيفة "فايننشال تايمز" أن إنشاء الحشد الشعبي فتح المجال أمام دخول الميليشيات التي فرضت تأثيرا على القوات الأمنية وعقيدة الجيش العراقي. فقد اعتمد المستشارون الإيرانيون على نفس الإستراتيجية التي نفذوها في سوريا دعما لنظام بشار الأسد وهي نشر ميليشيات في كل أنحاء العراق.

ويقول مركز دراسات الحرب في واشنطن إن "الميليشيات الشيعية المشاركة في العملية متحمسة جدا لتوجيه ضربة قوية لمنطقة ذات رمزية عالية".

وفي هذا السياق ترى صحيفة "وول ستريت جورنال" أن العملية في تكريت تعكس حجم التأثير الإيراني الهائل في العراق. والملاحظ أن ثمة تقاسم أدوار ومناطق بين واشنطن وطهران في الحرب على العراق، ففي منطقة الأنبار والمناطق القـريبة من الأكـراد يقود الأمريكيون الجهود من أجـل تطـوير خطة لاستعادة المناطق الواقعة تحت سيطرة تنظيم الدولة، فيما تلعب إيران دورا في المناطق التي تعتمد فيها الحكومة العراقية على الميليشيات الشيعية بشكل كبير، خاصة في ديالى وتكريت.

ويقول مسؤول أمريكي، كما نقلت عنه "وول ستريت":
"الطبيعة الجغرافية في هذه المناطق تناسب الإيرانيين". ويعترف الأمريكيون بأن القوة الإيرانية أقل من تلك التي وفرتها قوات التحالف الدولي، إلى جانب أن الإيرانيين يشاركون في العمليات العسكرية، أما المستشارون الأمريكيون فيبقون في القواعد العسكرية.
فيما ترى مجلة "فورين بوليسي" أن حقيقة شن الهجوم على تكريت من دون مشاركة أمريكية يؤشر لتراجع التأثير الأمريكي. ونقلت عن مسؤولين في البنتاغون والقيادة المركزية قالوا إنهم فوجئوا بالهجوم وتوقيته في وقت كانت تحضر فيه إيران مع الحكومة العراقية للهجوم.

ليست هناك تعليقات:

إرسال تعليق