السيسي بين عكاشتين
وائل قنديل
كنت أتصور أن المسافة بعيدة جداً بين أحمد عكاشة، أستاذ الطب النفسي، وتوفيق عكاشة صاحب قناة الثورة المضادة، على اعتبار أن الأول "سيكولوجيست" والثاني "مونولوجيست"، غير أنه تبيّن أن ما يفصل بينهما هو فقط "مسافة السكة".
ما يقدمه عكاشة "السيكولوجيست" لعبد الفتاح السيسي، على مائدة الكلام في الطب النفسي، لا يختلف، بحال من الأحوال، عما يأتي به توفيق عكاشة على قناته.
كلاهما يتخذ الدجل سلماً للصعود إلى دماغ المتلقي، لتعبئتها بهلاوس عن عبقرية الجنرال السيسي.
كلاهما كذلك يحتقر المتلقي، ويعتبره سلة لنفاياته المعلوماتية، وتلك التي يغلفها بكومة من المصطلحات الضخمة التي لا تحمل أي معنى.
وكلاهما يفترض في من يستمع إليه الضحالة والغباء، بما يجعله واثقاً من أن ما يقوله سيؤثر.
في حوار مع صحيفة مصرية "سيسية"، سئل عكاشة "السيكولوجيست" سؤالاً مدلساً، عن رضا الشعب وسكوته على كل ما يفعله به عبد الفتاح السيسي من كوارث اقتصادية واجتماعية.
في حوار مع صحيفة مصرية "سيسية"، سئل عكاشة "السيكولوجيست" سؤالاً مدلساً، عن رضا الشعب وسكوته على كل ما يفعله به عبد الفتاح السيسي من كوارث اقتصادية واجتماعية.
السؤال يحمل قدراً عالياً من التدليس والتزييف، ويتجاهل التظاهرات والفعاليات التي تعج بها المحافظات المصرية، احتجاجاً على تردّي الأوضاع الاقتصادية والاجتماعية، ويتغافل عن أكثر من خمسين ألف معتقل، وعشرات من حالات الانتحار يأساً من الحياة، في ظل القمع والفساد والتضخم الشديد في حجم البطالة والكساد.
وتأتي الإجابة أكثر تدليساً وفساداً في الاستقراء والاستنتاج من أستاذ الطب النفسي، حين يقول "إن الرجل الذى أحبه الشعب بهذه الطريقة، ويعرف أنه يحب مصر أكثر مما يحب نفسه، لم يقم بإضراب واحد مع رفع الدعم، ضده، حتى قالوا، بعد ذلك، إنه توجد علاقة غريبة بين هذا الشخص وهذا الشعب، في علاقة رأس المال الاجتماعي، بدليل أنه ليس هناك دولة في العالم استطاعت أن تجمع 64 مليار جنيه في عشرة أيام كما فعل، وليس لأن الفائدة 12.5%، فهناك آباء يشتكون من أن كل أولادهم يريدون أن يشتروا شهادة بـ 500 جنيه، ليضعوها فوق مكاتبهم، ليشعروا بأنهم أسهموا في قناة السويس".
عكاشة الذي يعمل مستشاراً علمياً لدى رئيس يمارس على الشعب أشرس أساليب الشعوذة السياسية يرى "أنه على الإعلام والرئيس أن يجعلوا كل فرد في مصر يشعر بالمحنة التي تمر بها البلاد من أزمة في الطعام والمسكن، وغيره من الأزمات، مثلما حدث في أميركا وألمانيا وفرنسا خلال أربع سنوات، فمثلاً السياسي البريطاني تشرشل لديه جملة مشهورة "إني لا أعدكم إلا بالجوع والدموع والعرق حتى النصر"، لدرجة أن الفرد كان يأكل بيضة واحدة في الأسبوع".
ويعتبر أن ما يتوهمه صمتاً ورضا شعبياً عن الانهيار الحاصل، تعبيراً عما يصفها "بالأخلاق العلمية" التي ولدت في مصر على يد عبد الفتاح السيسي، فنقلت المصريين من مرض "اللذة الفورية" إلى "حالة من الضمير الجمعي والإحساس والوعي".
وبالعقلية التجارية التي ترفع شعار "نصادق من يدفع ونعادي من يرفض الدفع"، يتحدث عكاشة عن 15 مليون مواطن مصري على النحو التالي "فإذا نظرنا إلى أماكن العشوائيات التي تحتوي على أكثر من 15 مليون نسمة، نجد أنها تعتبر أرضاً خصبة للإرهاب، أساسها البطالة والفقر، لأنهم حالياً لا ينتمون إلا إلى ذاتهم، بمعنى أنهم ينتمون إلى الذي يدفع".
إذن، تلك هي العقيدة الحاكمة لمنظومة الحكم في مصر الآن "الانتماء لمن يدفع"، يستوي في ذلك مواطن مطحون في بؤس العشوائيات، أو رئيس عشوائي معجون في وحل الصفقات وتقديم فروض الولاء والطاعة لمن يدفع، إذ لا تختلف الصورة التي يرسمها عكاشة لمواطن العشوائيات، عن صورة عبد الفتاح السيسي، وهو يهرول إلى مطار القاهرة لاستقبال ولي عهد أبوظبي، في واحدة من أغرب مساخر الخروج على البروتوكول، ثم يصطحبه إلى قاعة رئاسية خاصة، كي يحتفل بعيد ميلاده، ويقطع له التورتة، في مشهد مقزز لمصر المبتذلة، أو مصر القريبة، كما بدت في أوبريت التسول السياحي.
كل هذه "العكاشات" في وطن واحد؟
وتأتي الإجابة أكثر تدليساً وفساداً في الاستقراء والاستنتاج من أستاذ الطب النفسي، حين يقول "إن الرجل الذى أحبه الشعب بهذه الطريقة، ويعرف أنه يحب مصر أكثر مما يحب نفسه، لم يقم بإضراب واحد مع رفع الدعم، ضده، حتى قالوا، بعد ذلك، إنه توجد علاقة غريبة بين هذا الشخص وهذا الشعب، في علاقة رأس المال الاجتماعي، بدليل أنه ليس هناك دولة في العالم استطاعت أن تجمع 64 مليار جنيه في عشرة أيام كما فعل، وليس لأن الفائدة 12.5%، فهناك آباء يشتكون من أن كل أولادهم يريدون أن يشتروا شهادة بـ 500 جنيه، ليضعوها فوق مكاتبهم، ليشعروا بأنهم أسهموا في قناة السويس".
عكاشة الذي يعمل مستشاراً علمياً لدى رئيس يمارس على الشعب أشرس أساليب الشعوذة السياسية يرى "أنه على الإعلام والرئيس أن يجعلوا كل فرد في مصر يشعر بالمحنة التي تمر بها البلاد من أزمة في الطعام والمسكن، وغيره من الأزمات، مثلما حدث في أميركا وألمانيا وفرنسا خلال أربع سنوات، فمثلاً السياسي البريطاني تشرشل لديه جملة مشهورة "إني لا أعدكم إلا بالجوع والدموع والعرق حتى النصر"، لدرجة أن الفرد كان يأكل بيضة واحدة في الأسبوع".
ويعتبر أن ما يتوهمه صمتاً ورضا شعبياً عن الانهيار الحاصل، تعبيراً عما يصفها "بالأخلاق العلمية" التي ولدت في مصر على يد عبد الفتاح السيسي، فنقلت المصريين من مرض "اللذة الفورية" إلى "حالة من الضمير الجمعي والإحساس والوعي".
وبالعقلية التجارية التي ترفع شعار "نصادق من يدفع ونعادي من يرفض الدفع"، يتحدث عكاشة عن 15 مليون مواطن مصري على النحو التالي "فإذا نظرنا إلى أماكن العشوائيات التي تحتوي على أكثر من 15 مليون نسمة، نجد أنها تعتبر أرضاً خصبة للإرهاب، أساسها البطالة والفقر، لأنهم حالياً لا ينتمون إلا إلى ذاتهم، بمعنى أنهم ينتمون إلى الذي يدفع".
إذن، تلك هي العقيدة الحاكمة لمنظومة الحكم في مصر الآن "الانتماء لمن يدفع"، يستوي في ذلك مواطن مطحون في بؤس العشوائيات، أو رئيس عشوائي معجون في وحل الصفقات وتقديم فروض الولاء والطاعة لمن يدفع، إذ لا تختلف الصورة التي يرسمها عكاشة لمواطن العشوائيات، عن صورة عبد الفتاح السيسي، وهو يهرول إلى مطار القاهرة لاستقبال ولي عهد أبوظبي، في واحدة من أغرب مساخر الخروج على البروتوكول، ثم يصطحبه إلى قاعة رئاسية خاصة، كي يحتفل بعيد ميلاده، ويقطع له التورتة، في مشهد مقزز لمصر المبتذلة، أو مصر القريبة، كما بدت في أوبريت التسول السياحي.
كل هذه "العكاشات" في وطن واحد؟
ليست هناك تعليقات:
إرسال تعليق