هل فتحت إيران معبر رفح؟
ياسر البنا
كاتب وصحافي فلسطيني مقيم في قطاع غزة
"الجهاد الإسلامي" منظمة فلسطينية محترمة، قدّمت تضحيات كثيرة من أجل فلسطين، وترفّعت عن المناصب السياسية، ولا يستطيع أحد المزايدة على دورها المحوري في المقاومة. لكنّ هذا ليس سبباً كافياً كي يدفع القيادة المصرية إلى استقبال وفد قيادتها في هذا التوقيت، والاستجابة لطلبها بفتح معبر رفح البري، يوم الإثنين الماضي، بعد طول إغلاق.
فهل لو تقدمت الجبهة الشعبية لتحرير فلسطين، مثلاً، بهذا الطلب للقيادة المصرية، كانت تستجيب؟ ولماذا لم يفتح المعبر، "كرمى لعيون" الرئيس الفلسطيني محمود عباس، أو القيادي المفصول من فتح، محمد دحلان، اللذين يتمتعان بعلاقات وثيقة مع القيادة المصرية؟ وإذا كان الحال كذلك، فما السبب الحقيقي لقبول مصر وساطة الجهاد بفتح المعبر؟ هل يعود إلى رغبة القيادة المصرية في إحداث شرخ في علاقات الحركة مع حركة حماس، التي تناصبها القاهرة العداء، وأصدرت محكمة مصرية حكماً اعتبرتها بموجبه "منظمة إرهابية"؟
أيضاً، هذا لا يعدّ سبباً مقعناً، خصوصاً أن حركتي حماس والجهاد الإسلامي تجمعهما، في هذه المرحلة تحديداً، علاقات وثيقة للغاية، وتنسّقان جهودهما في مختلف المجالات، واشتركتا معاً في صد العدوان الإسرائيلي على قطاع غزة، الصيف الماضي.
كما أن حركة حماس، أشادت، بشكل لافت، بجهود حركة الجهاد، ويبدو أن قائد "حماس" في قطاع غزة، إسماعيل هنية، حاول مساعدتها في جهودها، في خطبة الجمعة التي ألقاها يوم الجمعة الماضية، وقدم خلالها خطاباً تصالحياً بعض الشيء تجاه مصر، (بعد موجة كبيرة من التصعيد).وعلى إثره، أُعلن عن قرار "فتح المعبر".
الاحتمال الباقي، والأكثر واقعية من وجهة نظري، يعود إلى علاقات حركة الجهاد الإسلامي الوثيقة بالجمهورية الإسلامية الإيرانية، والتي لا تخفى على أحد، ولا تُخفيها الحركة ولا طهران أيضاً.
ويدعم هذا الأمر زيارة وفد من "الحوثيين" للقاهرة، أخيراً، وما يشاع، عبر وسائل الإعلام، من وجود تقارب إيراني مصري، بالإضافة إلى "الإيحاءات" من إعلاميين مصريين، بإمكانية التحالف مع إيران، رداً على تحالف السعودية مع تركيا.
رد رئيس مجلس إدارة المركز الإقليمي للدراسات الاستراتيجية في القاهرة، عبد المنعم سعيد، على سؤال صحيفة الفجر المصرية، بداية الشهر الجاري، حول إمكانية حدوث "تقارب مصرى-إيراني"، بقوله: "يتوقف هذا على الظروف المتاحة والتوازنات التي ينبغي أن نقوم بها (..) الآن، لا أستبعد أن يحدث هذا التقارب، مرة أخرى، خصوصاً أن الرئيس الحالي حسن روحاني من المعتدلين (..) وحالياً هذا صعب، لأنه ليس فقط أن لدى إيران تناقضاً نووياً مع أميركا، ولكن مع السعودية والإمارات أيضًا، ومن الممكن أن تتغير الظروف برمتها، ويمكن أن التفكير في حل المشكلة السورية يستدعى تقارباً مصرياً إيرانياً، وأعتقد أن من الضروري أن تكون الخطوط مفتوحة مع الجميع".
أما المذيع المصري، يوسف الحسيني، (يُقال إنه مقرب من دوائر صنع القرار في مصر)، فتحدث بصراحة، عن إمكانية التحالف مع طهران، بقوله: "السياسة كده".
وأوضح الحسيني أن "التقارب مع طهران واجب، ولا يعقل أن تكون لنا علاقات مع تل أبيب ولا يوجد مثلها مع طهران"،
وقال مخاطباً النظام السعودي، باللهجة المصرية المحلية: "إنت مش وصي علينا، وليس لك حق بالتدخل في العلاقات المصرية، بمقابل عدم تدخل مصر في علاقة السعودية مع أنقرة".
عموماً، لا يعبأ سكان قطاع غزة، كثيراً، بمن كان وراء الفتح الجزئي للمعبر، "المهم أنه فتح"، وهم يأملون أن تواصل حركة الجهاد الإسلامي جهودها في سبيل التوصل إلى اتفاق يخفف، ولو قليلاً، من معاناة الناس، خصوصاً أن الحركة معروف عنها زهدها بالمناصب، وعزوفها عن المشاركة في "الحكم".
وبمعنى آخر، هي لا تبغي مصالح شخصية من وراء هذا التحرك.
ليست هناك تعليقات:
إرسال تعليق