خامنئي إذ يتجرع كأس السم الشامية
د.أحمد موفق زيدان
بين تجرع الخميني كأس السم العراقية في آب 1988 واقتراب خليفته خامنئي من تجرع كأس سُم زعاف شامية، سبعة وعشرون عاماً، جرت خلالها مياه عربية وإقليمية ودولية كثيرة، سعت طوال تلك الفترة إيران للانشقاق عن عقدة السم العراقية فكان لها أن أسقط الغرب لها نظامين عدوين مجاورين لها هما صدام حسين والملا محمد عمر رحمهما الله تعالى، ولم تكتف إيران بذلك فقد دفعها طمعها الإيديولوجي والسياسي لطلب المزيد فكان مقتل الطاووس الإيراني بريشه وغروره به، فانداحت إيران في العراق وسوريا واليمن ولبنان وأفغانستان، وظنت أن طريق إمبراطوريتها غدا مفروشاً لها بالهمر الأميركي والسوخوي الروسي، وعلى الرغم من كل المؤشرات التي كانت تنضح يومياً بأرض الرباط الشامية عن عقم وفشل المكابرة الإيرانية في دعم عصابة قاتلة مجرمة، وأن هذا لن يزيدها إلا خسارة بالقمار الذي تلعبه إلا أنها واصلت اللعب حتى برأس المال الأساسي.
ما كشفته وكالة بلومبرج أخيراً يمثل فقط قمة رأس جليد الفشل والانهيار الإيرانيين بالشام، فقد تحدثت عن انسحاب قوات النخبة الإيرانية المقاتلة بالشام والبالغ عددها سبعة آلاف مقاتل إثر خلاف نشب بينها وبين روسيا التي ظنت أنها بدخولها الحرب الجوية ضد الثوار ستمكن طهران ومليشياتها الطائفية من استعادة الريف الحلبي ومحافظة إدلب، لكن تبين أن ذلك أضغاث أحلام، فتزيين طهران لروسيا كتزيين الشيطان لأتباعه «كمثل الشيطان إذ قال للإنسان اكفر فلما كفر قال إني بريء منك»، عززته الشكوك الإيرانية في احتمالية أن تبيع روسيا إيران والأسد في أية تسوية عالمية، ونقلت يديعوت أحرنوت عن وزير الحرب الصهيوني موشيه يعلون قوله إن الخطة الأساسية لروسيا كانت تقوم على استعادة إدلب ومدن أخرى لكن لم يحصل هذا، ومضت الصحيفة تنقل عن أوساط أميركية وغربية قولها إن روسيا ستفقد حليفاً مهماً على الأرض السورية وهي إيران بسبب حساسية الأخيرة من تصاعد خسائرها البشرية.
وكان موقع algemeiner تحدث عن خسارة إيران لـ%40 من ضباطها العاملين في سورية خلال الأشهر الثلاثة الماضية، وتحدثت مصادر أمنية عالمية عن خسارة طهران منذ 7-10 أكتوبر الماضي أكثر من 53 ضابطا بينما بلغ قتلى الأفراد 500 شخص، في حين لا يزال مصير قائد لواء القدس الجنرال قاسم سليماني مجهولاً.
روبرت فورد السفير الأميركي السابق في دمشق وأحد الخبراء الأميركيين القلائل المعتمد عليهم رسمياً بالشأن السوري تحدث عن قمار اقتصادي إيراني أيضاً فوصف خسارتها بدعم عصابة الأسد بـ «المذبحة الاقتصادية» نظراً للإنفاق الضخم الذي تبذله لإبقائه على قيد الحياة.
لقد غدا الخبر العاجل بالنسبة لنا كصحافيين هو مقتل ضابط سوري في الاشتباكات مع الثوار، في ظل النزيف الإيراني وحزب الله والمليشيات الطائفية بشكل يومي، وجاء حديث أحد المنشقين الهاربين من الجيش السوري أخيراً بأن %3 فقط من المقاتلين الآن سوريون، ليؤكد انهيار العصابة الطائفية، الذي تحول برأي زعيم جبهة النصرة أبومحمد الجولاني إلى مليشيات يقود كل مجموعة ضابط برتبة عقيد أو عميد أو غيرهما، وأصبحت قوة الثوار عسكرياً وعددياً مجتمعين أقوى من النظام ذاته.
الصورة بالتأكيد قاتمة للعصابة الأسدية ولأسيادها الذين عجزوا عن تحقيق اختراق عسكري على الأرض، لكن لا يزالون يحظون بدعم دولي قلّ نظيره في تفكيك المفكك السوري بحيث يضمنون على المدى البعيد لامركزية الدولة السورية وهو خطر كبير على الأمن القومي العربي والتركي قبل أن يكون خطراً على الأمن السوري، كما تحظى العصابة الطائفية بدعم ومساندة لا مثيل لها في تشجيع ودعم مؤسسات الدولة الخاضعة لمناطق الطائفة النصيرية، أو لمناطق الأكراد، بينما مناطق الغالبية السنية محرم عليها ذلك، فضلاً عن كونها مستباحة للطيران الروسي والغربي بحجة داعش وغيرها من الذرائع.
الحصار الثوري العسكري ترافق مع حصار سياسي في الرياض للعصابة الطائفية وداعميها وسدنتها، فمؤتمر الرياض بغض النظر عن أنه لم يلب كامل مطالب الثورة التي انتفض الشعب الشامي لها إلا أن النرفزة الإيرانية والروسية تشيران إلى مدى خوف وقلق الطرفين مما يجري سياسياً على الأرض، فإمساك الرياض بالملف السوري بعيداً عن طهران وموسكو ونجاحها في جمع اليمين واليسار في مؤتمر واحد والاتفاق على جملة نقاط مشتركة بغض النظر عن اعتراض البعض عليها أو على بعضها، لم يقلق حلفاء العصابة الطائفية فحسب وإنما أقلق جون كيري نفسه حين تحدث عن اعتراضه على نقطتين في اتفاق الرياض دون أن يكشف عن مضمونهما، وهو ما يعني أن الألغام لتفجير الاتفاق ليست حكراً على العصابة الطائفية وسدنتها وإنما غدا اللعب الأميركي على المكشوف تماماً.
أكاد أجزم أن ما تتعرض له الدول الداعمة بصدق للثورة السورية من تركيا والسعودية وقطر ربما لا يقل عن الضغط الذي يتعرض له الثوار في الشام، فقد غدا وجود هذه الدول مرهون بتغير حقيقي في الشام والحؤول دون إجهاض ثورة الشام العظيمة، فالتهديدات الروسية المجنونة لدول المنطقة لم تعد سراً، وتلويح بوتن بالسلاح النووي يشير إلى مدى الإحباط واليأس الذي يتملكه كونه الطرف الخاسر بإذن الله تعالى.
أخيراً لنذكّر بما نقلته النيويورك تايمز الأميركية من أن أكثر ما يمنع نزول قوات أميركية على الأرض الشامية هو حديث النبي عليه الصلاة والسلام من هزيمتهم في ملحمة مرج دابق، وصدق الشاعر العربي:
يبكي عليه غريب ليس يعرفه
وذو قرابته في الحي مسرور
@ahmadmuaffaq
ما كشفته وكالة بلومبرج أخيراً يمثل فقط قمة رأس جليد الفشل والانهيار الإيرانيين بالشام، فقد تحدثت عن انسحاب قوات النخبة الإيرانية المقاتلة بالشام والبالغ عددها سبعة آلاف مقاتل إثر خلاف نشب بينها وبين روسيا التي ظنت أنها بدخولها الحرب الجوية ضد الثوار ستمكن طهران ومليشياتها الطائفية من استعادة الريف الحلبي ومحافظة إدلب، لكن تبين أن ذلك أضغاث أحلام، فتزيين طهران لروسيا كتزيين الشيطان لأتباعه «كمثل الشيطان إذ قال للإنسان اكفر فلما كفر قال إني بريء منك»، عززته الشكوك الإيرانية في احتمالية أن تبيع روسيا إيران والأسد في أية تسوية عالمية، ونقلت يديعوت أحرنوت عن وزير الحرب الصهيوني موشيه يعلون قوله إن الخطة الأساسية لروسيا كانت تقوم على استعادة إدلب ومدن أخرى لكن لم يحصل هذا، ومضت الصحيفة تنقل عن أوساط أميركية وغربية قولها إن روسيا ستفقد حليفاً مهماً على الأرض السورية وهي إيران بسبب حساسية الأخيرة من تصاعد خسائرها البشرية.
وكان موقع algemeiner تحدث عن خسارة إيران لـ%40 من ضباطها العاملين في سورية خلال الأشهر الثلاثة الماضية، وتحدثت مصادر أمنية عالمية عن خسارة طهران منذ 7-10 أكتوبر الماضي أكثر من 53 ضابطا بينما بلغ قتلى الأفراد 500 شخص، في حين لا يزال مصير قائد لواء القدس الجنرال قاسم سليماني مجهولاً.
روبرت فورد السفير الأميركي السابق في دمشق وأحد الخبراء الأميركيين القلائل المعتمد عليهم رسمياً بالشأن السوري تحدث عن قمار اقتصادي إيراني أيضاً فوصف خسارتها بدعم عصابة الأسد بـ «المذبحة الاقتصادية» نظراً للإنفاق الضخم الذي تبذله لإبقائه على قيد الحياة.
لقد غدا الخبر العاجل بالنسبة لنا كصحافيين هو مقتل ضابط سوري في الاشتباكات مع الثوار، في ظل النزيف الإيراني وحزب الله والمليشيات الطائفية بشكل يومي، وجاء حديث أحد المنشقين الهاربين من الجيش السوري أخيراً بأن %3 فقط من المقاتلين الآن سوريون، ليؤكد انهيار العصابة الطائفية، الذي تحول برأي زعيم جبهة النصرة أبومحمد الجولاني إلى مليشيات يقود كل مجموعة ضابط برتبة عقيد أو عميد أو غيرهما، وأصبحت قوة الثوار عسكرياً وعددياً مجتمعين أقوى من النظام ذاته.
الصورة بالتأكيد قاتمة للعصابة الأسدية ولأسيادها الذين عجزوا عن تحقيق اختراق عسكري على الأرض، لكن لا يزالون يحظون بدعم دولي قلّ نظيره في تفكيك المفكك السوري بحيث يضمنون على المدى البعيد لامركزية الدولة السورية وهو خطر كبير على الأمن القومي العربي والتركي قبل أن يكون خطراً على الأمن السوري، كما تحظى العصابة الطائفية بدعم ومساندة لا مثيل لها في تشجيع ودعم مؤسسات الدولة الخاضعة لمناطق الطائفة النصيرية، أو لمناطق الأكراد، بينما مناطق الغالبية السنية محرم عليها ذلك، فضلاً عن كونها مستباحة للطيران الروسي والغربي بحجة داعش وغيرها من الذرائع.
الحصار الثوري العسكري ترافق مع حصار سياسي في الرياض للعصابة الطائفية وداعميها وسدنتها، فمؤتمر الرياض بغض النظر عن أنه لم يلب كامل مطالب الثورة التي انتفض الشعب الشامي لها إلا أن النرفزة الإيرانية والروسية تشيران إلى مدى خوف وقلق الطرفين مما يجري سياسياً على الأرض، فإمساك الرياض بالملف السوري بعيداً عن طهران وموسكو ونجاحها في جمع اليمين واليسار في مؤتمر واحد والاتفاق على جملة نقاط مشتركة بغض النظر عن اعتراض البعض عليها أو على بعضها، لم يقلق حلفاء العصابة الطائفية فحسب وإنما أقلق جون كيري نفسه حين تحدث عن اعتراضه على نقطتين في اتفاق الرياض دون أن يكشف عن مضمونهما، وهو ما يعني أن الألغام لتفجير الاتفاق ليست حكراً على العصابة الطائفية وسدنتها وإنما غدا اللعب الأميركي على المكشوف تماماً.
أكاد أجزم أن ما تتعرض له الدول الداعمة بصدق للثورة السورية من تركيا والسعودية وقطر ربما لا يقل عن الضغط الذي يتعرض له الثوار في الشام، فقد غدا وجود هذه الدول مرهون بتغير حقيقي في الشام والحؤول دون إجهاض ثورة الشام العظيمة، فالتهديدات الروسية المجنونة لدول المنطقة لم تعد سراً، وتلويح بوتن بالسلاح النووي يشير إلى مدى الإحباط واليأس الذي يتملكه كونه الطرف الخاسر بإذن الله تعالى.
أخيراً لنذكّر بما نقلته النيويورك تايمز الأميركية من أن أكثر ما يمنع نزول قوات أميركية على الأرض الشامية هو حديث النبي عليه الصلاة والسلام من هزيمتهم في ملحمة مرج دابق، وصدق الشاعر العربي:
يبكي عليه غريب ليس يعرفه
وذو قرابته في الحي مسرور
@ahmadmuaffaq
ليست هناك تعليقات:
إرسال تعليق