الأحد، 10 مارس 2013

مصر بين معارضة النظام والتآمر على الوطن!

السفير د. عبد الله الأشعل يكتب: 

مصر بين معارضة النظام والتآمر على الوطن!


شهدت مصر أحداثا مؤلمة ومشاهد مركبة بدت فى ظاهرها وكأنها معارضة للنظام ولكنها فى الواقع كانت تمثل طبقات متعددة انتظمت كلها تحت مظلة المعارضة، وهذا المنظر العام يجب ألا يخدع المواطن المصرى الذى يستطيع أن يميز بين طبقات المعارضة؛
الطبقة الأولى: هى المعارضة المشروعة التى ترفع مطالب مشروعة كانت تنتظرها بلهفة بعد انتهاء الانتخابات الرئاسية ولكنها فوجئت بأن الأوضاع بالنسبة لها أمنيا ومعيشيا تتدهور بصرف النظر عن الأسباب، وزاد من بؤس الصورة الإعلام المتربص الذى ضن على المواطن المصرى بالكلمة الصادقة والخطاب العقلانى والتمكين من معرفة الحقيقة بصورتها وحجمها الطبيعيين، وهذه الطبقة لن تغادر الشارع إلا إذا وثقت بأن هناك أملا حقيقيا فى غدها يبدد كل الشكوك التى تراكمت خلال هذه المدة القصيرة وغذتها الحملة لشيطنة الإخوان المسلمين والرئيس.
 أما الطبقة الثانية فهى التى تأثرت بالطروحات السياسية للأحزاب التى تشعر بأنها لن تصل إلى السلطة لأن وزنها التصويتى لا ينافس حظوظ مرشحى التيارات الإسلامية.
 والطبقة الثالثة هى مجموعة البلطجية الذين احترفوا البلطجة وأصبحت مصدر رزقهم الوحيد، كما أصبحت هذه البلطجة والانتظام فى المعارضة فى الشارع يمثلان دخلا إضافيا لبعض الموظفين من المليارات التى تتدفق على المقاولين ومنظمى المظاهرات والاحتجاجات، وقد انضم إليهم أبناء الشوارع الذين يمثلون واحدة من أخطر ما خلفه نظام مبارك، الذى كان يتسول الأموال من الخارج بحجة معالجة المشكلة، ثم تتبخر الأموال فى جيوب أعوان النظام
 هذه الطبقات الثلاث من البلطجة لا تحتاج إلى دراسات جديدة وإنما تحتاج إلى حلول عقلانية لإعادة دمجهم فى المجتمع حتى تترك الساحة للمعارضة السياسية الخالصة، والمعلوم أن هذه المعارضة تبلغ رسالة بطرق سلمية حضارية، وعلى النظام أن يتلقى هذه الرسالة ويتصرف وفقا لها، أما المقاولون السياسيون والوسطاء بين الخارج والداخل والذين يعملون على تدمير مؤسسات الدولة وتعطيل الحياة العامة وترويع المجتمع وإرهاب الآمنين حتى تسقط الدولة فلا علاقة لهم بالمعارضة وإنما هم مجموعات إجرامية تحتاج فى الوقت الحاضر إلى رادع أمنى يدفعون به ثمنا باهظا لهذه الأعمال
 وقد لعب الإعلام الخاص دورا جوهريا، وكذلك بعض الشخصيات فى التحريض على العنف وقطع الطرق وتعطيل المرافق وارتكاب أعمال السرقة والقتل والاغتصاب، وكلها جرائم تقع تحت طائلة القانون لا علاقة لها مطلقا بالمعارضة المشروعة، ويتحمل المتورطون فيها المسئولية، ولا يجوز تبريرها بأية حال من الأحوال، كما لا يصح دفع المسئولية عن هذه الأعمال الإجرامية والخطاب التحريضى وإلقاؤها على غيرهم فى السلطة، وفى ظل تعدد طبقات الموجودين فى الشارع يسهل التمييز حسب الأفعال بين الاعتراض السلمى والعمل الإجرامى، فالأول يعبر عن الغضب والنقد للنظام، وهذا أمر مشروع، ولكن الثانى ينال من أمن الوطن وكرامته، فهل أدى إعلان الطوارئ فى مدن القناة وحدها إلى هذا التمييز بين طوائف الموجودين فى الشارع؟ لقد شجعت الأحزاب والشخضيات المنضوية تحت عنوان المعارضة على الاستخفاف بإعلان الطوارئ وخلط الناس فى مدن القناة بين تحدى هذه المدن للمحتل الصهيونى أو العدوان الثلاثى وتحديهم للطوارئ التى فرضت للمحافظة على أمن الآمنين وضد العابثين بهذا الأمن وتنقية الساحة وفرز العناصر الإرهابية عن أصحاب الاحتجاجات السلمية، وأظن أن بورسعيد بالذات قد ظلمت وأنها اعتبرت الطوارئ والحكم القضائى ظلما جديدا، وكان يتعين على السلطة أن تتوقع مثل هذه الآثار منذ بدأت محاكمة المتهمين فى مذبحة بورسعيد وتلك الحساسية التى خلفها نظام مبارك بين بورسعيد والحكومة المركزية فى القاهرة؛ ولذلك لا بد أن يتخذ الرئيس إلى جانب الطوارئ ضد المارقين والمجرمين، إجراءات تدر الخير على المدينة وتعوضها عن السنوات العجاف، وألا يلتفت إلى المتربصين الذين ينتقدون كل شىء، فالذين ينتقدون الطوارئ هم أنفسهم الذين انتقدوا عدم الإسراع فى فرضها، وأظن أن فريقا من هؤلاء ممن لهم يد فى الأحداث كانوا يريدون توريط الرئيس حتى ينتقدوه، وهم يسعون فى مصر فسادا ويزيدون المصريين رهقا، وهؤلاء يحبط الله أعمالهم.

مقالات السفير د. عبد الله الأشعل

ليست هناك تعليقات:

إرسال تعليق