عمار بديع...وما أدراك من هو عمار بديع؟؟
بقلم : Ahmed Elbanna
كان أول من استقبلني في أول أيام عملي في إحدى الشركات عام 2006...له طريقة في الاستقبال كأنه يعرفك منذ زمن...ثم ما تلبث أن تتحدث معه بكل أريحية وكأنك أنت الذي تعرفه منذ زمن.
صحبته على مدار 4 سنوات هي مدة عملي معه وكان مديري المباشر...استطاع بجدارة أن يجعل فريقه في العمل أسرة بكل معاني الكلمة..وكان نعم الأب (على صغر سنه).
ظل على مدار أربع سنوات يحصد المدير المثالي في شركة تعداد موظفيها بالمئات...وكان ينافسه على ذلك الكثير من المديرين..الغريب أن عمره كان في بداية الثلاثينيات مقارنة بآخرين تعدوا الأربعين...ذلك أنه بجانب حسن خلقه كان فذا عبقريا في مجاله وهو هندسة البرمجيات.
كل مرة تتحدث معه فيها لابد أن تتعلم شيئا جديدا...أذكر أنني رأيته مرة يشرب القهوة...وهذا أمر غريب..فعمار بطبيعة الحال لا يشرب أو يأكل طوال فترة تواجده في العمل...فلما سألته عن السبب قال لي أنه يعمل منذ 24 ساعة ويكاد يغشى عليه...فقلت مازحا (الواحد ما بيظبطش غير لما يبدأ بالنيسكافه)...فقال وقتها..."أفضل عادة ألا يكون لك عادة...كن حرا ولا تترك العادات تأسرك"...ويالها من حكمة بالغة...ولك أن تتخيل أن شخصا كل كلماته لها معاني عميقة بهذا الشكل.
إذا ألمت بك مشكلة شخصية...فأفضل من تحدثه فيها هو عمار...حتى ولو لم تكن على صداقة كافية معه..ولكن والله هذا ما كان يحدث...كنا إذا احترنا في أمر ننهي الحديث بكلمة.."ناخد رأي عمار وهوا هيخلص".
كانت له قصة زواج مثيرة...وكان والده في المعتقل وقتها...أتم خطبته وزواجه ولم يشأ الله أن يحضرها والده...وستكون الجنازة ولن يحضرها أيضا...فاللهم اربط على قلبه.
لم يكن يعلم أحد عن أبيه شيئا...صارحني في أحد المرات أنه والده عضو مكتب ارشاد (من باب الصداقة) ولم يكن يحب أبدا نشر هذا الأمر..حتى أتى اليوم الذي أصبح فيه والده مرشدا عاما للاخوان...كانت صدمة للكثيرين في الشركة خاصة من كارهي الاخوان...لم يصدقوا أن مرشد الاخوان من الممكن أن ينجب شخصا كهذا...ذهبنا نهنأه يومها..فقال "والله ما أردناها..رفضها أبي وغُصبنا عليها... فالحمدلله".
أكثر ما كان يميز عمار هو اجماع الناس عليه...وذلك شئ نادر بحق...إذ أن أعدى أعداء الاخوان وربما كارهي التيار الاسلامي لا يذكرونه إلا بخير..معادلة صعبة ولكنه حققها بدون أية تنازلات.
آخر مكالمة بيني وبينه كانت بعد تعرضي لحادثة وزارة الثقافة...مكالمة مفعمة بالأمل والحيوية...وكان يقول هذا هو طريق الحق فأبشر أنك عليه.
هذا الفيديو كان لحفلة وداعه من الشركة..انظروا للقيم التي يتحدث عنها:
https://www.facebook.com/photo.php?v=10151618474353494
في الواقع...لا استطيع أن أحصي حجم المواقف التي بيننا...لكن إن كنت مخيرا...فوالله إن رجلا مثل عمار لخير من ألف من أمثالي..ووالله لا أقولها تواضعا...هي الحقيقة ولكن الله يصطفي من عباده من يشاء.
رحمك الله يا أخي الكبير...هذه شهادتي لك في الدنيا عساها تنفعك في الاخرة...وعسى الله أن يغفر لي أني كنت صاحبك في الدنيا وأنت ممن نحسبهم من الصالحين...اللهم ارحمه...وأجرنا نحن في مصيبتنا واخلفنا خيرا منها.
ليست هناك تعليقات:
إرسال تعليق