ثمن أوسلو.. ج1
بين الثورة والدولة الفلسطينية الموعودة، وتوالي رفض المجتمع الفلسطيني للاحتلال والاستيطان المتواصل لأرض فلسطين، مضت إسرائيل معززة منظومة علاقاتها الدبلوماسية، ومكانتها الدولية، ومستغلة حد الابتزاز كل المجتمع الدولي في سبيل تثبيت أقدام دولة عمرها على خارطة العالم اليوم خمسة وستون عاما.
في هذه المسيرة، جاءت أوسلو عاصمة دولة النرويج معلنة عن اتفاقية سلام أخذت اسمها بدون سابق إنذار، الفلسطينيون والإسرائيليون أعلنوا سلاما تبادل فيه الجانبان حرارة اللقاء، تأرجح العالم بين الصدمة والإعجاب والتساؤل حول هذا التحول الذي بدا ظاهرياً علامة نضج لطرفين قررا حل مشاكلهما بأسلوب أقل كلفة من الدم، وهو التفاوض وطرح المشاكل لإيجاد حلول عادلة ودائمة.
اليوم وبعد ما يزيد على عشرين سنة من توقيع اتفاقية أوسلو، تعود المخرجة والمعدة في قناة الجزيرة روان الضامن إلى هذا الحدث الذي كان علامة فارقة في مسار القضية الفلسطينية، لتثير الغبار حول هذه الاتفاقية ومسارها والثمن الذي استحقته، وبالتالي كيف بدأت ومن هم أبطالها الحقيقيون.
كان السؤال: لماذا النرويج هذه الدولة الإسكندنافية الصغيرة والغنية بالنفط؟ هل لكونها كما يروج عنها دولة السلام والحياد والشعور الإنساني الجماعي المرهف تجاه قضايا حقوق الإنسان؟ لماذا لم تكن واشنطن الأم الكبرى، أو لندن راعية وعد بلفور، أو باريس حليف إسرائيل الأوروبي؟ ولماذا مفاوضات سرية وليس علنية؟ ولماذا نجحت بالخروج باتفاقية في الوقت الذي فشلت فيه مفاوضات واشنطن التي تمت بالتوازي، لكن بالعلن؟
من بادر بفتح قنوات التفاوض، هل هو الجانب الإسرائيلي أم الفلسطيني؟ وهل أصلاً لمن يعرف تاريخ إسرائيل وخططها في المنطقة أن يصدق أنها تسعى جادة من أجل سلام دائم مع الفلسطينيين؟ ماذا كان الدور المنوط بالوفد الفلسطيني؟ وكيف فاوض؟ وهل فعلاً أعطى ما لا يملك لمن لا يستحق مقابل وهم "الدولة الفلسطينية"؟
وبعد عشرين سنة، ما الذي حصل في شعار (غزة وأريحا أولاً) أم أن الاستيطان ظل مقطعاً للأوصال ومبتلعاً مساحات بسرعة أكبر مما ابتلعه خلال ما يزيد على ثلاثين عاماً قبل اتفاق أوسلو، ليخلف ما يشبه الأرض لدولة موجودة على الورق فقط، منتهكة الأرض والجو والإنسان في الوقت الذي تمشي فيه إسرائيل نحو تثبيت مفهوم يهودية الدولة؟
أسئلة فارقة في مسيرة المسألة الفلسطينية يتصدى لها هذا العمل الوثائقي من خلال المقابلات والأرشيف على مدى جزأين، ويكشف للمشاهد العربي والغربي عن الثمن الذي دفعه الفلسطينيون وسيدفعونه مقابل اتفاقية لم تستحق الحبر الذي كتبت به.
ليست هناك تعليقات:
إرسال تعليق