بسم الله الرحمن الرحيم
لا لَنْ نُبَادِلَكَ السِّبَابَ فإننا
قَوْمٌ على نَهْجِ النَّبي الأطْهَرِ
بقلم د. أحمد بن عثمان التويجري
الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وآله وصحابته وجميع من والاه وبعد:
هاجَم شويعرٌ يُدْعى عادل الكاظمي العلامةَ المجتهدَ الشيخ حسين المؤيد - حفظه الله ورفع مقامه في الدارين- بعدَ أن أعلن بشجاعة قل نظيرها رفضه لانحرافات المذهب الإثني عشري ، وقد دوّن هجومه بأبياتٍ ساقطةٍ يقول في مطلعها :
قُلْ للمؤَيَّدِ ذي الخِمارِ الأحمرِ ماذا دَعاكَ إلى سَقيفَةِ حَبْتَرِ؟
أَدَعاكَ نِفْطُ بني سُعودِ فَجِئتَهُ مُسْتَبْدِلاً نِفْطاً بِحَوْضِ الكَوْثَر؟
ألنِّفْطُ مِلْكُ الشَّعْبِ لا مِلْكاً لِمَنْ أغراكَ بالعيشِ المُرَفَّهِ فاحذَرِ
و أراكَ أَفْقَهَ ما تكــونُ مُؤَيِّــــــداً شَرْعَ الجُّفاةِ و نَهْجَ كُلِّ مُكَفِّرِ
كما تطاول في أبياته على علمين من أعلام الأمة هما الإمام البهبهاري وشيخ الإسلام ابن تيمية رحمهما الله وزعم زوراً وبهتاناً أنهما يكفران المسلمين ، وجهل أن مذهبه أكثر المذاهب الإسلامية تكفيراً للمسلمين ، فقد ذكر إمام الطائفة الشيخ المفيد في كتابه أوائل المقالات في اتفاقهم على تكفير كل من لم يؤمن بأحد من الأئمة الإثني عشر حيث قال : "اتفقت الإمامية على أن من أنكر إمامة أحد من الأئمة ، وجحد ما أوجبه الله تعالى له من فرض الطاعة فهو كافر ضال مستحق للخلود في النار" (فصل:
القول في تسمية جاحدي الإمامة و منكري ما أوجب الله تعالى للأئمة من فرض الطاعة) ، كما ذكر المجلسي في بحار الأنوار ما نصه: "ويظهر من بعض الأخبار بل كثير منها أنهم (أي أهل السنة والجماعة) في الدنيا أيضا في حكم الكفار، لكن لما علم الله أن أئمة الجور و أتباعهم يستولون على الشيعة و هم يبتلون بمعاشرتهم..أجرى الله عليهم حكم الاسلام توسعة ، فإذا ظهر القائم يجري عليهم حكم سائر الكفار في جميع الأمور ، و في الاخرة يدخلون النار ماكثين فيها أبدا و به يجمع بين الأخبار كما أشار إليه المفيد و الشهيد الثاني" (8/369). بل لم يسلم من غُلُوِّهم وأذاهم أموات المسلمين ، فهذا المفيد في كتابه ( المقنعة ) ( ص 85 ) يقول دون تورية : "ولا يجوز لأحد من أهل الإيمان أن يغسل مخالفا للحق في الولاية ( أي كل من لم يكن جعفرياً من المسلمين) ، ولا يصلى عليه إلا أن تدعوه ضرورة إلى ذلك من جهة التقيّة، فيغسله تغسيل أهل الخلاف، ولا يترك معه جريدة، وإذا صلى عليه لعنه في صلاته ولم يدع له" ، بل ويزيد على ذلك علي ابن بابويه القمي في كتابه ( فقه الرضا ) ( ص 178 ) فيقول : "وإذا كان الميت مخالفا (أي غير شيعي إثني عشري) ، فقل في تكبيرك الرابعة: اللهم اخز عبدك وابن عبدك هذا، اللهم أصله نارك، اللهم أذقه أليم عقابك وشديد عقوبتك، وأورده نارا واملأ جوفه نارا، وضيق عليه لحده، فإنه كان معاديا لأوليائك ومواليا لأعدائك، اللهم لا تخفف عنه العذاب واصبب عليه العذاب صبا. فإذا رفع جنازته فقل: اللهم لا ترفعه ولا تزكه" ، وقد ذهب الكليني والحر العاملي والخوئي إلى أبعد من ذلك فأوردوا صيغة مضافة للدعاء في الصلاة على الميت من غير الجعفرية ، وهو : "اللهم احشُ جوفه ناراً ، اللهم املأ قبره ناراً ، اللهم عَجِّل به الى النار ، اللهم سَلِّطْ عليه الحيات والعقارب ، اللهم اجعل الشيطان له قرينا" . (الكافي) ( 3 / 189-190 )
هذا هو التكفير الجلي ، وهذا هو الغلو الحقيقي الذي تجاهله هذا المتطاول وهو الأولى بالنقد والتشنيع ، وصدق الله العظيم :"إنها لا تعمى الأبصار ولكن تعمى القلوب التي في الصدور".
وقد رددت على هذا الشويعر المتطاول على الرغم من تفاهة مقالته أداء للواجب الشرعي وتبييناً للحق ، مستعيناً بالله الواحد الأحد ، بالقصيدة التالية:
ما حيلةُ الحَقِّ المُبينِ بِمُمْتَرِي
والطُّهْرِ والقَلْبِ الصَّدُوقِ بِمُفتَري
والنُّورِ إنْ أغشى الظلامُ مُعَانِدَاٍ
وَهَداهُ للدَّربِ المُضِلِّ الأخْسَرِ
لا لَنْ نُبَادِلَكَ السِّبَابَ فإننا
قَوْمٌ على نَهْجِ النَّبي الأطْهَرِ
إن كنتَ لا تدري فتِلكَ مُصِيبةٌ
أو كُنتَ تدري يا لَبِئسَ المُجتَري
إنَّ الذي لم تدرِ حَقَّ مَقَامِهِ
عَلَمٌ برغمِك نازِلٌ في المُشتري
مِنْ آلِ بيتٍ طَاهِرٍ مُتَنَسِّكٍ
مُتَفَرِّدٍ في فَضْلِهِ مُتَطَهِّرِ
أكرم بِهِ مِنْ بَاحِثٍ مُتَجَرِّدٍ
من كُلِّ جَهْلٍ في الوَرى مُتَحَرِّرِ
مُستَوثِقٍ باللهِ في عَليائهِ
مُتَيَقِّنٍ لم يَلتَفِتْ لِمزَوِّرِ
إبنِ المُؤيَّدِ من سُلالةِ أحمدٍ
صلى عليهِ اللهُ خَيرِ مُبَشِّرِ
يا أيَّها المَحْرُومُ يا مَنْ نِلتَهُ
بِِمَقَالَةٍ مِنْ تَائهٍ مُتَهَوِّرِ
ما كانَ ضَرَّكَ لَوْ تَرَكتَ جَهَالَةً
وأجَلْتَ فِكرَكَ قبلَ قَولِ المُنْكَرِ
ما كانَ ضَرَّك لَوْ تَبِعتَ طريقَهُ
وَهُديتَ للحقِّ المُبينِ الأزهَرِ
إنَّ الذينَ زَعَمتَ أنَّكَ مِنهمُ
لا يَعرِفُونَكَ رغمَ زَعْمِكَ فَاحْذَرِ
الطَّاهِرونَ الطَّيِّبونَ سَبيلُهُم
لا يَعرفُ الفَحْشَاءَ حُلْوُ المَنْظَرِ
آلُ النَّبيِّ وَحَسبُنَا بِمَقَامِهِمْ
خَيْرُ الأَنَامِ بعيشِنَا والمَحْشرِ
الطَّيِّبُونَ وخَيرُ مَنْ وَطِيء الحَصَى
السَّابِقونَ لِكُلِّ أمْرٍ خَيِّرِ
مَا حَارَبُوا الأَصحَابُ بلْ كانوا لَهُمْ
رِفْداً ومَا سَلَكُوا طَريقَ تَنَكُّرِ
الصَّادِقُونَ الطَّاهِرُونَ أبُوهُمُ
صِهْرُ النَّبيِّ وحَسْبُهُ مِنْ حَيْدَرِ
إنْ لم تَكُنْ تَدْري فَخُذْهَاَ حُرَّةً
مِنْ شَاعِرٍ عَفِّ اللسَانِ مُبَصَّرِ
إنَّا لَشِيعَةُ آلِ بيْتِ مُحَمَّدٍ
رَغْمَ الرَّوَافِضِ في الأَنَامِ فَأَبْصِرِ
لمْ نَغْلُ فِيهِم يَوْم جَلَّ مَقامُهُم
لَمْ نرتَكِبْ شِركَاً بِفِعلٍ أَكفَرِ
لم نَعْرِفِ التَّطْبيرَ فِي ذِكْرَاهُمُ
لَمْ نُبْلَ بالكَذِبِ الصَّريح الأبتَرِ
لمْ نَتَّبِعْ دَرْبَ الجَهَالَةِ بَعْدَهُمْ
لم نَبْتَدِعْ فِعلاً قَبِيحَ المَخْبَرِ
لكنَّهُمْ بِقُلُوبنا ودِمَائنا
أغْلى مِنَ الأرْوَاحِ إنْ تَتَدَبَّرِ
عُدْ للكِتَابِ وَسَلْهُ أينَ إمَامَةٌ
مَزْعُومَةٌ ؟ والذِكُرُ خَيْرُ مُخَبِّرِ
يُنْبِئكَ أنَّ الأمرَ شُورَى بَيْنَنَا
أَمْرٌ مِنَ الرَّحمَنِ وَيْحَكَ فَانْظُرِ
عُدْ لِلأئمَةِ كُلِّهم مَنْ مِنهُمُ
زَعَمَ الإمَامَةَ في جَميعِ الأعْصُرِ؟
واعلَمْ وإنْ كَرِهَ الغُلاةُ بأنَّنَا
حَربٌ على التكفيرِ غَيْرِ مُبَرَّرِ
سِمَةٌ لَنَا في العالمينَ حَمِيدَةٌ
نَزهو بِها في وجهِ كُلِّ مُكَفِّرِ
أمَّا "المفيدُ" وأنتَ من يدري بهِ
إقرأ مقالتهِ إذا لم تَخْبُرِ
زَعَمَ الطَّوائفَ كُلَّها مَلعُونَةً
في النَّارِ خَالِدةً خِلافَ الجَعفري
والمجلسيُّ وكم تَفيضُ بِحَارُه
بِالحَيْفِ والتَّكفيرِ بئسَ مُنَظِّرِ
فَدَعِ التَطَاولَ والتَّعَالُمَ واعْتَبِرْ
وانظُرْ لِتُبْصِرْ بَعضَ مَا لَمْ تُبصِرِ
يَا أيها الشَّهْمُ الحُسينُ تحيَّةً
مِنْ خَافِقٍ لَكَ في الأَنَامِ مُقَدِّرِ
لا تأبَهَنَّ بِقَوْلَةٍ مِنْ جَاهِلٍ
مُتَعَالِمٍ واذْكُرْ نَبيَّكَ واصْبِرِ
واذكُرْ أئمة آلِ بَيتِ مُحَمَّدٍ
مَنْ حارَبُوا شِركَ الغُلاة وَكَبِّرِ
واعْلَمْ بِأَنَّكَ في القُلُوبِ مُبَجَّلٌ
ولدى الأكابرِ في المَقامِ الأكْبَرِ
واحْمَدْ إلَهَكَ أنْ حَبَاكَ بِمَنِّهِ
وبِفَضلِهِ مِنْهَاجَ جَدِّكَ واشكُرِ
ليست هناك تعليقات:
إرسال تعليق