السبت، 6 سبتمبر 2014

ابن مرسي وبنت السيسي

ابن مرسي وبنت السيسي

وائل قنديل


يقول الخبر إن الجنرال عبد الفتاح السيسي اعتمد تعيين ابنة شقيقه في النيابة المصرية.
مر الخبر بسلاسة غريبة وحفاوة إعلامية أغرب، لا يضاهيها سوى احتفاء إعلام السيسي بالظلام الدامس الذي لف مصر كلها، كما لم يحدث في تاريخها.. بل وخرج إعلاميون يعترفون بصفاقة بأنهم كانوا" يفبركون" السلبيات للرئيس محمد مرسي، لكنهم سعداء بكوارث عصر السيسي التاريخية.
إذن فقد ماتت المعارضة في مصر، أو بالأحرى التحقت بالسيرك القومي المنصوب منذ صار السيسي رئيسا.
واقعة تعيين ابنة شقيق السيسي تعيد إلى الأذهان تلك المناحة القومية التي اشتعلت في فبراير/ شباط 2013 مبنية على خبر كاذب عن تعيين ابن الرئيس محمد مرسي وابنة وزير دفاعه عبد الفتاح السيسي في شركة الطيران المصرية براتب أربعين ألف جنيه شهريا.
في ذلك الوقت اعتبرت أن "واقعة التعيين في حد ذاتها فيها كثير من الفجاجة والإهدار لمبدأ تكافؤ الفرص والابتعاد عن قيمة التعفف وضرب المثل الأعلى في التجرد والنزاهة، خصوصا أن في مصر نوابغ ومتفوقين ينتحرون شنقا بحبل البطالة الممتدة لسنوات طويلة بعد التخرج".
وطلبت بيانا رسميا يعلن الحقائق والأكاذيب في موضوع تعيين ابن الرئيس، وقلت إننا نريد مبادرة من الرئيس شخصيا بإلغاء قرار تعيين ابنه حديث التخرج في هذا المكان، لأنه بالتأكيد جاء على حساب من يستحق هذه الفرصة أكثر منه.
وبالفعل أقدم عمر محمد مرسي على سحب ملف تعيينه في الشركة القابضة للمطارات، ليرفع الحرج عن نفسه وعن أبيه وعن مصر كلها، وقلت وقتها إنه "يبقى  على الذين مضغوا أكذوبة الأربعين ألف جنيه كراتب محدد له وبصقوها فى وجه الجميع أن يثبتوا لنا صحة ما رددوه وأذاعوه بكل السبل"
 والأمر نفسه تكرر بالطريقة ذاتها وفي الشركة نفسها مع ابنة وزير الدفاع، حين قالوا إنها عينت بمبلغ مماثل، الأمر الذي تطلب خروج المتحدث الرسمي باسم القوات المسلحة لينفي الخبر جملة وتفصيلا.. وسجلت في حينه أن هذا تصرف جيد من المؤسسة العسكرية".

ما كتبته آنذاك دفع المستشار محمود مكي نائب رئيس الجمهورية الذي استقال في عهد الدكتور مرسي ليشكو لي من أن ابنه تعرض لظلم وإجحاف حين تجاوزوا حقه في التعيين بمجلس الدولة وهو ابن نائب الرئيس والأهم أنه تقدم لهذه الوظيفة قبل تعيين والده نائبا للرئيس وهو يحمل من الشهادات العلمية ما يؤهله لها، ورُفِض تعيينه لأن والده صار في السلطة.

أما الآن ففي عصر ما بعد الانقلاب، فقد مر خبر تعيين ابنة شقيق الحاكم باعتباره أمرا عاديا، وربما ذهب بعض غلاة المنافقين والطبالين إلى وصفه بأنه "إنجاز تاريخي آخر يضاف لرصيد الرئيس".
عدنا مرة أخرى، إذن، إلى حالة "المعمعة الصاخبة شاهت الوجوه وديست المعاني المحترمة بالأقدام، بعد أن صار لكل طرف معياره الخاص وتعريفه الذاتي لمفاهيم كنا نظنها ثابتة وموضوعية فتبين أن كل شيء صار نسبيا بما فى ذلك قيم مثل الصدق والشهادة والوطنية".
وهذا هو الفرق بين قيم الثورات وقيم الانقلابات والثورات المضادة: تغييب القانون وغياب العدالة، وانتفاء القدرة على التمييز بين الحق والباطل.

ليست هناك تعليقات:

إرسال تعليق