الأحد، 8 مارس 2015

دنشواي 2015 !!

 دنشواي 2015 !!

آيات عرابي


صلى ركعتين في هدوء ونطق الشهادتين, وصعد إلى حيث المشنقة, في خطوات هادئة وطمأنينة بعثتها في نفسه الصلاة, وارتسمت على وجهه ابتسامة هادئة وأحدهم يلف حبل المشنقة حول رقبته, ثم قال بصوته الهاديء ( أنا شهيد ), لف أحدهم حبل المشنقة حول رقبته, ولا شك أن من حوله من المجرمين بدوا وقتها كالأقزام, يرمقونه في دهشة, كان يعلم أنه سيقابل ربه بعد لحظات. كان رجلاً وهم يقتلوه, ولم يجزع.

من أجل عرض زوجته , اعترف على نفسه بما ارادوا. خشى أن يرى المجرمين يغتصبوا زوجته وأمه أمامه كما هددوه, اتخذ قراره وهو يعلم أن القتل بانتظاره.


ربما كان يعلم هذا منذ اللحظة الأولى التي حمل فيها راية العقاب ونزل ليشارك في مظاهرة ضد الانقلاب منذ سنتين, ربما استحضر ما كان يتخيله حين يقرأ سيرة النبي عليه الصلاة والسلام وجيش المسلمين خلفه يحمل راية العقاب السوداء التي تحمل عبارة ( لا اله الا الله محمد رسول الله ) التي قتلوه من أجلها, تلك الراية التي اصبحت تهمة كما كان الاسلام تهمة في بداية الرسالة, تلك الراية التي يصرون على تسميتها ( علم القاعدة ), ربما كان اكثرنا بصيرة عندما حمل راية النبي عليه الصلاة والسلام, ربما رأى قبلنا كثير منّا أنها حرب على الاسلام, ولا ريب أنه قرأ ما كتبه جورج اسحاق حين قال أن ( 30 يونيو مش هيكون فيه اسلام في مصر ), المؤكد أنه شاهد تواضروس الحاقد على الاسلام يجلس بجوار العلماني البرادعي, وهما يستمعان لبيان الانقلاب والقزم يلقيه, فعرف طبيعة الحرب القادمة. 
ربما لم يقرأ محمود ما كتبته صحيفة المصري اليوم عن محرر القدس, القائد المسلم الكردي صلاح الدين, والذي سحق جيش الصليبيين في معركة ما تزال ذكرى صدمتها حاضرة في اعماق الضمير الاوروبي إلى الآن.

ربما كان محمود يدرك ببصيرته حين شاهد ذلك الخليط من عصابات العمولة الامريكية وقطعان العلمانيين واحمق الكنيسة, تواضروس ومرتزقة الازهر كاحمد الطيب, في مشهد بيان الانقلاب أن الحرب على الاسلام ستكون بذلك العنف, ربما لذلك حمل راية النبي عليه الصلاة والسلام, تمسكاً برمزيتها.


ذكرني ما رواه البعض عن مشهد اعدامه, بمشهد اعدام الشهيد سيد قطب, رحمة الله عليه. كان هو الآخر يسير ثابتاً نحو حبل المشنقة ورفض ان يعتذر للمقبور عبد الناصر مقابل أن يتم الغاء العقوبة. 
وقت اعدام الشهيد سيد قطب كان جيش عبد الناصر يتسلى بهدم بيوت اخواننا في اليمن وحرق القرى والقاء الاسلحة الكيماوية من الطائرات على رؤوس الآمنين, وبعد أن قتل عبد الناصر سيد قطب بسنة تقريباً, كانت الهزيمة المروعة, سحقت قوات العدو جيش عبد الناصر وشقت طريقها حتى الضفة الغربية للقناة كالسكين في الزبد, وتناثرت مركبات الجيش محروقة في سيناء كالقش, ووصل الأمر إلى أن كتب اللواء فؤاد حسين ضابط المخابرات الحربية السابق في كتابه ( الخيانة الهادئة ) الذي نشرته دار أخبار اليوم منذ سنوات, أن جنود العدو كانوا يسلمون عمال القناة أسراهم مما تبقى من جيش عبد الناصر مقابل بطيخة وشمامة لكل رأس !!!

كان جنود عبد الناصر القادمين من اليمن, منتشون بما فعلوه في اخوتنا في اليمن وكانوا يظنون أنهم حين يهتفون بإسم عبد الناصر سينتصرون, وكان انتقام الله للشهيد سيد قطب مروعاً, سحق جيش عبد الناصر بالكامل تقريباً واستباحة سماء مصر. حتى الأغنية التي نشرتها المخابرات لتمهد للشعب الذي غيبه الإعلام تقبل قتل سيد قطب
” بكرة العيد ونعيد وندبح الشيخ سيد ”

رده الله على جيش عبد الناصر بالحرف, ففي مشاهد اذاعها العدو لاحقاً, ظهر جنود عبد الناصر الذين انتصروا على أهل اليمن العزل, وهم محشورين في عربات نقل لا تسترهم سوى ملابس داخلية, وجنود العدو يصفعونهم على وجوههم ويركلونهم على مؤخراتهم, ويسمونهم بـ “الخرفان” !!

حتى لفظ الخروف الذي اطلقوه على الشهيد سيد قطب, رده الله على جنود عبد الناصر, فاصبحت تسمية جيش عبد الناصر عند العدو وقال احدهم في ذلك الفيلم ” نقلناهم كالخرفان ” !!!
مرت كل تلك المشاهد أمامي حين قرأت كيف خطى محمود ثابتاً هادئاً مرفوع الرأس إلى منصة الإعدام !!
وكيف قال لزوجته : ” لا تحزني لست أول من يقتل في سبيل الله”
كنت اعلم يقيناً أنهم لن يجرأوا على إذاعة مشاهد اعدامه أو ما قبلها الا بعد عملية مونتاج مضنية, فمن الواضح أن ثباته كان اسطورياً.

في دنشواي 1906, ضحى شهداء دنشواي بدماءهم من أجل امرأة قتلها احد ضباط الاحتلال, وصعدوا الي المشنقة بعد أن حكم عليهم شقيق سعد زغلول وجد بطرس غالي بالاعدام, وبعد أن قالت عنهم النيابة أنهم ” سفلة ادنياء النفس ” !!

كانت مصر وقتها تحت الاحتلال البريطاني المباشر, وكان القضاء هو أداة القتل, ولم يختلف الحال كثيراً في 2015, فمصر تحت الاحتلال بالوكالة بعد أن ترك الاحتلال فيروساً يرتدي الزي العسكري.

اعلم أن دماء محمود ستكون وبالاً وخراباً على عصابة الانقلاب وعلى كل من أيدهم, وسيأتي انتقام الله مريعاً يُسكت كل الأصوات, ففي يوم مقتله يفر وزير داخلية الانقلاب إلى الإمارات طريداً مشرداً خائفاً مرتعشاً يخشى على حياته وعلى أسرته يبحث عن الأمان, وفي اليوم التالي يصاب وزير العدل بحكومة الانقلاب بالجلطة وينقل إلى المستشفى.

دماء محمود ستشعل في مصر ثورة جامحة لا تمزح, ثورة تسحق عظام دولة العسكر ومفاصلها هذه المرة دون رحمة.
 انظر إلى طلبة الجامعة اليوم, وهم يتظاهرون غضباً على مقتل الشهيد محمود رمضان, لتعلم أن مصير هذا الانقلاب وقائده المرتد, هو السحق تحت الأحذية.
 محمود دافع عن عرض زوجته, ودفع حياته ثمناً لعرضهما وقبلها ثمناً لحمله راية الرسول عليه الصلاة والسلام.


ليست هناك تعليقات:

إرسال تعليق