الاثنين، 9 مارس 2015

نظرية "السيسي حلو.. النظام قبيح"

نظرية "السيسي حلو.. النظام قبيح"

وائل قنديل


"أعتقد أن أي بديل للنظام الحالي سيكون أسوأ منه، وسيكون الوضع أكثر سوءاً، والمطلوب أن يستمع النظام الحالي للجميع، ويفتح أذنيه، لأنه لو ظل قافلاً مسامعه عن الجميع، ولم يستحضر الحلول السياسية، ستكون العواقب خطيرة، وهذا يضرّ بالسلطة الحالية، أكثر من الضرر بمعارضيها".
اعصر ذاكرتك جيداً، وحاول أن تتعرف على صاحب هذه المقولة، وتاريخها والسياق الذي جاءت فيه. هذا ما طلبته من خمسة أصدقاء من شرائح عمرية مختلفة، ومشارب فكرية سياسية متباينة، فجاءت الإجابات كلها من زمن حسني مبارك، ولم تخرج الترشيحات عن كل من:
رفعت السعيد، سواء عندما كان رئيساً لحزب التجمع قبل ثورة يناير 2011، أو في الفترة التالية لانقلاب عبد الفتاح السيسي 2013.
كما رجحت إجابات، أيضاً، أن يكون صاحب المقولة هو السيد البدوي شحاتة، رئيس حزب الوفد، قبل الثورة وبعدها، ثم قبل الانقلاب وبعده أيضاً.
كما لم تستبعد الإجابات أسماء شخصيات، مثل الدكتور محمد أبو الغار والدكتور محمد البرادعي والدكتور عبد المنعم أبو الفتوح، والسيد حمدين صباحي، مع الإشارة إلى أن السياق التاريخي للمقولة موضوع السؤال هو فترة ما بعد وصول عبد الفتاح السيسي إلى الحكم.

غير أن المفاجأة الحقيقية أن صاحب المقولة واحد من شباب حزب التجمع اليساري، المحسوبين على ثورة 25 يناير 2011، والذي كان ضمن مجموعة قررت أن تمد حبل الثورة من ميدان التحرير، إلى مقر حزب التجمع، لتطهيره، هو الآخر، من رجال الرئيس المخلوع، وعلى رأسهم رفعت السعيد، وريث السيد خالد محيي الدين في رئاسة الحزب.
هذه المقولة وردت في مقابلة نشرها موقع "مصر العربية" مع الشاب خالد تليمة، من ثوار يناير ضد مبارك ورفعت السعيد، ومن انقلابيي يونيو على ثورة يناير، تولى منصب نائب وزير على يد سلطة السيسي، ثم خرج من الحكومة، ولم يعد إلى الثورة، بل ارتدى الجلباب ذاته الذي كان يرتديه رفعت السعيد في زمن مبارك، ليؤدي به دور المعارضة النظامية، تلك الأليفة اللطيفة التي ترى الرئيس جميلاً ورائعاً، لكن نظامه قبيح ورديء، وهي الصيغة التي كانت عليها المعارضة "الميري" في سنوات حسني مبارك.
ويذكر التاريخ أن حزب التجمع اليساري التقدمي الوحدوي لعب دور المحلل أو الغسالة، لوجه مبارك القبيح في فضيحة انتخابات برلمان 2010 التي قاطعتها معظم القوى السياسية، فقرر السعيد أن يسعد بهبات النظام وعطاياه من المقاعد، حين انفرد، وحده، بملاعبة الحزب الوطني في جولة الإعادة، وكانت النتيجة أن ألقوا له بفتات المقاعد، ووصل الأمر إلى أن مارست الدولة التزوير في بعض الدوائر، لإنجاح مرشحي رفعت السعيد.
ويقول التاريخ، أيضاً، إن تجمعيين بارزين شنوا هجوماً كاسحاً ضد رفعت السعيد، في عام 2011، واتهموه والقيادة المركزية للحزب باتخاذ موقف ممالئ للنظام السابق في مواجهة ثورة 25 يناير، وحملوه مسؤولية ظهور الحزب بمظهر المتواطئ مع الحزب الحاكم وورقة التوت التي تغطي عورته.
وكما نشر موقع "اليوم السابع" في ذلك الوقت، فإن مقدمي الوثيقة التي حملت عنوان: "إصلاح التجمع .. ضروري وممكن" أشاروا إلى واقعة إقدام الحكومة على تزوير الانتخابات لصالح حزب رفعت السعيد.
غير أن غضبة شباب الحزب، ومنهم الشاب تليمة، في ذلك الوقت، تجاوزت موضوع تقديم الوثيقة، إلى الدعوة لإسقاط "نظام حزب التجمع" بالقوة، وهنا، مكمن الدهشة والسخرية المريرة، من الشيخوخة المبكرة التي أصابت خطاب الشاب التجمعي الثوري عن السيسي ونظامه، على الطريقة ذاتها التي كان يؤدي بها العجوز رفعت السعيد مع حسني مبارك ونظامه، انطلاقاً من معادلة "نريد عسل الرئيس ونرفض حنظل نظامه"، على الرغم من أن عصراً لم يشهد حلول وتجسد النظام في شخص واحد، كما هو الحاصل مع عبد الفتاح السيسي الآن.
حقاً.. عادت دولة مبارك كاملة، فعادت معارضتها الأليفة بوجه أكثر شباباً.

ليست هناك تعليقات:

إرسال تعليق