الجمعة، 13 مارس 2015

حسام الغمري يكتب: أربعة مشاهد تنبئ بأن القادم أسوأ

حسام الغمري يكتب: أربعة مشاهد تنبئ بأن القادم أسوأ




ولست بعلام الغيوب وإنما أرى بلحاظ الرأي ما هو واقع
حين أحاول قراءة المستقبل القريب لمصر الحبيبة أسعى جاهدا الى تحييد مشاعري كمسلم يحلم بعودة مجدنا الامبراطوري المسمى بالخلافة الإسلامية وقد رأيت كيف صرنا من بعد ضياعها في العام 1924 نُقتل على الهوية في كل ارجاء المعمورة ، ونتهم بالإرهاب من أفجر وأشر أهل الأرض جميعا ، واتبعنا من بعد أن كنا متبوعين ، وهمشنا وكنا من ملوك الأرض وامراءها أجمعين .

كما باتت حرماتنا موضع سخرية القاصي والداني ونحن حيارى عاجزون ، و غدونا مأمورون ، وكيف لا وقد أضعنا شوكتنا وحاربنا بأنفسنا خلافتنا وقبلنا أن نستسلم لخداع لورانس العرب وقد أمطرنا بمعسول الكلام وزائف الوعود قديما وحديثا .

أحيد كل تلك المشاعر والجينات جاهدا لأتلمس أهداب الموضوعية والحيادية ، فلا أنطق عن الهوى قدر المستطاع ، حيث لا عصمة لي و لا حصافة ، ولا ناقة لي ولا جمل ، اللهم الا بضعة كلمات ابتغي بها وجه من لا رشد الا بهدي نبيه وسلوك دربه ، كما أحاول أيضا تحييد ما قرأته من صحيح الاحاديث أصيلة السند التي تتحدث عن حصار مصر بعد حصار العراق والشام ، كما تتحدث عن خراب مصر بعد خراب البصرة ، وأخيرا توضح ان خراب مصر سيكون بسبب اختلاف الجيوش !! وقديما لم تكن لغتنا تتضمن مفردة الميلشيا .

وهذا الأسبوع توقفت طويلا أمام اربعة مشاهد أبرزتهم وسائل الاعلام المختلفة أرى انهم بالعمق اللازم لرسم ملامح المستقبل القريب أمام فراسة المتأمل الدقيق والعاشق الحريص على فجر هذا البلد أن يتنفس من جديد .

بهم ومن خلالهم حاولت أن أرى بلحاظ الرأي ما هو واقع كما قال رب السيف والقلم محمود سامي البارودي ، لعلي أقدم نبوءتي دون ادعاء كهانة أو تنجيم ، أو صلة بمصدر مقرب ، أو صانع للقرار عتيد .

في المشهد الأول رأيت طفلا بنظرات واجمة يرفع إشارة رابعة وقد أجلسه احدهم فوق احدى درجات سلم لم يجف بعد من دماء والده المهراقة وقد اغتالته الداخلية امام ناظريه هو ووالدته وباقي اخوته وأخواته بدم بارد تكريسا لشريعة الغاب التي يبذلون صادق جهدهم لترسيخها ، لأنها الأقرب الى هوى نفوسهم ، المحققة لمصالحهم والمبقية على رواتبهم و مكافئاتهم ، فهي القانون الناجز والعدالة الرصينة وفق عقيدتهم ودينهم الذي يدعون اليه عبر فضائياتهم مدعومين من أئمة الزور واعلامي الإفك والتضليل .

في المشهد الثاني رأيت أخ مكلوم في عرض شقيقة اغتصبها بوحشية ظابط كان يفترض فيه أن يصون الأعراض و يحميها ، فاذا به أول من ينتهكها ويهتكها ، بل و يدعو أحد اتباعه الى المزيد من ذلك لولا انه أبى ، كما ذكرت ابنتنا فاطمة اثناء ادلائها بشهادتها الصادمة لفضائية الشرق ، في بلد صارت فيه الراقصات أصدق وأشرف من القضاء والنيابات .

وفي المشهد الثالث رأيت السيسي ممسكا بيد معتوه الامارات – ابن زايد – ليقوما معا بتقطيع ” تورته ” احتفال على دماء واشلاء ضحاياهم من المسلمين في العديد من البلدان .

صورة لم نبصر مثلها من قبل بين رجلين كاملي الرجولة .

صورة اعتدنا عليها فقط في حفلات الزواج بين الرجل و امرأته .

ولنا ان نتوقع نوع جنينهما المسخ المنُتظر.

وفي المشهد الرابع والأخير استمعت الى السيسي يطلب من فقراء مصر تحمل المزيد من الضغوط من أجل مصر حتى ولو اضطروا الى التوقف عن تناول الطعام

من النظرة التي رأيتها في عيني طفل الصورة الأولى الممتلئة حزنا لفقد الوالد للنظرة التي رأيتها في عيني السيسي والممتلئة دفئا وحنانا من لمسة بن زايد .

أستطيع ان أتوقع القادم لمصر .

من نبرة صوت شقيق فاطمة المفجوع بما حدث لشقيقته الى نبرة صوت السيسي وهو يحاول تسويق الجوع من أجل مصر .

أستطيع ان أتوقع القادم لمصر .

فاستمرار تجاهل آلام الاخرين يدفعهم للانفجار طلبا للثأر

والرقص على ارتام نحيبهم واحزانهم يُمني نفوسهم حمل السلاح بحثا عن العدل

والاتكاء على نبرات خداع البسطاء ودغدغة مشاعرهم بشعارات وطنية لا يروا انها تُطلب من سواهم يوقظ حتما الأذهان الشاردة بمرور الوقت

فبذور الشر لا تطرح الا ثمار غضب

وتعاقب كي الجلد يفقده الإحساس تماما

والتآلف مع رائحة الدماء يزيل رهبة الاحتراب الأهلي

وقتل المزيد من الناس لا يزيد القاتل الا رعبا يدفعه الى المزيد من القتل بأمل النجاة ، ولا يزيد الضحية الا بأسا في طلب الثأر وقد كسر بداخله حاجز الخوف وزالت من قلبه رهبة القاتل وهيبته

فاذا كان القاتل يعمل على الإسراع من ذلك بصور لا تزيدنا الا شكا في رجولته ، وعبارات لا تزيدنا الا يقينا في بلاهته ، فان توقع اقتراب لحظة الانفجار ليس بالشيء العسير .

والولادة لا تمر الا بمخاض

والنور لا ينبعث الا بقهر الظلام

واختم مع الشاعر المتنبي الذي قال :-

على قدر أهل العزم تأتي العزائم

وتأتي على قدر الكرام المكارم

وتعظم في عين الصغير صغارها

وتصغر في عين العظيم العظائم



حسام الغمري

ليست هناك تعليقات:

إرسال تعليق