أسرار رسائل خامنئي لشباب الغرب
للمرة الثانية على التوالي خلال عام واحد يرسل المرشد الإيراني علي خامنئي رسائله إلى الشباب الغربي، في محاولة لاستعطاف قلوب الشباب وتغيير الصورة الذهنية عن الدولة الفارسية.
الرسالة الأولى كانت في 21 يناير الماضي، وحملت الكثير من المضامين المتعلقة بالإسلام والهجمات الإرهابية والقضية الفلسطينية، وجاءت الرسالة بعد أيام من أحداث هجمات صحيفة" شارلي إيبدو".
أما الرسالة الثانية فقد أرسلها قبل عدة أيام، وتحديداً يوم الأحد 29 نوفمبر، ولم تختلف مضامينها عن الرسالة السابقة، خصوصاً أنها جاءت بعد الضربات الموجعة التي تلقتها باريس ليلة الـ 13 من نوفمبر واتهمت "داعش" بتنفيذها، وأسفرت عن مقتل أكثر من 129 شخصاً وإصابة قرابة 352 آخرين.
رسالة خامنئي الثانية تزامنت مع حملة إعلامية كبيرة للمواقع والصحف والقنوات ووسائل الإعلام التابعة لإيران والأذرع الموالية لها في عدد من العواصم العربية والغربية، وتم تعزيز تلك الرسالة بتحليلات وحلقات نقاشية تبرز أهميةَ هذه الرسالة ودورَها في خلق التعايش مع دول الغرب، وإظهار صورة أخرى عن الإسلام في تلك الدول، ولكنها صورةٌ متطابقة مع ما يريده ملالي طهران، بنسختها الشيعية المتطرفة.
وكالعادة تضع إيران القضية الفلسطينية في أولوية اهتماماتها، ليس لأنها تدافع عن القضية بشرف، ولكن لأنها تمنحها دعايةً إعلاميةً وعلامَة "ممانعة" للحلف الغربي الصهيوني، أمام الرأي العام أولاً، وأمام مناصريها وأذرعها في الداخل والخارج، كشهادة إثبات أنها تناصر القضية الفلسطينية.
أما المحور الأخر في رسالة خامنئي، فقد كان حول قضية الإرهاب الذي يضرب في كل مكان، لكنه لم يتعرض لإيران ولو حتى مرة واحدة، وهو السؤال الذي يجعل الشكوك دائرةً حول علاقة طهران بتلك الحركات الجهادية والتي تنفذ أهدافاً مسلحة عكست صورة سلبية عن الإسلام والمسلمين. ولذلك جاءت رسالة خامنئي إلى الشباب الغربي لتقول لهم إن الإرهاب الذي يحاول الغرب ربطه بالإسلام السُّني لتدفعهم إلى متابعة الخيار الآخر، وهو الإسلام بنسخته الشيعية، على النهج الإيراني.
ولذلك جاءت ردود أفعال متسامحة وإيجابية، بل تعاملت الصحف الغربية مع تلك الرسالة بإبراز وتحسين، وأعلن الأسقف الأمريكي "جون بريسون تشين" إعجابه الشديد برسالة الخامنئي التي وجهها إلى الشباب الغربي، وقال عن الرسالة "جاءت في الوقت المناسب، وتُعد تحدياً لنا جميعاً وليس للشباب فحسب".
ويرى البعض أن اتجاه مرشد إيران علي خامنئي إلى توجيه هذه الرسائل إلى الشباب الغربي، يكشف عن منهج جديد لطهران تحاول من خلاله إيجاد علاقات جيدة بين الشباب وقيادة الدول الغربية، ولكن عبر لهجة دينية بسيطة معتدلة ومتسامحة.
ولعل التركيز على فئة الشباب يوحي باهتمام دولة إيران بفتح علاقات كبيرة مع الجيل القادم في الدول الغربية، خصوصاً مع ذهاب الكثير من الحرج في عدم مصداقية الشعارات التي ترددها إيران حول الشيطان الأكبر (الولايات المتحدة الأمريكية) ثم تتويجه بما يعرف بالاتفاق النووي الذي يفتح مجالات واسعةً بين إيران والدول الغربية.
ومهما بدت الرسالة الأخيرة لخامنئي متحاملة على الدول الغربية؛ حيث ندد بازدواجية دول الغرب، وأكد فيها على ألمه من الهجمات التي نالت فيها دول غربية، لكن الرسالة تحمل في طياتها الكثير من التسامح وفتح الأبواب مع تلك الدول، وإن كانت جاءت عبر فئة الشباب، وليس عبر الأطر الدبلوماسية.
وتأتي هذه الرسالة بعد أشهر بسيطة من الرسائل السرية التي جرت بين الرئيس الأمريكي باراك أوباما، والمرشد الإيراني خامنئي؛ حيث كشفت صحف بريطانية عن رسالة سرية أرسلها خامنئي لأوباماً قالاً في مضمونها: "سهل سلاحنا النووي ونحن سنقضي على داعش"، وجاءت رسالة خامنئي رداً على رسالة سابقة اقترح فيها أوباما تعاوناً بين طهران وواشنطن لقتال "داعش" في حال تم التوصل إلى اتفاق نووي.
وبعد الكشف عن تلك الرسائل الودية السرية بين طهران وأمريكا، استغرب المراقبون من ازدواجية الخطاب التي تصف فيه إيران أمريكا علناً بـ "الشيطان الأكبر"، وتخاطبها عبر الرسائل السرية "باحترام شديد"!
ليست هناك تعليقات:
إرسال تعليق