السبت، 19 مارس 2016

استنتاجات أوباما الأربعة ( مبدأ أوباما ج5 والأخير )

استنتاجات أوباما الأربعة ( مبدأ أوباما ج5 والأخير )


                   كشف أوباما عن استنتاجات أربعة                       
     حول مستقبل السياسة الخارجية للولايات المتحدة- أرشيفية  


تواصل "عربي21" الانفراد بنشر ترجمة تفاصيل المقابلة الهامة التي نشرتها مجلة "أتلانتيك" الأسبوع الماضي مع الرئيس الأمريكي باراك أوباما، والتي توضح كيف يفكر رئيس الولايات المتحدة، وما هي رؤيته للعديد من القضايا الشائكة التي تشغل العالم. وفي الحلقة الخامسة من هذه المقابلة يكشف أوباما عن استنتاجات أربعة حول مستقبل السياسة الخارجية للولايات المتحدة.

وفيما يلي ترجمة الجزء الأخير من مقابلة (مبدأ أوباما):

لقد تقدم الرئيس ببعض الرهانات الضخمة. في أيار/ مايو الماضي، حينما كان يحاول تمرير صفقة النووي الإيراني من خلال الكونغرس، قلت له إن الاتفاقية كانت تسبب لي توترا عصبيا. كان رده معبرا، حيث قال: "انظر، بعد عشرين عاما من الآن سأكون ما أزال على قيد الحياة بإذن الله. لو كان لدى إيران سلاح نووي، فإن اسمي سيكون مرقوما على ذلك. أظن أن من الإنصاف القول إنه بالإضافة إلى المصالح الراسخة في ذلك لأمننا القومي، فأنا نفسي لدي مصلحة شخصية في إغلاق هذا الباب".

وفيما يتعلق بموضوع النظام السوري ورعاته الإيرانيين والروس، يوجد لدى أوباما رهان، ويبدو في واقع الأمر مستعدا للاستمرار في المراهنة، على أن تكلفة الفعل الأمريكي المباشر ستكون أكبر بكثير من تكلفة عدم القيام بأي فعل على الإطلاق. 
ولديه من الثقة والتفاؤل ما يكفيه للتعايش مع مخاطر الغموض الذي يكتنف قراراته. على الرغم من أن أوباما كان قد قال في خطابه الذي ألقاه في حفل تسلم جائزة نوبل للسلام في عام 2009 "إن التراخي عن القيام بما يلزم يوجع ضمائرنا، ويقض مضاجعنا، وقد يتمخض فيما بعد عن تدخل تكلفته أعلى بكثير"، إلا أن آراء المدافعين عن فكرة التدخل لأسباب إنسانية لا تبدو اليوم مؤثرة فيه، على الأقل فيما نعرفه عنه في العلن.
ما من شك في أنه يعلم أن نظيرة سامنثا باور (ممثلة الولايات المتحدة في الأمم المتحدة) في الجيل القادم ستكتب منتقدة عدم استعداده لبذل جهد أكبر في سبيل منع المذابح المستمرة في سوريا، (وبهذا الشأن ستكون سامنثا باور نفسها عرضة للنقد من قبل سامنثا باور المستقبلية). وبينما يقترب أوباما من نهاية رئاسته للولايات المتحدة، فإنه يعتقد بأنه قدم خدمة كبيرة للبلاد من خلال تجنيبها الوقوع في الدوامة، كما يعتقد – فيما أظن– بأن المؤرخين في يوم من الأيام سينصفونه وسيعتبرون أن قراره ذلك كان عين الحكمة.

في داخل الجناح الغربي في البيت الأبيض، يقول المسؤولون إن أوباما، كرئيس ورث من سلفه أزمة مالية وحربين دائرتين، حريص على أن يترك لمن سيخلفه "حظيرة نظيفة"
ولهذا السبب فإن الحرب ضد تنظيم الدولة، وهي مجموعة يعتبرها مصدر تهديد مباشر، وإن لم يكن تهديدا وجوديا، على الولايات المتحدة، باتت الأولوية القصوى بالنسبة لها فيما تبقى من فترة رئاسته. ولذا، فقد بات قتل ما يسمى بالخليفة في تنظيم الدولة، أبو بكر البغدادي، أحد أهم أهداف جهاز الأمن الوطني الأمريكي خلال السنة الأخيرة من رئاسة أوباما.

على الرغم مما كان لنظام الأسد من دور في تولد ظاهرة تنظيم الدولة، إلا أنه، وطبقا لمعايير أوباما الصارمة، لا يرقى استمرار حكم الأسد إلى مستوى تشكيل تهديد مباشر للأمن القومي الأمريكي.

وهذا هو الأمر المثير جدا للخلاف بشأن مقاربة الرئيس، وما سيظل مثيرا للخلاف لسنوات طويلة قادمة ألا وهو المعيار الذي استخدمه لتحديد ما الذي يشكل بالضبط تهديدا مباشرا.

لقد توصل أوباما إلى عدد من الاستنتاجات المتداخلة بعضها في بعض حول العالم وحول دور أمريكا فيه.

أما الاستنتاج الأول فهو أن الشرق الأوسط لم يعد مهما جدا بالنسبة للمصالح الأمريكية.
وأما الاستنتاج الثاني فهو أنه حتى لو كان الشرق الأوسط بشكل تجاوزي مهما، فلا يوجد سوى القليل مما يمكن للرئيس الأمريكي فعله من أجل أن يحوله إلى مكان أفضل.
وأما الاستنتاج الثالث فهو أن الرغبة الأمريكية الفطرية في حل المشاكل التي تتجلى في أبشع صورها في الشرق الأوسط سوف تؤدي لا محالة إلى الدخول في حرب، وإلى موت الجنود الأمريكان، وفي النهاية إلى استنزاف مصداقية وقوة الولايات المتحدة الأمريكية.
وأما الاستنتاج الرابع فهو أن العالم لم يعد يتحمل رؤية تآكل قوة الولايات المتحدة الأمريكية. وبالقدر نفسه الذي يجد فيه عدد من حلفاء أمريكا قيادة أوباما هزيلة ولا تتناسب والمهام الملقاة على عاتقه، فإن أوباما نفسه وجد قيادة العالم دون المستوى المطلوب. فهناك من جهة شركاء حول العالم تنقصهم الرؤية والاستعداد للإنفاق من رأسمالهم السياسي في سبيل إنجاز أهداف عريضة وتقدمية، وهناك من جهة أخرى خصوم لا يعتبرهم عقلانيين مثله.
 يعتقد أوباما أن التاريخ له جوانب، وأن أعداء أمريكا – وحتى بعض حلفائها المفترضين – اتخذوا لأنفسهم مواقع في الجانب الخطأ، في المكان الذي مازالت تزدهر فيه القبلية والأصولية والطائفية والعسكرة. وما لا يفهمه هؤلاء جميعا هو أن التاريخ يميل باتجاه الجانب الذي يقف فيه هو.

أخبرني بين روديس بما يلي: "إن الجدلية المركزية هي أنه من خلال النأي بأمريكا عن أن تغمس نفسها في أزمات الشرق الأوسط، تعتقد مؤسسة السياسة الخارجية بأن الرئيس يتسبب في نهاية المطاف بتقهقرنا. إلا أن الرئيس يتبنى وجهة النظر المعاكسة، ومفادها أن المبالغة في التمدد في الشرق الأوسط سوف تؤدي في نهاية المطاف إلى إلحاق الضرر باقتصادنا وسوف تنال من قدرتنا على البحث عن فرص أخرى وعلى التعامل مع التحديات الأخرى، والأهم من ذلك كله أنها ستؤدي إلى المخاطرة بحياة العاملين في الجهاز الحكومي الأمريكي لأسباب لا علاقة مباشرة لها بمصالح الأمن القومي الأمريكي".

إذا كنت من مؤيدي الرئيس فسوف تجد أن إستراتيجيته منطقية، وهي تلك التي تتلخص في مضاعفة الجهود في تلك الأجزاء من العالم حيث إمكانيات النجاح معقولة، والحد من استنزاف أمريكا في الأماكن الأخرى. أما خصومه فيعتقدون بالمقابل أن المشاكل مثل تلك التي يعج بها الشرق الأوسط لن تحل نفسها بنفسها وأنها- لا محالة- ستستفحل في غياب التدخل الأمريكي.

تشكل سوريا في هذه اللحظة أكبر تحد مباشر لرؤية الرئيس الكونية، ففي سوريا يبدو أن التاريخ ينحني باتجاه درجات أضخم من الفوضى.

حتى جورج دبليو بوش كان مقامرا، ولم يكن مراوغا، ولكن التاريخ لن يرحمه على ما فعله في الشرق الأوسط. يراهن باراك أوباما على أن التاريخ سيذكره بخير بسبب الأشياء التي تخلى عن القيام بها.

اقرأ أيضا:











ليست هناك تعليقات:

إرسال تعليق