الثلاثاء، 22 مارس 2016

السابحون في ( مية البطيخ )

 السابحون في ( مية البطيخ )

آيات عرابي


لا ليست الحرب الأهلية هي الهدف, فالعصابة (وعلى الرغم من أجندة التدمير التي تنفذها) لم ترتكب كل ما ارتكبته منذ الإنقلاب إلا لتحكم, هم يريدون بعض الاستقرار, الذي يمكنهم من السير بمواكبهم الفخمة في الشوارع, بعض الاستقرار الذي يمكنهم من التلذذ بمشاهدة مصريين متهدلي الاكتاف واقفين على جانبي الطريق مستسلمين لصرخات أفراد ميليشيات الداخلية, والدراجات البخارية تنطلق في مقدمة المواكب ليزيحوا ستارة سوداء ما في سيارات المرسيدس ليروا نظرة الإنكسار في عين مواطن او تعبير انعدام الحيلة على وجه آخر ليشعروا ببعض الرضا وليستعيدوا بعضاً من الكرامة المبعثرة على أرضية مواقع التواصل الإجتماعي. 
يريدون بعضاً من الاستقرار يمكنهم من السرقة, بعضاً من الاستقرار يُشعرهم بأن مصر عادت للعسكر, يريدون الإبقاء على هيكل تلك الدولة وإن كان خاوياً ليستمروا في ممارسة البقالة وتعبئة المكرونة وصناعة المخللات, لذلك لن يقدموا على إشعال حرب أهلية. 
إذا أردت أن تهدر كرامة سياسي وتخرجه من حلبة المنافسة, اصفعه على قفاه في وسط الطريق ! 
كان الهجوم على كمين الصفا بالعريش وإبادة كل من فيه من جنود وضباط الإنقلاب شبيهاً بالصفعة التي تلقاها السيد البدوي على قفاه في ميدان التحرير.
التنظيم حرص على نشر صور الهجوم وعلى التأكيد على أنه جاء بسبب التعدي على حرمات النساء التي ترتكبها ميليشيات الإنقلاب يومياً في سيناء والتي نشرت الزميلة مني الزملوط جانباً منها. 
عدة حقائق يمكنك التوصل إليها بالنظر للهجوم, فلقد حرص التنظيم على ذكر أن هجومه جاء انتقاماً للنساء وهو ما يكشف عن حرص التنظيم على توسيع الحاضنة الشعبية التي يبدو أنها تتزايد يومياً في سيناء, كما أنهم ظلوا نصف ساعة ينقلون عتاد القتلى والأسلحة المخزنة بالكمين دون أن يجرؤ الجيش المصرائيلي على التحرك ضدهم حتى بالطائرات خوفاً من أي مفاجئات محتملة يكون المسلحون قد جهزوها. 
الهجوم من ناحية أخرى جاء ضربة إعلامية عنيفة للجيش المصرائيلي الذي ظهر بمظهر العاجز غير القادر على حماية نفسه أو ميليشياته من عصابات الداخلية, وغير قادر على التدخل خوفاً من الخسائر, وادرك الجميع أن ذلك الجيش الذي نزل إلى الشوارع قبل الانقلاب ليستعرض عضلاته على الشعب عاجز عن مواجهة مجموعة من المسلحين تقل عنه تسليحاً وعدداً وهي النقطة التي مثلت انذاراً للعسكر فتحركوا بكل وحشية لحرق منازل الأسرى في قرية البصارطة, على طريقة (اضرب المربوط يخاف السايب)
الجيش المصرائيلي من ناحية العدد والقوة غير قادر على السيطرة على 90 مليون, وهو كأي جيش احتلال يسيطر على البلد المحتل بمعادلة الرعب, فهو يختار منطقة ينكل بها ويستخدم فيها كل ما يستطيع إظهار من العنف ليضرب بها أي احتمال للتمرد على حكمه.
تماماً كالصياد الذي تنمو غريزة فهم الفرائس لديه مع الوقت.

يجب على الثورة أن تدرك أن حرق منازل الأسرى في البصارطة كان وسيلة العسكر لمنع إنهيار سمعتهم كجلادين يحكمون الشعب بالحديد والنار, تماماً كما كان الهمج يفعلون في العصور الوسطى.
الجيش المصرائيلي من ناحية أخرى اثبت خلال الأعوام الماضية, وحتى قبل الانقلاب أنه مجموعة من البلطجية لا تقل إجراماً عن الجيش الصهيوني واستعراض جرائمه حتى قبل الإنقلاب قد يكفي لإدراك هذه الحقيقة (سحل فتاة التحرير وتعريتها – مذبحة محمد محمود – مذبحة العباسية – كشوف العذرية التي اشرف عليها مجرم الإنقلاب شخصياً واعترف بها … الخ) والأمثلة كثيرة. 
ومع الانقلاب وتصاعد جرائم العسكر وجيشهم المصرائيلي وخيانته الواضحة, تعالت أصوات من داخل المعسكر الرافض للإنقلاب تدعو للحفاظ على ما تسميه بـ”مؤسسات الدولة” وتدعو للانتظار حتى يقع الإنقلاب على الانقلاب وانتظار شرفاء الجيش الوهميين بالشموع والأدعية !
وكأن المطلوب منا ان نرى خيانات الجيش المصرائيلي وجرائمه في سيناء وإغراقه لغزة وعمالته للعدو الصهيوني, وأن نقتنع مع كل ذلك أن المشكلة في شاويش الانقلاب وأنه لولاه ما خان الجيش ولا ارتكب جرائمه. 
هناك من يحاول أن يمنعك من الصراخ, يمنعك من قول الحقيقة, هناك من لا يدخر وسعاً في الدفاع عن المجرم, تجد مجرماً يضرب عنق صديقك, ثم تسمع صوتاً إلى جانبك يدعوك لعدم الدعاء على القاتل ويبشرك بأن احد أفراد العصابة لا ريب سينتقم له, هؤلاء السابحين في (مية البطيخ) عطلوا الثورة شهوراً وافقدوها وقتاً ثميناً كان من الممكن استغلاله في تطوير الحراك, وهو أنفسهم الذين تسمع منهم خزعبلات مثل (سلمان مش زي اخوه .. سلمان ضد الانقلاب .. شرفاء الجيش .. الانقلاب على الانقلاب) وكأن علينا أن نسبح مثلهم في (مية البطيخ) وان نوقف عقولنا عن العمل مثلهم. 
اعتقد أن الوقت قد حان لنبذ كل صوت يدعي شرفا مزعوماً لذلك الجيش وكل صوت يدعو للحفاظ على المؤسسات التي قامت بالانقلاب, هؤلاء لم يخلق الله لهم عقلاً, يخدمون العدو ويعطلون الثورة بعلم او بجهل.

ليست هناك تعليقات:

إرسال تعليق