الجمعة، 25 مارس 2016

أتذكرون؟ ...

أتذكرون؟ ... 

طلعت رميح


أتذكرون... تلك الأيام.
الآن.. وكل ما نعيشه ليس إلا نتيجة لما جرى في تلك الأيام فهي لم تعد ذكرى، بل هي الواقع الذي نعيش ولو لم نكن كما كنا وقتها لما تمكن البرابرة أن يدفعوا بنا إلى ما نحن عليه الآن من أقصى بلاد الأمة إلى أقصاها، ما كانوا مكنوا أن يصلوا ببلادنا حد البيع بالتجزئة في مزادات متنقلة بين عواصم المستعمرين.

هم قتلة وبرابرة ... قل ما شئت فجرائمهم تحاصرنا... وما بقي فوق الأرض من أبنية وبشر وملامح انسانية وهياكل أجساد، ليست إلا شواهد على ما تحت الأرض، أو شواهد لما تحت الأرض وعناوين لهم.


لكنهم لم يفعلوا بنا ما فعلوا إلا لأنا لم نكن على قدر التحدي،
يمكننا أن نذهب بالأسباب إلى الحكام وبعض الخونة، والقوة العسكرية الطاغية، والتوازنات الدولية، والخطط والمؤامرات، والشرق والغرب، وكل شيء يقال هنا صحيح وأكثر.


لكن ذلك لا يعفينا جميعا من المسؤولية، الوعي هو الفيصل، هكذا قالت كل تجارب الشعوب والأمم، الوعي هو البصيرة التي تقي من المهالك .. والوعي هو صانع الإرادة والجدية والندية..
والوعي يمكن الضعيف من هزيمة القوى المتجبر، والوعي هو ما يمكن من إفشال كل تدبير متآمر، وهو ما يقي من الوقوع في براثن الأعداء، ونحن لم نكن على وعي.

لم يكن الوعي حاضرا إلا عند قليل منا، فسهلت مهمة العدو، الأغلبية لم تدرك مضمون وجوهر ما نعرف جميعا عن فكرة الأمة، وأن من يصمت على قتل واحتلال وغزو وإجرام يجري في أي من بلاد الأمة، إنما يفتح الباب للعدو أن يقتله هو وأن يحتل بلده هو وأن يغزوها وأن يرتكب كل الجرائم بأهله.

الأغلبية صرفت نفسها عن المواجهة، بحجة أو بغير حجة وما أكثر الحجج، والبعض لم يشغل عقله بتبرير القعود.


والوعي الآن يتطلب إدراك مغازي مسيرة الغزو والاحتلال والتدمير والقتل والمذابح ..لا التوقف عند التشديد على إجرامية وبربرية العدو.

هم
يفعلون الآن بآخرين، ما فعلوا بالعراق، عدد بلاد الأمة المتساقط يتوسع يوما بعد يوم، والوعي يتطلب أن نفهم أو أن يفهم الجميع أن لا أحد مستثنى، وأن القاعدين المتخاذلين لبعد المذابح عن ديارهم وأهلهم.

لا يفعلون سوى ما فعل غيرهم في دائرة محيط العراق حين جرى احتلاله وتدميره ونهبه، فما كان إلا أن دخلوا في دائرة ما حدث وحل بالعراق.


حين انتهى الأعداء من تخريب وتدمير العراق تحركوا نحو الآخرين ووصلوا إليهم، فالصمت والقعود لا يعفي ولا يقي من القتل، ودائرة العداء لا استثناء لأحد منها، هي دائرة عداء عقائدي، هي حرب على كل من انتمى لتلك الأمة، هي حرب إبادة أمة لا حرب احتلال وهدم وتدمير جزء منها.

والوعي الآن أن يدرك الجميع أن لا نجاة لأحد، لا الذي تعاون مع الاحتلال – فهم لا يثقون به ويعرفون أن من يخون وطنه لا يخلص لمن أتى محتلا – ولا الذي قاتل الاحتلال وأصابه اليأس.


والوعي الآن، أن يدرك الجميع أن لا خلاص من كابوس المذابح وتوسع الاحتلال إلا بتحرير نقطة الاحتلال الأولى، طالما بقوا في نقطة الاحتلال الأولى، فهم لا يستطيعون التوقف وإلا هزموا، هم يعون قواعد الاحتلال.

والوعي الآن، أن ندرك أن كل يوم يمر دون المواجهة الواعية الشاملة، دون أن يضع كل انسان نفسه في موضع أخيه هناك –هناك في أي وكل مكان- هو يوم يقرب العدو أن يفعل به وبأهله ووطنه، كما فعل بأخيه.

 أتذكرون؟!.

ليست هناك تعليقات:

إرسال تعليق