الأربعاء، 30 مارس 2016

"لوس أنجليس تايمز": "فصائل" البنتاغون و"سي آي إيه" يتقاتلان في الشمال السوري


"لوس أنجليس تايمز": "فصائل" البنتاغون و"سي آي إيه" يتقاتلان في الشمال السوري


الترجمة: خدمة العصر

كشفت صحيفة "لوس أنجليس تايمز" الأمريكية، في تقريرها عن خطوط القتال في سوريا، أن الجماعات المدعومة من "سي آي إيه" تواجه اليوم تلك المدعومة من البنتاغون.

وقالت الصحيفة إن الميليشيات السورية المدعومة عسكريا من أمريكا في أجزاء مختلفة من سوريا بدأت مواجهات عسكرية بينها في السهول القريبة من مدينة حلب المحاصرة، بالإضافة إلى الحدود التركية، وهو ما يكشف عن قلة النفوذ الذي يمارسه الضباط الأمريكيون ومسوؤلو الاستخبارات على الجماعات السورية المسلحة التي يدعمونها.

وقالت الصحيفة إن الاقتتال بين الطرفين زاد في الشهرين الماضيين، حيث قامت الوحدات العسكرية المدعومة من البنتاغون وتلك المدعومة من "سي آي إيه" بإطلاق النار على بعضهما البعض وفي الوقت نفسه التحرك في المناطق المتنازع عليها، وفقا لما أفصح عنه مسؤولون أمريكيون ومقاتلون.

وأشارت الصحيفة إلى أن كتيبة "فرسان الحق" التي تدعمها "سي آي إيه" أجبرت على الخروج في منتصف فبراير من بلدة مارع بعد مواجهات مع مجموعات تتلقى الدعم من وزارة الدفاع الأمريكية – البنتاغون، وهي التي يطلق عليها "قوات سوريا الديمقراطية"، والتي تقودها وحدات حماية الشعب الكردي التابعة لحزب الاتحاد الديمقراطي التي تحركت من مناطق الشرق الخاضعة للجماعات الكردية.

وفي مقابلة مع الرائد فارس بيوش، قائد "فرسان الحق"، أفاد أن "أيَ فصيل يقوم بضربنا فسنضربه بعيداً عن الجهة التي تقدم له الدعم". ووصف المقاتلون مواجهات مشابهة قربة بلدة أعزاز، التي تعتبر معبراً للإمدادات القادمة للمقاتلين من تركيا إلى حلب.

وفي 3 مارس الحاليَ، شهد حي الشيخ مقصود مواجهات مماثلة. وتعلق الصحيفة أن القتال بين الجماعات التي تحظى بدعم جهة ما من الإدارة الأمريكية يشير إلى الصعوبة التي تواجه الولايات المتحدة للتنسيق بين أعداد كبيرة من الجماعات المسلحة العاملة على الإطاحة بنظام بشار الأسد في دمشق وكذا قتال "تنظيم الدولة".

ونقلت الصحيفة عن النائب الديمقراطي، آدم شيف، قوله: "إنه تحدَ ضخم"، ووصف المواجهات بين المجموعات المسلحة بأنها "ظاهرة جديدة»".
وأضاف "إنها جزء من مواجهة ثلاثية الأبعاد تشهدها ساحة القتال السورية". 
فشمال سوريا، حول مدينة حلب لا يشهد حرباً بين حكومة الأسد ومنافسيه ولكنها حرب ضد مقاتلي "تنظيم الدولة"، الذي يسيطر على معظم شرق سوريا وكذا بعض المناطق في شمال – غرب المدينة، وهناك المواجهات بين الجماعات الإثنية التي تسكن المنطقة، سواء أ كانت عربية أم كردية أو تركمانية. 
ويقول مسؤول أمريكي: "هذه حرب معقدة ومتعددة الجوانب ولا نملك فيها إلا خيارات محدودة".

وأضاف: "نعرف أننا في حاجة إلى شريك على الأرض ولن نستطيع هزيمة تنظيم الدولة من دون التعامل مع ذلك الجزء من المعادلة، ولهذا فنحن نواصل توثيق الصلات".

وكان الرئيس باراك أوباما قد صادق هذا الشهر على خطة لتدريب المقاتلين السوريين في محاولة لإعادة بناء برنامج التدريب السابق والذي تعثر في الخريف الماضي بعد سلسلة من النكسات المثيرة للحرج، وتعرض المقاتلون الذين دُربوا لهجمات من جبهة النصرة، التي سجنت وصادرت أسلحة وذخيرة حملها المقاتلون الذين دخلوا سوريا بعد إنهائهم دورات التدريب.

وفي ظل هذه النكسات، قررت الحكومة الأمريكية نشر 50 من قوات العمليات الخاصة في المناطق الكردية كي يشرفوا على عمليات التنسيق بين الميليشيات المحلية والتأكد من أن الجماعات التي تحظى بدعم أمريكي لا تواجه بعضها البعض.

ومع ذلك، أصبحت المناوشات بين الجماعات المسلحة أمرا اعتياديا. وكانت البنتاغون قد أسهم في العام الماضي ببناء تحالف تحت اسم "قوات سوريا الديمقراطية"، ويتكون من قوات كردية في الغالب وبعض الفصائل السورية التي توصف بالمعتدلة. وكان الهدف وراء هذه الخطوة تحضير قوة قادرة على السيطرة وإدارة المناطق التي سيتم طرد مقاتلي التنظيم منها.

وتقول الصحيفة إن عدداً من الفصائل العربية انضمت للقوة حتى لا تبدو وكأنها قوات كردية غازية لمناطق عربية وحصلت "قوات سوريا الديمقراطية" على دعم عسكري وأسلحة أنزلتها طائرات أمريكية قوات العمليات الخاصة الأمريكية.

* توتر تركي أمريكي:


ونقلت الصحيفة عن الجنرال جوزيف فوتيل، قائد قوات العمليات الخاصة والذي سيتولى منصب قائد القيادة المركزية في الشرق الأوسط، قوله إن نسبة المقاتلين الأكراد في قوات سوريا الديمقراطية هي 80٪. وكان دعم الأمريكيين لقوات كردية سبباً في التوتر مع تركيا التي ترى في قوات حماية الشعب وحدات تابعة لحزب العمال الكردستاني "بي كي كي"، والذي تعتبره تركيا جماعة إرهابية ومسؤولاً عن سلسلة من الهجمات الدموية في الآونة الأخيرة.

وبعيدا عن برنامج البنتاغون، تقوم المخابرات المركزية بإدارة برنامجها الخاص عبر مراكز أو غرف عمليات في تركيا، وقدمت للمقاتلين صواريخ "تي أو دبليو" المضادة للدبابات جاءت من الترسانة العسكرية السعودية.

وتفرق الصحيفة بين جهود البنتاغون التي تقول إنها علنية وتلك التي تقوم بها سي آي إيه ذات الطابع السري وتهدف لمواصلة الضغوط على نظام بشار الأسد. وتواصل الصحيفة بالقول إن الجماعات المدعومة من الجهتين الأمريكيتين كانتا تعملان في مناطق مختلفة من سوريا.

فتلك القوات التي يدعمها البنتاغون ركزت جهودها في شمال شرق سوريا، أما المدعومة من "سي آي إيه" فتعمل في الغرب. وقد أدت الغارات الروسية في الأشهر الماضية، والتي استهدفت جماعات المعارضة السورية، إلى إضعافها، وهو ما فتح ثغرة دخلت منها تلك القوات المدعومة من البنتاغون بشكل أدى لمواجهة واضحة بينهما.

ووفقا للخبير في الشؤون السورية في مركز "نيو أمريكان سيكيوروتي"، نيكولاس هيراس، فإن القتال في حلب "يكشف الصعوبة التي تواجه أمريكا لإدارة هذه النزاعات المحلية". وأضاف أن "منع المواجهات هو الحديث الدائم داخل غرفة العمليات في تركيا".

وتشير الصحيفة إلى أن بلدة "مارع" كانت في مركز محاولات "تنظيم الدولة" التقدم في محافظة حلب.
وفي 18 فبراير، هاجمت قوات سوريا الديمقراطية البلدة. وقال مسؤول في كتيبة صقور الجبل التي تتلقى دعماً من "سي آي إيه" إن مسؤولي الاستخبارات الأمريكية كانوا يعرفون بأن جماعتهم واجهت ميليشيات مدعومة من البنتاغون.
وأوضح المسؤول أن "غرفة العمليات في تركيا كانت تعرف بأننا نقاتلهم".
وكانت مارع هي مركز العديد من المقاتلين الإسلاميين منذ بداية الثورة السورية، وهي مركز إمدادات للمقاتلين لقربها من تركيا.

ويرى الباحث "هيراس" أن محاولات قوات سوريا الديمقراطية السيطرة على مارع يعتبر "خيانة، وينظر إليه كمؤامرة كردية لإجبارهم على الخروج من الأراضي العربية والتركمانية".
ورغم خروج قوات سوريا الديمقراطية من البلدة إلى نواحيها، إلا أن الخبراء في المنطقة لا يستبعدون قتالا قريبا بينها. وينقل عن جيفري وايت، المسؤول السابق في الاستخبارات: "عندما تجتاز الحدود إلى سوريا، فإنك تفقد قدرة السيطرة على أفعالهم". ولم يستبعد "وايت" تحول المواجهات بين الجماعات المتعددة إلى مشكلة كبيرة.

* المواجهة بين مقاتلي البنتاغون "سي آي إيه" غير صحيحة؟

ورغم الصورة القاتمة التي يقدمها التقرير عن مواجهات الجماعات التي تقاتل لأهداف مختلفة ومرتبطة بطريقة أو بأخرى بمؤسسة من مؤسسات الإدارة الأمريكية إلا أن سام هيللر الخبير في شؤون سوريا كتب في موقع "وور أون ذا روكس" أن الصورة التي وردت في مقالة "لوس أنجليس تايمز" غير حقيقية، مع أن شرحها أمر معقد.

ويرى الكاتب أن قوات سوريا الديمقراطية التي تقودها وحدات حماية الشعب الكردية ليست تيارا واحدا. فمثل كل التيارات السورية المقاتلة والمنتشرة، كما يقول، على أرخبيل جيوب الجماعات المقاتلة حول سوريا، فقوات سوريا الديمقراطية التي تواجه المقاتلين السوريين المدعومين من "سي آي إيه" لا تحظى بدعم من البنتاغون، فهؤلاء المقاتلون جاؤوا من منطقة مختلفة.
ووفقا لما أورده، فإن الولايات المتحدة تدعم وبشكل واضح قوات سوريا الديمقراطية في شمال- شرق سوريا وعلى الجانب الآخر من نهر الفرات. كما أن القوات التي تدعمها البنتاغون تقاتل فقط تنظيم الدولة الإسلامية.

ويوضح الكاتب أن الغموض في الأمر نابع من أن المقاتلين الأكراد من قوات حماية الشعب تعمل ضمن ما يعرف بقوات سوريا الديمقراطية. وهذه القوى تعمل بشكل أساس من داخل منطقتين كرديتين في شمال- شرق سوريا.

وتسيطر على مناطق لا تزال معزولة في غرب الفرات، أي عفرين وجزء من مدينة حلب. ويفصل عفرين عن المناطق الكردية شرق الفرات منطقة واقعة تحت سيطرة تنظيم الدولة التي تطلق القوات الأمريكية عليها اسم "جيب منبج".

وفي الفترة التي سبقت فبراير، كانت قوات سوريا الديمقراطية تشتبك مع مجموعات من المقاتلين العرب والتركمان شمال محافظة حلب، وتلقت بعضها دعما من غرفة العمليات المشتركة في تركيا، والتي تضم سي آي إيه. وفي شهر فبراير، استغلت قوات سوريا الديمقراطية الحملة التي قام بها الجيش التابع للنظام بدعم من الميليشيات الشيعية والطيران الروسي وضربت المقاتلين في الغرب وسيطرت على مناطق واسعة من ريف حلب.

وتلقت قوات سوريا الديمقراطية في عفرين دعما جويا روسيا، وقد ونفت قوات سوريا الديمقراطية الأنباء إلا أن الخطوط التي رسمت بين الطرفين تم التمسك بها واستمرت المناوشات. ويرى الكاتب أن ما ورد في تقرير "لوس أنجليس تايمز" حول تقدم قوات سوريا الديمقراطية غرباً من مناطق شرق الفرات فيه تضليل.

ويقول "هيللر" إن وجود قوات سوريا الديمقراطية في شرقي الفرات لا زال جامدا، مع أنها حققت تقدما قرب سد تشرين الذي يمتد على نهر الفرات. ويحاول "هيللر" في مقالته أن يقنع القارئ بأن هناك تنوعات داخل قوات سوريا الديمقراطية، وأن البنتاغون دعم تلك المجموعات التي تحارب "تنظيم الدولة"، أما تلك القوات الموجودة في عفرين فلا تحظى بدعم من البنتاغون.

ويقول في هذا: "نعم، من الناحية التقنية تحظى قوات سوريا الديمقراطية بدعم من وزارة الدفاع الأمريكية، وتواجه بعض مكوناتها مجموعات عربية وتركمانية مدعومة من سي آي إيه. ولكن الفصائل التي تقاتل جماعات التمرد هذه ليست مدعومة من البنتاغون. ولهذا فنحن لا نرى اقتتالاً بين وكالات الإدارة الذي يلمح إليه المقال".

ويذهب أبعد من هذا في تبريره للموقف، ويقول إن بعض الفصائل العربية والتركمانية تلقت دعماً من وزارة الدفاع، وهو دعم لم يحظ بتغطية إعلامية. وهناك وحدات تقاتل في حلب من المتخرجين ضمن برنامج وزارة الدفاع "درب وسلح"، ولديها أسلحة من هذا البرنامج.

وقد دُمَرت الفرقة 30 التي تخرجت من برنامج البنتاغون على يد جبهة النصرة في شمال حلب، مما كشف عن فشل برنامج البنتاغون. وهناك لواء الحزم ولواء المعتصم والفرقة 99 التي تقاتل إلى جانب تحالف مدعوم من "سي آي إيه". ويضيف أن الولايات المتحدة قدمت الدعم لجماعات مقاتلة حاولت تجنب قتال تنظيم الدولة والتركيز على نظام الأسد.

ومن الجماعات التي استفادت من برنامج "درب وسلَح"، الجيش السوري الجديد الذي تعاون في السيطرة على معبر التنف الحدودي مع العراق. ويختم بالقول: هناك جماعات من قوات سوريا الديمقراطية لا تلقى دعماً من البنتاغون، وهي التي تحارب المقاتلين المدعومين من "سي آي إيه" في شمال سوريا، وهؤلاء يقاتلون إلى جانب جماعات دربتها البنتاغون لحرب تنظيم الدولة.

وفي سياق مختلف، لا يحارب المقاتلون الذين دربتهم "سي آي إيه" قوات سوريا الديمقراطية المدعومة من البنتاغون، بل يحاربون فصيلاً مختلفاً لا يحظى بدعم أمريكي وربما تلقوا إسنادا من الروس.

أما قوات سوريا الديمقراطية، فتحارب "تنظيم الدولة"، وفقط، في شرق البلاد. وبعد هذا الشرح المعقد، يقول "هيللر" إن سبب الغموض هو الإدارة الأمريكية التي لم تقم بتوضيح الفروق بين الجماعات التي تدعمها في سوريا. فما يجري من اقتتال في شمال سوريا ليس اقتتالاً داخل وكالات الإدارة بل هو نتاج عن سوء تواصل من الإدارة.



ليست هناك تعليقات:

إرسال تعليق