الاثنين، 28 مارس 2016

خبر عاجل: في سوريا عرس ديمقراطي ولكم الصبر والسلوان

خبر عاجل: في سوريا عرس ديمقراطي ولكم الصبر والسلوان
أحمد عمر

يسمّي إعلام الماتركس السوري السلطة التشريعية باسم مجلس الشعب ويتجنب وصفه بالبرلمان، لسببين..
الأول: هو  عباءة التعريب والاستعراب السابغة الفضفاضة التي تستر العيوب، وتؤلف القلوب.
والثاني: لأنّ البرلمان يحيل على قيم الحرية  الأوربية "البغيضة" التي حرمنا منها؛ وفصالنا على حليب القهر ونار السموم في أربعين عاما.. أما لمن أراد أن يتم الرضاعة.. فشأن آخر.

انتشرت طرفة على صفحات التحارب الاجتماعي لفهد بلان الذي كان رشح نفسه لمجلس الشعب في إحدى الدورات، فرفض طلب ترشيحه فسأل عن السبب فقيل له: ثمة شرط وهو شرط الشهادة وأنت بلا شهادة علمية فقال ببلاغة السوري الأصيل: وهل رفع اليد يحتاج إلى شهادة علمية.

وإذا سألتني عن المجلس ومهامه فسأقول لك: التشبيح، التهريج، ... أي شيء إلا التشريع، فهم طلائع بعث في سن الستين، أو سن التقاعد وعرائس المجالس، أي" بيبي سيترز".
 أو مجلس ذوي الاحتياجات الخاصة: رخصة محل فلافل، رخصة حلاقة ...
" صم بكم عمي" يصفقون، فأغشيناهم فهم لا يبصرون. 

ومعروف عند أهل سورية أن أكبر مكسب كان يحصل عليه عضو مجلس الشعب في عصر الأسد الأب هو  نمرة سيارة، أي سيارة بسعرها الحقيقي.
من غير ضرائب، والضرائب على السيارة مضاعفة تبلغ  300 بالمنة، أي يصبح مواطنا بسعر الأوربي في شأن واحد فقط هو شراء السيارة. 
وكان شيخ قبيلة شرقي حلب، وهو العضو العربي السوري الذي دخل موسوعة غينيس إلى جانب أكبر صندويشة فلافل، عضوا ثابتا مثل الأسد المسمار الذي دُق في أسفلنا من شرم الشيخ إلى بروكسل، من المهد إلى الأبد إلى اللحد، ويقال إنه هو صاحب شعار "إلى الأبد"، فذهب قوله مثلا.

قد جعل عمر أميرلاي العضو السابق صاحب غينيس بطلا لفيلمه الشهير الطوفان وكاد له كيدا، ليعترف ويبوح  ببعض الذكريات السياسية التشريعية منها: أنه شكا للرئيس الأسد، أن عشيرته ترى مخزاة ومنقصة في شيخها فلا سيارة له! وكان ذلك تسولا لا يليق بشيخ عريق وبعضو ثابت كالمسمار سيدخل في موسوعة غينس بلا سيارة، فالسيارة علامة الفروسية المعاصره، فأطعمه الرئيس مسمارا وقال: أنت أهم من السيارة، فخرج من مولد زيارة قصر الرئيس بلا حمّص أو نمرة حكومية... وهذا يعني أنه نال بمبة.

وكنت أتمنى لو يقوم مخرج، هصور، رئبال، قسورة، ضيغم، بعمل فيلم وثائقي أو مسلسل كوميدي يجمع فيه شهادات أو فروسيات لأعضاء مجالس شعب، فائزين ومخضرمين وخاسرين حتى نضحك، أو حتى تتكسر النصال على النصال من الضحك.
أو يقوم  كاتب قريب من أسرار المجلس فيؤلف مصنفا يسميه "الهواء الصلب في وصف مجلس الشعب". 
وقد اتصل بي صديقي في الوطن، ولا يزال حرا غير معتقل لأسباب عجيبة سيطول بها المقام والمجلس والبرلمان، يستشيرني في ترشيح نفسه لمجلس الشعب فسألت: هل ستكون لك يد تستطيع بها أن تحرر معتقلا بريئا؟
فقال: يد ايه اللي جاي تقول عليه؟

أما الحصانة، فيمكن نزعها مثل الشعرة من العجين، كما نزعت حصانة رياض سيف، بتهمة محاولة تغيير الدستور بالقوة وهي تذكرنا بجملة السيسي: "الإرهاب المحتمل".
فالحصانة يغني لها الماتركس أغنية "دكي دكي يا ربابة".

وكان لمجلس الشعب ساعة حرة ينتقي فيها التلفزيون ما يروق له من أخبار باردة مثل الثلج الروسي، لكن الشعب كان يتابع أخبار برلمان لبنان ويعرف أسماء أعضائه، عفوا نوابه، بأسمائهم، ولم نحن نعرف سوى اسم رئيس برلمان سابق ليس لشهرته وإنما لجملة شهيرة قالها فوصف عضوا لعب دورا تمثيليا في أثناء تولي الوريث الذي لم ينل الصفة القانونية وهي بلوغ سن الأربعين، فقام الخياطون بعملية تصغير للدستور وللوريث بعملية تكبير، فطابق الدستور جسم الرئيس وسنّه، وقتها قال رئيس البرلمان للعضو المحتج نصف احتجاج شكلي للمتعة والتشويق: إنّ النفس لأمارة بالسوء.

ذكرنا توا كلمتين هما الدور والتمثيل، وهما من عالم السينما والمشخصاتية، وهذا ما يقوم به أعضاء مجلس الشعب بعامة.
 وسوى نمرة السيارة كان مديرو مسرحية السياسة الديمقراطية في البلد، يبيحون سحب قرض مالي سوري بقيمة ثمانين ألف ليرة تيسيرا للمرشح من غير فوائد، وخاصة للشيوخ والمتدينين  الذي يلزمون للعرس الديمقراطي وعدته، حتى يقوم المرشح  بالدعاية لنفسه، أي أن  القرض حلال حسب الشريعة فالعرس يجب أن يتم على يد مأذون شرعي وبحضور شيوخ..

فكان المرشح ينفق قروشا منها على صور كاذبة يلصقها على بعض الحيطان، ويكتفي من الغنيمة ببقية القرض.
واعرف مرشحا رشح نفسه للبرلمان من أجل أمرين، الهرب من العمل الحكومي، وإكساء بيته العاري، بقيمة القرض الشرعي الذي من غير فوائد، لكنه فوجئ بخازوق لا يخطر على البال وهو أن الإجازة التي طلبها من عمله الذي يسمى في سورية "الدوام ، ولا دوام إلا لله، طلع من غير راتب فخرج بنتيجة التعادل مع القرض، صفر اليدين، يستطيع أن يصفق بهما مثل طلائع البعث الكهول في مجلس ذوي الاحتياجات الخاصة. 
 
ومن هذا: قصة المرشح الذي كان له زوجتان، مدنية وبدوية ففضل الترشح عن طريق القبيلة والأصهار البداة، فمات في اليوم الثاني، وهذا أنفع للدود السعيد...

نعود إلى قولة فهد بلان السديدة: سألت صديقا عن سبب ترشح  صديقنا سعيد أكس لارج، فقال إن المخابرات أجبرته ليدخل في مجلس الإذلال، فهو ابن عائلة معارضة أكس لارج ودخوله في المجلس إعلان إذعان وولاء، قال سعيد اكس لارج: إذا فزت سأكسب أمرا، فنحن في الشارع والحياة يوميا نرفع اليدين تسليما وخوفا من الحواجز وعناصرها اليائسة.. على الأقل في مجلس الشعب يرفع المرء يدا واحدة.

يد واحد لا تصفق.. لكنها تقتل ولا تحتاج إلى شهادة، الشهادة للقتيل.

ليست هناك تعليقات:

إرسال تعليق