الأحد، 3 مارس 2013

«أردوغان» يُنذر «الاتحاد الأوروبي»: أنتم في حاجة لتركيا وليس العكس

«أردوغان»
 يُنذر «الاتحاد الأوروبي»:
 أنتم في حاجة لتركيا وليس العكس

يبدو أن حكومة حزب «العدالة والتنمية» بدأت فعلياً في إحداث تغييرات جذرية في مجال سياستها الخارجية بشأن عضويتها في المنظمات والتكتلات الإقليمية، وأن تصريح رئيس الوزراء «رجب طيب أردوغان» حول رغبته في الانضمام إلى «منظمة تعاون شنغهاي» لم يكن مجرد سقطة لسان.
 بدا هذا التوجُّه جلياً من تصريح لرئيس الوزراء التركي «رجب طيب أردوغان» قبل مغادرته أنقرة متجهاً إلى براغ، خلال شهر فبراير الجاري، أشار فيه إلى أن الوقت قد حان لاتخاذ «الاتحاد الأوروبي» قراراً بشأن عضويتها الذي بقي معلقاً 50 عاماً، وأشار إلى أن انتظار بلاده لهذه المدة كي تصبح جزءاً من «الاتحاد الأوروبي» أمر «لا يُغتفر»، ولابد من السماح لها بالعضوية دون تأجيل، وأضاف أنه عندما سيذهب قريباً إلى بروكسل؛ سأكرر هذا المطلب، فإما أن تقبلوا عضوية تركيا في «الاتحاد الأوروبي» أو لا، أعلنوها صريحة، أما أن تكونوا في انتظار أن نقولها نحن لكم، فعندئذ سنقيم نحن الوضع ونتخذ قرارنا.
تهديد صريح وكان «أردوغان» قد صرح في أكتوبر 2012م أن «الاتحاد الأوروبي» من الممكن أن يفقد تركيا إذا لم يمنحها العضوية بحلول عام 2013م في الذكرى السنوية لتأسيس الجمهورية، وكانت هذه هي المرة الأولى التي يشير فيها مسؤول تركي إلى الفترة التي يمكن أن تنتظر خلالها تركيا..
يذكر أن تركيا البالغ عدد سكانها 74 مليون نسمة، بدأت مباحثاتها الرسمية لعضوية «الاتحاد الأوروبي» عام 2005م، التي قادها «أردوغان» بعد 40 عاماً من أول محادثات، لكن رفض فرنسا وألمانيا، والخلافات حول تقسيم جزيرة قبرص، واعتناق 99% من مواطني تركيا الإسلام من أهم عقبات انضمام تركيا إلى «الاتحاد الأوروبي» الذي يعتبره البعض نادياً مسيحياً. 
وفي المؤتمر الصحفي المشترك مع نظيره التشيكي «بيتر نيكاس»، قال «أردوغان» مخاطباً «الاتحاد الأوروبي»: «لم تضموا تركيا إلى أوروبا، لكن يعيش في أوروبا خمسة ملايين تركي.. تركيا انضمت إلى الاتحاد بشعبها، لهذا نقول: لا تؤخروا انضمامنا، ولْنُنهِ هذه القضية»، وأشار «أردوغان» إلى أن تركيا أنجزت معظم معايير «ماستريخيت» المتعلقة بالوحدة الاقتصادية والنقدية في «الاتحاد الأوروبي»، باستثناء ملف التضخم، بالرغم من عدم عضوية أنقرة في الاتحاد، الذي لا تزال أغلبية دوله الـ27، لم تحقق هذه المعايير بالشكل المطلوب.
وأضاف «أردوغان» أن المشكلات في طريق انضمام أنقرة للاتحاد، نابعة من النادي الأوروبي المشترك، وليست من تركيا، معرباً عن أسفه لاستمرار تردد الاتحاد في القبول، بأن عضوية تركيا ستعزز قوة أوروبا، وتسهم في إكسابها رؤية أوسع في المجال السياسي والاقتصادي، مؤكداً أننا وصلنا اليوم الذي بات فيه الاتحاد بحاجة إلى تركيا، وليس العكس. قلق أمريكي وأوضح أن انضمام تركيا إلى «الاتحاد الأوروبي»، والحوار المشترك في «منظمة شنغهاي للتعاون»، ليسا بديلين لبعضهما بعضاً، وذلك في محاولة من جانبه لتهدئة مخاوف الغرب التي تنامت بعد تصريحه لإحدى القنوات التركية حول رغبة بلاده الانضمام إلى مجموعة شنغهاي كبديل عن «الاتحاد الأوروبي»، وهو العرض الذي قدَّمه «أردوغان» للرئيس الروسي «فلادمير بوتين» أثناء زيارته الأخيرة لتركيا، طالباً مساعدته بهذا الخصوص. ويبدو أن الولايات المتحدة قرَّرت معاقبة تركيا على توجهها الجديد، وذلك باستخدام سلاح نقد ملف حقوق الإنسان، لذا فإن سفيرها في أنقرة «فرانسو ريكا دوني»، انتقد في تصريحات صحفية خلال فبراير الجاري، طريقة اعتقال عدد من الأساتذة الجامعيين والصحفيين والعسكريين، دون الحصول على الأدلة اللازمة لاعتقالهم، وهو يشير هنا إلى المعتقلين على ذمة قضايا ترتبط بالتخطيط للانقلاب عسكرياً على حكومة «أردوغان» فيما يعرف بقضيتي «الأرجنكون» و«الباليوز»، وتنظرهما المحكمة التركية حالياً، وهو التصريح الذي استاءت منه الخارجية التركية؛ لذا استدعت السفير لتوبيخه باعتبار تصريحه تدخلاً في الشؤون الداخلية، وطالبته التزام حدود عمله كسفير، وعقب خروجه من الخارجية التركية أرسل السفير الأمريكي خطاباً إلى نائب رئيس حزب «العدالة والتنمية»، أوضح فيه أن تصريحاته فُهمت خطأ. ورغم الاعتذار، فإن الناطقة الرسمية باسم الخارجية الأمريكية، «فيكتوريا نولاند»، قالت: إن التصريحات التي أدلى بها سفير بلادها لدى أنقرة، وأثارت استياء الخارجية والمسؤولين الأتراك، ما هي إلا تكرار لما كانت تردده وزيرة الخارجية الأمريكية السابقة «هيلاري كلينتون»، وأنها على يقين تام بأن الوزير الجديد «جون كيري» إذا وجد فرصة ليتحدث أمام الرأي العام بخصوص ذلك، فإنه سيردد نفس الكلام. «منظمة شنغهاي للتعاون»، والتي تخشى واشنطن من انضمام أنقرة إليها، هي منظمة دولية تأسست عام 2001م، تضم كلاً من: الصين، وروسيا، وكازاخستان، وأوزبكستان، وطاجيكستان وقرغيزيا، وأوزبكستان، وحصلت كل من: الهند، وإيران، وباكستان، ومنغوليا، وأفغانستان على صفة مراقب في المنظمة، والأهداف المعلنة لها: مكافحة الإرهاب ومواجهة التطرف، والحركات الانفصالية، والتصدي لتجارة الأسلحة والمخدرات والتعاون الاقتصادي، إلا أن الكثير من المحللين يصنفونها كحلف عسكري جديد يهدف إلى مواجهة حلف «الناتو» مستقبلاً، وهو ما ينفيه وزير الدفاع الروسي «أناتولي سيرديوكوف»: «إن منظمة شنغهاي للتعاون لا تعد حلفاً عسكرياً، ولا ترى نفسها خصماً لقوى أخرى».
وكانت المنظمة قد منحت - في قمتها الثانية عشرة التي عقدت في الآستانة عاصمة كازاخستان - تركيا صفة شريك للمنظمة في الحوار، لتنضم إلى كل من بيلاروسيا، وسريلانكا اللتين لديهما هذه الصفة؛ ما يعني جدية توجهات أنقرة للانضمام إلى هذه المنظمة العملاقة وترحيب المنظمة بها. نجاحات اقتصادية في اجتماع مجلس محافظة إسطنبول يوم 8 فبراير الجاري، أشار «أردوغان» إلى النجاحات الاقتصادية التي حققتها حكومته بعيداً عن «الاتحاد الأوروبي»، ونوه في كلمته إلى أن احتياطي البنك المركزي التركي بلغ يوم 7 فبراير الجاري 125 ملياراً و860 مليون دولار أمريكي، وأن تركيا ستدفع في 14 فبراير الحالي 435 مليون دولار أمريكي، من دينها البالغ 860 مليون دولار أمريكي، وستغلق في نهاية العام صفحة الديون نهائياً، بتسديدها كامل المبلغ. وذكر «أردوغان»، أن حكومته في هذه الآونة تتفاوض مع «صندوق النقد الدولي»، الذي قدم طلباً لتركيا، من أجل أن يستدين 5 مليارات دولار، وهذه إشارة واضحة من «أردوغان» إلى أن بلاده ليست في حاجة ماسة إلى «الاتحاد الأوروبي».
> منظمات بديلة عن «الاتحاد الأوروبي» ومن المنظمات البديلة التي تستطيع تركيا تفعيلها والتعاون معها كبديل عن «الاتحاد الأوروبي» أيضاً «مجموعة الدول الثماني الإسلامية النامية»، وهي منظمة دولية تضم ثماني دول، هي: تركيا، وإيران، وباكستان، وبنجلاديش، وإندونيسيا، وماليزيا، ومصر، ونيجيريا، ويبلغ عدد سكانها مليار نسمة، أسسها رئيس الوزراء التركي السابق «نجم الدين أربكان» - يرحمه الله تعالى - عام 1997م، وتهدف إلى تحسين موقف الدول النامية في الاقتصاد العالمي، لتكون نظيراً لـ«الاتحاد الأوروبي» والولايات المتحدة، وتنويع وخلق فرص جديدة في العلاقات التجارية، وتعزيز المشاركة في صنع القرار على الصعيد الدولي، وتوفير أفضل مستويات المعيشة. المجالات الرئيسة للتعاون تشمل: المالية، والخدمات المصرفية، والتنمية الريفية، والعلوم والتكنولوجيا، والتنمية الإنسانية، والزراعة، والطاقة، والبيئة، والصحة..
إلا أن واشنطن سعت ومن خلال الإطاحة بـ«أربكان»، والضغط على رؤساء معظم دولها، إلى شل فعاليتها، ونجحت في ذلك، فأنشطة المنظمة لا تتعدى اجتماعات بروتوكولية، ويمكن لحكومة «أردوغان» خصوصاً بعد الإطاحة بنظام «حسني مبارك» تفعيلها. هذا، وتدرس الخارجية التركية تفعيل طاقات «منظمة التعاون الاقتصادي» التي تضم بجانب تركيا، وإيران، وباكستان، الدول المؤسسة الرئيسة دول: كازاخستان، وأوزبكستان، وتركمانستان، وأذربيجان، وطاجيكستان، وقرغيزيا، وأفعانستان.. وأيضاً «منظمة البحر الأسود للتعاون الاقتصادي»، وتضم إلى جانب تركيا كلاً من: روسيا، وأوكرانيا، وأذربيجان، وبلغاريا، واليونان، ومولوفا، وألبانيا، وأرمينيا، وجورجيا.. وكذلك «منظمة الدول الناطقة بالتركية»، وإذا نجحت أنقرة في تفعيل هذه المنظمات الإقليمية بشكل جيد ستكون بديلاً مهماً عن «الاتحاد الأوروبي»، خصوصاً وأن تركيا اتجهت بشكل جدي للتعاون مع الدول العربية.

ليست هناك تعليقات:

إرسال تعليق