لم تخسر جماعة الإخوان المسلمين؛ وإنما كسبت
حكم مصر ضمن الاشتراطات القائمة، لم يكن ليتيح للجماعة تحقيق مشروعها الإسلامي الذي بشرت به منذ ثمانين عامًا.
لكن كان لا بد من أن تذهب التجربة إلى نهايتها، وأن تختبر النظرية واقعًا، وأن تمحص الأفكار بالتجربة العملية.
وقد أخلصت الجماعة لنظريتها هذه، ثم بفضل الله وحتى بعد الاختبار المرّ للنظرية، ثبتت على الحق والواجب، وأدّت الذي عليها، ووضعت لبنة صلبة في المشروع الإسلامي، سوف يصعد عليه البنيان في العقد القادم متينًا وبأسرع مما نتوقع، بعدما شكك بها كل الذين لا صنعة لهم إلا المزايدة والنفاق، وها هي إذ تعلق بها مستقبل المنطقة كلها، ثبتت ذلك الثبات الذي لا يفهمه المرضى والمنافقون، ولم تساوم، ورضيت بالمحرقة والقتل والسجون والحصار المطبق، على ألا تعطي الشرعية لهذا العهر والفجور.. انحازت لفكرتها ومشروعها على حساب كيانها.
هل يفهم هذا مضاجع الشيطان من بعض اليساريين أو القوميين؟! أو عملاء الاستعمار من بعض الليبراليين؟! أو باعة الدين بالعرض القريب من بعض الإسلاميين؟!
ولم تكن تحتاج الحركة الإسلامية لأكثر من هزة اليقين هذه، لتبدأ في مرحلة جديدة، مختلفة عن أي مرحلة سابقة، وعن أي تجربة أخرى.
لا يزال في جعبة العقل الإنساني، وفي هدي القرآن، وميراث المؤمنين، ما سيجترح ما لم يكن في الحسبان من أفكار وأدوات.
بعض الصبر فقط.. ولا تتوقعوا من إخوانكم وهم في جراحهم النازفة ما هو فوق طاقتهم..
وتذكروا أنهم مخذولون من العالم كله، وانقطعت بهم كل الحبال، إلا حبل الله ثم اعتمادهم على أنفسهم، وهذا أهم اشتراطات تنزيل النصر بإذن الله، وها هو يتحقق الآن.
وهم حتى ليسوا كثوار سوريا الذين أوقع فيهم الطاغية مقتلة عظيمة، إذ وجد السوريون شيئًا من الدعم الإعلامي والسياسي وقليلاً من الدعم العسكري والإنساني، كل لأسبابه.
بينما إخوانكم في مصر يتخلى العالم كله عنهم، بل يتآمر عليهم قاصدًا مصرًا عازمًا على اجتثاثهم، وبلا صوت ولا صورة بعدما تمكنوا من كسر الحصار الإعلامي عنهم ٤٨ يومًا في رابعة العدوية.
وإذا كان طاغية الشام يلقى الدعم والتأييد من بعض قوى العالم الظالم، فإن العالم الظالم كله ضد إخوانكم في مصر.
إنها مرحلة التحولات الكبرى التي تواجهون فيها كل ما تراكم من زيف وضلال وطغيان وفجور وكذل منذ فجر البشرية حتى اجتمع على هذا النحو المنتفش الطاغي في زمن الصوت والصورة.
استعينوا بالله ولا تعجزوا..
ليست هناك تعليقات:
إرسال تعليق