"هولاكو".. يحاكم "صلاح الدين"!
شعبان عبدالرحمن
الإثنين 4 / 11 / 2013 م وقف "صلاح الدين" في قفص الانقلاب ليقوم "هولاكو" المجرم بمحاكمته..
باتت عجلة التاريخ تسير بظهرها، وبات العالم الذي يدعي أنه متمدين يسير على يديه ويفكر بقدميه..
نعم، المسافة بين صلاح الدين وهولاكو ثلاثة وسبعون عاماً.. فصلاح الدين انتصر في "حطين" في يوليو 1187م، وهولاكو نال شر هزيمة في سبتمبر عام 1260م، لكنهما يلتقيان في الرابع من نوفمبر 2013م، وبالتحديد في ساحة الانقلاب العسكري..
لقاء خارج نطاق التاريخ في أحداث خارج نطاق العقل والمنطق.. انقلاب خارج عن كل الأعراف.. مجازر لم يتصورها عقل.. اعتقالات لفتيات بصورة يستحيي منها أبو جهل..
هولاكو يعتلي كرسي العرش الذي خطفه ويحكم ويدير ويسرح ويمرح، وفرق الزار الإعلامي لا تتوقف عن الرقص..
ثم يأتون بالرئيس المنتخب ليحاكموه أمام قضاء شارك بكل قوة وفجور في ذلك الانقلاب، وفي تهمة هي أيضاً خارج نطاق العقل والمنطق..
هو مشهد هزلي بكل تفاصيله يحدث لأول مرة في تاريخ مصر، وهو مشهد يضعك في صورة هولاكو المجرم السفاح يحاكم صلاح الدين الأيوبي البطل النبيل.
مشهد يصيب بالدوار ويزيد من بؤسه وكارثيته تصريحات "جون كيري"، وزير خارجية أمريكا صانعة الانقلاب، خلال زيارته لمصر، حيث طالب بعدالة المحاكمة، ونسي أن بلاده داست على كل قيم العدالة عندما دبرت ذلك الانقلاب، ونسي أن الشعب المصري لن ينسى لأمريكا أبداً هذا الاحتلال بالوكالة عبر عملائها لإرادته.
صلاح الدين الأيوبي مؤسس الدولة الأيوبية في مصر، وبطل موقعة "حطين" التي قهر فيها الصليبيين، واستخلص القدس من بين أنيابهم.. تاريخه مكتوب بحروف من نور، وسيرته محفورة في قلوب المصريين والمسلمين جميعاً، واسمه سيظل قرين المسجد الأقصى إلى أن يرث الله الأرض ومن عليها.
أما "هولاكو" ذلك الوحشي المغولي المتعطش لشرب دماء البشر، وصاحب أشهر مجازر في التاريخ خلال حملاته ضد المنطقة العربية، وقد أسقط الخلافة العباسية بعد اجتياح عاصمتها بغداد (656هـ = 1258م) التي دافعت عن العالم الإسلامي أكثر من خمسة قرون، وعاثت قواته فيها قتلاً وتخريباً حتى بلغت الدماء في شوارعها سنابك الخيل، فقد تراوحت أعداد القتلى بين مائتي ألف حتى المليون قتيل، وتلون نهر دجلة باللون الأسود بعد أن دمروا مكتبتها الشهيرة وألقوا بما فيها من كتب في النهر، ولم يكسره سوى قائد مسلم هو سيف الدين قطز الذي خرج من مصر وهزمه في "عين جالوت".
فمن يحاكم من إذاً هولاكو أم صلاح الدين؟
هكذا انقلبت الحال فبات هولاكو الانقلاب القاتل لستة آلاف مدني مسالم.. الخاطف للسلطة الشرعية.. الغادر برئيسه.. يحاكم صلاح الدين المنتخب من شعبه صاحب السجل الناصع..
ألا يستحون وهم يتراقصون على جثة مصر وسط حفلات الزار لإعلام العار..
لكن كلمات "نعوم تشومسكي" صوت الضمير الغربي مازالت تقرع الآذان خلال ندوة طلاب الجالية المصرية، وبحضور عدد كبير من شباب الجاليات العربية في نيويورك.. قائلاً: "إن الطغاة يسقطون عندما يتخذون قرارات غبية، أو عندما يسيطر عليهم المنافقون وأصحاب المصالح الخاصة.. هم في مصر قرروا أن يحاكموا الرئيس الذي اختطفوه وهو رئيس منتخب ولم ينتخب رئيس من بعده..".
ليست هناك تعليقات:
إرسال تعليق