الانقلابيون «حلاقون».. نعيماً يا مصر!
شريف عبدالغني
لا أعرف هل من حسن أو سوء الحظ أن مقالي في «العرب» ينشر في يومي إجازات. الجمعة إجازة رسمية في كل العالم العربي، والاثنين إجازة عرفية لـ «الحلاقين» في مصر، التي ما زالت «أمي» رغم كل ما يفعله فيها وفينا بعض من أقذر وأسفل وأحطّ من أنجبت.
لا أعرف هل في عموم الأمة من الخليج الذي كان هادرا إلى المحيط الذي لم يعد ثائرا، يستريح الحلاقون من العمل يوم الاثنين أم لا.
شخصيا لا أحب اسم «حلاق»، لأنه يرتبط عندي بذكريات أليمة. في قريتنا كان الحلاق عبارة عن «كوكتيل دكتور» متحرك، فهو فضلا عن قص الشعر، يكون طبيبا لكل الحالات.. من مغص البطن إلى وجع الرأس. وقبل هذا وبعده يخلع الأسنان، ويجري جراحة «الختان» للأولاد.
لا أنسى يوم شلّ زوج أختي رحمه الله يدي وجسدي الضعيف كله، وقدمني مثل الذبيحة لـ «عم عبده سرحان» رحمه الله أيضا، حتى «ترش أم المطاهر الملح 7 مرات».
شخصيا لا أحب اسم «حلاق»، لأنه يرتبط عندي بذكريات أليمة. في قريتنا كان الحلاق عبارة عن «كوكتيل دكتور» متحرك، فهو فضلا عن قص الشعر، يكون طبيبا لكل الحالات.. من مغص البطن إلى وجع الرأس. وقبل هذا وبعده يخلع الأسنان، ويجري جراحة «الختان» للأولاد.
لا أنسى يوم شلّ زوج أختي رحمه الله يدي وجسدي الضعيف كله، وقدمني مثل الذبيحة لـ «عم عبده سرحان» رحمه الله أيضا، حتى «ترش أم المطاهر الملح 7 مرات».
بعد العملية القاسية المؤلمة جدا بدون «بنج» ولا يحزنون والتي لم تغب بشاعتها عن ذاكرتي، قال لي: «بطّل عياط بقى.. كده يا عم بقيت راجل»!
في لبنان يسمون الحلاق «مُزين». اسم جميل من الزينة. لبنان سيظل جميلا ولن ينتج إلا كل ما هو جميل واسألوا نانسي وأخواتها.
الحلاق هناك يزين من يقع تحت يديه ويجعله في أبهى صورة. لكن عندنا في القرية لم يكن يقص الشعر بالمعنى المفهوم حاليا. كل ما كان يفعله هو إخلاء الرأس من الشعر بالماكينة. واضح أن ثقافته أَمنية بحتة.
ما كان يؤديه يشبه تماما قيام الشرطة هذه الأيام بفض اعتصامات المعارضين للانقلاب. النتيجة عند الحلاق دماء في جسد الضحية، وعند الشرطة دماء في الأجساد والميادين!
الحلاقون في المحروسة لا يخرجون عن الصف القومي. نظام مبارك الذي عاد منتصرا مزهوا بثورته المضادة على الثورة الأصلية واختطف الرئيس الشرعي المنتخب، استمر الـ30 سنة الأولى من عمره اعتمادا على نشر الجهل والمرض في صفوف الشعب.
فما أسهل أن تحكم شعبا جاهلا مريضا! الحلاقون كانوا رأس الحربة في هذه المهمة. حوّلوا الفيروسات الكبدية إلى حق للمصريين كالماء والهواء، عبر أدواتهم الملوثة، نشروها من رأس إلى رأس ومن «قفا» إلى آخر.
هل ترى ثمة علاقة بين الحلاقين والانقلابيين في المحروسة؟
يقولون من لا يرى في الغربال «أعمى». العلاقة واضحة تماما بين الفريقين وأوجه التشابه لا لبس فيها. ويمكنني تلخيصها في النقاط التالية:
1 - الحلاقون يعشقون منظر الدماء التي تسيل من رؤوس وأوجه ضحاياهم، والانقلابيون هوايتهم الوحيدة هي التلذذ بالدماء.لا يشبعون. لا يرتوون. عطشى دائما لها. في رمضان وغير رمضان يفطرون عليها على غيار ريق. مجازرهم تشهد على مهارتهم. في 6 أشهر أسالوا من دماء المصريين ما لم يفعل الاحتلال الإنجليزي في 82 سنة.
2 - الحلاقون «رغايون»، والرغاي هو الثرثار الذي يتكلم كلاما فارغا كثيرا ينتهي إلى لا شيء. الواحد منهم يضرب ضربة مقص تقابلها 10 كلمات بلا معنى. أتذكر أحدهم، بمجرد أن عرف أنني صحافي حتى اعتدل وراح يقلب في مخزن ذاكرته ليثبت أنه مثقف. فتح إذاعة الأغاني التي يعشقها وراح يحلل لي الكلمات والمعنى والمغزى والمناسبة التي شدت فيها نجاة أو شادية أو فايزة بالأغنية. كان تفسيره للكلمات مضحكا مثل تفسير سيد زيان في مسلسل «الراية البيضا» لما فسّر كلمة «الفطرة» على أنها تناول الإفطار و «السليقة» بالأكل المسلوق. بنفس الطريقة كان يتحدث في السياسة وبلاد العرب والعجم. روى مغامراته في العراق: «الله يرحمه صدام.. البلد دي شفت فيها أحسن ذكريات حياتي.. كنت تروح تشتغل وتكسب وتعيش ملك زمانك وتشوف أحلى حريم.. صدام حلف بالطلاق قدامي إن اللي هيمس شعرة من أي مصري كأنه اعتدى على عدي وقصي شخصيا». أظن أن ما قاله صاحبنا لا يختلف كثيرا عن الخطابات فارغة المضمون للانقلابيين، وتفاهة تفكيرهم، وتسريبات وتحليلات «جذب الستات».
3 - ثقافة الفكاكة: وجه آخر للاتفاق بين الفريقين. التشابه يكاد يتطابق بين كلام الحلاق سالف الذكر، وأحلام «الأوميجا والسيف أبو دم» ومصطلحات «جدا جدا» و «بيروت القريبة اللي كانت الناس تروح تتسلى فيها».
4 - الحلاق يشعر بالفخر أن الناس تنحني أمامه أثناء عمله. يعوض من خلال هذه الانحناءات الاضطرارية أي أوجه نقص في حياته. الانقلابيون نفس الشيء.. يفخرون بانحناءات العبيد المرتعشين في حضرتهم، ويعوضون بها فضيحتهم العالمية بعدم اعتراف أحد بهم سوى «حبايبهم» وحبايب المخلوع من العرب، ومعهم إسرائيل!
رغم أوجه الاتفاق الأربعة السابقة، فإنه للأمانة هناك فارق جوهري بين الفريقين. الحلاقون في النهاية غلابة يبحثون عن لقمة عيشهم، بل كانوا زمان في قريتنا لا يحصلون على أجر، وإنما يرسل إليهم كل رب أسرة في موسم الحصاد ما يجود به من حبوب وفواكه مقابل حلاقته له ولأولاده، بينما الانقلابيون أجارك الله.. يصادرون مصر لحسابهم. الصحراء بكنوزها ملك يمينهم، والأرض ونيلها حق لهم، والعمولات في جيوبهم، والمصانع والفنادق خاتم في أصابعهم. إذن الحلاقون اليوم الاثنين إجازة.
الانقلابيون يقومون بدورهم. يسابقون الزمن قبل الاستفتاء على دستور محمود بانجو وإلهام شاهين لتخليص المحروسة من لحية محمد مرسي. لا نريد لحى.. انتهى زمنها. يكفينا لحية خالد يوسف.
قريبا.. القتل والإعدام في انتظار مرسي ومحمد بديع وخيرت الشاطر وحازم أبوإسماعيل. كدة حلقنا كل اللحى.. نعيماً يا مصر!!
الحلاقون في المحروسة لا يخرجون عن الصف القومي. نظام مبارك الذي عاد منتصرا مزهوا بثورته المضادة على الثورة الأصلية واختطف الرئيس الشرعي المنتخب، استمر الـ30 سنة الأولى من عمره اعتمادا على نشر الجهل والمرض في صفوف الشعب.
فما أسهل أن تحكم شعبا جاهلا مريضا! الحلاقون كانوا رأس الحربة في هذه المهمة. حوّلوا الفيروسات الكبدية إلى حق للمصريين كالماء والهواء، عبر أدواتهم الملوثة، نشروها من رأس إلى رأس ومن «قفا» إلى آخر.
هل ترى ثمة علاقة بين الحلاقين والانقلابيين في المحروسة؟
يقولون من لا يرى في الغربال «أعمى». العلاقة واضحة تماما بين الفريقين وأوجه التشابه لا لبس فيها. ويمكنني تلخيصها في النقاط التالية:
1 - الحلاقون يعشقون منظر الدماء التي تسيل من رؤوس وأوجه ضحاياهم، والانقلابيون هوايتهم الوحيدة هي التلذذ بالدماء.لا يشبعون. لا يرتوون. عطشى دائما لها. في رمضان وغير رمضان يفطرون عليها على غيار ريق. مجازرهم تشهد على مهارتهم. في 6 أشهر أسالوا من دماء المصريين ما لم يفعل الاحتلال الإنجليزي في 82 سنة.
2 - الحلاقون «رغايون»، والرغاي هو الثرثار الذي يتكلم كلاما فارغا كثيرا ينتهي إلى لا شيء. الواحد منهم يضرب ضربة مقص تقابلها 10 كلمات بلا معنى. أتذكر أحدهم، بمجرد أن عرف أنني صحافي حتى اعتدل وراح يقلب في مخزن ذاكرته ليثبت أنه مثقف. فتح إذاعة الأغاني التي يعشقها وراح يحلل لي الكلمات والمعنى والمغزى والمناسبة التي شدت فيها نجاة أو شادية أو فايزة بالأغنية. كان تفسيره للكلمات مضحكا مثل تفسير سيد زيان في مسلسل «الراية البيضا» لما فسّر كلمة «الفطرة» على أنها تناول الإفطار و «السليقة» بالأكل المسلوق. بنفس الطريقة كان يتحدث في السياسة وبلاد العرب والعجم. روى مغامراته في العراق: «الله يرحمه صدام.. البلد دي شفت فيها أحسن ذكريات حياتي.. كنت تروح تشتغل وتكسب وتعيش ملك زمانك وتشوف أحلى حريم.. صدام حلف بالطلاق قدامي إن اللي هيمس شعرة من أي مصري كأنه اعتدى على عدي وقصي شخصيا». أظن أن ما قاله صاحبنا لا يختلف كثيرا عن الخطابات فارغة المضمون للانقلابيين، وتفاهة تفكيرهم، وتسريبات وتحليلات «جذب الستات».
3 - ثقافة الفكاكة: وجه آخر للاتفاق بين الفريقين. التشابه يكاد يتطابق بين كلام الحلاق سالف الذكر، وأحلام «الأوميجا والسيف أبو دم» ومصطلحات «جدا جدا» و «بيروت القريبة اللي كانت الناس تروح تتسلى فيها».
4 - الحلاق يشعر بالفخر أن الناس تنحني أمامه أثناء عمله. يعوض من خلال هذه الانحناءات الاضطرارية أي أوجه نقص في حياته. الانقلابيون نفس الشيء.. يفخرون بانحناءات العبيد المرتعشين في حضرتهم، ويعوضون بها فضيحتهم العالمية بعدم اعتراف أحد بهم سوى «حبايبهم» وحبايب المخلوع من العرب، ومعهم إسرائيل!
رغم أوجه الاتفاق الأربعة السابقة، فإنه للأمانة هناك فارق جوهري بين الفريقين. الحلاقون في النهاية غلابة يبحثون عن لقمة عيشهم، بل كانوا زمان في قريتنا لا يحصلون على أجر، وإنما يرسل إليهم كل رب أسرة في موسم الحصاد ما يجود به من حبوب وفواكه مقابل حلاقته له ولأولاده، بينما الانقلابيون أجارك الله.. يصادرون مصر لحسابهم. الصحراء بكنوزها ملك يمينهم، والأرض ونيلها حق لهم، والعمولات في جيوبهم، والمصانع والفنادق خاتم في أصابعهم. إذن الحلاقون اليوم الاثنين إجازة.
الانقلابيون يقومون بدورهم. يسابقون الزمن قبل الاستفتاء على دستور محمود بانجو وإلهام شاهين لتخليص المحروسة من لحية محمد مرسي. لا نريد لحى.. انتهى زمنها. يكفينا لحية خالد يوسف.
قريبا.. القتل والإعدام في انتظار مرسي ومحمد بديع وخيرت الشاطر وحازم أبوإسماعيل. كدة حلقنا كل اللحى.. نعيماً يا مصر!!
ليست هناك تعليقات:
إرسال تعليق