الثلاثاء، 14 يناير 2014

تفاصيل مأساوية أبطالها زوار الفجر

تفاصيل مأساوية أبطالها زوار الفجر


أم حسن.. لم يجدوا ابنها بالمنزل فضربها ضابط حتى الموت

الحاجة محروسة بدوي


لم يشفع لها كبر سنها فى رحمتها من بطش زوار الفجر، 10 دقائق كانت كفيلة بإنهاء حياتها، تلقت خلالها ضربتين على الرأس بظهر طبنجة أحد ضباط أمن الدولة الذى اقتحم المنزل ليلا، بحثا عن ابنها المحامى الذى يدافع عن المعتقلين السياسيين فى إطار مهام عمله.
الحاجة محروسة بدوي، صاحبة الـ62 عاما التى صعدت روحها إلى بارئها فجر يوم الجمعة فى الساعة الثانية والنصف بعد منتصف الليل، وهى معروفة بين أهالى منطقة شارع الاعتماد بساقية مكي بـ"أم حسن".

تقول "فراولة عبد العاطي"؛ زوجة نجلها هاني، ما حدث بالتفصيل فى هذا اليوم كونها الوحيدة الموجودة بالمنزل مع أم هاني، لا تزال آثار الصدمة من دخول قوات أمن الدولة ترتسم على وجهها وكأن الاقتحام حدث منذ دقائق، الكلمات تتحجر فى حلقها والدموع تتجمد فى عينها من هول ما رأته، لملمت ما تبقى منها من قوة .. قائلة:

"لم يكن بالبيت سوى والدة هانى زوجى حيث تقطن فى الطابق الأول وأنا وأولادى فى الطابق الثاني، كان أحفاد "أم هاني" نائمين، والسكون يغطى المكان، ومع دقات الـثانية إلا ربع صباحا فجر يوم الجمعة الماضي، فوجئت الأم والزوجة بـ"خبط ورزع" على باب الشارع الحديد وكأن القيامة قد قامت، وتحول شارع الاعتماد و6 أكتوبر إلى ترسانة مسلحة، حيث تراصت نحو 8 سيارات ترحيلات كبيرة مليئة بتشكيلات الأمن المركزي، وانتشرت القوات الخاصة وهم ملثمون بزيهم الأسود المعروف مرتدين الدروع الواقية، وأجهزة اللاسلكي، والكشافات، ومسلحين بالرشاشات والطبنجات ومعهم "أجنة كبيرة" استخدموها فى كسر باب الشارع الحديد".

وتابعت فى حسرة: "استيقظت والدة هانى مخضوضة على هذا الصوت ونزلت لتفتح لهم الباب لتفاجأ بأنهم كسروه ودخلوا، لم يعطوا لها أدنى اهتمام رغم كبر سنها وامتلأ المنزل عن آخره بضباط الداخلية والقوات الخاصة يفتشون عن زوجى وحينما رأت القوات تصعد إلى الطابق العلوى حيث أقطن وأولادى صعدت خلفهم لتكون معنا، إلا أن الضابط نهرها وطلب منها النزول ولم يمهلها الرد وبطبنجته ضربها ضربتين على مقدمة رأسها لتسقط جثة هامدة، وتجمع الدم فى مقدمة الرأس، فلم تأخذهم بها شفقة أو رحمة وبعد سقوطها على الأرض لم يكترثوا لها كما لم يلقوا بالا أو تتحرك قلوبهم لبكاء الأطفال أبناء زوجى وأحفاد الجدة التى نحسبها شهيدة".

وأضافت: "دخلوا فتشوا المنزل وغرف نوم الأطفال وسط فزع الصغار، لم يجدوا زوجي، وأخبرتهم بأنه خارج مصر وأعيطتهم التأشيرة ليروها فأخذوها وكافة تفاصيل بطاقتي، وغادروا المنزل، هرولت على السلم لا استطيع أن أتمالك أعصابى وتجمع الجيران بعد رحيل الأمن وطلبنا الإسعاف ولكن أم هانى كانت فارقت الحياة".

"أعتبرها أمى لم أجد منها سوى كل الخير"، كلمات خرجت من زوجة هانى لتعبر بها عن قلبها المحترق من بطش الأمن، لافتة إلى أن "أم هاني" أدت صلاة العشاء جماعة فى المسجد، رغم أنها كانت انقطعت عن الذهاب لعدة أيام بسبب البرودة القارسة التى لا يقوى جسدها على تحملها، وأخذت تحتضن أهالى منطقتها وكأنها تودعهم، وكانت حريصة على قيام الليل ولفتت إلا أن كلام المُغسلة لها خفف عليهم الكثير وكان بمثل مؤشرات بأنها شهيدة بإذن الله؛ حيث رفضت المغسلة أن تغطى وجه أم هانى حتى يراها أهل المنزل ووجها مشرق، ووضع الجسد على ما هو عليه رغم أن الساعة كانت العاشرة صباحا".

"السيسى قتل ستي".. كلمات نطق بها عبد الرحمن، 3 أعوام، ليقطع بها حديث والدته ليجمل ما حدث كله فى تلك العبارة.

وتكمل زوجة هانى قائلة "من وقتها لم يعد النوم يعرف طريقا إلى عينى، وأشارت إلى أن المسيرة التى خرت من مسجد الاستقامة أمس لمؤازرتنا تعرضت للضرب والاعتداء من جانب قوات الأمن التى ملأت المكان".

الابن المطارد
اتصلنا بالابن الهارب هانى الأرنؤوطى المعروف بهانى سعيد، 37 عاما، والذى تبحث قوات الأمن عنه لتعتقله، قائلا "كان خبر وفاة أمى صدمة كبيرة لي، الأمن المركزى جاء ليبحث عنى لأنى محامى المعتقلين السياسيين وضحايا النهضة حيث أدافع عنهم دون مقابل، وحينما لم يجدونى بالمنزل قتلوا والدتى الكبيرة فى السن دون أدنى شفقة".

وأشار إلى أنه تم اعتقال حتى الآن 52 محاميا كل تهمتهم أنهم يدافعون عن المعتقلين السياسيين، قائلا: "يبدو أن الدور جاء علي"، ولفت إلى أن الـ6 آلاف شهيد الذين سقطوا حتى الآن ليس لهم ذنب مثلما قتلت والدته دون أى ذنب.

وأكد أنه سيواصل طريقه، ولن يترك حق والدته ومن يدافع عنهم، دون أن ينجر للعنف ولفت إلى أن ما يحدث تخطى مرحلة الانقلاب إلى الاحتلال.

"خلى بالك من مراتك".. الوصية الأخيرة التى تلقاها هانى من والدته فى آخر مرة حدثها فيها، وأشار إلى أن والدته تحمل كل الصفات الجميلة والطيبة، وأنها زارت بيت الله الحرام هذا العام.

وأضاف منفجرا فى البكاء أنهم اضطروا إلى استخراج تصريح دفن مدون به أن الوفاة طبيعية، خوفا على جثة والدته من أنها "تتبهدل" على حد وصفه، "لأنهم لن يقبلوا أن يرجعوا سبب الوفاة إلى اعتداء الأمن عليها".

الجيران

"أم أحمد"، إحدى جيران الضحية، قالت: "استيقظنا على "خبط" الباب الحديد للمنزل المواجه لنا نظرنا من شرفة المنزل ووجدنا القوات الخاصة الملثمين فوق الأسطح ووجهوا رشاشاتهم نحونا حيث طالبونا بالدخول، كما وجدنا الأمن فى الشارع وأمرنا بغلق النوافذ، وبعدها ساد الصمت المكان وسمعنا زوجة هانى تصرخ هرول زوجى وأنا من خلفه لنطمئن عليهم فوجدناها ملقاة على الأرض واتصلنا بالإسعاف ولكن الطبيب قال إنها فارق الحياة من نصف ساعة أى فور تلقيها الضربة".

وأشارت إلى أن أم هانى أو كما هى معروفة بين أهل المنطقة بأم حسن، كانت خدومة ولم تكن تتأخر عنا فى الأحزان قبل الأفراح وأهل المنطقة بأكملهم يحبونها وهى كانت بمثابة أم لنا جميعا.

والتقطت أم عبد الله، الحديث عن أم هانى قائلة: "لم نكن نتخيل أنها جثة ولم يخطر ببالنا أن تصل الوحشية بهم لتلك الدرجة، حيث فى 10 دقائق فقط"، لافتة إلى أن أحفادها فى حالة بكاء هستيري.

نص رسالة الابن لوالدته..


وجيعة فراق الأم كبيرة جدا.. ولكن ألم "هاني" نجلها هنا مزدوج حيث فقدت الأم حياتها بضربات تلقتها على الرأس بعد اقتحام المنزل من القوات الخاصة فى الداخلية بحثا عنه.

دون الابن رسالة إلى أمه بحروف يعتصرها الألم والحزن وتختلط معها مشاعر الثبات والإيمان، وجاء نص رسالة هانى لأمه:


رسالة إلى أمى الحبيبة الغالية:-
"إن القلب ليحزن وإن العين لتدمع وإنا لفراقك يا أمى لمحزونون ولكن لا نقول إلا ما يرضى ربنا (إنا لله وإنا إليه راجعون)، ولكن الذى يصبر قلبى الذى يتفطر ألما على فراقك أننى على يقين بالمنزلة التى وصلتى إليها الآن والله لقد رأينا بشريات الشهادة على وجهك وأنت على خشبة الغسل وكفى بالمغسلة التى أبت أن تغطى وجهك قبل أن يحضروا أولادك ليطمئنوا على مكانة أمهم التى وصلت إليها وكفى بها وهى تقول والله أنى لأشهد أنك عند الله شهيدة"

أمى الحبيبة الغالية:-
عشتِ فى دنياكِ محافظة على الصلاة فى وقتها متصدقة كافلة للأيتام عشتِ فى دنياكِ رحيمة على الفقراء متسامحة فى حقك دائما واصلة لرحمك حنونة على أولادك

أمى الحبيبة الغالية:-
رزقت حج بيت الله الحرام هذا العام، وصليت آخر فرضا لكِ فى الدنيا (صلاة العشاء) ليلة الجمعة فى مسجد الله جماعة ويشهد لكى المسجد والمصلون بذلك
كما شهد لك منبه غرفة نومك وأنت على فراش الموت أنك كنت تنوى قيام الليل قبل الفجر كما تفعلين كل يوم ولكن طالتك يد الغدر.

أمى الحبيبة الغالية:-
كم كنت متسامحة دائما فى حقك، والله لو كنا نسمع صوتك الآن لسمعنك وأنت تسامحين من كان سببا فى موتك.

أمى الحبيبة الغالية:-
أنتِ الآن بين يد رب كريم أبى أن تموتى على فراشك فأرسل إليكِ الشهادة فى عقر دارك فيالها من مكانة منحها الله إياك.

أمى الحبيبة الغالية:-
فارقت الدنيا بيد غدر فتلقفتك يد الرحمة من الله

أمى الحبيبه الغالية:-
والله إنى يا أمى على يقين أن الله تقبلكِ شهيدة فما أظن بربى إلا أنه جواد كريم

أمى الحبيبة الغالية:-
أسألكِ يا أمى بالله إلا تحرمينى شفاعتك عند الله، فالشهيد يشفع فى سبعين من أهله وأدعوا ربى أن يجمعك بزوجك فى الجنة.

أمى الحبيبة الغالية:-
أسأل الله أن يجعل دمك ودم آلاف الشهداء لعنة على الظالمين
ولا نقول إلا ما يرضى ربنا "إنا لله وإنا إليه راجعون.. اللهم أجرنا فى مصيبتنا وأخلف لنا خيرا منها". .. ابنك هاني
«وبكره تشوفوا مصر».

ليست هناك تعليقات:

إرسال تعليق