مصر العارية تحدثكم!
شريف عبد الغني
عندما تعيش جسدا بلا روح، وتصبح مثل المرأة قليلة الحيلة التي تبيع لحمها بالكيلو لكلاب السكك ليس بهدف «المتعة» ولكن من أجل «لقمة العيش»، وحينما تكون «دوغري» ولا تعرف اللف والدوران وتبحث عن حياة آمنة لك ولأولادك وتكون النتيجة اتهامك بالجنون والبحث عن المدينة الفاضلة، يبقى أنت أكيد، أكيد في مصر.
عندما يعاقبونك لأنك نطقت بأجمل كلمة في الوجود «لا»، «لا» ضد الظلم وعدم المساواة والكيل بمكيالين «لا» ضد أن تكون «دوبلير» يتلقى الضربات عن «حسين فهمي» الذي يكتفي بتقبيل «سعاد حسني»، يبقى أنت أكيد، أكيد في مصر.
عندما تزهو مرة بإنجاز حققته وتفاجأ بمن يسفهه بحجة أنه يحميك من الغرور، ولما تحاول الخروج من «خطوط العنكبوت» التي تعودت على الحياة فيها برحلة ترفيهية أو تغيير نوعية الملابس تجد من يسخر منك و «يجرح فرحك»، يبقى أنت أكيد، أكيد في مصر.
عندما تطلب حقك الطبيعي في شارع نظيف فتجده كل يوم يزداد قذارة، ونسمة هواء منعشة فتهب عواصف التلوث، وموظف طاهر اليد فتجد عشرات الأيادي الممدودة والأدراج المفتوحة طلبا لـ «رشوة»، يبقى أنت أكيد، أكيد في مصر.
عندما «تطفش» من البلد إلى دولة عربية بحثا عن فرصة لتحسين دخلك، وتجد صاحب العمل يستعبدك ولا يقف بجانبك أي من مسؤولي سفارتك، ويطردونك لو ذهبت إليهم، وعندما تهرب إلى بلاد الله الواسعة فتغرق في البحار ليخرج رجال الدين لينفوا عنك لقب شهيد، ويتهمونك بالطمع والجشع، يبقى أنت أكيد، أكيد من مصر.
عندما تذهب إلى قسم شرطة طلبا لاستغاثة من «بلطجي» فتجد سعادة الباشا الضابط يتركك 5 ساعات حتى يتعطف ويستقبلك، ولو رفعت من الزهق صوتك يكون نصيبك لو كنت من ذوي المظهر الحسن تلفيق قضية التهجم على الشرطة، ولو كنت من تعساء الحظ ممن أكل عليهم الدهر وشرب فسوف يلبسونك قضية مخدرات أو يتهمون «مؤخرتك» بمهاجمة «عصا» الأمن، يبقى أنت أكيد، أكيد في مصر.
عندما تذهب بابنك إلى المدارس الحكومية فيصعب عليك حال زهور بريئة يكدسونها 80 نفسا بشرية في فصل رديء، فتدخر من هنا وهناك لإلحاق طفلك بمدرسة خاصة تظل تبتزك طوال السنة بمصروفات زائدة، يبقى أنت أكيد، أكيد في مصر.
عندما تمرض وتذهب إلى مستشفى حكومي وتردد قبل تخطيك بوابتها شعار «الداخل مفقود والخارج مولود»، وعندما تذهب إلى مستشفى خاص ويجبرونك على توقيع إقرار بعدم تسليم جثتك للورثة إلا بعد دفع المصاريف، ولو أردت العلاج على نفقة الدولة و «طلعوا عينك» في روتين وقوانين وطوابير تجعلك تندم على عدم وفاتك ورغبتك في الشفاء، وإذا طلبت أن تسافر إلى الخارج لدخول أكبر مستشفيات أوروبا ووجدت الحكومة ترفض طلبك باعتبارك مواطن «فرز رابع» ولست مسؤولا أو فنانا أو قوادا أو عاهرة، يبقى أنت أكيد، أكيد في مصر.
عندما تنزل في مشوار ولا تجد وسيلة مواصلات آدمية، وإذا هبطت تحت الأرض لتركب مترو الأنفاق وتفاجأ بزحام كأنه يوم الحشر وبحرب على الصعود والهبوط من الأبواب في وقت واحد، وإذا كنت تملك سيارة ووجدت «ميكروباص» طائشا يصدمك ولو عاتبته ووجدته يرد عليك بـ «شومة»على رأسك، وإذا استدعيت رجال المرور وفوجئت أنهم سيقفون في صف من «يدفع» لهم، يبقى أنت أكيد، أكيد في مصر.
عندما تأخذ أسرتك وتسير من «الطريق الدائري» ويوقفك رجال ظرفاء يمسكون بنادق آلية في أياديهم، ويخيرونك بين أن تخلع ساعتك وتفرغ ما في جيوبك من أموال و «موبايل» وتنزل من السيارة بهدوء وتتركها لهم، وإلا اختطفوا زوجتك وأولادك، يبقى أنت أكيد، أكيد في مصر.
عندما يزداد عدد بناء المساجد ويرتفع عدد المتدينين، وفي الوقت نفسه تصل نسبة الفساد المالي والأخلاقي إلى رقم قياسي، وحينما تصبح كلمة «إن شاء الله» هي الرد عليك عند كل عمل تطلبه من صاحب صنعة ثم لا تجده ينجز شيئا أو ينفذ وعدا، يبقى أنت أكيد، أكيد في مصر.
عندما تقوم ثورة وتخلع ديكتاتورا اسمه مبارك وبعدها تجيء بحاكم عادل اسمه محمد مرسى، ثم تفاجأ أن نظام مبارك يعزل مرسي ويتحكم في البلد من جديد، وعندما تعترض تصبح خائنا وحاملا لأجندات الغرب والشرق و «أردوغان»، ولو سكت تصبح ضمن زمرة «المواطنين الشرفاء»، يبقى أنت أكيد، أكيد في مصر.
عندما يتم «تطفيش» شخصية ليبرالية مثل الدكتور محمد البرادعي واتهامه بالخيانة، لمجرد أن ضميره استيقظ ورفض قتل الأبرياء، يبقى أنت أكيد، أكيد في مصر.
عندما تجد أن منظمة هيومان رايتس ووتش، متهمة بأنها «إخوانية»، يبقى أنت أكيد، أكيد في مصر.
عندما تصبح «غزة» هي العدو، وإسرائيل هي الشقيقة، يبقى أنت أكيد، أكيد في مصر.
عندما يُعتقل الدكتور سعد الكتاتني، رئيس حزب الحرية والعدالة، في 3 يوليو 2013، ثم يتهم في قضايا حدثت في 14 أغسطس 2013، يبقى أنت أكيد، أكيد في مصر.
عندما يتم تكتيف القضاء برباط «البيادة»، ويوزع القضاة «الشامخون» أحكام الإعدام كما يوزعون «البونبوني» على أحفادهم، يبقى أنت أكيد، أكيد في مصر.
عندما تخرج غادة عبدالرازق بطلة أفلام عري العشوائيات لتنافق التيار الديني أيام حكم مرسي، وتقول «أنا إخوانية وحياة عينيا»، ثم بعد سجن وتشريد وقتل الإخوان، تؤكد أنها ضحية حكمهم الدموي، يبقى أنت أكيد، أكيد في مصر.
عندما يكون الإعلامي الفذ هو مصطفى بكري، والسياسي الفذ هو السيد البدوي، والعالم الفذ هو «عبدالعاطي كفتة»، والرجل الفذ هو «نوال»، والأم المثالية هي فيفي عبده، يبقى أنت أكيد، أكيد في مصر!!
ليست هناك تعليقات:
إرسال تعليق